الثروة الضائعة.. هل يحل الغاز مشاكل اللبنانيين؟
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
أعلنت شركة "توتال إنيرجيز" الفرنسية قبل بضعة أيام عن استعداداها لمباشرة عمليات التنقيب عن النفط والغاز في الرقعة رقم 9 في المياه اللبنانية، محدّدة أواخر شهر أغسطس/ المنصرم كموعد لبدء عمليات التنقيب. وأفادت الشركة المشغّلة للبلوك المذكور أنّ منصة الحفر "ترانس أوشين بارنس" التابعة لها قد وصلت بالفعل إلى البلوك الذي يقع قبالة الساحل الجنوبي للبناني ويبعد حوالي 120 كلم عن بيروت.
وأشارت الشركة إلى أنها أنهت أول بئر استكشافي تم حفره على الإطلاق في المياه اللبنانية العميقة، في البلوك رقم 4 في أوائل عام 2020، وأنها تستعد الآن مع شركتي إيني الإيطالية، وقطر للطاقة لحفر بئر استكشافي ثان، على أن يكون في البلوك رقم 9 من المياه اللبنانية ويتم خلال أواخر العام الجاري 2023.
وتعتبر شركة توتال من الشركات المشغلة للرقعتين 4 و9 من المياه اللبنانية، وهي تعمل في هذا المجال منذ العام 2018، وهو العام الذي تم فيه توقيع اتفاقيتي الاستكشاف في الرقعتين المذكورتين. وبالرغم من انتهاء أعمال الحفر في أول بئر في المياه اللبنانية العميقة في العام 2020، إلاّ أنّ انطلاق الأعمال الرسمي الآن يأتي بعيد الاتفاق الذي تم بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود في أواخر العام 2022.
وعطّل النزاع الذي كان قائماً آنذاك بين الطرفين من قدرة لبنان على استثمار ثرواته. لكن الاتفاق الإستثنائي الذي جرى بين لبنان وإسرائيل بوساطة ورعاية أمريكية غيّر هذه المعطيات، وأزال أي قيود إسرائيلية أو خارجية كان من شأن وجودها أن يحرم لبنان من استثمار ثرواته بشكل كامل. كما شجّع هذا الإتفاق بعض الشركات الأجنبية العاملة في مجال الطاقة على العمل في الحقول اللبنانية، فتم إطلاق شراكة في أعمال الاستكشاف والتنقيب بين كل من إيني وتوتال وقطر للطاقة في المناطق اللبنانية المحددة.
ويعطي انطلاق أعمال الحفر والتنقيب بارقة أمل للبنانيين للخروج من المأزق الاقتصادي الذي يعيشونه منذ سنوات طويلة لاسيما خلال العامين الماضيين، حيث تحوّل الوضع الفوضوي للبنان إلى حالة من الانهيار الشامل على مختلف المستويات السياسية والإقتصادية والأمنيّة. وبالرغم من أنّ اللبنانيين كانوا قد اعتادوا الفوضى السياسية والأمنيّة إلا أنّ الإنهيار المالي والاقتصادي حطّم آمالهم بقرب التعافي.
وفي هذا السياق، يعتبر البعض أنّ اكتشاف واستثمار الغاز كثروة وطنيّة وتحوّل لبنان إلى دولة نفط وغاز من شأنه أن يُحدث تحوّلاً شاملاً في البلاد وأن يساعد ذلك على سداد الديون المتراكمة، وإيجاد فرص عمل، وتحسين الوضع المعيشي، ورفع مستوى الدخل بما يعود بالنفع على جميع اللبنانيين، أو هذا ما افترضه البعض حينما لاحت أنباء تحوّل لبنان إلى دولة نفط وغاز.
المشكلة ليست في وجود أو غياب الغاز والموارد الطبيعية الأخرى، وإنما في الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان علناً وسراً وفي اعتياد اللبنانيين على الفوصى بالرغم من محاولات التغيير المحدودة التي جرت في السنوات الأخيرة والتي ثبت عدم جدواها أمام رداءة الطبقة السياسية وإستفحال المشاكل الناجمة عن سيطرتها.لكنّ نظرة فاحصة للحالة اللبنانية ومعطيتها الداخلية تشير إلى أنّ مثل هذا الافتراض ربما يكون أقرب إلى الحلم منه إلى الحقيقة، وقد يتحوّل النفط والغاز المرتقب إلى كابوس خاصة إذا ما استمرت أعمال المحاصصة الطائفية، ونهب ثروات البلاد، وسيطرة حزب الله على الدولة، وتوزّع اللبنانين إلى مجموعات وطوائف بناءً على انحيازات وانتماءات طائفية ومناطقية وأيديولوجية.
وحقيقة أنّ اللبنانيين لم يستطيعوا أن ينتخبوا رئيساً لهم حتى الآن بالرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة وانهيار الدولة، خير دليل على ذلك. وما يزيد الطين بلّة كما يقال أنّ اللبنانيين بشكل عام يُبدون ردّة فعل عادية إزاء وضعهم الشاذ جداً سياسياً وإقتصادياً وإمنيّاً وهو ما يطرح تساؤلاً حول مدى رغبتهم الحقيقيّة في التغيير الشامل.
الوضع السائد لا يبشّر بخير أبداً، وفي ظل المعطيات القائمة، فالغالب أنّ اكتشاف الغاز والنفط سيزيد من الفساد والمحاصصة والانقسام بين اللبنانيين لاحقاً، خاصة إذا لم يتم تحصين القطاع وإبعاده عن الأعراف العامة المعمول بها في البلاد على أكثر من صعيد.
وفي هذا السياق، علينا ألا ننسى كذلك رغبة حزب الله في السيطرة على المزيد من موارد الدولة وتسخيرها لتحقيق أهدافه الخاصة وأجندته المعلنة في خدمة إيران. المفارقة في هذا المجال أنّ هذه الأجندة سهّلت ـ لأسباب عديدة ليس هذا مجال نقاشها الآن ـ التوصل إلى تفاهم مع إسرائيل بشأن ترسيم الحدود البحرية والسماح باستغلال الثروات البحرية ومنها ثروة النفط والغاز. بل إنّ هذه الأجندة رعت بشكل واضح التفاهم الذي تمّ مع إسرائيل بوساطة أمريكية، وهو ما يثير مخاوف مشروعة من النوايا الكامنة وراء هذه الخطوات.
حزب وسياسة حزب الله وأجندته سبب أساسي من أسباب انهيار لبنان ليس سياسياً وأمنياً فقط، وإنما إقتصادياً أيضاً. ولمّا كان هذا هو الوضع، من الطبيعي إفتراض أنّ الحزب سيحاول أن يعض يده على الأقل على نسبة من هذه الثروة كما هو الحال بالنسبة الى القطاعات الأخرى، على أن يتم تسخيرها لخدمة أجندته ورعاية بيئته ودائرته الضيقة والوساعة في نفس الوقت من الأعضاء والموالين على حد سواء.
هل سيحل الغاز مشاكل لبنان واللبنانيين؟
الحقيقة أنّ المشكلة ليست في وجود أو غياب الغاز والموارد الطبيعية الأخرى، وإنما في الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان علناً وسراً وفي اعتياد اللبنانيين على الفوصى بالرغم من محاولات التغيير المحدودة التي جرت في السنوات الأخيرة والتي ثبت عدم جدواها أمام رداءة الطبقة السياسية وإستفحال المشاكل الناجمة عن سيطرتها. ما لم يحل اللبنانيون هذه المشكلة اولاً، فمهما إكتشفوا من ثروات وموارد، لن يكون ذلك كافياً لإخراجهم من القاع الذي وصلوا إليه، وسيكون ذلك مجرّد نقمة بدلاً من أن يكون نعمة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اللبنانية الاقتصادي اقتصاد لبنان سياسة رأي تطورات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المیاه اللبنانیة الطبقة السیاسیة فی هذا
إقرأ أيضاً:
جوزيف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية.. فماذا نعرف عنه؟
في جلسة حاسمة عقدها البرلمان اللبناني، اليوم الخميس، انتخب النواب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً جديداً للجمهورية، ليطوي لبنان بذلك صفحة فراغ رئاسي استمر نحو عامين منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون.
اعلاننال العماد جوزيف عون 71 صوتاً خلال الجولة الأولى من جلسة مجلس النواب المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية. وبعد انتهاء التصويت، أعلن رئيس المجلس نبيه بري عن تعليق الجلسة لمدة ساعتين، لإتاحة المجال لمشاورات إضافية بين الكتل النيابية قبل الانتقال إلى الجولة التالية.
من هو جوزيف عون؟العماد جوزيف عون، قائد الجيش اللبناني منذ آذار/مارس 2017، يُعد من أبرز الشخصيات العسكرية في لبنان. وُلد في 10 كانون الثاني/يناير 1964 في بلدة سن الفيل بقضاء المتن، وهو متأهل من السيدة نعمت نعمة ولهما ولدان، خليل ونور، بالإضافة إلى أحفاد.
بدأ عون مسيرته العسكرية في العام 1983، حين التحق بالكلية الحربية كتلميذ ضابط، وتخرج منها في العام 1985 برتبة ملازم. تدرّج في الرتب العسكرية وشغل مناصب قيادية متعددة، كان من أبرزها قيادة اللواء التاسع.
رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري يستمع إلى قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون، في رأس بعلبك، شمال شرق لبنان، الأربعاء 23 أغسطس 2017.Lebanese Army Website via APوقد أثبت عون كفاءته القيادية بشكل لافت، خاصة خلال عملية "فجر الجرود"، التي شكلت محطة بارزة في تعزيز مكانته لدى اللبنانيين واعترافهم بدوره القيادي في مواجهة التحديات الأمنية.
في العام 2013، ومع بروز إمكانياته الميدانية والتنظيمية، رُقّي إلى رتبة عميد ركن، ليستمر في مسيرته التصاعدية وصولاً إلى تعيينه قائداً للجيش اللبناني في العام 2017، حيث حصل على رتبة عماد.
يحمل العماد عون شهادات أكاديمية في العلوم السياسية والعسكرية، ما يضاف إلى مؤهلاته المهنية. كما يتقن اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، مما أتاح له المشاركة في دورات تدريبية دولية، عززت خبرته ومعارفه العسكرية على المستوى العالمي.
Related"تهديد لمبادئ حقوق الإنسان".. قرار تسليم القرضاوي إلى الإمارات يشعل الغضب ضد السلطات اللبنانية الحدود السورية اللبنانية تشهد تصاعدا في التوترات وسط مخاوف من استمرار الاشتباكات الحرب في يومها الـ461: مداهمات في الضفة الغربية وغارات على اليمن وخروقات إسرائيلية جنوب لبنانويُذكر أن العماد عون يحظى بدعم غربي واضح، لا سيما من الولايات المتحدة وفرنسا، بحسب ما ذكره موقع "أكسيوس". ويأتي هذا الدعم في ظل تطورات إقليمية مهمة، منها إعلان وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، ما عزز مكانة عون كمرشح بارز للرئاسة.
وقبل يوم واحد من الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية، برز اسم العماد عون خلال زيارة قام بها الأمير يزيد بن فرحان، الموفد السعودي المكلف بملف لبنان، إلى بيروت. وطرحت خلال الزيارة رؤية سعودية شملت دعم قائد الجيش كخيار توافقي للمنصب الرئاسي، في سياق الجهود الإقليمية والدولية لدفع لبنان نحو مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية لبنان ينتخب قائد الجيش جوزيف عون رئيسًا للجمهورية اللبنانية في الدورة الثانية الحرب في يومها الـ461: مداهمات في الضفة الغربية وغارات على اليمن وخروقات إسرائيلية جنوب لبنان الحدود السورية اللبنانية تشهد تصاعدا في التوترات وسط مخاوف من استمرار الاشتباكات برلمانانتخاباتقوات عسكريةجيشلبناناعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. الحرب في يومها الـ461: مداهمات في الضفة الغربية وغارات على اليمن وخروقات إسرائيلية جنوب لبنان يعرض الآن Next بايدن يعلن كاليفورنيا منطقة منكوبة وهوليوود تشتعل دون مؤثرات سينمائية يعرض الآن Next الحكومة البريطانية تتصدى للـ"تزييف الجنسي" بتشريعات جديدة يعرض الآن Next مصر: اكتشاف مقبرة طبيب ملكي شهير في سقارة يعود تاريخها إلى 4000 عام يعرض الآن Next الزلزال المدمر في التبت: وصول مساعدات إنسانية بعد كارثة أودت بحياة 126 شخصا اعلانالاكثر قراءة كاليفورنيا تشتعل: حرائق مدينة بوربانك تلتهم المنازل وتجبر السكان على الفرار إعلام بريطاني: إغلاق شوارع وسط لندن بعد حادث أمني وشرطة العاصمة تبدأ تحقيقاتها قطر تمد "أياديها البيضاء" لتحقيق وعود حكومة محمد البشير بزيادة الأجور الفراغ الرئاسي في لبنان يقترب من نهايته.. فهل يكون قائد الجيش جوزيف عون الأوفر حظا؟ "من أين أتت كل هذه الحروب؟".. ترامب ينشر فيديو مثير يهاجم نتنياهو ويتهمه بتوريط أمريكا في حروبه اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوارث طبيعيةلبناندونالد ترامبشرطةسوريافرنساأبو محمد الجولاني الصين زلزالضحاياالمملكة المتحدةالتبتروسياالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025