غزة تستصرخ العالم.. قتل وتدمير لكل مقومات الحياة!
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
تواجه غزة وسكانها ومستشفياتها ومدارسها كل يوم، وكل المقومات الحياتية الطبيعية والعادية، حملة إبادة منظمة ومستمرة من قبل الاحتلال الصهيوني، بعد هجومها الجوي والبري والبحري الإسرائيلي منذ الثامن من أكتوبر 2023، وهي محاولة لفشلهم في عدم كشفهم لطوفان الأقصى الذي قامت به كتائب عزالدين القسام في السابع من أكتوبر 2023 ، والذي زلزل هذا الكيان وأظهر أنه ليس بذلك القدرة الاستراتيجية والتخطيطية والاستخباراتية، من خلال التخطيط الدقيق بما وجهته تلك الضربة العسكرية من كتائب القسام، ويعد هذا العمل المباغت والمحكم، أحد أهم السوابق العسكرية لفصيل فلسطيني مقاوم لوحده، وليس من دولة مركزية بقوات ضخمة، وقد تحقق لها ما لم يتحقق في كل الحروب العربية/ الإسرائيلية السابقة، مع الفارق العسكري بين القوة الإسرائيلية وبين هذا الفصيل المقاوم في غزة: تلك المدينة الصغيرة والمحاصرة من قبل الاحتلال منذ عقود، لكن قوة الصمود وإرادة التحدي لتحقيق الهدف، مكّن لهم هذا الانتصار الضخم في هذه العملية، غير المسبوقة والنادرة في مخططها العسكري المفاجئ بالخداع العسكري.
ومنذ ذلك التاريخ ونحن نرى القتل المتواصل والاستهداف المتعمد للمدنيين الأبرياء، يبرز جانبا هاما من عقلية ساسة إسرائيل الحاليين والسابقين، من أن لا حل لاستمرار الاحتلال إلا بإبادة الشعب الفلسطيني، أو على الأقل تدجينه أو إخضاعه للقبول بالأمر الواقع الإسرائيلي الذي يسيطر على العقلية الصهيونية، لكن هذا كان قديماً في مسألة التدجين والإخضاع لكن الأن أصبح الأمر مختلفاً فحكومة إرهابية عنصرية على أسس دنية، لا تقبل إلا الابادة الجماعية للشعب الفلسطيني وهذا ما واجهه الشعب الفلسطيني في حرب عام 1948 ، وهي ماضية في خططها وأهدافها في استمرارية المذابح والاغتيالات والاستباحات والاعتقالات ، وذلك لإبقاء هذا الاحتلال قائماً وجاثما على الأرض الفلسطينية، لكنها تحاول من خلال بعض أبناء جلدتنا الادعاء لتصديقها بأنها تريد السلام، وأنها تحارب دعاة الإرهاب والعنف الذين يمارسون العنف، لا يريدون السلام الذي تريده إسرائيل وكما تفهمه.
ومنذ اتفاق أوسلو في مستهل التسعينات من القرن الماضي، وإسرائيل تحاول بشتى الطرق والأساليب الهروب من الاتفاقيات المعقودة مع السلطة الفلسطينية، كلما اقتربت الفترة المحددة للانسحاب وفق هذه الاتفاقات، تسقط حكومة إسرائيلية وتأتي أخرى!، وهذه الأخيرة تقترح أفكارا جديدة وتطرح رؤى أخرى ، والهدف المماطلة وعدم الوفاء باستحقاقات السلام العادل الذي يريده الفلسطينيون وتقره القوانين الدولية. لكن الإسرائيليين كعادتهم، يراوغون ويلعبون على الوقت والزمن ، وهي خطط مكشوفة ولا تخفى على المتابع لكل خطوات ما يسمى بالسلام ، ومع ذلك لا تزال السلطة الفلسطينية تصر أو الأقل تتوقع أن جهود السلام ـ كما تطرح من هذا الطرح أو ذاك ـ ينبغي الاستمرار فيها !! مع أن كل المؤشرات والتوقعات أن إسرائيل لا تريد الانسحاب الكامل وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ولا تريد أن يتحقق السلام الذي ينهي احتلالها.
ونتذكر أنه بعد وصول الرئيس جورج بوش الابن، رفع شعار الدولة الفلسطينية القابلة للحياة، وطُرحت فكرة ما سمي بـ «خارطة الطريق»، وصال وجال الرئيس بوش للترويج للخارطة الجديدة، والدولة الفلسطينية المقبلة. ومرة أخرى صدّقت السلطة الفلسطينية هذه المقولات، حتى أنها طرحت مسألة كيف سيكون وضع الدولة ؟ وهل الحركات المعارضة للمفاوضات السلمية ستشارك في الحكومة أم لا ؟ وهل ستكّون أحزاباً سياسية لها حق العمل السياسي السلمي؟ الخ.. وإسرائيل تعرف هذه الأفكار والمقترحات بعيدة عن التحقق، وهي لن تسمح بإقامة هذه الدولة المستقلة، والولايات المتحدة تعرف أيضاً بحجج إسرائيل الثابتة ومعارضتها الدولة الفلسطينية القابلة للحياة، لكن الكل يراهن على الوقت واستغلال الظروف لعل الشعب الفلسطيني يصاب بالإحباط واليأس ويستكين لهذا الاحتلال، ويقبل بالوضع الإسرائيلي القائم!. لكن الشعب الفلسطيني في عمومه لا يزال واعيا لحبائل إسرائيل وأساليبها في التهرب من كل الالتزامات الدولية التي وقعتها أو وعدت بتحقيقها مع كل الإدارات الأمريكية السابقة. وجاء العام الذي وعد فيه الرئيس بوش الابن 2005، بإقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة ـ كما قال ـ وذهبت هذه الوعود ذلك العام، وذهب صاحب الوعد ثم ما يقرب من عقد ونصف العقد !، وجاء أوباما، وذهب بعده أكثر من رئيس، ولا شيء تحرك في موضوع الدولة الفلسطينية المستقلة، وذهبت كل الأقوال والكلمات عن الدولة الفلسطينية التي ستعيش جنبا إلى جنب مع الدولة اليهودية، أدراج الرياح كسابقاتها من الوعود.. والشعب الفلسطيني ما يزال يرزح تحت الاحتلال والقمع والسجون والملاحقات اليومية بهدف إجهاض ممارسته لحقه في مقاومة الاحتلال.
واستفادت إسرائيل من الخلاف الفلسطيني/ الفلسطيني، لتوجه لطرف من الأطراف وهو حماس تهمة الإرهاب والعنف والخروج على الشرعية، وهذا ما عرفه الجميع أن القضية الفلسطينية هي المستهدفة من الخلافات والصراعات الفلسطينية / الفلسطينية، وما كان من الحكمة أن يجري الخصام بين أصحاب الحق، والأرض الفلسطينية محتلة كلها، مع زيادة المستوطنات في القدس والضفة الغربية. فمنذ أن أقدم الكيان الإسرائيلي على اغتيال الشيخ المقعد أحمد ياسين ـ 2004 ـ وهو يمارس إرهابا فاضحا مستمرا تجاوز كل الأعراف والتقاليد والأخلاق الدولية التي يتغنى بها العالم ليل نهار ليصبغه على شعوب وأمم وينكرها على أخرى تحت ذرائع وأهداف ، لا تخفى على أي متابع للقضايا الساخنة في عالم اليوم آخرها ما قام به جنرالات الاحتلال في غزة من جرائم وحشية تقشعر لها الأبدان انحسرت أغلبها في النساء والأطفال والمدنيين عموما التي تحرم الشرائع السماوية والأرضية فعلها مع ادعائهم انه يحاربون الإرهاب ويدافعون عن النفس، حروب مستمرة، آخرها هذه الحرب التي لا تزال مستمرة منذ عام وأكثر من شهرين حتى الآن ! وهذا الإرهاب الإسرائيلي الذي يجب أن تتحدد معالمه للعالم وتسمى الأشياء بمسمياتها ، بعيداً عن المعايير والمقاييس غبر العادلة التي أصبحت مكشوفة.
والشيء الذي يدعو إلى الاستغراب أن دولا كثيرة تدعو إلى وقف الحرب دون موقف حازم وقوي من الناحية القانونية والإنسانية، بل وإلى الهدوء وضبط النفس ـ هكذا ـ وتمت مساواة الجاني بالضحية، وهذا يعني القبول بما تفعله إسرائيل، مع أن الآخر هو المحتل الغاصب ـ ومقاومة الفلسطينيين حق تكفله كل القوانين الدولية، وهكذا أصبحت المقاييس الدولية مقلوبة في هذا الزمن العجيب. مع أن القوانين الدولية، ومنها النظام الأساسي للأمم المتحدة، والمنظمات التابعة لها، تقر بحق الشعوب في استعادة حقوقها التي احتلت بالقوة الغاشمة من الآخرين، فإن بعض الدول التي صاغت هذه القوانين، هي التي تتجاهل ما وضعته من تشريعات وضعية عند تأسيس المنظمة الدولية، واعتبرت أن ما تقوم بها المقاومة الفلسطينية على قوات الاحتلال إرهاب وعدوان على شعب إسرائيل؟ وهذه في الحقيقة تبعث على الاستغراب والاستهجان، وهي أقرب للمقولة الشهيرة في عالم السياسة، بالمعايير المتناقضة والمخالفة للقانون الدولي الذي وضعوه بقناعاتهم بعد الحرب العالمية الثانية، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، هاجموا الاتحاد الروسي لاجتياحه بعض الأراضي الأوكرانية، بعد دخول روسيا لهذه لأراضي الأوكرانية في فبراير عام 2022، وقدمت هذه الدول المال والسلاح والخبرات العسكرية ضد روسيا، ولا تزال تقدم لطرد المحتل الروسي ـ كما يقولون ـ وعلى عكس الحال في القضية الفلسطينية إذ يتم ما يخالف هذا التوجه، مع أن أرض فلسطين محتلة بعد حرب 1948، وهذا أيضا مخالف للقانون الدولي لأرض دول أخرى أو شعب آخر! فهذه المقاييس التي تضعها بعض الدول الكبرى للأسف لن يقبلها صاحب الحق العادل الذي اغتصبت أرضه وسيقاتل مهما طال عليه.
والحقيقة أن الإنسانية ستبقى رهينة للحروب والصراعات والتوترات، في ظل المظالم وغياب الحقوق العادلة، لأي شعب من الشعوب، وفي ظل النظام الدولي الذي تديره الدول التي وضعت لنفسها ما يجعلها فوق القانون، من خلال حق النقض (الفيتو)، الذي أصبح يساعد على الصراعات وزيادة التوترات وليس على حلها بالعدل وإحقاق الحق لكل أمة من الأمم، وليس هذا فحسب بل أن الهجمات التي طالت المدنيين في غزة، في ظل سكوت الدول التي تؤيد عدوان إسرائيل، يبعث على الاستغراب والاستنكار وفق هذه المكاييل المتناقضة في الحديث عن أهمية القانون الدولي الذي يُطرح دون أدنى مقاييس عادلة، ومنها ما يحدث في ظل الصمت الدولي، على منع الدواء والغذاء والكهرباء والمياه، مما يجعلنا نعيش في شريعة الغاب وليس في قوانين دولية تطبق بالتساوي على الجميع، حيث إن الأقوال التي تطلق تعد في مهب روح القوة دون القانون، عندما تتم استباحة آدمية الإنسان في أن يعيش بلا كرامة في وطنه المغتصب، ومع ذلك يتم قهره وقتله ومنعه من العيش الكريم، عندما تمنع عنه وسيلة الحياة الإنسانية، بعيدا من الضمائر الحية التي تميز بين الحق والباطل، وبين ما هو إنساني وما هو ظالم ومجحف في حق الآخر المختلف ، فغزة منذ 2014 حتى الآن 2025، ما تزال تحت الإبادة الجماعية والتجويع والقصف والقتل الجماعي، وأخيراً اتجهت إسرائيل إلى ما هو أخطر وأشنع في سياستها العدوانية والظالمة على غزة قتلا متواصلاً للآمنين ، منذ بداية الحرب على غزة حتى الآن، إلى جانب تدمير المستشفيات والمدارس ، ومنع دخول المواد الغذائية والتدفئة وغيرها من المستلزمات الضرورية للمهجرين من بيوتهم في شمال القطاع وجنوبه، وهذا يحدث أمام سمع العالم وبصره، والعالم العربي للأسف لا يزال صامتاً عن اتخاذ موقف قوي للقيام بدور إنساني على الأقل تجاه غزة وأهلها، وكشف أساليب إسرائيل في تدمير المستشفيات والمدارس والقتل المنهج للمواطنين ، والإبادة الوحشية المستمرة، مع الحصار القاتل للسكان الآمنين قائم، إن غزة المنكوبة تستصرخ كل الإنسانية لوقف هذ المظالم والتجاوزات التي لم يعد السكوت عنها أو التهرب من كلمة الحق الفاصلة في كل ما يجري من عدوان تجاوز كل الخطوط الحمراء في القوانين الدولية والإنسانية في عصرنا الراهن.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الدولة الفلسطینیة القوانین الدولیة الشعب الفلسطینی
إقرأ أيضاً:
إسرائيل مأزومة للغاية من الداخل.. فما الذي يمنعها من الانهيار؟
يتّفق المحللون الإسرائيليون على أنّ المذكرةَ التي قدّمها رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار إلى المحكمة العليا، (أعلى سلطة قضائية)، وما تضمّنته من اتهامات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ستعمّق الأزمة الداخلية في إسرائيل، وتنعكس مباشرة على مسار مفاوضات وقف الحرب في قطاع غزّة.
لا جدال حول ما يعيشه نتنياهو اليوم من لحظة تقييم حقيقية، بعد أن حصل في السابق على تفويض غير مشروط لتصعيد الحرب من أجل استعادة الأسرى، وتحقيق أهداف عسكرية، دون أن ينجح فعليًا في أي منها.
لم تهدأ الساحة الداخلية الإسرائيلية، ولم تستكن تلك الاحتجاجات الملونة في دعواتها، التي تبدأ بالدفع بالحكومة نحو إبرام صفقة الأسرى مع حركة حماس ووقف النار، ولا تنتهي عند حالات التمرّد داخل المؤسسات العسكرية، والتي شكّلت حالة "توترية" مستحدثة سببتها تلك الرسالة العلنية التي نشرها نحو ألف من أفراد سلاح الجو الإسرائيلي في 10 أبريل/ نيسان الجاري، والتي تدعو إلى إعادة الأسرى ووقف الحرب.
لا شكّ أن الداخل الإسرائيلي يشهد على اهتزازات، لم تعهدها الدولة العبرية في تاريخها، حيث وصلت الحال بزعيم المعارضة الإسرائيلي، يائير لبيد، في تصريحات أطلقها، الأحد 20 أبريل/ نيسان الجاري، إلى حدّ التحذير من أن هناك كارثة ستبدأ من الداخل الإسرائيلي "نتيجة التحريض المستمر"، محملًا رئيسَ جهاز الأمن المسؤولية عن "الفشل في التعامل مع هذه التحديات".
إعلانكما أضاف لبيد، أنه "وفقًا لمعلومات استخباراتية، نحن مقبلون على كارثة وهذه المرة ستكون من الداخل". ما دام أن جميع المعطيات تتقاطع حول موضوع الانهيار الداخلي الإسرائيلي، فلمَ لم يحصل إذًا؟
عقبات كثيرة تقف عائقًا أمام استمرارية حكومة نتنياهو، وإشكاليات تطرح عليها من الداخل والخارج، وهذا ما برزَ بعد استئناف حربه على قطاع غزة، حيث تناولت وسائل إعلام إسرائيلية تصاعد الضغوط داخل الحكومة على رئيسها، لاتخاذ قرار باحتلال كامل قطاع غزة، في ظلّ مخاوف رئيس الأركان الجديد إيال زامير من الثمن العسكري لمثل هذه الخطوة.
يشير أغلب التقارير إلى أن إطالة أمد الحرب في المنطقة، يصبّ في صالح توفير الحماية لنتنياهو، الذي تحيط به ملفات مشبوهة. هو الذي مثَلَ في مارس/ آذار الماضي أمام المحكمة المركزية في تل أبيب، للردّ على اتهامه بالتورط في فساد وتلقّي رِشا.
كُشفت نوايا نتنياهو من خلال إفشال مسارات التفاوض، ومن الذهاب إلى الخيار العسكري، ولكن الذي ما يزال غامضًا، هو الموقف الأميركي (اللين) تجاه نتنياهو، ورفضه المقترحات التي قدّمها الأميركي لحلّ الأزمة في المنطقة.
هذا (التراخي) الأميركي تجاه نتنياهو، قابله صرامة وصلت إلى حدّ "البهدلة" بالنسبة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض عقب لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 28 فبراير/شباط الماضي.
لا يوفّر ترامب مناسبة إلا ويتهجم فيها على زيلينسكي، لا بل ذهب بعيدًا في مواقفه، عندما عرض عليه الأربعاء 23 أبريل/ نيسان الجاري، ورقة "الذل" لإنهاء الحرب، طالبًا منه الموافقة على التخلي عن شبه جزيرة القرم، من خلال أخذ كييف إلى الاعتراف بملكيتها لروسيا. لا يتوقف الموضوع عند فرض الاستسلام على كييف، بل ذهب بعيدًا في المطالبة بالاستيلاء على الموارد النادرة في أوكرانيا. رغم أن ترامب أطلق في حملاته الانتخابية مواقف حاسمة تتعلق بإنهاء حالة الحرب في كل من القطاع وأوكرانيا.
إعلانلا مصالح لأميركا في الحرب الدائرة في أوكرانيا، بل على العكس هناك مكاسب لها تستطيع أن تستغلها لصالح سياساتها في الشرق الأوسط. يفتّش ترامب عن صادقات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، كيف لا وهو يجد في أوكرانيا تسوية كبرى ترتبط بمنطقة الشرق الأوسط.
إنّ جلّ ما يريده الرئيس الأميركي من روسيا ممارسة المزيد من الضغط على حليفتها إيران للتوصل إلى تسويات في المنطقة، بهدف إبعاد شبح الحرب معها.
أفصح نتنياهو عن "تهديد وجودي" يداهم إسرائيل من خطورة التسوية التي تقودها أميركا مع إيران، ورفع من مستوى خطابه تجاه إيران. فعبّر قائلًا الأربعاء 23 أبريل/ نيسان، إن "إيران تمثل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل وخطرًا على مستقبلها"، مؤكدًا عزم حكومته على مواصلة التصدي لما وصفه بـ"الخطر الإيراني" حتى لو اضطرت إسرائيل للتحرك بمفردها".
هذا السقف العالي من التهديدات تحتاجه إدارة ترامب، كي تستغلّه لفرض شروطها في المفاوضات مع الجانب الإيراني. وبهذا يتبلور ما تخطط له واشنطن في المنطقة، بعيدًا عن التوجّسات الإسرائيلية، مستغلة تهديدات نتنياهو تجاه إيران.
إنّ زيارة وزير الطاقة الأميركي، كريس رايت، إلى الرياض، السبت 19 أبريل/ نيسان الجاري، وإعلانه عن "طريق مشتركة" لاتفاق نووي مدني مع السعودية، دليل واضح على ما تراه الإدارة الأميركية للمرحلة القادمة في المنطقة، ودليل إضافي على أن النظرة الأميركية تختلف كل الاختلاف عن نظرة نتنياهو.
في السبعينيات، قام نيكسون ووزير خارجيته في حينها "هنري كيسنجر" ببلورة مبادئ ما سُمي "سياسة الركيزتين" ووقتها الخطة استهدفت ضمان استقرار إقليمي، ووفرة النفط ومساعدة متبادلة ضد النفوذ السوفياتي، بينما اليوم تتوجه ضد النفوذ الصيني.
وقعت المملكة مع الولايات المتحدة على اتفاقية المادة 123 التي تطرق إليها قانون الطاقة النووية الأميركية من العام 1954، والذي يسمح لواشنطن بنقل التكنولوجيا النووية إلى دول أخرى. قد تهدف واشنطن من هذا الاتفاق إلى خلق تقاربات إقليمية تعتمد على ركائز متنافسة، بدل اللجوء إلى خيار الحروب المباشرة، التي يحتاجها نتنياهو.
إعلانليس صحيحًا أن يد نتنياهو مطلقة التصرف، بل الأصح هو أن لواشنطن حساباتها في المنطقة، وأن نتنياهو أصبح أداة تدار من قبل الإدارة الأميركية، التي تتصرف بما ينسجم مع مصالحها.
فنتنياهو يدمر غزة لأجل تحقيق الممر الاقتصادي الهندي، وبناء "ريفيرا الشرق"؛ تمهيدًا لفتح الاستثمارات الأميركية تحديدًا الخدماتية والسياحية.
لهذا لن يتخلَّى ترامب في المدى المنظور عن نتنياهو، ولن يُسمح للداخل الإسرائيلي بالتهور وأخذ الأمور نحو الانهيار، ما دام لم تُرسم المنطقة بحسب مع تريده واشنطن، ولم يزل النظام الدولي يرسم أطره العامة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline