بوابة الوفد:
2025-04-27@18:51:44 GMT

كل عام وأنتم بخير

تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT

رحل عام واستقبلنا آخر، ولنا أن ننظر لما مضى، ونحلم بما آت سائلين الله لوطننا الخير والرقى.

ورغم الحزن المرير على آلاف الشهداء فى غزة، وأوجاع المُشردين والمُهجرين والخائفين تحت قسوة آلة الحرب الإسرائيلية المتوحشة، ورغم هموم المصريين وأوجاعهم فى ظل الأزمات الاقتصادية والظروف القاسية، فإننى مُتفائل بالعام الجديد، وآمل أن يكون عام خير واستقرار وسعادة للمصريين.

كان 2024 عاما صعبا، شهدت مصر خلاله أزمات قاسية، وواجهت تحديات جسيمة، وعانى المجتمع معدلات غير مسبوقة للتضخم نتيجة تراجع قيمة الجنيه، متأثرا بالانخفاض الكبير فى عائدات قناة السويس، والتراجع اللافت فى دخل السياحة نتيجة العدوان الإسرائيلى الدامى على غزة، وآثاره الخطيرة على المنطقة ككل.

لقد دفعت مصر من قبل نصيبها من فاتورة الحرب الروسية الأوكرانية، إذ واجهت ارتفاعات قياسية فى أسعار كثير من الغلال والخامات الأساسية، واستطاعت أن تواجه كل ذلك برُشد وصبر وكفاءة، مثلما نجحت قبلها فى التعافى من آثار جائحة كوفيد 19 على الاقتصاد.

وإذا كانت هذه الضربات المُتلاحقة مُنذ عام 2020 قد حملت كثيرا من الآثار السلبية على الشعب المصرى خاصة على المستوى الاجتماعى، إلا أنها نبهت صناع القرار والمجتمع الاقتصادى ككل لتصحيح كثير من الأوضاع غير السليمة فى بنية الاقتصاد، بما يُقلل من أى آثار لأزمات أخرى.

وبطبيعة الحال فقد لفتت هذه الازمات، الأنظار لمواطن الخلل فى بنية الاستثمار، وعجلت بدراسة الاصلاحات المؤسسية المفترضة للاستثمار. وفى الوقت نفسه، فقد ردت الاعتبار للاستثمارات الخاصة، والأجنبية باعتبارها أفضل الحلول الحاسمة والفعالة للمشكلات المتراكمة.

والأهم فى تصورى، هو أنها أعادت ثقة الحكومة فى القطاع الخاص، وأوجبت اتصال الحوار بين الجانبين باعتبار أن القطاع الخاص هو شريك حقيقى وضرورى فى التنمية، وهذا ما شهدناه قبل أيام قليلة خلال لقاء الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، برجال الأعمال المصريين. فعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات فى الرؤى، إلا أن انطلاق الحوار بصراحة وشفافية يمثل استعادة لقيمة حضارية أساسية فى إدارة اقتصاد دولة كبيرة بحجم مصر.

إن للأزمات الاقتصادية بشكل عام بعض الجوانب الإيجابية، مثل خلق الدافع لتقييم الأوضاع والتعرف على مختلف التصورات سعيا لتغيير السياسات بما يحقق نتائج أفضل. وهى أيضا نمثل إلحاحا وإلزاما لصانع القرار لوضع خطط تطوير وتحسين أداء، وهى مُحفزة لمواكبة السياسات والأفكار والنظم المتطورة فى شتى أنحاء العالم.

وهذا هو سر تفاؤلى بالعام الجديد، الذى آمل أيضا أن تنجح فيه جهود مصر والدول العربية فى إيقاف الحرب الدائرة فى غزة، لأن استمرارها يضر بالمنطقة ككل. كما أتمنى أن تصدق الأنباء المتداولة بشأن اعتزام روسيا وأوكرانيا التفاوض من أجل السلام، لينعم العالم باستقرار حقيقى. وأدعو الله أن يحفظ سوريا وشعبها العظيم وأن تنجو من شبح الاضطرابات والحرب الأهلية بعد سنوات طويلة من الدمار.

ولا شك أن تحقق ذلك سيعيد الانتعاش لأسواق السياحة والتجارة والخدمات فى المنطقة التى لا تكاد تنعم بقليل من السلام، حتى تتجدد فيها الصراعات والأزمات مرة أخرى. وهو ما يفتح الباب لتدفقات استثمارية ضخمة لمنطقة الشرق الأوسط. ولأن مصر فى المركز منها، ولديها سوق كبير، وأنظمة ومؤسسات قوية، وتتمتع بفرص عظيمة، فإنها قادرة على اجتذاب روؤس الأموال والمشروعات العظيمة.

لكن المُهم أن نستعد ونواصل إصلاحاتنا فى ثبات، حتى نتمكن من التفرغ لأهم ملفات التنمية المنسية وهى التعليم والصحة.

وسلامٌ على الأمة المصرية

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د هانى سرى الدين كل عام وأنتم بخير الحرب الإسرائيلية المجتمع

إقرأ أيضاً:

‏‏عن موت (السواقة)!

*‏ في سودان اليوم، لم تعد “السواقة” ممكنة، إذ لم يعد المواطن بحاجة إلى وسيط يحدد له من شرَّده من داره ونهبه وقتل أهله. فالحقيقة الآن تُعاش ولا يُسمَع عنها، تُلمَس ولا تنتظر التوصيف. لا تعيش ‏”السواقة” في بيئة المعرفة المباشرة. حين تكون الحقيقة قد عمَّدت نفسها بالدم والدموع، وزارت بيوت المواطنين، وخطفت أحبابهم، وسكنت ذاكرة أطفالهم.
* ماتت “السواقة” حين صارت الحرب في الدار، في الصالون والمطبخ وغرفة النوم، حين صار كل مواطن شاهداً لا متلقياً، ماتت لأن الميدان صار أصدق من المانشيت الملون، والواقع أبلغ من البيان الرمادي.
* ماتت السواقة عندما أصبح اللقاء مع جنود الميليشيا هو لقاء مع الموت، والنجاة منه مِنَّة، والسلامة من الخطف تفضُّل، والنهب دون ضرب قمة الإحسان. ماتت “السواقة” لأن الناس قد التقوا بالمجرم كفاحاً، وحدثهم ــ بأفعاله قبل أقواله ــ بألا يصدقوا خطاب الحرب الذي يدار كحملة علاقات عامة له يعيد إنتاج تجربتك معه.
* ماتت السواقة حين أصبح ما يمارسه “السواقون” ليس مجرد قراءة مغايرة، بل هو تواطؤ مع الجريمة، يهدف إلى تغيير المعنى لا كشف الواقع. إنها محاولة احتكار للحق في تفسير الحرب، ومصادرة لحق المواطن في أن يكون شاهداً لا متلقياً. ولهذا، يُقابل هذا الخطاب بسخط شعبي واسع، لأنه يُرى بوصفه امتداداً للعدوان.
* ماتت السواقة حين أصبحت مادتها تصاغ بتعاون الأجنبي الطامع، والسوداني التابع، والمرتزق النهاب ، وحين أصبح “السواقون” يرتعبون من لقاء المواطنين ومخاطبتهم، وهربوا إلى الفضائيات لممارسة استفزازهم بلا عواقب مباشرة وفورية.
* ماتت “السواقة” حين اختار جزء من “السواقين” ذروة إجرام الجلاد توقيتاً لإزالة قناع الحياد، وإشهار تحالفهم معه، لكن دون أن يحتاجوا لتغيير مفردات خطابهم، فخطاب “الحياد” القديم يصلح لواقع التحالف.
* ماتت السواقة حين أصبحت “مقاومة” القتل والاغتصاب عدوان، والوقوف ضد المعتدي الأجنبي جريمة، والحديث عن النهب خروج عن معادلة التجريم المقبول. ماتت عندما أصبحت الحقيقة أصلب من أن تُميَّع، وأمتن من أن تُعدَّل، وأوضح من أن تُعكَس. ماتت مع موت الميليشيا التي لم يبق لها إلا الابتزاز بالتقسيم، والمساومة بالقتل والمقايضة بالتخريب.
* ماتت السواقة حين بلغت فجوة الخطاب بين “السواقين” والمواطن حداً جعل من كل محاولة لإعادة تشكيل الواقع، أو توجيه الحكم عليه، مجرد استفزاز لوعي شعبي خَبِرَ الحرب وعاشها بأكملها. فالمواطن لا يحتاج إلى من يفسر له ما رأى، ولا من يعطي للحقائق “أوزاناً نسبية” وفق ما تقتضي مصلحة الميليشيا.
* ماتت السواقة حين أصبحت الحكومة في حاجة لتخبئة محطات الكهرباء التي تتعرض للضرب الممنهج، تماماً كما احتاج المواطنون لتخبئة الأموال والحرائر من سارقي الأموال والعروض، ماتت حين أصبح الظلام طاقة نور تضيء على العدو، وتشير إلى حقده، وتفضح مقاولي التبرير.
* ‏مَن يُجرب الآن “السواقة”، إنما يُجرب حظه مع الانتحار الرمزي. لأن الوجع الذي تسببه الميليشيا للوطن والمواطن، لم يعد قابلاً لأن يُعاد توصيفه ببيان باهت، أو تهوينه بتغريدة مراوغة، او تبريره ببلاغة ميتة. فلا أحد يملك حق تسمية الأشياء نيابة عن شعب يشاهد، ويشهد، ويختار، ويقاوم.
*لقد ماتت السواقة، وشبعت موتاً، عندما تحولت، أكثر من ذي قبل، إلى دكتاتورية معنى، وإمبريالية مفهوم، وفاشية سردية. وهذا ليس موت وسيلة، بل سقوط منظومة كاملة كانت تعتاش على تجميل القبح، وتسترزڨ من أنقاض المعنى، وتتربح من جثة الحقيقة.

إبراهيم عثمان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • إنسانية العالم
  • في ذكرى شفرة مورس... حين تحولت النقاط إلى لغة غيّرت العالم
  • أجمل ما قيل عن العيد في العيد الأضحى المبارك
  • ‏‏عن موت (السواقة)!
  • جيش الحاويات
  • أخبار العالم | أوكرانيا تطرح عرضا بشأن إنهاء الحرب مع روسيا .. زيلينسكي يطالب بضمانات أمنية مشابهة لـ إسرائيل.. ترامب يشترط تنازلات من الصين حتى يلغى الرسوم الجمركية
  • ليلى طاهر لـ صدى البلد: أنا بخير وإشاعة وفاتي أصبحت سخيفة | فيديو
  • ماذا فعل اليمن بالقوة العظمى في العالم
  • أخبار العالم| استشهاد عشرة فلسطينيين في غارة إسرائيلية بجباليا.. حماس ترفض قرارات المركزي الفلسطيني وتدعو لإعادة بناء منظمة التحرير.. وجولة جديدة من المحادثات الأمريكية الإيرانية
  • تدمير المركز الوحيد في العالم لأبحاث المايستوما بالسودان