جدل في سوريا.. الحجاب والخمور بين الأصالة والتحديث
تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في قلب الصراع الثقافي والسياسي الذي يعيشه المجتمع السوري، يبرز الجدل حول مسألتين ساخنتين: الحجاب والخمور.
بينما تتباين الآراء حول هاتين القضيتين، يعكس هذا الجدل انقسامًا اجتماعيًا عميقًا بين مكونات الشعب السوري، ويطرح أسئلة مهمة حول الهوية، الحرية الشخصية، والعادات الاجتماعية في ظل الظروف الراهنة.
الحجاب.. بين التدين والاختيار الشخصي
يشهد المجتمع السوري منذ سنوات تطورًا في تزايد ارتداء الحجاب، سواء كان ذلك نتيجة للضغط الاجتماعي أو قناعة دينية.
و يراه البعض رمزًا للالتزام الديني والتقاليد، بينما يراه آخرون تقييدًا للحرية الشخصية وتعبرًا عن التأثيرات السياسية والدينية التي تسعى بعض القوى إلى فرضها.
وفي بعض المناطق، أصبح الحجاب شائعًا بشكل أكبر، خاصة في المدن ذات الطابع المحافظ، حيث يتزايد الحضور العام للنساء المحجبات في الشوارع والمؤسسات. ومن جهة أخرى، يرى منتقدو هذه الظاهرة أنها جزء من محاولات فرض الأيديولوجيا الدينية على المجتمع السوري في ظل الحرب والمعاناة.
الخمر: تحدٍ للخصوصية الثقافية وواقع جديد
فيما يتعلق بالخمور، فإن استهلاكها يظل محط جدل آخر. في سوريا، تاريخيًا، كانت المدن الكبرى مثل دمشق وحلب تعرف بمزاجها الليبرالي نسبيًا فيما يتعلق بالعادات الاجتماعية، بما في ذلك تناول الخمور.
ولكن مع تصاعد النزاعات والأيديولوجيات المتنوعة، بدأت أصوات متشددة تروج لمواقف صارمة ضد الخمور، معتبرة إياها تهديدًا للهوية الثقافية والدينية للمجتمع.
وفي المقابل، يرى البعض أن حق الفرد في الاختيار هو أساس الحريات الشخصية، وأن منع الخمور يتنافى مع مبادئ التعددية والحرية التي تسعى بعض القوى لتكريسها في المجتمع السوري بعد الحرب.
أزمة الهويات الثقافية في سوريا
الجدل حول الحجاب والخمور ليس مجرد مسألة اجتماعية بل هو انعكاس لصراع أوسع حول هوية سوريا في مرحلة ما بعد الحرب.
حيث يتداخل الدين مع السياسة، ويتداخل التقاليد مع رغبات التجديد.
و بالنسبة للبعض، تمثل هذه القضايا فصولًا من تاريخ سوريا الحديث، حيث تأثر المجتمع بالتغيرات العالمية واندفاعات الحداثة.
أما بالنسبة للبعض الآخر، فهي معركة للحفاظ على العادات التي لطالما كانت جزءًا من الهوية السورية التقليدية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الشرع سوريا الخمور ارتداء الحجاب المجتمع السوری
إقرأ أيضاً:
هل تستخدم فرنسا منع الحجاب سلاحا ضد المسلمين؟
تحوّل شعور الفخر عند الرباعة سيلفي أيبيرينا وكثيرات مثلها إلى قلق يقض مضاجعهن، وذلك في ظل توجه السلطات الفرنسية إلى منع ارتداء الحجاب خلال المنافسات الرياضية المحلية.
في ضواحي باريس، تُركز ابنة الـ44 عاما بجهد شديد كي ترفع وزن 80 كيلوغراما فوق رأسها المُحجّب.
جعلت هذه الأم العزباء أطفالها الأربعة فخورين بها أكثر من أي وقت مضى عندما أصبحت بطلة فرنسا في فئة الهواة العام الماضي، في رياضة اكتشفتها في سن الأربعين.
لكن الآن، تخشى هذه المرأة التي اعتنقت الإسلام ألا تتمكن من المنافسة في ظل سعي الحكومة الفرنسية إلى سنّ قانون جديد يحظر الحجاب في المسابقات الرياضية المحلية.
قالت الرياضية الشغوفة التي تتدرب 5 أيام في الأسبوع "أشعر وكأنهم يحاولون تقييد حرياتنا أكثر فأكثر في كل مرة. إنه أمر محبط لأن كل ما نريده هو ممارسة الرياضة".
في ظل النظام العلماني الفرنسي، يُحظر على موظفي القطاع العام والمعلمين والتلاميذ والرياضيين الذين يمثلون فرنسا في الخارج ارتداء رموز دينية ظاهرة، مثل الصليب المسيحي، الكيباه اليهودية، عمامة السيخ، أو غطاء الرأس الإسلامي المعروف بالحجاب.
حتى الآن، كان بإمكان الاتحادات الرياضية الوطنية أن تقرر فرديا ما إذا كانت تسمح بارتداء الحجاب في المسابقات المحلية، لكن التشريع الجديد يهدف إلى حظر غطاء الرأس في جميع المسابقات الاحترافية والهواة في جميع أنحاء البلاد.
إعلانيقول المؤيدون لهذه الخطوة إن ذلك من شأنه توحيد اللوائح المُربكة وتعزيز العلمانية ومحاربة التطرف، فيما يجادل المعارضون لها بأنها ستكون مجرد تمييز جديد واضح ضد النساء المسلمات.
أُقر مشروع القانون في مجلس الشيوخ الفرنسي في فبراير/شباط وسيُطرح قريبا للتصويت في مجلس النواب.
يريد بعض المؤيدين وقف ما يسمونه "الانتهاك الإسلامي" في بلد هزته هجمات مميتة في الأعوام الأخيرة، لكن منتقدي هذا المشروع يشيرون إلى تقرير وزارة الداخلية لعام 2022 الذي خلص إلى أن البيانات "لم تُظهر أي ظاهرة هيكلية أو حتى ظاهرة جوهرية للتطرف" في الرياضة.
وقال بطل الجودو الأولمبي تيدي رينر، أحد نجوم أولمبياد باريس 2024، الشهر الماضي إن فرنسا "تضيع وقتها" بمثل هذه النقاشات وإن عليها التفكير في "المساواة بدلا من مهاجمة دين واحد"، فردّ عليه وزير الداخلية اليميني برونو ريتايو بأنه يعارض "جذريا" هذا الموقف، واصفا الحجاب بأنه "رمز للخضوع".
بالنسبة لإيبيرينا التي اعتنقت الإسلام في سن الـ19، فإن الحجاب الذي يسمح به اتحاد رفع الأثقال، لم يكن يوما مشكلة بين الرباعات.
وأشارت إلى أن الرياضة أتاحت لها حتى تكوين صداقات من خلفيات مختلفة تماما، مضيفة "الرياضة تجمعنا: إنها تجبرنا على التعارف وتجاوز الأحكام المُسبقة".
كان اتحادا كرة القدم وكرة السلة من بين الاتحادات التي حظرت الرموز الدينية، بما في ذلك الحجاب، وقد أيدت أعلى محكمة إدارية في البلاد عام 2023 هذا القانون في كرة القدم، مبررة ذلك بأنه يسمح للاتحاد بفرض "شرط الحياد".
ووصف خبراء الأمم المتحدة العام الماضي القواعد في اللعبتين بأنها "غير متناسبة وتمييزية".
ومن الصعب تقدير عدد النساء اللواتي قد يُمنعن من المنافسة في حال إقرار هذا التشريع، لكن وكالة الأنباء الفرنسية تحدثت إلى عدد من اللواتي تأثرت حياتهن بقواعد مماثلة.
إعلانوقالت سامية بولجدري، وهي فرنسية من أصل جزائري تبلغ من العمر 21 عاما، إنها كانت تلعب كرة القدم مع ناديها في قرية موتييه لـ4 أعوام عندما قررت تغطية شعرها في نهاية المدرسة الثانوية.
واصلت اللعب مع فريقها، لكن بعد أن غُرّم لأسابيع عدة متتالية لسماحه لها بالدخول إلى الملعب، طلب منها خلع حجابها أو الاعتزال.
قالت "لقد أنهوا سعادتي فجأة، بسبب وشاح، هذا الأمر جعلني حزينة جدا".
ينبع مفهوم العلمانية في فرنسا من قانون صدر عام 1905 يحمي "حرية الضمير"، ويفصل بين الدين والدولة ويضمن حياد الدولة وينص دستور البلاد على أن فرنسا جمهورية علمانية.
وقالت ريم سارة علوان، الباحثة في جامعة تولوز كابيتول، إن قانون عام 1905 الذي كان يهدف إلى "حماية الدولة من أي تجاوزات دينية محتملة"، استُخدم "كسلاح" ضد المسلمين في الأعوام الأخيرة.
وأضافت أن العلمانية الفرنسية "تحولت، في تفسيرها الحديث، إلى أداة للتحكم في المظاهر الدينية في المجال العام، وتستهدف بشكل خاص المسلمين".
"الدفاع عن العلمانية"حذرت وزيرة الرياضة ماري بارساك الشهر الماضي من "خلط" ارتداء الحجاب بالتطرف في الرياضة.
لكن وزير العدل جيرالد دارمانان رأى أنه إذا لم "تدافع" الحكومة عن العلمانية، فإن ذلك سيصب في صالح اليمين المتطرف.
في منطقة واز شمال باريس، كشفت ابنة الـ24 عاما أودري ديفو أنها توقفت عن المشاركة في مباريات كرة السلة بعد اعتناقها الإسلام قبل بضعة أعوام.
لكنها واصلت تمارينها مع زميلاتها السابقات في الفريق وبدأت تدريب أحد فرق الكبيرات في النادي، وفق ما أفادت.
لكن عندما تذهب إلى مباريات عطلة نهاية الأسبوع، لا يُسمح لها بالجلوس على مقاعد البدلاء في الملعب وهي ترتدي الحجاب، ما يضطرها إلى إصدار التعليمات من المدرجات.
وأوضحت "في المدرسة، تعلمت أن العلمانية تعني التعايش معا، قبول الجميع، السماح للجميع بممارسة دينهم. يبدو لي أنهم يُغيّرون تعريفها بعض الشيء!".