تحولت قضية ما يسمي بـ “معاداة السامية” إلى محور جدل عالمي، حيث يشير مراقبون إلى استغلال المصطلح لإسكات الأصوات الناقدة، لا سيما تلك الموجهة ضد إسرائيل. تقرير نشرته صحيفة الجارديان اليوم، بقلم الكاتبة راشيل شابي، كشف كيف يتم توظيف هذا المصطلح بشكل متزايد في السياسة العالمية، ما يؤدي إلى تقويض الجهود الحقيقية لمعالجة معاداة السامية كقضية حقوقية.

في نوفمبر الماضي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق مسئولين إسرائيليين، من بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب في غزة. وردت الحكومة الإسرائيلية على هذه القرارات بوصفها "معادية للسامية"، واعتبرها نتنياهو قرارًا "عنصريًا"، فيما وصفها وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، بأنها دليل على "التحيز ضد اليهود".

ووفقًا للتقرير، تكرر استخدام هذه التهمة خلال العام الماضي ضد منظمات إنسانية وأفراد، بما في ذلك منتقدون من داخل المجتمع اليهودي نفسه. يقول مراقبون إن هذا النهج المفرط أضعف مصداقية المصطلح وقلل من جديته في التصدي للعنصرية.

وأشار التقرير إلى دور اليمين المتطرف في توظيف معاداة السامية لخدمة أهدافه. في أوروبا، يتظاهر قادة سياسيون من أمثال فيكتور أوربان في المجر، بدعم الجاليات اليهودية كوسيلة لتبرير سياساتهم المعادية للإسلام والمهاجرين.

وفي المقابل، تستمر بعض التيارات المتطرفة في تعزيز نظريات المؤامرة التي تتهم اليهود بالسيطرة على العالم، مثل "نظرية الاستبدال الكبير"، مما يغذي كراهية واسعة النطاق ويستخدمها لتعزيز أجندات عنصرية.

تتطرق الكاتبة أيضًا إلى النقاشات الإعلامية التي تركز بشكل كبير على اتهام اليسار بمعاداة السامية، خاصة في سياق الاحتجاجات المناهضة للعدوان الإسرائيلي على غزة. في المقابل، يُهمل الحديث عن الكراهية الموجهة ضد الفلسطينيين أو عن القضايا الاجتماعية والاقتصادية الأوسع.

ودعا التقرير إلى إعادة التفكير في الطريقة التي يتم بها استخدام مصطلح معاداة السامية. وأكدت شابي أن استغلال المصطلح لتحقيق أجندات سياسية يضعف الجهود الحقيقية لمكافحة التمييز، ويحول دون التصدي للأشكال الأخرى من العنصرية والتمييز.

تُظهر هذه التطورات أن معاداة السامية لم تعد قضية حقوقية، بل أداة سياسية تُستخدم لتحقيق أهداف مختلفة. مع استمرار هذه الديناميكية، يبقى التحدي الأكبر هو استعادة المعنى الحقيقي للمصطلح ومعالجة جذور المشكلة بعيدًا عن المصالح السياسية الضيقة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إسرائيل غزة السامية معاداة المزيد معاداة السامیة

إقرأ أيضاً:

اضربه واعتذر له- كوميديا سياسية سودانية

اعتذار إلى مجرم حرب... حين تتحول الفظاعة إلى كوميديا سوداوية
في مسرحية لا يكتبها إلا خيال السخرية السودانية، تطل حركة العدل والمساواة بمشهد يُسجَّل في سجل "اللامعقول السياسي": اعتذار رسمي مُذهب ومخدوم بختم ذهبي، موجه إلى "البطل" أبو عاقلة كيكل، قائد مليشيا "درع الشمال"، الذي حوّل ولاية الجزيرة إلى ساحة لتجاربه في فنون الإبادة. وكأنهم يقولون: "عذرًا يا سيدي، بالغنا في نقد طريقة ذبحك للمدنيين... آسفين شديد!".

من تراجيديا الدم إلى كوميديا الاعتذارات: مسلسل الضحك على الجثث
الاعتذار هنا ما مجرد كلام ساكت، ده شغل تزيين للفظاعة. بدل يحاكموا زول سرق أرض وحرق أولاد صغار، قاعدين يرسلوا ليه خطابات ود ومحبة. "معليش، غلطنا لما ضربنا قواتك وأنت كنت بتطرد في الأهالي من قراهم!"... كأنو الحرب بين عصابتين اتخانقوا على نصيب العشاء، والجثث مجرد خلفية ديكورية للاجتماع!

مدرسة السودان في "أخلاقيات الحرب": اعتذر ثم اقتل، وكرر!
ساسة الحرب السودانيين برعوا في قلب المفاهيم: الدم بقى بطولة، والاعتذار للمجرمين بقى قمة التحضر. أما المساكين الماتوا؟ مجرد كومبارس. متين نسمع واحد يعتذر للغيوم لأن الدخان سوّد ليها وشها؟

الاعتذار لعبة أولاد المصارين البيض- منو القال المجرم بستنى غُفران؟
المفارقة المرة، أنو كيكل ما كان منتظر اعتذار من زول، المجرم البقتل بدم بارد ما فاضي لـ "آسفين". لكن جماعتنا جو من فوق راس الشعب، بيكتبوا اعتذارات ويدوروا في الشوارع وهم بيقنعوا العالم أنهم ناس حضاريين "بنعتذر حتى للزول القاتل"!

الضحك الأصفر- الاعتذار إهانة فوق الإهانة
كل كلمة في البيان كانت كف فوق كف للضحايا: أول مرة لما سحقوهم تحت جنازير المليشيات، وتاني مرة لما جوا يطلبوا منهم يبلعوا الاعتذار المسموم. لكن الشعب، البعرف يحول الوجع لصمود، ساكتب مذكراته بطريقتو: "سجل كل حاجة... الحساب جاي مهما طول الطريق".

نبوءة السخرية الأخيرة- لا واتساب ولا حبر ذهبي بينفع!
اليوم السخفاء عاملين زحمة وضحك، لكن بكرة يفاجئهم الزمن: كل اعتذار مكوج، حفرة جديدة تحت رجليهم. الشعب الراقص فوق قبور الطغاة زمان، عارف أنو اللعبة حتنتهي بأول محكمة شعبية... وما بينفعهم ختم ذهبي ولا ورق مزين.

مافي اعتذار بينقذهم. الشمس، الحاجبة دخان الحرائق، حتنكشف. وحيجي زمن تُدفن فيه الأكاذيب مع أصحابها... والشعب السوداني حيضحك آخِر حاجة، لكن حيضحك فوق قبور المجرمين.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • مندوب مصر أمام محكمة العدل: إسرائيل انتهكت كافة القوانين الدولية التي وقعت عليها
  • حقائق مثيرة تتكشف في مقتل مسلم بفرنسا واحتجاجات بالبلاد على معاداة المسلمين
  • ذا سينرز.. درس في تحويل فيلم رعب إلى صرخة سياسية
  • عسكرة الذكاء الاصطناعي .. كيف تتحول التكنولوجيا إلى أداة قتل عمياء؟
  • قضية تهز إسرائيل.. ماذا نعرف عن فضيحة "قطر غيت"؟
  • اضربه واعتذر له- كوميديا سياسية سودانية
  • ملتقى بسوريا بشأن استخدام نظام الأسد المخدرات أداة للقمع والسيطرة
  • رئيس الحكومة الكندية يدعو العدو الصهيوني للسماح بدخول الغذاء الى غزة
  • غزة تحت القصف والمجاعة تهدد السكان وسط تحركات سياسية مكثفة
  • فوق السلطة: يهود سيقتلون اليهود والإكثار من أكل البطيخ يدخل الجنة