لجريدة عمان:
2025-01-04@09:10:27 GMT

من أجل ثقافة نوعيّة

تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT

فـي نهاية كل عام، يراجع الجميع أوراقه، واعتادت الصفحات الثقافـية، أن تفتح صفحاتها لنشر استطلاعات تستفهم الشعراء، والأدباء والنقّاد، والمثقّفـين عن أبرز الأحداث الثقافـية الشخصية والعامة، وفـي خضمّ ذلك، وجدت فـي بريدي رسالة من أحد المشتغلين على مثل هذه الاستطلاعات يسأل فـيها عن تقييمي الشخصي للمنجز الثقافـي على المستوى العربي العام خلال 2024م، وبالطبع أبديتُ تحفّظي على صيغة السؤال، فالظواهر الثقافـية لا تتشكّل خلال عام واحد، ومن الصعب قراءة ملامحها من خلال منجز تحقّق فـي عام واحد، فلو قمنا بمثل هذه القراءة، إن أردنا الموضوعيّة والدقّة، فسنحتاج أعواما، خصوصا أن التغيّرات والتحوّلات الجذريّة فـي مجتمعاتنا العربية بطيئة، ونموّها محدود، وما يطرأ على المجتمعات البشرية ينعكس على الثقافة، وبسبب هذا التشكّل البطيء، لا تكاد تلك التغيّرات أن تكون محسوسة.

ووفقا لهذا المنظور، لو ألقينا نظرة على الوضع الثقافـي العربي خلال عام 2024م لوجدنا أن هذه النظرة لا تختلف عن العام الذي سبقه، والعام السابق يشبه الأسبق، وحين ننظر للأمام، فلا أريد أن أكون متشائما، فأقول: ربما سيستمرّ الوضع الثقافـي لدينا فـي السير على هذه الوتيرة سنوات وسنوات، رغم أننا لا ننكر أن رفوف المكتبات العربية قد رُفدت بعناوين جديدة، فـي الشعر والرواية، والترجمة، والكتابة المسرحية، والنقد والدراسات، وظهرت أسماء جديدة، وازدادت دور النشر، واتّسعت مشاركاتها، وفتحت معارض الكتب ككلّ عام أبوابها لعشّاق المعرفة، أمّا المهرجانات، فهي على قفا من يشيل! وكذلك الندوات والمحاضرات والملتقيات!

ولكن السؤال الذي يبرز أمامنا هو: كلّ هذا الحضور الكمّي للثقافة العربية، هل أفرز ثقافة نوعيّة، بمعنى ثقافة فاعلة لها دور فـي بناء المجتمع، والدفع به نحو الأمام؟

هل أعادت هذه الأنشطة للمثقف العربي هيبته بعد أن فقدها بسبب ظهور أولويات جديدة فـي حياة الإنسان العربي، غيّرت المسارات، فلم يعد الشعر (ديوان العرب) على سبيل المثال، ولم يعد الشاعر الناطق باسم قبيلته، ولم تعد الذبائح تنحر عند ولادة الشاعر، كما كان الحال فـي أيام العرب!

مشكلة الثقافة العربية أنها تعاني من أمراض مزمنة، فهي ثقافة تحكمها مقاييس بالية، والمحسوبية، والتعصّب، ومبدأ (الأصدقاء) أولى بالمعروف، وتقف خدمة المصالح الشخصية فـي المقدّمة، وقد ظلّت الوجوه التي تدير مؤسساتها تهيمن على المشهد، وحتى لو زُحزحت عن أماكنها، فالشباب الذين يُفسح لهم، يسيرون على النهج نفسه، ظنّا منهم بأنّ هذا هو النهج السليم، ومّنْ شبّ على شيء شاب عليه، أمّا المجلّات والمهرجانات، فلم تخرج عن هذا السياق، ونتج عن ذلك اختفاء وانزواء الكثير من المواهب الحقيقية نتيجة الإهمال والإحباط، وبروز ظواهر لا تمتّ بصلة للثقافة الرصينة التي اعتدنا عليها، وحين نقرأ نميل لقراءة الكتب التي تعزّز قناعاتنا، فنضع العقل النقدي جانبا، وقد ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي فـي تكريس أسماء تكتب نصوصا لا تخلو من ركاكة فـي التعبير، والأسلوب، مليئة بالأخطاء الإملائية، والنحويّة، وهذه الأسماء لها قرّاء ومتابعون بالآلاف، وحسابات مليونيّة، وإن حدث أن جمعت خواطرها فـي كتاب ستتلّقفه الأيدي، وسيكون ، فـي استبيانات الرأي، من الكتب الأكثر مبيعا فـي المعارض، ومحظوظ مَنْ يحظى بنسخة موقّعة من المؤلّف!!

أرى أن الثقافة العربية تحتاج إلى الكثير من الجهود لكي تخرج من هذه القوقعة، ويمكن ذلك لو استفاد القائمون عليها من أصحاب الخبرات المركونة جانبا، وإنزال الناس منازلهم، والخروج من دوائر الثقافة الاستهلاكية، ولا بدّ من الدعم المؤسساتي، وتعريف رجال الأعمال، وأصحاب المشاريع بدور الثقافة فـي التقدّم، وحماية المجتمعات من براثن الجهل، والتخلّف، فمن دون ذلك الدعم، يكون من الصعب تحريك عجلة العمل الثقافـي، ومن الضروري تكثيف الجهود على الأجيال الجديدة، وحثّها منذ المراحل الدراسية الأولى على القراءة، ومشاهدة العروض المسرحيّة، والسينمائيّة، وزيارة المعارض التشكيلية، وهذه الواجهات الثقافـية، تقوم بدور كبير فـي رفع سقف الوعي، ومن الضروري إدخال هذه البرامج ضمن البرامج اليومية للأسرة العربيّة، فهذه الأنشطة تمدّ الأجيال الجديدة بزاد معرفـي، سيبقى يغذّيها عندما تكبر، وكما قيل «التعلّم فـي الصغر كالنقش على الحجر»، وحين نقوم بكل ذلك يمكننا أن نشهد نقلة ثقافـية تحدث فارقا تجعلنا حين نراجع أجنداتنا الثقافـية نتكلّم بكلّ ثقة عن إنجازات ملموسة على أرض الواقع.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الاحتفال باليوم العالمي للغة برايل في أنشطة قصور الثقافة بالغربية

شهدت المواقع الثقافية بمحافظة الغربية عددا من الفعاليات التثقيفية والفنية، نظمتها الهيئة العامة لقصور الثقافة بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، في إطار فعاليات وزارة الثقافة.

في السياق، عقد قصر ثقافة طنطا محاضرة بعنوان "لغة برايل"، وذلك للاحتفال بيومها العالمي، الذي يوافق يوم 4 يناير من كل عام، أوضحت خلالها د. نهى محمد زكي، أخصائية التخاطب والإعاقة البصرية، أهمية لغة برايل كوسيلة لتواصل المكفوفين وضعاف البصر، لافتة إلى أنها نظام كتابة فريد من نوعه، يعتمد على نقط بارزة لقراءتها عن طريق اللمس.

فعاليات متنوعة

هذا وشهدت مواقع بيت الفريق الشاذلي، ومكتبات كفر الدوار وأبو صير الثقافية، وأبو الغر، عددا من الفعاليات، من بينها: الذكاء الإصطناعي، ودمج ذوي الهمم، والتعايش السلمي وقبول الآخر، كما توافد شعراء وأدباء الغربية لمتابعة مناقشة ديوان "رصاصة تتلوى في خط مستقيم"، للشاعرة لبنى حمادة.

وضمن فعاليات فنية لفرع ثقافة الغربية برئاسة وائل شاهين، وبإشراف إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي برئاسة أحمد درويش، نفذت مواقع: قصر ثقافة الطفل، ومكتبة محلة حسن، وابيار، عددا من الورش والمعارض الفنية للأطفال، ضمت كثيرا من اللوحات، التي أظهرت مهارة المشاركين في فن الرسم.

مقالات مشابهة

  • "أبرا كادبرا" و "كله بيمثل" بقصر ثقافة الأنفوشي ضمن تجربة نوادي المسرح
  • بناء الإنسان والتحول الرقمي في مناقشات قصور الثقافة بالجيزة
  • "قيم المواطنة" محاضرة ثقافية بمركز ثقافة الطفل بطهطا
  • مناقشات وأمسيات شعرية.. قصور الثقافة تواصل فعاليات معرض القناطر الأول للكتاب
  • «فن كتابة النص المسرحي» ضمن أنشطة متنوعة لقصور الثقافة بالإسماعيلية
  • الاحتفال باليوم العالمي للغة برايل في أنشطة قصور الثقافة بالغربية
  • توزيع مساعدات غذائية وبطاطين على أهالي حلايب وشلاتين
  • قصور الثقافة بالإسكندرية تواصل عروض نوادي المسرح
  • الاثنين .. فعاليات مكثفة لقصور الثقافة في أسبوع للشباب بالشلاتين