الجامعات والتوجيهي والإرشاد والتوجيه المهني… !
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
#الجامعات و #التوجيهي و #الإرشاد و #التوجيه_المهني… !
2023/8/19
د. #مفضي_المومني.
مع ظهور نتائج الثانوية العامة، نبارك لمن حالفهم النجاح من أبنائنا الطلبة، ونقول لمن لم يستكملوا متطلبات النجاح.. الأمل أمامكم بمزيد من المثابرة والإجتهاد، ولا ننسى الإرهاصات التي حدثت في سير الإمتحان والشكاوي التي أثيرت على اسئلة بعض المباحث، ومعالجة الوزارة لذلك وربما للنتائج ككل.
ويبدو أن سياسة إختفاء وتخفيت وهج التوجيهي قد بدأت… وربما كان اوللها عدم ظهور الوزير في المؤتمر الصحفي لإعلان النتائج..!، وفي السنوات القادمة بانتظار آلية الامتحان الجديدة على سنتين، لعل وعسى أن نخرج من مؤرق وبعبع وطني أسمه التوجيهي..!.ونتمنى أن تنجح الوزارة بذلك وتحافظ على جودة الامتحان وأن تصل السياسات إلى أسس قبول جديدة في الجامعات لا ترتكز فقط على التوجيهي.
تتجه أنظار الطلبة والأهالي حاليا نحو المرحلة القادمة، القبول الجامعي والتخصص المأمول، في ظل طرح أكثر من 500 تخصص لمستوى البكالوريوس في جامعاتنا الوطنية، وفي ظل غياب أي دور إرشادي حقيقي للطلبة ( غير إرشادات تعبئة الطلب) تتبناه وزارة التعليم العالي أو تابعها القبول الموحد، وهذا لا يكون فزعه بل يجب أن يكون مخطط له، ورافق الطلبة في المرحلة المدرسية، فالإرشاد والتوجيه المهني يبدأ من المدرسة إلى كل مراحل التعليم اللاحقة العليا ومن ثم إلى التدريب ما قبل التوظيف أو التشغيل ثم المساعدة في الإستخدام والتشغيل ومن ثم التكيف مع العمل، عبر مراحل أربعة هي؛ الإختيار المهني ثم التدريب قبل العمل، ثم المساعدة في التوظيف أو الإستخدام، وبعد التشغيل او التوظيف التكيف مع العمل، وقد يمتد للتكيف في مرحلة التقاعد، والإرشاد والتوجيه المهني ببساطة هو ربط الفرد مع العمل من خلال ربط الميول والإتجاهات والقدرات للفرد مع متطلبات المهنة أو العمل، من خلال تحليل علمي لشخصية الفرد وتحليل للمهنة، بحيث نضمن أن الفرد ذهب لمهنة أو عمل أو تخصص يناسب خصائصه وقدراته وميوله واتجاهاته، وهذا ينعكس على بيئة العمل والإنتاج إيجابياً، ومن ثم على الإقتصاد الوطني، وعلى الفرد نفسه… هكذا تفعل الدول المتقدمة… !
وفي حالتنا يتم الإختيار للناجحين ومن ينطبق عليهم شرط المعدل فقط، من خلال التخصص الذي ستحمله نتائج القبول الموحد وهو المُحدد لتخصص الطالب في الجامعة ودراسته المستقبلية وبالتالي مسيرته المهنية والحياتية، إذا عرفنا أننا نَدرس في الجامعات لنتمكن من تحصيل وظيفة أو عمل فيما بعد، وهنا يجب التنويه إلى تقصير جامعاتنا في قضية إرشاد الطلبة للتخصصات التي تطرحها؛ أي الإرشاد الأكاديمي والمهني، إذ نجد إعلانات تركز على أسعار الساعات وما يتوفر من تخصصات، دون أي تلميح أو تصريح يصب في خانة التوجيه والإرشاد الأكاديمي والمهني كما أسلفت.
الجامعات وبالذات الحكومية لا تقوم بتسويق تخصصاتها وشرحها وتوضيح كل ما يخص هذه التخصصات للطلبة، إذ لا يكفي إعلان أسماء التخصصات..!، ولا تقوم بعمل ورش تثقيفية إرشادية للناجحين في حرمها الجامعي أو أي مكان ولا تصل للطلبة قبل تعبئة نموذج القبول الموحد، وتكتفي كل عام بتزويد التعليم العالي ولجنة القبول الموحد بأعداد المقاعد المتاحة لديها لكل تخصص، وترمي بالثقل على الطلبه والاهالي وعلى لجنة القبول الموحد، لأن قبول وتهافت الطلبة على المقعد الجامعي تحصيل حاصل، والقضية لا تعدو تعبئة شواغر لديها، وحساب مالي… ! وهذا مفهوم خاطئ ولا يبرره أن القبول للطلبة على التخصصات المختلفة يحدده معدل الثانوية العامة فقط، فإذا علمنا أن علم الإرشاد والتوجيه المهني كما أسلفت؛ يرتكز على ركيزتين رئيسيتين أولاهما الفرد وشخصيته وميوله واتجاهاته وقدراته، وثانيهما العمل وتحليله وخصائصه ومتطلباته، حيث يساعد الإرشاد والتوجيه المهني والأكاديمي الرصين على أن يمتهن الفرد مهنة تتناسب مع ميوله واتجاهاته وقدراته وسماته الشخصية، وعكس ذلك ذهاب الأفراد والطلبة إلى تخصصات لا تتناسب مع ميولهم واتجاهاتهم وقدراتهم، وهذا له مردود سلبي جدا على الفرد والمجتمع من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، ومن أهم انعكاساته، أفراد يفتقدون للطموح في مهنهم وتخصصاتهم، إنتاجهم متدني، محبطين، ليس لديهم طموح لتطوير ذاتهم وأعمالهم، وينعكس كل ذلك على منتجهم أو خدماتهم التي سيقدمونها عند انخراطهم في العمل بعد التخرج، ويتسبب أحيانا بضياعات وفواقد اقتصادية بحسابات اقتصاديات التعليم بسبب ترك المهن والتخصصات التي تم تأهيلهم لها وتعطيل الإنتاج، وانتقالهم إلى أعمال أخرى بسيطة غير التي تم تأهيلهم لها، وهذا يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني في المجمل، وكذلك على الفرد والمجتمع.
من هنا نتساءل ماذا عملت الجامعات لإرشاد الطلبة في التخصصات التي تطرحها…!؟، وهل لديها دراسات ومنشورات رصينة متاحة لخريجي الثانوية العامة وأهاليهم عن كل تخصص؟، من حيث تعريفه ومجالاته العملية ومتطلباته وخصائصه، وكذلك دراسات مسحية للعرض والطلب عليه في سوق العمل..!، ازعم أن ذلك غير موجود، وان وجد فبشكل محدود وسطحي جدا لا يتجاوز مسميات التخصصات، ومن خبرتنا العملية نتعرض يوميا وخاصة في فترة ما بعد ظهور النتائج للسؤال عن التخصصات من الناجحين في الثانوية العامة وأهاليهم، وتكون الإجابات بسيطة وسطحية تفتقر للدقة والمعلومة، وعليه تنحصر اختيارات الطلبة أثناء تعبئة طلبات القبول الموحد، باختيارات عشوائية غير مدروسة لا ترتكز على علم التوجيه والإرشاد المهني والأكاديمي، وهذا يفسر فيما بعد تدني مستوى الخريجين في غالبية التخصصات، لأن اختياراتهم في الأصل غير صحيحة.
من هنا فالواجب على الجامعات أن تصل للطالب والأهل من خلال طرق التواصل المختلفة ومن خلال مواقع الجامعات على شبكة الانترنت، بحيث يستطيع الطالب والاهالي اخذ تصور كامل عن كل تخصص، ومتطلباته وخصائصه ومجالات العمل والتطور الأكاديمي والوظيفي فيه، مما يساعد خريجي الثانوية العامة على الاختيار الواقعي والأفضل الذي يلتقي مع ميولهم واتجاهاتهم وقدراتهم وخصائصهم الشخصية، وكلنا يعلم إخفاق الكثير من الطلبة في تخصصاتهم الجامعية سواء أثناء الدراسة، أو فيما بعد في حياتهم العملية نتيجة سوء الإختيار نتيجة تقصير الجهات المعنية في الإرشاد.
أملنا أن تخرج جامعاتنا الرسمية من تغيبها عن مشهد التوجيهي ومابعده، وأن لا تبقى تلعب دور (الدكنجي التقليدي الذي يجلس متظراً الزبائن)، بل تساهم في إرشاد وتوجيه الناجحين في الثانوية العامة، وتؤمن لهم الإرشاد والتوجيه المهني والأكاديمي اللازم والمدروس، لمساعدتهم على الإختيار الصحيح، مما يسهم في رفع سوية العملية الأكاديمية، وسوية الخريجين ويساهم فيما بعد في رفع سوية الاقتصاد وسوية المجتمع، وتقليل الفواقد وعدم الكفاءة، وقد أدركت ذلك الدول المتقدمة وعملت عليه منذ زمن بعيد، وأملنا أن تدرك إدارات الجامعات لدينا وجميع المؤسسات التعليمية أهمية الإرشاد والتوجيه المهني والأكاديمي، وان نركز جميعاً، على التعليم التقني وزيادة أعداد المقبولين فيه وهذا يحتاج لجهد وطني تساهم فيه كل الجهات صاحبة العلاقة… ومنذ فترة طويلة لترسيخ مفاهيم وأهمية التعليم التقني، وتجويد عملية العرض والطلب بين مزودي التعليم والتدريب وبين سوق العمل.
ويبقى الإرشاد والتوجيه المهني من أهم الأمور التي تلزمنا جميعا وتساهم في رفع سوية الخريجين وبالتالي دعم وتطوير الاقتصاد والمجتمع. ….حمى الله الأردن.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: التوجيهي الإرشاد الثانویة العامة القبول الموحد فیما بعد من خلال
إقرأ أيضاً:
سيكلوجية السماح
تعدّ المفاهيم أساسية للوصول إلى السلام الداخلي والراحة النفسية هي مفاهيم تحتاج إلى صبر و تكرار حتى تصبح عادة، وتعدّ المسامحة أحد أهم مفاهيم السلامة النفسية التي تسمح لنا بالتحرر من الألم والغضب الناتجين عن أخطاء الآخرين، ومسامحة الآخرين لا يعني نسيان الأخطاء أو التخلي عن الحقوق، بل يعني التحرر من الوزن الثقيل الذي يخلفه الغضب، ومن ثم يتحول إلى كراهية.
تعدّ المسامحة عملية داخلية تتطلب الكثير من الشجاعة والإرادة والتمرن حيث أن المسامحة تنشأ بتقبل الواقع وتسليمه دون محاولة لتغيير الماضي، ولا يعني أننا نقبل السلوك الخاطئ، بل نرفض الاستمرار في تعذيب أنفسنا بسبب أخطاء الآخرين في حقنا، ودون أن نضع الألم الذي خلّفه أخطاء الآخرين نصب أعيننا حتى لا ندخل في دوامة من اللوم والحقد.
وممّا لا شك فيه أن مسامحة الآخرين، تمنح الأفراد فرصة للتخلص من الألم و من التساؤلات ومن إنكار الجرح.
لذلك، تعتمد سيكولوجية المسامحة على الارادة القوية في تخّليص الذات من عبء مخلفات المواقف المؤلمة و الجارحة، كما أن المسامحة هي رمز القوة و الشجاعة و النُبُل في نفس الفرد.
إن مسامحة الآخرين ضرورة من ضروريات الحياة السليمة و السلامة النفسية من كل ما يؤثر سلباً على الذات. ويكمن السر الأكبر في التخلص من الضغينة و الحقد اللذين يتكونان تباعًا مع تراكم المواقف و تكرارها، وحينما يتحرر الفرد من هذه المشاعر، فإنه يمنح لذاته القدرة الكاملة على تحقيق السلام.
وربما يعتقد البعض أنه قام بإهانة ذاته من خلال هذه المسامحة، حيث ينشأ لديه شعور بعدم رد حقه إليه وهذا من تأثير الذات السلبية والتي حينما تغضب تحقد تأبى إلا أن تأخذ حقها و هذه ليست طبيعة الأفراد في الأصل. فيجب على الفرد أن لا يسمح للضعف أن يحل محل القوة، ولا للضغينة أن تحل محل النقاء، وأن يسعى إلى تحقيق السلام من خلال المسامحة.
fatimah_nahar@