تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

السؤال الحاسم الذي يواجه الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب يتمثل فيما إذا كانت الإدارة القادمة لترامب قادرة على فهم النوايا والدوافع الحقيقية لرئيس هئية تحرير الشام في سوريا، أحمد الشرع، خاصة إن تركيبة الحكم الجديد تتكون من جماعات وتنظيمات إرهابية مصنفة على قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة الأمريكية.

ويظهر في هذا السياق اتجاهان الأول يتمثل في أن النظام الجديد يريد بناء وحكم دولة مستقرة تعيش في سلام مع جيرانها وتحظى باعتراف المجتمع الدولي. ورغم أن هذا قد يبدو تناقضًا محكومًا عليه بالفشل والعنف، إلا أن هناك اتجاه آخر يرى أن هناك أسبابًا للاعتقاد بأن النتيجة الإيجابية قد تكون قابلة للتحقيق بعد تخلي رأس النظام الجديد عن أفكاره الجهادية السابقة.

اتجاهات متناقضة

منذ سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد والوضع في سوريا مستقر بشكل كبير. وهذا على الرغم من استيلاء المعارضة المسلحة وبعض التنظيمات المصنفة كإرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية على الحكم بقيادة أحمد الشرع الذي كان مرتبطًا في السابق بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن هناك مجموعة من التطورات الأخرى التي حدثت في سوريا ففي الجنوب تحتل القوات الإسرائيلية منطقة الجولان العازلة ونفذت مئات الغارات الجوية التي استهدفت الأصول والمنشآت العسكرية الحكومية السابقة. 

وفي الشمال والشمال الشرقي، يظهر في الأفق احتمالات لحدوث تدخل عسكري تركي في مناطق سيطرة وتواجد الأكراد.

ولقد سعى المراقبون من الخارج إلى تفسير الهدوء في دمشق من خلال ملاحظة مدى إرهاق السوريين بعد ما يقرب من أربعة عشر عامًا من الحرب الأهلية، والإشارة إلى الدروس المستفادة من الصراعات الأهلية الأخرى في بلدان عربية أخرى. ولكن الأهم من ذلك أن الموقف يسيطر عليه نسبيًا بسبب رغبة أحمد الشرع في التوضيح للدول أنه وأتباعه قادرون على الحكم في سلام وبالتالي يستحقون الاعتراف الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.

من ناحية أخرى، ظهرت مجموعة من الاتجاهات التي تهدف إلى التنبؤ بمستقبل النظام الجديد من خلال النظر والمقارنة بين الأدوات والكيفية المستخدمة في توضيح تعامل أحمد الشرع وهيئة تحرير الشام مع الحكم في محافظة إدلب خلال الحرب الأهلية. ويبحث المحللون عن علامات تشير إلى كيفية تعاملهم مع مهمتهم الجديدة على المستوى الوطني، وقد أظهرت بعض المؤشرات والنتائج أن هناك مجموعة من التناقضات والرسائل المختلطة، فخلال العام الماضي حاولت هيئة تحرير الشام تمرير قانون للآداب العامة كان من شأنه أن يحظر الكحول وينشر قوة من شرطة الآداب في دوريات يومية. إلا أنها تراجعت عن هذه المقترحات عندما تسببت في احتكاكات بين علماء الدين والفصائل المسلحة الأخرى والجمهور ومنظمات الإغاثة الدولية. وهذا دفع الشرع إلى القول إن الحكومة لا ينبغي لها أن تفرض الإسلام بل ينبغي لها أن تشجع الناس على البحث عن الدين من تلقاء أنفسهم.

وضمن السياق ذاته، حظيت هيئة تحرير الشام بالثناء لمساعدتها في جذب الاستثمارات الأجنبية والحفاظ على تشغيل الكهرباء والخدمات الطبية، في حين تعرضت في الوقت نفسه لانتقادات بسبب حكمها كحاكم مستبد في مواجهة الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في إدلب ومناطق سيطرتها. ونتيجة لذلك، يظل الخبراء في تردد بشأن أي نسخة من هيئة تحرير الشام هي التي تحكم حاليًا وتسيطر على خامس أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، حيث يعيش أكثر من ٢٠ مليون مواطن في وضع محفوف بالمخاطر بين إسرائيل ولبنان وتركيا وإيران وروسيا ودول أخرى.

إن هذه المحاولات لقراءة وتفسير هذه التحركات خلال السنوات القليلة الماضية قد تتناقض مع التطورات المحيطة بالأوضاع السورية الحالية والتي يحاول فيها أحمد الشرع تشكيل المرحلة الانتقالية؛ حيث يركز على كسب اعتراف الشعب السوري والمجتمع الدولي بحركته، وفي سبيل القيام بذلك، يضع الشرع نفسه في موقف سيجعل من الصعب عليه التراجع والعودة إلى الأفكار القديمة للهيئة بعدما تخلى عن طموحاته المتعلقة بالجهاد العابر للحدود الوطنية، وشجع على المشاركة مع الغرب والتوصل إلى حل دبلوماسي في نهاية المطاف مع إسرائيل، وأعلن الحاجة إلى حماية جميع الأقليات الدينية. كما وعد بتسريح جميع الميليشيات وإلغاء التجنيد لصالح جيش تطوعي بحيث تكون جميع الأسلحة في أيدي الدولة، بل واقترح أنه يتجه إلى حل هيئة تحرير الشام لصالح إعادة تشكيل مؤسسات الدولة التي تعكس تنوع المجتمع والثقافات، كما أعلن أنه سيواصل العمل على تصحيح الأوضاع داخل الجماعة ومع المكونات السورية على الرغم من التعليقات المتفرقة التي تخرج عن السياق والتي تأتي من بعض أعضاء مجموعته حول قضايا رئيسية، مثل أدوار المرأة وتطبيق الشريعة الإسلامية. 

وتعتبر هذه الإشارات مختلفة بالنسبة لأحمد الشرع الذي أصبح فعليًا أحد الجهاديين الأكثر نجاحًا في حقبة ما بعد ١١ سبتمبر ٢٠٠٢، وأن هيئة تحرير الشام على وشك تحقيق شيء لم يكن من الممكن لأي جماعة جهادية أخرى أن تحققه والمتمثل في السيطرة على دولة ذات سيادة قادرة على الحصول على اعتراف دولي خاصة أن هذه الميزة لا يمكن لطالبان ولا حتى داعش أن تحقق مثل هذا الشيء، وما يدعم هذا التصور هو عدم اعتراض الشعب السوري وخاصة التيارات الليبرالية على دمج التيارات الإسلامية المعتدلة.

ويمكن القول إن وجود أحمد الشرع في الواجهة يضعه في مسار إيجاد توازن دقيق مع السوريين من جميع الأطراف باعتبار أن حكومته الانتقالية سوف تواجه حتمًا انتقادات واحتجاجات من مختلف المناطق السورية خاصة أن المواطنون السوريون العاديون يريدون تمثيل مصالحهم. وقد شهدت دمشق أول احتجاج كبير لها بسبب تعليقات المتحدث باسم هيئة تحرير الشام حول أدوار المرأة في المجتمع. وقد لا تكون هناك قدرة لدى أحمد الشرع للحفاظ على التوازن في الوقت الحالي. وقد يكون لدى النظام الجديد دوافع مختلفة. وأحد هذه الدوافع هو الرواية التي تقول إن جهودهم في إدلب لإنشاء حكومة فعّالة ومجتمع مستقر ضمن إطار إسلامي واسع النطاق كانت بمثابة نموذج للسوريين في باقي المناطق الذين يبحثون عن بديل لنظام لأسد، وأنهم على استعداد لتقاسم السلطة مع الفصائل المحلية وباقي المكونات الأخرى.

الرؤية الأمريكية

من المفهوم أن المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية أكثر حذرًا بشأن الادعاء بأن الشرع وهيئة تحرير الشام تخليا عن أفكارهم الإرهابية، وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن الشرع مسئول عن حدوث خسائر في الأهداف الأمريكية وقوات التحالف في العراق بالإضافة إلى تعاونه مع أبو مصعب الزرقاوي وأن هيئة تحرير الشام تشبه حركة حماس، وهو مثال لا يمكن إنكاره على مخاطر الثقة في الأعداء عندما يدلون بتصريحات جريئة ولا أساس لها في نهاية المطاف حول التغيير الجذري في التوجهات وأن هذا التحول في الأيديولوجية الإسلامية نادرة الحدوث في المنطقة. 

وبرغم هذه العوامل المعرقلة، يحتاج الشرع إلى دعم اقتصادي وفني كبير من المجتمع الدولي لإعادة بناء البنية الأساسية والاقتصاد ومؤسسات الدولة السورية، وسيعتمد مستوى هذا الدعم على استعداد إدارة ترامب للتعامل مع الحكومة الجديدة في دمشق، وهذا يعني أن الشرع يجب أن يطمئن واشنطن بشأن نواياه، وخاصة طبيعة أفكاره تجاه إسرائيل خاصة بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه يسعى إلى الحد من التهديد طويل الأجل من الجيش السوري الموجه ضد إسرائيل، مع عدم وجود نية لتصعيد الأمر إلى صراع أوسع نطاقًا مع الحكومة الانتقالية. بل إنه قال إنه يدعم استكشاف العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة. وإذا كان الشرع يريد وضع العلاقات مع إسرائيل على أساس جديد، فسوف يضطر إلى إيجاد طريقة للتواصل مع الإسرائيليين دون تنفير الجمهور السوري خلال هذه النافذة المحدودة من حسن النية التي تتمتع بها الحكومة الانتقالية حاليًا.

في الختام: إن التحدي الذي يواجه إدارة ترامب القادمة هو فك رموز نوايا أحمد الشرع ودوافعه، وما إذا كان قادرًا على تقديم بديلًا مقبولًا لقادة الجهاديين الأكثر تشددًا في المنطقة، لكن هذا لا يعني أن أتباعه لن يسعوا إلى طرق أخرى لإضفاء طابع إسلامي خفي على المجتمع وتصدير أيديولوجيتهم الإسلامية إلى المنطقة، وأن الرئيس ترامب سيتجه إلى تبنى نهجًا أكثر واقعية من خلال تحميل الحكومة الجديدة المسئولية عن تعهداتها في مقابل أي دعم أو اعتراف محتمل مع الاعتراف بأن الشعب السوري هو في نهاية المطاف أفضل وسيلة أمان ضد التطرف.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الإدارة الأمريكية الجديدة دونالد ترامب ترامب بشار الأسد الرئيس السوري السابق الولایات المتحدة الأمریکیة هیئة تحریر الشام المجتمع الدولی النظام الجدید أحمد الشرع أن هناک

إقرأ أيضاً:

لماذا تحرير الشام تضيق بـحزب التحرير وتشن حملات أمنية ضده؟

كان لافتا بعد سقوط نظام الأسد، وتحرير جميع المعتقلين الأحياء المتواجدين في سجون النظام، تظاهر واعتصام مجموعة من النساء أمام سجن قاح بمحافظة إدلب، يطالبن بالإفراج عن أزواجهن وأبنائهن وإخوانهن وأقربائهن المعتقلين في السجن التابع لهيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع، الملقب بـ"الجولاني".

ينتمي المعتقلون الذين يقبعون في سجن قاح لحزب التحرير الإسلامي، والذين مضى على اعتقال بعضهم أكثر من سنة ونصف، ومع أن جميع المعتقلين في سجون النظام السابق تم تحريرهم وإخراجهم من السجون إلا أن معتقلي حزب التحرير ما زالوا يقبعون في السجون التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام في إدلب والمناطق المحررة سابقا قبل عملية "ردع العدوان".


 
تكشف الحملات الأمنية السابقة التي قامت بها هيئة تحرير الشام لاعتقال رموز وأعضاء في حزب التحرير (بلغ عددهم 29 قياديا وعضوا إضافة لاعتقال عشرة نساء قبل أيام وفق مصادر الحزب)، عن العلاقة المتوترة بين الطرفين منذ سنوات، إذ كان حزب التحرير يطالب هيئة تحرير الشام بفتح الجبهات، وعدم رهن الثورة بأجندات وسياسات خارجية، وفك ارتباطها بجهات ودول خارجية، والمطالبة بتحكيم الشريعة في مناطق المحرر التي تسيطر عليها الهيئة.


 
ووفقا لمراقبين فإن حزب التحرير منذ منتصف العام الماضي صعد من انتقاداته لهيئة تحرير الشام، وزادت حدة لهجته في انتقاد سياساتها، لا سيما في علاقتها مع تركيا، ما أحرج قيادة هيئة تحرير الشام أمام تركيا، الأمر الذي دفع أجهزتها الأمنية لشن حملات أمنية لملاحقة واعتقال قيادات وأعضاء في الحزب. 

ومع أن هيئة تحرير الشام وحزب التحرير يلتقيان في هدف العمل لإقامة الخلافة الإسلامية، وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، إلا أن حزب التحرير يعرف نفسه بأنه حزب سياسي، له طريقته الخاصة في إقامة الخلافة، ولا يتعاطى العمل العسكري، وطوال سنوات الثورة السورية لم يقم بإنشاء أي فصيل مسلح للمشاركة في الثورة السورية، مع قيام أعضاء من الحزب بذلك بصفتهم الفردية، ولم ينف الحزب في الوقت نفسه وجود فصائل سورية مسلحة تتبنى أفكار الحزب.

وانتقد حزب التحرير في سورية قيام جهاز الأمن بحلب يوم السبت 21 كانون الأول/ ديسمبر 2024 باعتقال "عشر نساء خرجن للتظاهر مطالبات بتحكيم الإسلام، وبالإفراج عن أزواجهن وأبنائهن وأولادهن الذي تم اختطافهم منذ ما يزيد عن سنة ونصف، حيث سجنهم الجولاني في إدلب منذ 7/5/2023" وفق ما جاء في البيان الصادر عن المكتب الإعلامي للحزب في سورية.

وأضاف "إننا نخاطب أهل الثورة جميعا والناشطين فيها من مجاهدين وطلبة علم وإعلاميين ومثقفين وفعاليات، هل لأجل هذا خرجت ثورتنا وقدمت التضحيات وملايين الشهداء والمهجرين؟! ولأجل من يتم اختطاف الحرائر بطريقة تحاكي ما كان نظام المجرم أسد الهارب يقوم به على مر عقود من الزمن؟!".

وتابع الحزب في بيانه مستنكرا إقدام جهاز الأمن على اعتقال عشر نساء بالقول "ومن المفارقات أنه في الوقت الذي تتظاهر فيه السافرات في دمشق، ويطالبن بالعلمانية والحريات دون أن يتعرض لهن أحد، يتم اختطاف الحرائر العفيفات اللواتي خرجن يطالبن بتحكيم شرع الله والإفراج عن أبنائهن المختطفين منذ سنة ونصف".

ووفقا لعضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير/ولاية سورية عبدو الدلي فإن "حملة الاعتقالات تمت على فترات متقطعة بدأت في الشهر السابع عام 2019، وكانت الحملة الثانية في 7/5/2023، أُعتقل فيها رموز وأعضاء من الحزب المقيمين في حلب وإدلب وآخرين من حمص ودمشق ودرعا، ويبلغ عدد المعتقلين المتواجدين حاليا في السجن 29 قياديا وعضوا".

وأضاف: "كان الحزب متواجدا منذ بداية الثورة، وتصاعد نشاطه في الآونة الأخيرة، خاصة بعد مؤتمر سوتشي 2018، فصعد الحزب حملاته داعيا الحاضنة الشعبية لاستعادة القرار السياسي والعسكري، وفتح الجبهات، وتحرير البندقية، وسعى الحزب لإفشال كل المخططات التي يراد تنفيذها على الأرض، كمخططات التطويع والمفاوضات والجلوس مع النظام، فالحزب قام بمجموعة من الفعاليات والأعمال هدفها استعادة القرار السياسي والعسكري السوري من قبل بعض الدول".


 
وتساءل الدلي في تصريحاته لـ “عربي21": "بعد أن منَّ الله علينا بإسقاط النظام، وتحرير سورية من سلطة الظلم والقمع والإجرام، وإخراج جميع المعتقلين السوريين الأحياء المتواجدين في سجون النظام، لماذا لا تقوم هيئة تحرير الشام بإطلاق سراح المعتقلين من حزب التحرير في سجونها، بعد أن تحقق ما كانوا يطالبون به من فتح الجبهات وإسقاط النظام وما إلى ذلك"؟

وعن جهود الوسطاء من العلماء والدعاة والوجهاء لتسوية ملف معتقلي الحزب لفت عضو المكتب الإعلامي للحزب، عبدو الدلي إلى "وجود دعوات ورسائل وتغريدات لعلماء ومشايخ ووجهاء طالبوا فيها وناشدوا هيئة تحرير الشام لإطلاق سراح معتقلي شباب الحزب، لأن مقامهم لا ينبغي أن يكون في السجون، فهم حملة فكر ودعوة، ما يوجب إكرامهم وإطلاق سراحهم".

يُذكر أن من بين النساء المعتقلات فاطمة العبود (أم النور) التي كانت تقود المظاهرات والوقفات للمطالبة بالإفراج عن معتقلي الحزب، وظهرت في أكثر من مقطع مصور تستنكر اعتقال الهيئة لقيادات وشباب حزب التحرير، وتطالب بالإفراج عنهم، وهي ما زالت رهن الاعتقال وهذا ما أكدّه شقيقها أحمد العبود لـ"عربي21".




 
وفي ذات السياق قال رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في سوريا سابقا، والخارج منه حاليا، هشام البابا "اعتراضات حزب التحرير على أحمد الشرع تنقسم ـ برأيي ـ إلى قسمين: الأول اتهامه بالتنسيق مع أمريكا عن طريق تركيا، ومع أن قيادة الحزب تجلس في تركيا ولا تهاجم أردوغان مباشرة، إلا أنها تصب جام غضبها عليه من خلال الشأن السوري".

وأضاف: "أما القسم الثاني فيظهر في كون أمير الحزب (المهندس عطا أبو الرشتة) يريد من أحمد الشرع أن يعطيه النصرة، أي أن يبايعه خليفة للمسلمين، وهذا مع ما فيه من الغرابة إلا أنه يمثل قناعة أمير الحزب، لذلك فهو يجيش شباب الحزب لسب وشتم ووصف أحمد الشرع بالعمالة" على حد قوله.

وردا على سؤال "عربي21" لماذا أقدمت هيئة تحرير الشام على اعتقال رموز وأعضاء من حزب التحرير، وما الذي أزعج قيادة الهيئة في مطالبة الحزب واعتراضاته ذكر البابا أن "المعتقلين ليسوا رموزا بل هم من الشباب العاديين، الذين بقوا بعد أن غادر الحزب شباب كثر، وهم يتحركون بحركات ويقومون بأعمال ليست من نهج الحزب أصلا، فالحزب لا يرى في التظاهر وسيلة للتغيير، لكنه انخرط في الربيع العربي".

وأردف: "وفي الحالة السورية وتحديدا مع أحمد الشرع فالأصل أن يقوم الحزب بمحاورته لأنه يحمل فكرا إسلاميا ولو مخالفا للحزب، لكن التصعيد معه كان بسبب تنسيقه مع تركيا، ومطالبته بفتح الجبهات مع النظام، والغريب أنه لما فتح الجبهات وحقق نصرا مؤزرا بقي الحزب مناكفا له، وطلب من النساء الذهاب إلى حلب ثم إلى حماة للتظاهر ضد أحمد الشرع، وهذا ليس من أدبيات الحزب، وهو الزج بالنساء في وجه الرجال المدججين بالأسلحة".


                     هشام البابا رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في سوريا سابقا

وتابع البابا المستقيل من الحزب لاختلافه مع قيادته الحالية "ويبدو أن هيئة تحرير الشام علمت بمخططهم، ولا غرابة في ذلك فكلهم أبناء نفس العائلات ونفس القرى والبلدات، فأوقفوا زعيمتهم ومعها ثمانية واعتقلوهن، وهذه بالطبع سقطة كبيرة للهيئة ما كان ينبغي فعلها مع النساء، أصلحهم الله، ويبدو أن الذي أزعج الهيئة هو كيل الاتهامات لهم ولقائدهم في وقت كانوا يتكتمون فيه على تحضيرهم لمعركة التحرير".

وعن تقييمه لانتقادات حزب التحرير واعتراضاته على هيئة تحرير الشام وقائدها الجولاني رأى البابا "أن اعتراضات الحزب على الهيئة والشرع بعد تحرير سورية غير محقة ومفتعلة، وهي مؤذية لسورية وللحزب، وهم قد عزلوا أنفسهم عن الحراك المنطلق بقوة بين جميع الفرقاء الإسلاميين في سورية، وعن الواقع السياسي الجديد الذي مادته الإسلام والمسلمين".

وأكمل فكرته بالقول: "كما أن مطالبتهم لأحمد الشرع بإعلان سورية دولة خلافة يخالف ما تبناه الحزب على يد المؤسس تقي الدين النبهاني، من أنه لا ينبغي إعلان الخلافة إلا في دولة تتحقق فيها مقومات الدولة، وسورية اليوم لا تتحقق فيها هذه الشروط، ولا تتوافر فيها تلك المقومات".

وتجدر الإشارة إلى أن حزب التحرير في سوريا سارع إلى الإعلان بعد حادثة مقتل 14 عنصرا من وزارة الداخلية، يوم الأربعاء الفائت على يد من أسمتهم وزارة الداخلية الجديدة بـ"فلول نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ريف طرطوس، وعلى لسان رئيس لجنة الاتصالات المركزية للحزب، عبد الحميد عبد الحميد "أننا في حزب التحرير نتعالى على كل خلاف، وندعو الثوار وحاضنة الثورة إلى الوقوف صفا واحدا خلف إخواننا المجاهدين حتى يتم ردع هؤلاء المجرمين، والقضاء على ثورتهم المضادة، فالوقت وقت نصرة..".

مقالات مشابهة

  • اللقاء الذي شغل الرأي العام: أحمد الشرع ووزيرة الخارجية الألمانية في مشهد يثير التساؤلات (تفاصيل)
  • مباحثات بين أحمد الشرع ووزيري خارجية فرنسا وألمانيا في دمشق
  • موقف محرج لوزيرة الخارجية الألمانية مع أحمد الشرع في القصر الجمهوري بدمشق.. شاهد
  • NYT: حذر إماراتي وسعودي في التعامل مع نظام دمشق الجديد
  • وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يلتقيان أحمد الشرع في دمشق.. وهذا ما بحثوه
  • الشرع يمتنع عن مصافحة وزير الخارجية الألمانية بعد وصولها لمطار دمشق
  • الاستخبارات الأمريكية ترعى اجتماعاً سرياً بين الشرع و"قسد"
  • لماذا تحرير الشام تضيق بـحزب التحرير وتشن حملات أمنية ضده؟
  • مستقبل غامض  لـ"تحرير الشام" بعد تصريحات الشرع.. هل تنقلب الموازين في إدلب؟