شمسان بوست / عـدن

شهد العام 2024 استمرار حوادث انتهاكات حقوق الإنسان في عدد من المحافظات اليمنية، وتوثيق سقوط الضحايا المدنيين بسبب عدم الالتزام بالهدنة غير المعلنة، وارتكاب أنماط من الانتهاكات التي تصل لدرجة المنهجية، وفي مقدمتها أعمال القصف العشوائي والعنف المرتبط بالعمليات العسكرية وزراعة الألغام المضادة للأفراد، والإضرار بفئات الأطفال والنساء والنازحين/ات، وتعريض المدنيين للاعتقالات التعسفية وتضييق الفضاء المدني والحريات الإعلامية.



ومن خلال التحقيقات الميدانية التي أجرتها اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من كافة أطراف النزاع، في عموم محافظات الجمهورية خلال العام المنصرم، فإن اللجنة الوطنية تواصل إطلاع الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي بمستجدات حقوق الإنسان في اليمن والأعمال التي انتهت منها.

وتشير اللجنة الوطنية في ملخصها الصحفي أنها تمكنت خلال العام 2024 من الرصد والتحقيق في (2167) واقعة انتهاك حدثت في مختلف المحافظات بأوقات سابقة، تضرر بسببها (12895) ضحية من الجنسين وبكافة الأعمار، من بينها (564) واقعة استهداف مدنيين سقط فيها (657) ضحية بين قتيل وجريح، بينهم (214) قتيلا منهم (27) طفلاً و(6) نساء، وسقوط (433) جريحا بينهم (74) طفلاً و(52) امرأة.

وأثناء الفترة ذاتها أنهت اللجنة تحقيقاتها في منهجية زراعة الألغام المضادة للأفراد والعبوات الناسفة التي أدى انفجارها إلى سقوط (196) ضحية بين قتيل وجريح، بينهم (40) طفلاً و(11) امرأة، واعتقال تعسفي وإخفاء قسري لـ (624) ضحية، إضافة إلى التحقيق في (19) واقعة استهداف لأعيان ثقافية وتاريخية ودينية والإضرار بها، وواقعتي اعتداء على طواقم ومنشآت طبية، وكذا التحقيق في (506) وقائع اعتداء وتدمير لممتلكات عامة وخاصة، و (16) واقعة اعتداء على المدارس والمعاهد التعليمية والعاملين فيها، إضافة إلى (186) ضحية تجنيد أطفال دون سن 15 عاماً.

كما استكملت اللجنة خلال هذا العام التحقيق في تفجير (14) منزلاً، وتوثيق (10140) ضحية تعرضوا للتهجير القسري في (128) واقعة حدثت خلال فترات مختلفة، إضافة إلى توثيق سقوط (81) ضحية في وقائع قتل خارج نطاق القانون، وتوثيق سقوط (24) ضحية من المدنيين في واقعة قصف لطائرات أمريكية بدون طيار. وتمكنت اللجنة خلال عملية التحقيق في كل تلك الوقائع من الاستماع لأكثر من (6169) مبلغ/ة وشاهد/ة وفحص أكثر من (5766) وثيقة مختلفة.

واستكمالا لأعمال التحقيق المباشر نفذ رئيس وأعضاء اللجنة (15) نزولاً ميدانياً إلى محافظات مأرب وتعز والضالع ولحج وأبين وشبوة للتحقيق الميداني المباشر في وقائع زراعة وانفجار ألغام مضادة للأفراد واستهداف لأحياء وتجمعات سكانية وتدمير مدارس ومرافق صحية ومعاينة مناطق التماس والوضع الإنساني للمدنيين فيها، كما نفذوا زيارات ميدانية إلى محافظات المهرة وحضرموت وعدن للاطلاع على أوضاع حقوق الإنسان ومعاينة السجون ومراكز الاحتجاز والاطلاع على أوضاع النزلاء.

وخلال عملية النزول قامت اللجنة بتقييم أوضاع (3000) سجين ومحتجز في (18) سجن ومركز احتجاز، منها أقسام النساء في السجون الرسمية، ومحتجزين على ذمة الحرب، كما استمعت اللجنة لعشرات الضحايا وذويهم وشهود العيان على ذمة العديد من الانتهاكات.

كما تم خلال الفترة المذكورة في هذا السياق تنفيذ عشرات الزيارات الميدانية من قبل الباحثين الميدانيين للجنة، إلى عديد المديريات النائية والجبلية في محافظات الحديدة والبيضاء وإب وصعدة وذمار وصنعاء وأمانة العاصمة وعمران والمحويت وحجة، ونفذوا خلال تلك الزيارات مقابلات مباشرة مع ضحايا الانتهاكات المختلفة التي تم توثيقها.

وفي إطار التعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية وقيادات السلطات المحلية، عقد رئيس وأعضاء اللجنة لقاءات متفرقة مع وزيري الدفاع والداخلية ووزير الدولة محافظ العاصمة المؤقتة عدن، ومحافظي تعز وحضرموت والمهرة، ورئيس جهاز مكافحة الإرهاب، وقائد المنطقة العسكرية الثانية، ومدراء الشرط والاستخبارات العسكرية والأمن السياسي والسجون والألوية والمحاور العسكرية في مختلف المحافظات، تم فيها مناقشة تسهيل أعمال اللجنة والاتفاق على آليات تقديم الردود الموجهة إليهم واتخاذ الإجراءات بحق مرتكبي الانتهاكات المنتسبين إليهم.

وعلى صعيد فعالياتها، نفذت اللجنة خلال العام 2024م، (14) جلسة استماع جماعية، بهدف التحقق من آثار بعض الانتهاكات الجسيمة على الضحايا المباشرين وغير المباشرين جراء انفجار الألغام وقمع حرية الرأي والتعبير والتهجير القسري، والانتهاكات القائمة على النوع الاجتماعي. كما عقدت جلسات استماع مخصصة للنساء والأطفال في عدد من المناطق.
وفي سياق تعاونها المشترك مع المجتمع المدني، نفذت اللجنة (9) ورش عمل وحلقات نقاش وندوات ولقاءات موسعة مع (154) منظمة مجتمع مدني عاملة في مجال حماية حقوق الإنسان من عموم محافظات الجمهورية، ونفذتها في محافظات المهرة وحضرموت وعدن وتعز وشبوة.

وفي إطار التعاون والتنسيق مع الآليات الدولية والبعثات والسفارات المهتمة بملف اليمن، عقدت اللجنة خلال العام 2024م لقاءات موسعة مع مسؤولين في وزارة الخارجية الهولندية وبعثاتها الدبلوماسية لدى اليمن وجنيف، وكذا سفراء وبعثات دبلوماسية عن سفارات فرنسا وأمريكا والنرويج والاتحاد الأوروبي لدى بلادنا، إضافة إلى سفراء وممثلي المجموعة العربية والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي في جنيف.

وتطرقت جميع تلك اللقاءات لفرص المساءلة وإنصاف الضحايا، ودور توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في بناء سلام عادل وفاعل وشامل قائم على مشاركة الضحايا. كما التقت اللجنة الوطنية خلال العام ذاته في مكتبها بالعاصمة المؤقتة عدن، فريق لجنة العقوبات الدولية التابع لمجلس الأمن الخاص باليمن، وفريق تقييم الحوادث المشترك.

وفي سياق متصل تؤكد اللجنة الوطنية حرصها على التعاون المستمر مع السلطة القضائية حيث عقدت خلال العام 2024 لقاءً مع رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس المحكمة العليا تناول أوجه التعاون في مجال تفعيل القضاء والحد من الانتهاكات، إضافة إلى لقاءات جانبية عقدتها مع ممثلي السلطة القضائية من رؤساء وأعضاء المحاكم و النيابات في محافظات عدن وتعز ومأرب وشبوة وحضرموت والمهرة.

واهتماماً من اللجنة باستمرار التأهيل والتنشيط ورفع الخبرات والمعارف لطاقمها، نفذت (3) ورش عمل مختلفة حول تكييف الانتهاكات وخصوصية المحاكمات في ظل خيارات العدالة الانتقالية، ومراجعة وتقييم مستوى الإنجاز كمًا ونوعا لقياس التقدم المحرز في تنفيذ خطة الرصد والتوثيق في ضوء الاستراتيجية العامة للجنة الوطنية للتحقيق.

ومن منطلق توضيح أعمالها في التحقيق أصدرت اللجنة تقريرها الدوري الثاني عشر الذي يغطي نتائج أعمالها في التحقيق للفترة من 1 أغسطس 2023 وحتى 31 يوليو 2024، إضافة إلى إصدار (6) بيانات وبلاغات صحفية، حول آليات عملها وأهم الانتهاكات الموثقة، وأبرز ما صدر عنها في الفعاليات والأنشطة المختلفة.

وفي أكتوبر المنصرم اعتمد مجلس حقوق الإنسان بالإجماع في دورته الـ(57) مشروع القرار رقم (A/HRC/57/L.32) بشأن استمرار دعم اللجنة الوطنية للتحقيق دعماً يعادل مستواه ما يقدم إلى أي لجنة تحقيق دولية مشابهة، لتمكينها من القيام بعملها في التحقيق بالانتهاكات، وحث كافة الأطراف على تسهيل مهامها ووصولها لكافة المناطق للوفاء بالتزاماتها.

إن اللجنة الوطنية للتحقيق تدعو كافة الأطراف إلى التجاوب مع فرص بناء السلام باليمن، وتجدد التأكيد على أن أي سلام لن يُكتب له النجاح والاستمرار وصناعة مجتمع مسالم خالي من التهميش إن لم يكن قائماً على إنصاف الضحايا وكشف الحقيقة، من خلال إشراك الجميع وبشكل مبكر في كافة إجراءات عملية بناء السلام.

وتشير اللجنة الوطنية للتحقيق في هذا الملخص السنوي إلى أنها تتابع المتغيرات الأخيرة المتعلقة بالأعمال العسكرية في صنعاء والحديدة ومحيط البحر الأحمر، وتأثيرها على حياة وسلامة المواطنين والمواطنات، إضافة إلى القرارات الصادرة مؤخراً عن وزارة الخزانة الأمريكية بإدراج قيادات تابعة لجماعة الحوثي في قائمة العقوبات، والتي شملت قيادات منسوب إليها انتهاكات تمس الحق في الحرية والسلامة الجسدية والنفسية، منهم عبدالقادر المرتضى رئيس ما يسمى بلجنة شؤون الأسرى.

كما تنتهز اللجنة هذا الفرصة لتدعو جميع الأطراف في اليمن إلى الالتزام بمبادئ القانون الدولي الإنساني والتوقف عن القصف العشوائي للأحياء السكانية والاعتقالات التعسفية والتعذيب وكافة أشكال الإضرار بالضحايا، إضافة لممارسات التمييز والإقصاء وتضييق الفضاء المدني والحريات الإعلامية.

ويأتي هذا الملخص السنوي وفاءً لالتزامات اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان وحرصها على إطلاع الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي والمهتمين بمستجدات أوضاع حقوق الإنسان في اليمن، والأعمال التي انتهت منها في مجالات الرصد والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان.

صـــــادر عــن: اللجنة الوطنية للتحقيق
في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسـان
عــــــــدن | الأربـعـــاء 01 ينــايـر 2025م

المصدر: شمسان بوست

كلمات دلالية: اللجنة الوطنیة للتحقیق انتهاکات حقوق الإنسان حقوق الإنسان فی خلال العام 2024 اللجنة خلال التحقیق فی إضافة إلى

إقرأ أيضاً:

مجلس حقوق الإنسان يقدم أكثر من 100 توصية من أجل تغيير قانون المسطرة الجنائية

قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مذكرة حقوقية تتضمن أكثر من 100 توصية تتعلق بمشروع قانون المسطرة الجنائية.

وأوضح المجلس، في بلاغ له، أن مذكرته الحقوقية تستند إلى منظومة مرجعية متكاملة تشمل الدستور المغربي، والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة، والمعايير الدولية، ومبادئ منديز وتوصيات الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، فضلا عن الممارسات والاجتهادات القضائية الفضلى؛ مضيفا أن هذه التوصيات تهدف إلى تعزيز ضمانات العدالة الجنائية وتكريس مبدأ دولة الحق والقانون.

وأشار إلى أن توصيات المجلس وملاحظاته توزعت على 79 توصية خاصة تتناول مقتضيات صريحة محددة في مشروع القانون، و24 توصية عامة تتعلق بقضايا بنيوية واستراتيجية لم يشملها المشروع، لكنها تستدعي المعالجة لضمان التوافق مع المعايير الدستورية والدولية؛ مبرزا أن التوصيات 42 تغطي موضوعا رئيسيا، وتتفرع عن أربعة مبادئ أساسية تتعلق بـ »تكريس مبدأ دولة الحق والقانون »، و »ضمانات المحاكمة العادلة »، و »التكافؤ والتوازن بين أطراف الدعوى »، و »الشمولية ومراعاة الفئات الهشة ».

ففيما يتعلق بتكريس مبدأ دولة الحق والقانون، أوضح المجلس أن من بين مقترحاته في هذا السياق، التنصيص على إمكانية الاستماع إلى المشتبه فيه دون إخضاعه للحراسة النظرية، وضمان حقوق الدفاع، وإقرار حق المشتبه فيه في الإعلام الفوري بمدة الحراسة النظرية وشكليات تنفيذها، وإمكانية الطعن أمام جهة قضائية مستقلة، بما يكرس مبدأ الشفافية والرقابة القضائية المتبادلة ».

وبخصوص ضمانات المحاكمة العادلة، تضمنت توصيات للمجلس في هذا السياق، تمكين المشتبه فيه من الاتصال بمحاميه منذ التوقيف، وتقليص مدد الحراسة النظرية، واعتماد التوثيق السمعي البصري كضامنة إجرائية لضمان حقوق المشتبه فيه وتعزيز الشفافية.

وفي ما يرتبط بالتكافؤ والتوازن بين أطراف الدعوى، أوصى المجلس، على الخصوص، بإتاحة الاطلاع للدفاع على ملف الشرطة القضائية المحال إلى النيابة العامة، بما يمكنه من إعداد دفاعه بفعالية ومواجهة أدلة الاتهام في ظروف متكافئة، وتمكين الجمعيات المدنية من الولوج إلى القضاء دون قيود إدارية، خاصة إلغاء شرط الإذن المسبق من الجهة الحكومية المكلفة بالعدل، واعتماد نظام الإخطار بدلا من الترخيص، بما يكرس استقلالية الجمعيات في ممارسة حق التقاضي.

وفيما يخص الشمولية ومراعاة الفئات الهشة، تسير توصيات المذكرة بهذا الشأن – حسب المجلس – في اتجاه مراعاة النوع الاجتماعي في حالات العنف ضد النساء، وتفعيل مبدأ التيسير الإجرائي في قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة، ومقاربة وضعيات الأطفال في المسطرة من منظور المصلحة الفضلى للطفل، وتوفير الترجمة للمهاجرات والمهاجرين.

وأوضحت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، بمناسبة تقديم المذكرة الحقوقية، أن هذه الخطوة تعبر عن التزام المجلس بالمساهمة في بناء مسطرة جنائية تراعي الهندسة الدستورية وتحمي الحقوق والحريات.

وقالت بوعياش إن المسطرة الجنائية ليست مجرد أداة إجرائية، بل تعبير عن رؤية المجتمع للعدالة، حيث يخضع تدخل السلطة لضوابط قانونية تحقق التوازن بين حماية الأمن العام وفعلية صون الحقوق والحريات؛ مضيفة « نطمح أن نساهم في تحقيق قفزة نوعية ضرورية في إطارنا المؤسساتي والتنظيمي، بما يضمن استمرارية المكتسبات الحقوقية ».

 

كلمات دلالية المجلس الوطني لحقوق الإنسان المسطرة الجنائية قانون مذكرة مشروع

مقالات مشابهة

  • تراجع معدل البطالة في مصر إلى 6.6% في 2024 بانخفاض 0.4% عن 2023
  • مشيرة خطاب: العفو الرئاسي عن 746 نزيلاً خطوة مهمة لتعزيز حقوق الإنسان
  • المالية النيابية تتوقع بعدم وجود موازنة للعام الحالي!
  • ‎13مليار ريال قيمة سوق الأمن السيبراني للعام 2024
  • مناقشة مستجدات خطة «هيئة حقوق الإنسان» لـ 2025
  • محافظ الشرقية يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي 2024-2025
  • ارتفاع قيمة تحويلات المصريين في الكويت إلى رقم قياسي
  • مجلس حقوق الإنسان يقدم أكثر من 100 توصية من أجل تغيير قانون المسطرة الجنائية
  • دعوات للتحقيق في احتجاز الولايات المتحدة مهاجرين بمعسكرات مفتوحة
  • الشركات الأكثر مبيعا للسيارات في العالم للعام 2024 (إنفوغراف)