مخاطر جمة .. وتحديات تتطلب تعاون الجميع !!
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
قد يتصور البعض على الاقل ان التغيير على مستوى النظام السياسي قد يكون سهلا أو ميسورا خاصة اذا كانت الاعضاء الاساسية المكونة فيما بينها اعضاء النظام قد ارتبطت بدائرة محددة تتسم علاقاتها بالقوة والتماسك والاخلاص الترابط والوعي بمصالح الوطن والنظام ككل في كل مرحلة يمر فيها، او يتعرض فيها لضغوط ما قد تعرضه لخلافات بين عناصره الاساسية أو المؤثرة في عناصر النظام وتتيح الفرصة لتدخلات قد تؤثر على علاقات القوة بين اطراف ذات تأثير بشكل ما في اولوياتها او في اداء المنظومة التي استقرت عليه لفترة زمنية، ومع الوضع في الاعتبار ان قيادة النظام عادة ما تحيط نفسها بشخصيات ذات سمات خاصة على مستوى الولاء والاخلاص فان تعقيدات كثيرة قد تنشأ وتترك آثارها غير محسوسة بين العناصر المؤثرة في النظام او القادرة على توجيهه بشكل ما في ظروف الأزمة، وهى امور تتفاعل معا لتطرح نتائج وتفاعلات قد لا يشعر بها كثيرون او قد يفاجأ بها كثيرون حتى من داخل النظام ذاته، وهذه تمثل صدمة اخرى على الاقل بالنسبة لشخصيات مواقفها معروفة عادة باهتماماتها ونوازعها وحساباتها المبكرة على اكثر من مستوى.
اولا، محاولة الايضاح التي تتناولها السطور القادمة انما هي محاولة للتفسير وفك التشابك بقدر الامكان لإظهار عمق ومدى التداخل والتقاطع على مختلف المستويات من ناحية ، وصعوبة فك ذلك الاشتباك فيما بينها من ناحية ثانية واذا كان ذلك يتسم بالتعقيد على مستوى الافراد والجماعات الصغيرة وذات المصالح المترابطة والمتداخلة فما بال الأمر على مستوى الجماعات والدول والمجتمعات المتعددة الدوائر والمستويات والمتداخلة الدوائر بأفرعها العديدة والمتنوعة والتي قد تؤدي الى نتائج وتوجهات متعددة على الكثير من المستويات، حتى اذا اردنا التخفيف من الأمر بشكل أو آخر. وحتى اذا أردنا الفصل بين المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعلمية التقنية والانسانية وغير الانسانية وحسبما تستطيع المجالات ان تتسع وتستوعب، فان المجالات تعد في النهاية لا نهائية بالمعنى الكامل لذلك.
واذا كان الغلاف القشري للنظام السياسي السوري قد سقط عندما قرر بشار الاسد مغادرة دمشق والانضمام الى مجموعة موسكو التي منحته هو واسرته حق اللجوء السياسي لاسباب انسانية وهو حق يتقاطع في الواقع مع عناصر واسباب عديدة وخدمات ظاهرة ومستترة وتمثل عوامل مؤثرة في العلاقات الروسية السورية لسنوات عديدة مضت واخرى قادمة ولا تريد موسكو تغييرها بشكل او بآخر لأسباب استراتيجية تدخل في صلب العلاقات العميقة بين ودمشق وموسكو االيوم وامس وغدا، واذا كان ذلك سيؤدي الى تيسير بعض جوانب العلاقات الروسية السورية بشكل او بآخر، فانه من المبكر الحديث عن ذلك خاصة وان هناك جوانب عديدة ومتنوعة سوف تظهر وستطرح نفسها وآثارها على نحو لا يمكن اغفاله او التقليل من اهميته في الفترة القادمة خاصة وانه قد يترتب عليها على الأرجح نتائج عديدة وتحديات مختلفة ولعل القلق من هذا الموضوع هو ما بدأ يطرح اثاره من الآن وبشكل يزداد قوة مع مرور الوقت ولا يقلل منه الامل في تجاوز الكثير من التحديات وهو امل يظل قابلا للاختبار في الاشهر القادمة والمؤسفْ انه يحمل في أحشائه الكثير من العوامل والمؤثرات التي تؤثر بالضرورة في جوانب مهمة ولا يمكن اغفال تأثيرها على الجوانب التي تؤثر على العوامل الأخرى سواء اردنا ذلك ام تمنينا تجاوزه .
ثانيا، ان من العوامل التي جذبت الانتباه مع ظهور بوادر الخلاف الايراني السوري ليس فقط القلق الايراني الواضح والمستمر من الخلاف بين الدولتين ولكن ايضا التي تشير إلى أن ما حدث في سوريا هو مؤامرة امريكية اسرائيلية سوف تهزمها سوريا او بمعنى ادق « الشرفاء السوريون « و»الشباب المقاومون خلال اقل من عام « على حد قول المرشد العام للثورة الايرانية على خامنئي، وبغض النظر عن التصريحات الايرانية التي ردت عليها دمشق وكانت العلاقات من قبل وثيقة، فإن حرص البلدين على اعادة العلاقات الدبلوماسية واستئناف العمل في سفارتي البلدين يعد مؤشرا ايجابيا يستحق التشجيع نظرا لاهمية العلاقات السابقة بين البلدين ولضرورة هذا الامر حتى تعود العلاقات الى التحسن مرة اخرى في الفترة القادمة، والمؤكد ان ذلك سوف يستغرق وقتا لمراجعة العلاقات والوقوف بالعلاقات امام العوامل والعناصر التي انتقلت بالعلاقات من النقيض الى النقيض وبسرعة شديدة. يضاف الى ذلك انه من الاهمية بمكان ان تسعى الادارة السورية الجديدة بقيادة احمد الشرع وعبر علاقاته التي يبدو انها لاتزال محدودة حتى الان الى توسيع دائرة العلاقات والشروع في ملء الوظائف الشاغرة في اقسام النظام المختلفة حتى يمكن النهوض بمتطلبات الفترة القادمة وما قد تفرضه من اعباء عديدة وفي مختلف المجالات بالتأكيد بحكم ما تفرضه عمليات سقوط الانظمة السياسية من نتائج وما تحتاجه بالضرورة من جهود ومساع للتعاون على اوسع نطاق لحشد الطاقات والكوادر المخلصة والراغبة في العمل لصالح الوطن ومستقبله بغض النظر عن المحاصصة ولعل الاهمية التي تمثلها ايران على صعيد العلاقة مع سوريا تتمثل في علاقة الجوار الوثيقة والتعاون العميق في المجالات الدفاعية وغيرها والتي تدخلت اسرائيل لضربها في ظروف محددة .. واذا كانت مجموعة التعيينات التي تمت حتى الان قد اثارت بعض الجدل حول شخصيات محددة ، فإن ما قد يثار في المستقبل يظل كبيرا نظرا لاعتبارات متعددة بما في ذلك العوامل ذات الصلة بالجماعات والطوائف المتعددة والتي اثارت وتثير المخاوف على مستويات عدة تضعها اطراف عديدة في الاعتبار اليوم وغدا . ولعل ذلك يؤكد ضرورة العمل من اجل الاعداد لبناء قاعدة صلبة للدولة الجديدة تقوم على أسس راسخة تحرص من خلالها على تجاوز ما اثبتت تجربة السنوات الماضية ضعفه او عدم ملاءمته للظروف أو للاحتياجات الوطنية للمجتمع السوري وتطلعاته ولاحتياجاته الحقيقية التي اثبتت الاحداث والتطورات ضرورتها للحاضر والمستقبل .
ثالثا، انه ليس من المبالغة الاشارة الى ان التحدي الداخلي هو من أصعب التحديات، ان لم يكن أ صعبها في ظل الظروف والاوضاع السورية القادمة والمحتملة، ويبدو انها تستعجل التعبير عن نفسها ، فالى جانب التعدد العرقي والطائفي والتنوع الاثني والذي يعبر عن نفسه في تعدد وتنوع الطوائف واهتماماتها واولوياتها ووجود عوامل تحريض ظاهرة ومستترة وعناصر خلاف قديمة ومتجددة فضلا عن بعض آثار الماضي على الاقل في بعض الاحيان او بعض المناطق ، فضلا عن تولد عوامل واسباب تثير او تحرض عليه لأسباب مختلفة وقد تعود للماضي البعيد فان هذا التحدى هو ما يحتاج بالضرورة التعامل الجاد والبعيد النظر معه حتى لا يفتح المجال امام مضاعفات المجتمع والمستقبل في غنى عنها الان وغدا وبعد غد. ومن هنا فان مساحة واسعة من التعاون ، بل والنجاح فيه ترتبط الى حد كبير بالعلاقات بين الجيران وادراك المصالح المشتركة والمتبادلة فيما بينها وبكيفية تحقيق ما هو مشترك اليوم وغدا وتعظيم عناصر الالتقاء واحتواء عوامل الخلاف بقدر الامكان . ومن المؤكد ان تغييرا كالذي حدث في النظام السياسي في سوريا هو تغيير ضخم خاصة مع الاسلوب الذي تم به وهو ما يمكن ان يزيد من المشكلات والتحديات التي تتسابق اطراف عديدة حول سوريا لاستغلالها لصالحها بشكل او بآخر وهو ما يحتاج تعاون جهود السوريين للتصدى له ووقفه عند حدود لا تؤثر في مصالح سوريا او أمنها وتماسك اراضيها . وسوريا في النهاية قادرة على ذلك مع بعض التضحيات ..
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فیما بینها على مستوى
إقرأ أيضاً:
الصين تصنع حاسوبا يعالج مشكلات تتطلب 6 مليارات سنة في ثوان
في تطور جديد يعزز من مكانة الحوسبة الكمومية الصينية على الساحة العلمية، أعلن فريق من الباحثين من جامعة العلوم والتكنولوجيا في الصين عن تطوير معالج كمومي جديد يُدعى “زوتشونجزي-3” يُعد طفرة في مجال التفوق الكمومي.
التغيير ــ وكالات
يتكون “زوتشونجزي-3” من 105 كيوبتات، وهذا يجعله أحد أكثر المعالجات الكمومية تقدما حتى الآن. يتميز بسرعته الفائقة التي تصل إلى كوادريليون (10¹⁵) مرة أسرع من أقوى الحواسيب الفائقة الحالية، وأسرع بمليون مرة من أحدث النتائج المنشورة لشركة غوغل.
ويأتي هذا التطوير استمرارا لسلسلة من النجاحات التي حققها الفريق الصيني في مجال الحوسبة الكمومية، بدءا من “زوتشونجزي-1″ و”زوتشونجزي-2” وصولا إلى هذا الإنجاز الجديد.
وتقول أسماء علي، الباحثة في قسم الفيزياء النظرية والمتخصصة في الحوسبة والمعلوماتية الكمومية بكلية العلوم في جامعة المنصورة المصرية، في تصريحات حصرية للجزيرة نت: “ما نحن أمامه ليس مجرد قفزة كبيرة في تقنية الحوسبة ولكنه تحول جذري في فهمنا لقدرات الطبيعة وتطويعها لإعادة تعريف الممكن في عالم المعلومات والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والحضارة البشرية”.
حوسبة خاصة جداولفهم الفكرة الخاصة بالحاسوب الكمي، تخيل أنه شخص يفكر، الحاسوب العادي يفكر باستخدام “بتات” وهي إما 0 أو 1، ما يعني أنه يجري العمليات بترتيب يتطلب فاصل زمني بينها، فيجرب كل الاحتمالات واحدة تلو الأخرى.
أما الحاسوب الكمي فيستخدم “البتات الكمية” أو الكيوبتات، وهي يمكن أن تكون 0 و1 في نفس الوقت، ما يعني أنه يتمكن من إجراء عدد كبير من العمليات في نفس الوقت، أي أنه يمكن أن يجرّب جميع الاحتمالات لحل مسألة ما في وقت واحد.
تخيّل أن البت التقليدي مثل مفتاح كهرباء: إمّا “مفتوح” أو “مغلق”، أما الكيوبت، فهو مثل مفتاح “سحري” يمكن أن يكون مفتوحا ومغلقا معا.
وتوضح أسماء علي: “هناك قيود جوهرية تمنع الأنظمة الكلاسيكية من مضاهاة الأداء الكمومي، الذي يعتمد على التراكب الكمومي، حيث يمكن للكيوبت تمثيل حالتين في آنٍ واحد، بينما البت الكلاسيكي يكون إما 0 أو 1 فقط”.
ليس التراكب فحسب بل يعتمد هذا النوع من الحواسيب على التشابك الكمومي أيضا، وهو ظاهرة كمومية تسمح للكيوبتات أن تكون مترابطة، إذا تغيّر واحد منها يتغير الآخر فورا، حتى لو كان بعيدا عنه، حيث تُنتج الحواسيب الكمومية تشابكات تتيح معالجة المعلومات بطريقة لا يمكن للحواسيب الكلاسيكية محاكاتها بكفاءة.
بالإضافة إلى ذلك، يظهر ما يسمى بالتداخل الكمومي، والذي يُمكّن الخوارزميات الكمومية من تعزيز الحسابات الصحيحة وإلغاء الحسابات الخاطئة بطريقة لا يمكن تحقيقها حسابيا بالحواسيب الكلاسيكية.
حرب كمومية باردةفي عام 2019، أعلنت غوغل عن تحقيق “التفوق الكمي” من خلال معالجها سيكامور الذي احتوى على 53 كيوبتا، حيث تمكن من تنفيذ عملية حسابية معقدة في 200 ثانية فقط، بينما كانت الحواسيب التقليدية تحتاج نحو 10 آلاف سنة لإتمامها.
كان هذا الإنجاز أحد أضخم الإنجازات إلى أن أتى الفريق الصيني، والذي حجز مقعده كمنافس شرس عبر الإصدارات الأولى والثانية لزوتشونجزي، فتمكنوا في الإصدار الثالث من تحدي غوغل عبر التفوق على أقوى معالجاتها.
وتشرح أسماء علي: “التفوق الكمي هو قدرة الحواسيب الكمومية على تنفيذ عمليات حسابية شديدة التعقيد قد تستغرق مع الحواسيب الكلاسيكية مئات وآلاف السنين بينما يحصل الحاسوب الكمي على نتائجها خلال ثوان”.
على سبيل المثال، اختبر الباحثون حاسوبهم الجديد مع الحواسيب الكلاسيكية لحل مشكلة ما وكشفوا أن أقوى الحواسيب الكلاسيكية، مثل فرونتير وسوميت، تحتاج إلى 6 مليارات سنة لحلها، في حين يستطيع زوتشونجزي-3 إنجازها في ثوانٍ، بحسب الدراسة التي نشرها الفريق في دورية “فيزكال ريفيو ليترز”.
عبقرية زوتشونجزي-3تشرح علي: “يتمثل التحدي الأكبر لأي معالج كمي في التغلب على الضوضاء والسيطرة عليها، نظرا لحساسية أي نظام كمي للبيئة المحيطة. وأي تفاعل أو تداخل قد يؤدي إلى انهيار النظام الكمي وفشل العملية الحسابية. لذلك يعتمد تصميم أي معالج على تجنب التأثيرات الخارجية وتحسين تقنيات قراءة الكيوبتات والتفاعل فيما بينها، وهذا يجعل المعالج أكثر كفاءة في إجراء العمليات الحسابية”.
ويتفوق زوتشونجزي-3 بفضل عدة تحسينات تقنية، منها استخدام مواد تقلل من تأثير الضوضاء. كما اعتمد التصميم على نهج هندسي متقدم يعزز من كفاءة الاتصال بين الكيوبتات ويسمح بإجراء عمليات حسابية موثوقة.
من العوامل الحاسمة في أداء زوتشونجزي-3 هو تحقيق زمن تماسك يبلغ 72 ميكروثانية، وهو ما يسمح للكيوبتات بالحفاظ على حالتها الكمومية لفترة أطول قبل الانهيار، وهذا يسهل إجراء عمليات حسابية أكثر تعقيدا. كما بلغت معدلات الدقة 99.9%، والتي تحدد مدى موثوقية تنفيذ العمليات الحسابية من دون أخطاء. وكلما ارتفعت هذه النسبة، قلت الحاجة إلى تطبيق تقنيات تصحيح الأخطاء الكمومية، وهذا يجعل النظام أكثر كفاءة واستقرارا.
وتشير أسماء علي إلى أهمية ذلك قائلة: “تتيح تلك العوامل إجراء محاكاة فيزيائية أكثر تعقيدا، وحل مسائل التحسين، وتقديم أداء متقدم في تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتشفير. هذا التطور يعزز قدرة الحوسبة الكمومية على تجاوز حدود الحواسيب الكلاسيكية، ويجعلها أقرب إلى تحقيق تطبيقات عملية حقيقية”.
بين ماضٍ وحاضريهدف كل التطوير في الحوسبة الكمومية إلى إجراء العمليات الحسابية على الكيوبتات مع تقليل أي تأثيرات قد تخل بالحالة الكمومية.
ويعد زوتشونجزي، والذي سُمي الحاسوب على اسمه، أحد أبرز علماء الرياضيات في الصين القديمة، إذ قدم إسهامات مهمة في الحسابات الفلكية، مثل تقريب قيمة ط أو باي بدقة مذهلة لعصره.
وتعلق أسماء علي : “لو رأى زوتشونجزي الحوسبة الكمومية اليوم لذهل من قدرتها على إجراء حسابات معقدة تفوق أي حاسوب تقليدي مستغلة التراكب والتشابك الكمومي وسيفاجئه أن الحساب لم يعد قائما على قيم حتمية بل على احتمالات كمومية تتداخل لتحقق نتائج بزمن قياسي غير ممكن كلاسيكيا. فعالم الكم لم يعد مجرد مجال نظري بل أصبح قوة تعيد تشكيل حدود المعرفة البشرية وتفتح أبوابا لحلول لم يكن يتخيلها العقل البشري”.
وبعد تحقيق أقوى تفوق كمي حتى الآن، يعمل الفريق الصيني على تطوير تقنيات جديدة مثل تصحيح الأخطاء الكمومية، وتحسين التشابك الكمومي لتحسين أداء المعالجات الكمومية. ويبدو أننا على موعد مع تطبيقات كمية تفوق التوقعات وتشكل واقعا عالميا جديدا سنحتاج إلى الوقت لاستيعابه.
المصدر : الجزيرة