#فلول_الثورة_المزيفة: بين #شعارات_الحرية وواقع #الانتقام في #المشهد_السوري”
بقلم ا د محمد تركي بني سلامة

في خضم المشهد السوري المعقد، وبعد كل ما مر به الشعب من ويلات الحرب وصراعات المصالح ، وظلم وطغيان نظام الأسد الطائفية المجرم يبرز تساؤل فلسفي عميق لا يقل عن قسوة الواقع: ماذا لو كانت الأدوار معكوسة؟ ماذا لو كان دعاة القومية والعلمانية والليبرالية، ومعهم دعاة النسوية والمثلية والطائفية، هم من حرروا سوريا من نظام بشار الأسد، بينما كان الإسلاميون هم من اصطفوا مع النظام ودعموه ودافعوا عنه ؟ كيف كان سيُعامل الإسلاميون من قِبل هذه الفئات؟ وهل سيكتفوا بسلخ جلود الاسلاميين ودفنهم احياء واغتصاب نسائهم وقتل اطفالهم امام اعينهم وهل كانت شعارات الحرية والمساواة والتسامح التي يتغنون بها ستتحول إلى واقع أم أنها كانت ستُستخدم كسلاح للانتقام والإقصاء والاجتثاث؟

حين نستعرض التاريخ والتجارب السابقة، نجد أن هذه الفئات – دعاة القومية والعلمانية والليبرالية، ومعهم النسوية والمثلية – لم تقدم للشعب السوري بعد سقوط نظام المجرم بشار الأسد، سوى الكلام النظري و والثرثرة الفارغة التي لم تتجاوز حدود التنظير.

كانت الثورة السورية بالنسبة لهم فرصة لرفع الشعارات البراقة وإطلاق التصريحات الرنانة عن حقوق الإنسان والعدالة والحرية والدستور واللنتخابات وحقوق الاقليات والمثليين ، بينما كانوا على أرض الواقع اما داعمين لنظام الطاغية او في أحسن الأحوال صامتين او غائبين تمامًا عن الفعل الحقيقي، يراقبون عن بُعد وينتظرون اللحظة المناسبة للانقضاض على الثورة نفسها.

لو أن الإسلاميين وقفوا في صف النظام، لكانت هذه الفئات استنفرت كل أدواتها الفكرية والإعلامية لسحلهم دون محاكمات كما فعل النظام اثناء احداث حماة في اوائل الثمانينات من القرن الماضي ، وتشويه صورتهم وإلصاق كل التهم بهم، من الرجعية إلى العمالة لامريكا وإسرائيل والخيانة. كانوا سيطالبون باجتثاثهم من المشهد السياسي والاجتماعي، وربما لم يترددوا في الدعوة إلى اجتثاث كل أصولهم وفروعهم، وقمعهم وإقصائهم تمامًا تحت ذرائع الحفاظ على الدولة والمجتمع والثورة والمعركة والتحرير والخ .

مقالات ذات صلة مظاهرة لعائلات الأسرى الإسرائيليين قرب منزل نتنياهو 2025/01/01

ولكن الواقع كان مختلفًا تمامًا. الإسلاميون هم من حملوا على عاتقهم عبء تحرير سوريا من نظام الاستبداد والطغيان، وهم من أثبتوا أن القيم الإسلامية ليست شعارات جوفاء، بل مبادئ تُمارَس في السلم والحرب ،فالاسلام دين التحرر والثورة على الظلم والطغيان . وهو دين الرحمة والعدالة والعفو والمغفرة ،لذلك لم يكن غريبا ان الاسلاميين لم يلجأوا إلى الانتقام، ولم يسعوا إلى تصفية الحسابات، بل عملوا على إرساء أسس العدالة الانتقالية التي تضمن حقوق الجميع، بما في ذلك أولئك الذين وقفوا ضدهم وارتكبوا افضع الجرائم بحق الشعب السوري .

في المقابل، دعاة القومية والعلمانية والليبرالية، ومعهم النسوية والمثلية، ماذا قدموا للثورة السورية؟ لم يقدموا شيئًا سوى تنظيرات بعيدة عن الواقع، وشعارات لا تسمن ولا تغني من جوع. واليوم، بعد أن وضحت معالم النصر وبدأت مرحلة بناء الدولة، تحول هؤلاء إلى ما يشبه فلول النظام القديم. يحاولون اليوم ركوب الموجة، ويتحدثون عن العدالة والمساواة وحقوق الاقليات وحقوق المثلية وغيرها ، بينما لم يكونوا سوى متفرجين سلبيين أو شركاء غير مباشرين للنظام في قمع الثورة والثوار طوال اكثر من عقد من عمر الثورة السورية المجيدة .

لكن الشعب السوري الذي قدم التضحيات الجسام، لن يسمح لهؤلاء بالعبث بمستقبل سوريا. هو يدرك تمامًا أن هذه الفئات لا تسعى سوى لتحقيق أجنداتها الخاصة، وأن ممارساتهم لا تختلف كثيرًا عن ممارسات النظام الذي ادّعوا محاربته. الشعب السوري لهم بالمرصاد، ولن يسمح بأن تتحول الثورة إلى أداة بيدهم لإعادة إنتاج القمع بوجوه مختلفة ،سوريا الجديدة لا مكان فيها للقمع او الاستبداد او الطغيان .

الإسلاميون، رغم كل حملات التشويه التي تعرضوا لها، أثبتوا أنهم أصحاب مشروع حقيقي لإنقاذ سوريا وبنائها على أسس من العدالة والمساواة والرحمة. لم يسعوا إلى الانتقام أو الإقصاء او الثأر ، بل عملوا على مد جسور الثقة بين مختلف مكونات المجتمع. كانوا ولا يزالون مثالًا يُحتذى به في تحويل المبادئ إلى أفعال.

في النهاية، تبقى الثورة السورية درسًا لكل الشعوب. المبادئ والقيم الحقيقية لا تُختبر في الشعارات، بل في الممارسة. والتاريخ سيظل شاهدًا على من وقف مع الشعب بصدق، ومن استغل معاناته لتحقيق مصالحه. الشعب السوري، الذي عانى وقاوم، يعرف أعداءه جيدًا، سواء كانوا في صفوف النظام أو بين من ادّعوا الثورة زورًا. ولن يسمح لهؤلاء بأن يكون لهم دور في المستقبل الذي يستحقه.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: شعارات الحرية الانتقام المشهد السوري الشعب السوری هذه الفئات تمام ا

إقرأ أيضاً:

قاسم جاموس أبو الوطن.. رفيق الساروت في دروب الثورة السورية

قاسم جاموس -ويكنى بـ"أبو وطن"- أحد أبرز الأصوات الثورية السورية التي صدحت بالأهازيج في المظاهرات ضد النظام السوري السابق تنديدا بجرائمه إبان الثورة السورية. غادر درعا إلى الشمال السوري بعد سيطرة قوات الرئيس المخلوع بشار الأسد عليها، وهناك تعرف على عبد الباسط الساروت قبل رحيله.

انخرط لاحقا مع فصائل المعارضة السورية وشارك معها في معركة "ردع العدوان" التي أسقطت حكم بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، وتوفي في حادث سير أوائل مارس/آذار 2025.

الولادة والنشأة

ولد قاسم جاموس في مدينة داعل بمحافظة درعا جنوبي سوريا عام 1989، وفيها كبر وترعرع. ويكنى بـ"أبو الوطن" على اسم ابنه وطن.

التجربة الثورية

ومع اندلاع الثورة السورية، شارك جاموس في المظاهرات في ريف درعا ولقب آنذاك بـ"صدى حوران" إذ كان يعيد إنشاد أهازيج الراحل الساروت بلهجته الحورانية على أسلوب أهل مدينته الغنائي.

ولم يقتصر تأثيره على تقديم الأناشيد فحسب، بل كان حاضرا في المظاهرات وهو يردد أناشيد تحاكي تراث حوران، منها "حوران حبي رجالها" وهي أول ما خطته يده في طريق الثورة، معبرا عن حبّه وولائه لمدينته وتراثها.

وفي أثناء زفافه شدا بأغنية طابعها ثوري، تحولت فيما بعد إلى رمز يُحتفى به في أفراح الثوار السوريين، وصارت تهدى دعما للعرائس اللاتي اتخذن درب الثورة مسارا لحياتهن.

هجّر قاسم من مدينته درعا عقب سيطرة النظام السوري عليها، إلى إدلب في الشمال السوري باتفاق التسوية عام 2018، وهناك التقى بالساروت وأكملا مسيرة الدرب معا، وكانا يشدوان في أمسيات الأناشيد الثورية، ويغنيان لحماة وحمص ودرعا وباقي المدن السورية.

إعلان

بعد انتقاله إلى إدلب، واصل قيادة غالبية المظاهرات في المدينة، ودعا إلى تنظيم مظاهرات بمشاركة تصل إلى مليون محتج، وبقي صوته يسمع كل يوم جمعة في المسيرات التي يرأسها.

تأثر "أبو الوطن" برحيل صديقه الساروت في 8 يونيو/حزيران 2019، وكرّس صوته لنقل معاناة السوريين عبر الأناشيد والمظاهرات، منطلقا من إيمانه بأن "المظاهرات تبني وطنا"، وكان دائما يردد "الثورة يلي يخونها.. ماله أصل ماله أحد".

انخرط الجاموس لاحقا مع فصائل المعارضة السورية مع اشتداد القصف والقتل من النظام السوري على مناطق شمال البلاد، وشارك في عملية "ردع العدوان" التي استطاعت فيها المعارضة إسقاط النظام السوري في 12 يوما، وإنهاء حكم الأسد الذي استمر 54 عاما.

قاسم جاموس بعد انتقاله إلى إدلب واصل قيادة غالبية المظاهرات في المدينة (مواقع التواصل) أبرز أهازيجه

قدم "أبو الوطن" مجموعة من الأناشيد التي تركت بصمة عميقة في الذاكرة السورية، أبرزها:

"أقسمنا بالله" وأنشدها في ذكرى الثورة السورية. "الله أكبر يا بلد" وهو أول أناشيده بعد رحيل الساروت وأنشده تجديدا للعهد معه. "سلام الله على إدلب" تعبيرا عن امتنانه للمدينة التي احتضنته وعانت من قصف وتدمير واستهداف مستمر، وغنّاها مع محمد الساروت ابن أخ عبد الباسط الساروت. "هيهات أشوفك بعد هيهات" التي غناها بأسى على فراق الساروت ورفاق الثورة. "منصورة الثورة يا ناس". "جاي النصر". الوفاة

توفي الجاموس في حادث سير على طريق بلودان-الديماس بريف العاصمة السورية دمشق في الثالث من مارس/آذار 2025، ونُقل إلى مستشفى الرازي في دمشق بعد تعرضه لإصابات بالغة، لكنه فارق الحياة داخل قسم العناية المركزة متأثرا بجراحه.

وجاءت وفاته بعد ساعتين فقط من نشره منشورا على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، تساءل فيه عن مدة الطريق من جبال بلودان إلى الضاحية الجنوبية.

إعلان

شيّع "أبو الوطن" من الجامع العمري في درعا في 4 مارس/آذار، ودفن في مسقط رأسه.

مقالات مشابهة

  • رمضان يلم شمل العائلات السورية بعد سقوط النظام
  • قاسم جاموس أبو الوطن.. رفيق الساروت في دروب الثورة السورية
  • الأمن السوري يعتقل مجموعة من فلول نظام الأسد
  • بارزاني بذكرى الانتفاضة: الشعب الكوردي حي ويطمح الى الحرية
  • الأمن العام باللاذقية يقبض على فلول من النظام البائد بحي الدعتور استهدفت عنصرين من وزارة الدفاع ويحيد آخرين
  • مقتل عنصرين من الأمن السوري في اللاذقية جراء كمين لـفلول النظام المخلوع
  • محمد الأشمر.. من هو الثائر السوري الذي تحدى الفرنسيين؟
  • وفاة الناشط السوري قاسم جاموس في حادث سير قرب دمشق.. منشد الثورة
  • وفاة الناشط والمنشد السوري قاسم الجاموس في حادث سير
  • قاسم الجاموس.. صوت الثورة السورية ينتهي بحادث سير