عربي21:
2025-03-04@08:00:24 GMT

فلسطينيو الداخل في مواجهة مخاطر جمة

تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT

تطالعنا وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة يومياً بأنباء حول قرارات جائرة للتضييق على فلسطينيي الداخل المحتل.. وإضافة إلى محاولاتها الحثيثة لتهويد الزمان والمكان في الداخل الفلسطيني عبر إصدار قرارات وقوانين عنصرية زائفة، سعت الدولة المارقة إسرائيل وتسعى على مدار الساعة إلى تشتيت فلسطينيي الداخل وتمزيق نسيجهم الاجتماعي وجعلهم أقلية منعزلة عن الشعب الفلسطيني.



أصدرت إسرائيل خلال العقدين الأخيرين حزمة من القوانين العنصرية بغرض الضغط على فلسطينيي الداخل وأسرلتهم في نهاية المطاف وجعلهم هامشيين في كافة مسارات الحياة، ومن أخطر تلك القوانين، قانون القومية والقسم والولاء، وقانون عدم التزاوج مع فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة؛ وقبل ذلك تمّ فرض الخدمة العسكرية القسرية على الدروز والشركس في العام 1958؛ والهدف من وراء ذلك طمس الهوية العربية لفلسطينيي الداخل عبر تشتيت وتمزيق النسيج الاجتماعي.

في وقت اعتبرت فيه الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1948 وجود الأقلية العربية في وطنها الأصلي خطراً على وجود إسرائيل في المدى البعيد، فقد انتهجت المؤسسات الإسرائيلية المختلفة سياسات ممنهجة تستهدف الاستمرار في الإرهاب والتمييز العنصري لإجبار فلسطينيي الداخل على الرحيل وإفراغ الأرض من أهلها الشرعيين وفرض الديموغرافيا القسرية التهويدية الإحلالية.

ومحاولة منها لطمس الهوية العربية الفلسطينية لفلسطيني الداخل، سعت إسرائيل وتسعى على الدوام إلى جعل الدروز والشركس قوميات منفصلة، وفرضت عليهم الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي منذ العام 1958 كما أشرنا، وحاولت التفريق بين العرب المسلمين والمسيحيين وتقسيم المسيحيين إلى طوائف شرقية وغربية، والمسلمين إلى مذاهب مختلفة، وقد توضح ذلك للمتابع للمجموعات الإحصائية الإسرائيلية الصادرة منذ لعام 1950، حيث تضمنت مسميات وتوصيفات إسرائيلية لفلسطينيي الداخل لترسيخ فكرة تفريقهم وتهميشهم والانقضاض على أحلامهم وآمالهم في حنايا وطنهم فلسطين.

انتهجت المؤسسات الإسرائيلية المختلفة سياسات ممنهجة تستهدف الاستمرار في الإرهاب والتمييز العنصري لإجبار فلسطينيي الداخل على الرحيل وإفراغ الأرض من أهلها الشرعيين وفرض الديموغرافيا القسرية التهويدية الإحلالية.ويمكن الجزم من خلال متابعات، فإنه رغم فرض الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي على الشباب العرب الدروز والشركس في نهاية الخمسينيات من القرن المنصرم، رفض العشرات الالتحاق بالخدمة أو عدم الانصياع لأوامر عسكرية بالذهاب لقمع الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة إبان الانتفاضتين الأولى التي انطلقت في نهاية العام 1987، والثانية التي انطلقت من باحات الأقصى في نهاية سبتمبر / أيلول 2000، مما دفع السلطات الإسرائيلية لاعتقال وسجن العديد من الذين رفضوا الخدمة لسنوات عدة، وبطبيعة الحال، هناك وعي شعبي بين فلسطينيي الداخل، دفع بالكثيرين من الشباب الفلسطيني رفض فكرة تجنيد العرب في الجيش الإسرائيلي، التي تستهدف تمزيق النسيج الاجتماعي والثقافي بين فلسطينيي الداخل الذين وصل مجموعهم خلال العام الحالي 2023 إلى نحو مليونين وخمسين ألفاً، لجعلهم هامشيين في المستوى الاقتصادي والسياسي.

في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل إلى تمزيق هوية فلسطينيي الداخل الحقيقية وتغييبها، كانت هبة يوم الأرض في الثلاثين من آذار / مارس من عام 1976 رداً ورفضاً لكافة سياسات الاحتلال الرامية إلى تهويد الأرض، وليصبح هذا اليوم يوماً وطنياً في تاريخ الشعب الفلسطيني يتم إحيائه سنوياً؛ وقد ساهم فلسطينيو الداخل في كافة مراحل الكفاح الوطني الفلسطيني والانضمام إلى فصائل العمل الوطني منذ انطلاقتها في البدايات، وذهبوا إلى أبعد من ذلك بتشكيليهم أحزاب ذات طابع عربي خاصة بهم في الداخل المحتل، لكن للأسف حصلت خلال انتخابات الكنيسيت الأخيرة تشظيات وانقسامات جديدة في القائمة المشتركة، الأمر الذي سيزيد من ضعفها في المستقبل وحضورها وقوة صوتها الضعيف أصلاً في ظل خارطة حزبية إسرائيلية تلفظ الفلسطيني وحضوره في الأساس في الحياة السياسية واتخاذ القرارات. 

ومن الأهمية الإشارة إلى حضور ومساهمة مباشرة لفلسطيني الداخل ودعمهم اللافت لأهلهم في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الانتفاضتين الأولى والثانية .

مرّ خمسة وسبعون عاماً على نكبة الفلسطينيين الكبرى وإنشاء الدولة المارقة إسرائيل؛ ولم تستطع سياسات إسرائيل طمس هوية فلسطينيي الداخل وانتمائهم لهويتهم الوطنية الفلسطينية الواحدة الموحدة؛ وقد تمّ ترسيخها بشكل جلي خلال هبة الأقصى في أيار / مايو من العام 2021؛ حيث كانت المشاركة عارمة ولافتة ومباشرة لكافة الشرائح الاجتماعية في الداخل الفلسطيني بشكل جلي بفعالياتها وعلى امتداد الداخل؛ مدنه وقراه المحتلة، كمدينة اللد وأم الفحم وبئر السبع وحيفا عروس الساحل الفلسطيني الجميل.

*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني سياسات الاحتلال احتلال فلسطين رأي سياسات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فلسطینیی الداخل فی نهایة

إقرأ أيضاً:

القمة العربية بالقاهرة في مواجهة خطة ترامب وتعنت إسرائيل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

القاهرة اليوم، هي محط أنظار العالم مع انعقاد القمة العربية الطارئة، حيث تأتي هذه القمة في ظل الأجواء المتوترة التي تعصف بالمنطقة العربية، وتحديداً في القضية الفلسطينية التي تعتبر قضية العرب المركزية، وتنعقد بعد اجتماع مهم شهدته الرياض قيل عنه انه لقاء أخوي جمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي مع مصر والأردن، والحقيقة حسب ما ذكرت في مقال سابق هي أن لقاء الرياض كان هو المطبخ السياسي للقمة التي تشهدها القاهرة وأن الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة هي صلب المناقشات.

وعلى ذلك، نرى أن هذه القمة تأتي في لحظة فارقة، حيث تتصاعد التحديات التي تواجهها الأمة العربية، بدءاً من ملف تهجير الفلسطينيين، مروراً بخطة إعادة إعمار غزة، ووصولاً إلى مواجهة خطة ترامب المثيرة للجدل والتي تهدف إلى تحويل غزة إلى "ريفيرا" سياحية.. ووصولاً إلى ما أعلنته إسرائيل صباح أول أمس الأحد، بتعليق دخول البضائع والإمدادات إلى غزة وإغلاق الجيش الإسرائيلى لمعبر كرم أبو سالم، وإعادة جميع شاحنات المساعدات تنفيذاً لقرار الحكومة بإغلاق جميع معابر القطاع الفلسطيني، وبرر ذلك برفض حماس لمقترح أمريكى بهدنة طوال شهر رمضان وعيد الفصح اليهودى، حيث اعتبرته تحللاً من مفاوضات إطلاق النار.

ولكن يبقى السؤال الساخن هو كيف يرد العرب على ملف التهجير؟ خاصةً وأن قضية التهجير ليست جديدة على الشعب الفلسطيني، الذي عانى لعقود من التشريد واللجوء، لكن ما يزيد من خطورة الملف اليوم هو التصعيد الإسرائيلي المتواصل، والذي يستهدف تهجير المزيد من الفلسطينيين من أراضيهم، خاصةً في القدس والضفة الغربية، هذه الحالة المركبة تجعل الدول العربية ومن خلال القمة الطارئة، مطالبة أكثر من أي وقت مضى بوضع استراتيجية موحدة لمواجهة هذا التهجير، سواء عبر الضغط الدولي أو تقديم الدعم المادي والمعنوي للفلسطينيين.

الموقف المصري بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، واضح في رفضه لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين. ففي تصريحاته الأخيرة، أكد الرئيس أن "مصر لن تسمح بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وسنعمل مع أشقائنا العرب على حماية حقوقهم".. هذه التصريحات المتوالية التي تعلنها مصر تعكس موقفاً عربياً موحداً في رفض أي حلول تُفرض على الفلسطينيين دون إرادتهم.

وتتبلور الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة يوماً بعد يوم بالحذف والإضافة بعد مناقشات عميقة مع الدول العربية لإنقاذ غزة التي عانت من حروب متتالية أدت إلى تدمير بنيتها التحتية وحاجتها إلى خطة إعادة إعمار شاملة. وفي مثل هذه الأزمات الكبرى نرى مصر دائماً في طليعة الدول الداعمة للقضية الفلسطينية، لذلك جاء إعلانها عن خطة طموحة لإعادة إعمار القطاع، وتتضمن هذه الخطة بناء آلاف الوحدات السكنية، وإعادة تأهيل المدارس والمستشفيات، وتوفير فرص عمل للشباب الفلسطيني.

هذه التحركات العربية المتواصلة تأتي في جوهرها لمواجهة خطة ترامب، التي أُعلنت في يناير 2020، والتي تُعتبر واحدة من أكثر الخطط إثارة للجدل في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وكما هو معروف تهدف خطة ترامب إلى تحويل غزة إلى منطقة سياحية، أو ما أُطلق عليه "ريفيرا غزة"، دون الأخذ بعين الاعتبار الحقوق التاريخية للفلسطينيين، ومن هنا وفي القمة العربية الطارئة سوف نشهد الدول العربية وهي تعيد تأكيد رفضها لهذه الخطة، وستعمل على تعزيز التنسيق بين الدول الأعضاء لمواجهة أي محاولات لفرضها.

أدوات المواجهة العربية ستكون متعددة، بدءاً من الضغط الدبلوماسي في المحافل الدولية، ومروراً بتقديم الدعم المالي والقانوني للفلسطينيين، ووصولاً إلى تعزيز التضامن العربي في مواجهة أي محاولات لتهميش القضية الفلسطينية، مصر بوصفها دولة محورية في المنطقة، ستلعب دوراً رئيسياً في قيادة هذه الجهود، خاصة في ظل العلاقات الوثيقة التي تربطها مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة.

ولكن علينا أن ننتبه ونفكر معاً في السؤال عن منظمة حماس وهل ستكون حجر عثرة أم شريك؟ وما هو موقف الحركة من القمة الطارئة وما قد تُقرره؟.. حماس، التي تُعتبر الفصيل الرئيسي في غزة، لديها رؤية مختلفة عن بعض الدول العربية فيما يتعلق بملف الصراع مع إسرائيل، البعض يرى أن حماس قد تكون حجر عثرة في وجه أي اتفاق عربي، خاصةً إذا شعرت أن مصالحها ستُهمش.

لكن في المقابل، فإن حماس أبدت استعدادها للتعاون مع الدول العربية في أي جهود تهدف إلى إعادة إعمار غزة وحماية الحقوق الفلسطينية، كما أن الحركة أعلنت أنها لن تقف في وجه أي اتفاق عربي يعود بالنفع على الشعب الفلسطيني، لكنها في الوقت نفسه ستُحافظ على حقها في مقاومة الاحتلال.

لهذا كله تعتبر القمة العربية الطارئة في القاهرة محطة مهمة في مسار القضية الفلسطينية، لتثبت الدول العربية من خلال القمة أنها قادرة على مواجهة التحديات التي تُحيط بالقضية، سواء عبر تقديم الدعم المادي أو الضغط السياسي.

القمة ستكون اختباراً حقيقياً لقدرة العرب على توحيد صفوفهم في مواجهة التحديات المشتركة، ولن يكون النجاح فيها مجرد قرارات تُتخذ، بل خطوات عملية تُترجم على الأرض لصالح الشعب الفلسطيني.

 

مقالات مشابهة

  • تقرير: خبراء صواريخ روس توجهوا إلى إيران خلال مواجهة إسرائيل
  • أمين عام الأمم المتحدة يرحب بمبادرة برلين لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
  • إعلام عبري: إسرائيل ستستأنف القتال وتعيد تهجير فلسطينيي شمال غزة
  • سفير مصر السابق بدولة الاحتلال: إسرائيل تسعى لتهجير الشعب الفلسطيني إلى الصومال
  • تراجع تسليم السيارات الجديدة في إسرائيل لأدنى مستوى خلال 5 سنوات
  • القمة العربية بالقاهرة في مواجهة خطة ترامب وتعنت إسرائيل
  • الفيلم الفلسطيني “No Other Land” يفوز بجائزة الأوسكار كأفضل فيلم وثائقي
  • أبطال وصناع الفيلم الفلسطيني No Other Land على السجادة الحمراء لحفل الأوسكار
  • "التعاون الإسلامي" تؤكد أهمية مواجهة الإجراءات الإسرائيلية تجاه الأونروا
  • أكاديمية الشرطة تنظم ندوة لإبراز دور الجهاز الحكومي في مواجهة مخططات إسقاط الدول