جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-04@08:41:01 GMT

وسِّع عقلك.. زمن التحمُّل ولَّى

تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT

وسِّع عقلك.. زمن التحمُّل ولَّى

سلطان بن محمد القاسمي
في لحظة من العمر، تدرك أنك لم تعد الشخص الذي كنت عليه. تلك المرآة التي عكست ذاتك يومًا، تحمل الآن ملامح أقوى، أكثر وضوحًا وأقل استعدادًا للمساومات. تسأل نفسك: لماذا يجب أن أتحمل ما لم يعد يحتمل؟ ولماذا أسمح للآخرين بتجاوز الخطوط التي وضعتها لحماية نفسي؟ الحقيقة البسيطة هي أن زمن التحمل ولى، وحان وقت الوضوح والصدق مع الذات ومع الآخرين.


فحين تُبنى شخصيتك على قيم راسخة، تدرك أن التهاون في هذه القيم ليس تضحية؛ بل خيانة لنفسك. يقول الله تعالى: "وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمُ مُؤْمِنِينَ" (آل عمران: 139). في هذه الآية، يذكّرنا الله بأنَّ العزة تأتي من الإيمان والقوة الداخلية، وأن الضعف أمام المواقف والأشخاص لا يليق بمن يحمل قلبًا مُؤمنًا ونفسًا كريمة.
ومع ذلك، لا يعني هذا أن تصبح شخصًا قاسيًا أو متعجرفًا، بل أن تفهم حدودك وتعرف قيمتك، فلا تسمح لأحد أن يتجاوزها. والحياة مليئة بالتحديات، ومع كل تحدٍ تتعلم أنَّ الخط الفاصل بين الاحترام والتهاون في الكرامة واضح جدًا. فأنت الآن في مرحلة تختار فيها علاقاتك بعناية. لذلك، تعلم أن هناك أشخاصًا يستحقون البقاء، وآخرين يجب أن يتركوا حياتك لأنهم لم يعودوا جزءًا من تقدمك وسعادتك.
تخيل أنك كنت دائمًا الشخص الذي يسامح ويتحمل، الذي يتجاهل الكلمات الجارحة والمواقف القاسية، فقط لأنك أردت الحفاظ على السلام. لكنك الآن تدرك أن هذا السلام لم يكن حقيقيًا، بل كان على حساب سلامك الداخلي. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ لَعَّانًا، وَلَا طَعَّانًا، وَلَا فَاحِشًا، وَلَا بَذِيئًا" (رواه الترمذي). هذه الأخلاق الرفيعة لا تعني أن نتجاهل حقوقنا، بل أن ندافع عنها برقي واحترام لأنفسنا وللآخرين.
ومن المهم أن تفهم أن الوضوح مع الآخرين يبدأ بالوضوح مع النفس. فعندما تعرف ما تريده وما لا تقبله، تصبح حياتك أكثر بساطة ووضوحًا. وتبدأ بوضع الحدود التي تحميك من التعدي العاطفي أو النفسي. خذ على سبيل المثال علاقاتك الشخصية، سواء كانت مع الأصدقاء أو أفراد العائلة. إذا كنت دائمًا الشخص الذي يعطي دون أن يتلقى، أو الذي يتحمل الإهانة دون أن يعبر عن ألمه، فقد حان الوقت لإعادة تقييم هذه العلاقات.
ومع مرور الوقت، تدرك أن التغيير ليس ضعفًا؛ بل هو ضرورة؛ لأن التغيير في طريقة تعاملك مع الآخرين هو انعكاس لنضجك؛ إذ إن الحياة قصيرة جدًا لتعيشها في محاولات إرضاء الجميع على حساب نفسك. يقول الله تعالى: "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ" (الحج: 78). وهذه الآية تذكرنا بأن الله لا يريد لنا العيش في ضيق أو معاناة، بل أن نعيش بكرامة وسلام.
وفي العمل، قد تجد نفسك في مواقف تحتاج فيها إلى الوقوف بحزم. فمثلا، الزملاء الذين يستغلون لطفك، أو المدير الذي يطالبك بما يتجاوز قدراتك دون تقدير. هذا ليس وقت الصمت، بل وقت الحديث بوضوح واحترام. لا تخف من التعبير عن حدودك ومطالبك. فبالتأكيد القوة في العمل لا تأتي من القوة الجسدية، بل من قوة الشخصية والقدرة على الحفاظ على حقوقك دون إيذاء الآخرين.
وفي العلاقات العاطفية، يتجلى هذا المفهوم بشكل أعمق. فلا تسمح لشريك حياتك أن يستهين بمشاعرك أو أن يفرض عليك أمورًا تخالف قناعاتك. لأن العلاقة الصحية هي التي تُبنى على التفاهم والاحترام المتبادل، حيث يُقدر كل طرف الآخر دون أن يشعر بأنه مضطر للتخلي عن ذاته.
أما في المجتمع، فإنك تدرك أن لك دورًا كبيرًا في بناء صورة متوازنة عن نفسك وعن قيمك. لا تتلون وفقًا للمواقف، ولا تحاول أن تكون نسخة من الآخرين. كن أنت، بكل ما تحمله من عيوب ومميزات، لأن التميز لا يأتي من التشابه؛ بل من الأصالة.
وإذا تحدثنا عن الجانب الروحي، فإن علاقتك بالله هي الأساس الذي يمنحك القوة والثبات. وعندما تكون قريبًا من الله، تشعر بالسلام الداخلي الذي يجعل كل الأمور الأخرى تبدو أقل أهمية. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ" (رواه الترمذي). هذه الكلمات البسيطة تحمل في طياتها عمقًا كبيرًا. فكلما حفظت حدودك وقيمك، حفظك الله وبارك في حياتك.
ومن زاوية أخرى، التمسك بالوضوح في حياتك اليومية يفتح أبوابًا من الحرية، الحرية في اتخاذ قرارات تعبر عن حقيقتك، الحرية في قول "لا" دون شعور بالذنب، والحرية في بناء علاقات قائمة على الصدق. هذه الحرية ليست مجرد امتياز؛ بل هي حقك الذي يجب أن تُحافظ عليه.
وفي ختام رحلتنا هذه.. تذكر أن الحياة ليست اختبارًا لتحمل الآخرين، بل هي فرصة لبناء نفسك والعيش بصدق. الزمن يمضي سريعًا، وكل لحظة تضيعها في التحمل الزائد هي لحظة تفقد فيها جزءًا من نفسك. اختر أن تعيش بكرامة، أن تحب نفسك كما تستحق، وأن تحترم ذاتك بكل قوة.
وسِّع عقلك، واعرف متى تقول "لا" ومتى تفتح أبوابك للفرص والعلاقات التي تستحق؛ لأن زمن التحمُّل ولَّى، وبدأ زمن الصدق مع النفس.
 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: تدرک أن

إقرأ أيضاً:

كيف تحمى نفسك من فيروسات الشتاء

تتسبب الفيروسات المنتشرة في الشتاء في حالة من القلق والتوتر لدى البعض حيث إن بعضها يسبب مضاعفات خطيرة مثل فيروس كورونا ومتحوراته، لذا من المهم أن تعرف كيف تحمى نفسك منها.

وحسبما جاء في موقعlaurelpedsmd نعرض لكم اهم طرق الوقاية من الفيروسات المنتشرة في فصل الشتاء.

نظافة اليدين


في حين أن جراثيم البرد والإنفلونزا يمكن أن تطفو في الهواء على قطرات غير مرئية من العطاس أو السعال غير المغطى، فإن لمس سطح مصاب الطريقة الأكثر شيوعًا لالتقاط فيروس الإنفلونزا.

وهذا يجعل غسل اليدين الجيد أمرًا حيويًا للأطفال في سن المدرسة الذين اعتادوا على لمس الأسطح المحيطة بهم دون التفكير في الأمر مرتين.

شجع طفلك على غسل يديه لمدة 20 ثانية على الأقل باستخدام الصابون والماء الدافئ بشكل متكرر طوال اليوم، وخاصة قبل تناول الطعام وعند العودة إلى المنزل من الخارج.

2. تجنب لمس الوجه
قد لا يدرك طفلك ذلك، ولكن من المرجح أنه يلمس وجهه بمعدل 16 مرة في الساعة حيث إن فرك عينيه أو حك أنفه أو قضم أظافره هي طريق لانتقال الإنفلونزا إلى الجسم من الأفضل تجنب لمس وجهه وتشجيعه على استخدام معقم اليدين طوال اليوم.

3. الحصول على لقاح الانفلونزا
حتى لو كان أطفالك يدرسون في المنزل، فمن الضروري أن يحصل أفراد أسرتك بالكامل على لقاح الإنفلونزا هذا الموسم إن لقاح الإنفلونزا هو أفضل وسيلة لحمايتهم من الفيروس.

4. الحفاظ على نظافة الأسطح
يلتقط كل فرد في عائلتك الجراثيم طوال اليوم، وبعض هذه الجراثيم تجد طريقها إلى منزلك حتى لو لم يكن أحد مريضًا، فمن المهم الحفاظ على نظافة الأسطح. 

يساعد مسح الأسطح واستخدام مناديل مطهرة في تقليل الجراثيم حتى تظل عائلتك بصحة جيدة.

5. النوم الجيد
النوم ضروري للحفاظ على صحة الجهاز المناعي وقوته، وقلة النوم قد تجعل الجسم أكثر عرضة للإصابة بالجراثيم.

تتكيف العديد من الأسر مع العمل من المنزل، والتباعد الاجتماعي، والاضطرابات في جدولها الزمني المعتاد ومن المفيد الالتزام بالروتين اليومي وإدخال الأسرة إلى السرير في نفس الوقت كل يوم وفي حين يحتاج معظم البالغين إلى سبع أو ثماني ساعات من النوم كل ليلة، يحتاج الأطفال إلى 10 إلى 14 ساعة، حسب أعمارهم.

6. جعل التغذية أولوية
إن التأكد من أن أفراد أسرتك يتناولون وجبات صحية ومتوازنة لا يعزز النمو والتطور السليم فحسب، بل ويعزز  جهاز المناعة لديهم و تتطلب جميع خلايا الجسم التغذية الكافية لتعمل على النحو الأمثل.

إن تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة المغذية يضمن حصول أطفالك ومراهقيك على العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الجهاز المناعي ليظل قويًا، لتعزيز تناول مضادات الأكسدة التي تقاوم العدوى، حاول أن تجعلهم يصنعون نصف وجباتهم على الأقل من مجموعة متنوعة من الفواكه والخضروات الملونة لأنها تقوى المناعة وتمنع الفيروسات.

7. كن نشطًا وحافظ على لياقتك البدنية
تعمل الأنشطة البدنية على تعزيز جهاز المناعة؛ فالأشخاص الذين يعيشون نمط حياة نشط يكونون أقل عرضة للإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا كما تساعد التمارين الرياضية على تنظيم جهاز المناعة من خلال تحفيز خلايا الدم البيضاء التي تقاوم العدوى.

يساعد النشاط البدني على طرد البكتيريا من الرئتين، مما قد يساعد في تقليل خطر الإصابة بنزلات البرد.

8. ابق على مسافة من التوتر
إن التغيير غير المسبوق الذي أحدثته جائحة كوفيد-19 يعني أن مستويات التوتر بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق ومن بين الطرق العديدة التي قد يكون التوتر بها سيئًا لصحة الطفل أو المراهق هو قدرته على تخريب جهاز المناعة لديهم.

من الضروري تخصيص وقت للأنشطة التي تساعد على تخفيف التوتر مثل قراءة كتاب أو الاستماع إلى موسيقى هادئة و يجب أن تكون الأنشطة التي تساعد على تخفيف التوتر جزءًا من الروتين اليومي لعائلتك

لحماية نفسك من الفيروسات فكر في الأنشطة التي تستمتع بها عائلتك، واجعل من أولوياتك المشاركة في الأنشطة المريحة كل يوم.

9. احمِ نفسك
إن ارتداء قناع الوجه عند مغادرة المنزل لا يحمي من الإصابة بفيروس كورونا المستجد فحسب، بل قد يقلل أيضًا من خطر الإصابة بالإنفلونزا والفيروسات المرتبطة بالجهاز التنفسي 

 يمكن أن ينتشر الفيروس من خلال الرذاذ عندما يسعل شخص ما أو يعطس، وكذلك من خلال لمس الأسطح الملوثة.

10. الاستمرار في التباعد الاجتماعي
إن ممارسة التباعد الاجتماعي لا تفيد في تقليل خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد فحسب، بل إن الحفاظ على مسافة آمنة من الأشخاص الذين ليسوا في منزلك يساعد أيضًا في الحد من انتشار نزلات البرد أو الأنفلونزا.

تجنب التجمعات الكبيرة واحتفظ بمسافة ستة أقدام على الأقل بينك وبين الأشخاص الآخرين عند مغادرة المنزل.
 

مقالات مشابهة

  • برج الجوزاء.. حظك اليوم الثلاثاء 4 فبراير: «تواصل مع شريك حياتك»
  • «الأدوية المسكنة».. هل تدرك علاقتها بـ«تعزيز الذكاء»؟
  • عادات يومية تدمر القولون دون أن تدرك.. تجنب 5 أخطاء شائعة
  • الداعية الإسلامي: إرضاء الله هو الغاية التي لا يجب أن نتركها
  • هل تعاني من الإرهاق العاطفي بسبب إرضاء الآخرين؟.. إليك الحل
  • المواطن الذي دخل على الأمير سلطان فقيراً وخرج غنياً .. فيديو
  • شبيه النبي الذي رآه ليلة الإسراء والمعراج وأوصاه بـ 5 كلمات
  • ما المعجزة التي ينتظرها جنود المليشيا لتتحقق وتوقف تقدم الجيش؟
  • لازم تقيف ..طالما استخدمت قحتقدم هذا الشعار بالتزامن والتناسق مع الإرهاب الذي يمارسه حلفاؤهم
  • كيف تحمى نفسك من فيروسات الشتاء