إنجاز تاريخي.. تحقق النقل الآني لمعلومات كمية عبر الإنترنت لأول مرة
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
عبر المسار التقليدي الذي تمر فيه السيارات والشاحنات الضخمة، تخيل محاولتك إرسال طرد حساس للغاية، وليكن على سبيل المثال "كرة من الزجاج"، فهذا الطرد يمكن أن يتحطم إذا اصطدم بأي شيء في الطريق.
هكذا المعلومات الكمية، فهي حساسة للغاية وأي ضوضاء أو تداخل قد يفسدها، وهي المشكلة التي نجح فريق بحثي من جامعة نورث وسترن الأميركية في حلها، وتمكنوا لأول مره من تحقيق اختراق جديد بتحقيق "نقل كمي آني" لمعلومات كمية لأكثر من 30 كيلومترا، عبر المسار التقليدي نفسه، وهو الكابل البصري الذي تمر فيه بيانات الإنترنت التقليدية، وتم الإعلان عن هذا الإنجاز في دورية "أوبتيكا".
والمعلومات الكمية (أو البيانات الكمية)، كما يعرفها رئيس المركز المصري للفيزياء النظرية الدكتور عبد الناصر توفيق، في تصريحات للجزيرة نت، هي نوع جديد ومختلف تماما من المعلومات عن تلك التي نستخدمها في الحياة اليومية. فالمعلومات التقليدية، مثل التي تستخدم في أجهزة الكمبيوتر والهواتف، تعتمد على البتات، وهي الوحدات الأساسية للمعلومات، وتأخذ إما القيمة 0 أو 1.
وفي المقابل، فإن المعلومات الكمية تعتمد على مفهوم جديد يسمى البت الكمي (الكيوبت)، والفارق الكبير هو أن البت الكمي يمكن أن يكون في حالة 0 أو 1 أو في حالة بينهما في الوقت نفسه، وهذه الحالة الخاصة تسمى التراكب الكمي.
إعلانوللتوضيح، تخيل أنك تلعب لعبة رمي قطعة نقدية، ففي المعلومات التقليدية عندما ترمي القطعة تكون النتيجة إما وجه (0) أو ظهر (1)، لكن في المعلومات الكمية فإن القطعة يمكن أن تكون في حالة "وجه وظهر في الوقت نفسه" حتى تقوم بقياسها أو مشاهدتها، وعندئذ تتحول إلى نتيجة محددة (وجه أو ظهر).
والمعلومات الكمية بهذا الشكل تتيح إمكانات جديدة تماما في مجال الحوسبة والتواصل، فمثلا في الحوسبة الكمية يمكن لأجهزة الكمبيوتر الكمومية معالجة مجموعة كبيرة من الاحتمالات دفعة واحدة بسبب خاصية التراكب الكمي، وذلك يسمح لها بحل مشاكل معقدة جدا بسرعة أكبر بكثير من أجهزة الكمبيوتر التقليدية.
المهندس الحاسوبي بريم كومار قال إن ما أنجزوه يُظهِر مسارا نحو شبكات الكم والشبكات الكلاسيكية من الجيل التالي التي تتشارك في بنية أساسية موحدة للألياف الضوئية (جامعة نورث وسترن) تحدي نقل المعلومات الكميةلكن التحدي الكبير الذي يواجه نقل هذه المعلومات هي حساسيتها لأي ضوضاء أو تداخل، لأنها تعتمد على خصائص فريدة من نوعها في فيزياء الكم.
ويقول توفيق "عندما تتشابك الجسيمات الكمية، فإن أي تغيير في حالة أحدها يؤثر مباشرة على الآخر، كما تعتمد المعلومات الكمية على تراكب الجسيمات في عدة حالات في الوقت نفسه، وأي تدخل يمكن أن يؤدي إلى فقدان هذه الحالات. ومع زيادة المسافة التي تنقل فيها المعلومات الكمية، تصبح أكثر عرضة للتغيير أو الفقدان بسبب التفاعل مع الوسط المحيط".
وبسبب هذه الحساسية، كان من الصعب إرسال المعلومات الكمية عبر الكابلات ذاتها التي تمر فيها بيانات الإنترنت التقليدية دون أن تتأثر بالضوضاء التي تحدثها البيانات، فكان الحل الذي نجح فيه باحثون في السابق هو تجهيز كابلات خاصة بالمعلومات الكمية، لكنها كانت مكلفة للغاية، ولم يصلوا باستخدامها لتحقيق نقل لمسافات طويلة، فضلا عن أن تعميمها يحتاج إلى تعديلات واسعة في البنية التحتية".
إعلانويقول توفيق إن "الميزة الأساسية في الاختراق الجديد هي أن الباحثين نجحوا في نقل البيانات لمسافة طويلة (30 كيلومترا) عبر المسار التقليدي نفسه، وهو كابلات الإنترنت التقليدية. وهذا إنجاز له العديد من المزايا، أهمها أنه لم يحتج إلى تعديلات في البنية التحتية، وحقق الاستفادة من إمكانات النقل الكمي دون تحمل مزيد من التكاليف".
نقل الحالة الكمية عبر المسافات الطويلة يثبت أن شبكات الاتصال الكمية ليست مجرد خيال علمي (بيكسابي) تقليل مخاطر التشتتولحماية حالة الفوتونات التي تحمل المعلومات الكمومية الثمينة ضد تدفق الإنترنت بسرعة 400 غيغابت في الثانية، استخدم فريق الباحثين مجموعة متنوعة من التقنيات التي تعمل على تقليل مخاطر تشتت الفوتونات.
والتشتت ظاهرة تحدث عندما تتعرض الموجات الضوئية (مثل الفوتونات) إلى تغييرات غير مرغوب فيها أثناء مرورها عبر الألياف البصرية. ودرس الفريق كيف يتشتت الضوء في الألياف، ومن خلال تعديل ظروف النقل بعناية، تمكنوا من الحد من هذا التشتت، فقد نجحوا في وضع الفوتونات في "نقطة دقيقة" عبر الألياف البصرية، وهذا يعني أنهم اختاروا مكانا محددا بعناية، حيث يمكن تقليل التداخل والتشتت إلى أقل حد ممكن.
وبمحدودية سرعة الضوء فقط، يتيح "النقل الآني الكمي" طريقة جديدة فائقة السرعة وآمنة لمشاركة المعلومات. ويتحقق ذلك من خلال التشابك الكمي، إذ يصبح جسيمان مرتبطين بحيث تؤثر حالة أحدهما على حالة الآخر بشكل فوري، بغض النظر عن المسافة بينهما. ومن خلال الاستفادة من هذا التشابك، جنبًا إلى جنب مع الاتصالات الكلاسيكية، يمكن إعادة بناء الحالة الكمومية لجسيم في مكان بعيد، ونقل المعلومات بشكل فعال.
ويقول المهندس الحاسوبي في جامعة نورث وسترن بريم كومار الذي قاد الدراسة، في بيان صحفي رسمي للجامعة، "ما أنجزناه يُظهِر مسارا نحو شبكات الكم والشبكات الكلاسيكية من الجيل التالي التي تتشارك في بنية أساسية موحدة للألياف الضوئية، ويمثل خطوة هائلة نحو تحقيق رؤية طويلة الأمد لبناء بنية تحتية للاتصالات تعتمد على الخصائص الفريدة للعالم الكمي".
إعلانويضيف أن "نقل الحالة الكمية عبر المسافات الطويلة يثبت أن شبكات الاتصال الكمية ليست مجرد خيال علمي، بل هي حقيقة قابلة للتحقيق".
حلول ثورية لتحديات العصرويمثل النقل الناجح للحالة الكمية للضوء عبر كابلات الألياف البصرية لمسافة طويلة قفزة علمية كبيرة، لأنه يثبت إمكانية توسيع نطاق الشبكات الكمية، فمع هذا الاختراق أصبح من الممكن تصور شبكات اتصالات كمية تمتد لمسافات طويلة وتوفر أمانا غير مسبوق.
والإنجاز الذي حققه كومار ورفاقه يعد بالعديد من التطبيقات في مجالات متعددة يشير إليها الدكتور توفيق، وأبرزها "الحوسبة الكمية" التي تتميز بقدرتها على معالجة البيانات بسرعة فائقة، مما يتيح حل مشكلات معقدة لا يمكن للحواسيب التقليدية التعامل معها بفعالية. وعلى سبيل المثال، يمكن للحواسيب الكمية أن تسهم في تسريع عمليات تطوير الأدوية من خلال محاكاة تفاعلات الجزيئات بدقة أعلى، فضلا عن التنبؤ بالطقس بشكل أكثر دقة عبر تحليل ملايين المتغيرات في وقت قصير.
إلى جانب ذلك، يفتح النقل الكمي للمعلومات المجال لتطبيقات مثل الأمن السيبراني والاتصالات الآمنة، عبر التشفير الكمي، إذ يمكن إرسال البيانات بطرق تجعل أي محاولة للاعتراض تُكتشف فورا، مما يوفر حماية غير مسبوقة للمعلومات الحساسة. وكذلك تعتمد الاتصالات الكمية على مبدأ التشابك الكمي لنقل البيانات بشكل آمن وفوري، مما يمهد الطريق لتطوير شبكات إنترنت كمية عالمية يصعب اختراقها باستخدام وسائل التشفير التقليدية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات تعتمد على یمکن أن
إقرأ أيضاً:
يدعون للفوضى.. حملة ممنهجة لتشويه ما تحقق من إنجاز بمشروع المسئولية الطبية
تعرض الدكتور أسامة عبد الحي، نقيب الأطباء، لسيل من الانتقادات والهجوم الذي وصل إلى حد التجريح من قبل عدد من أعضاء مجلس نقابة الأطباء السابقين والحاليين بسبب قرار مجلس النقابة بتأجيل الجمعية العمومية الطارئة لـ"رفض مشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية وسلامة المريض"، التي دعا إليها المجلس لمدة شهر.
وجاء قرار مجلس نقابة الأطباء بتأجيل الجمعية العمومية الطارئة، التي دعا إليها "كان مقررا لها اليوم الجمعة 3 يناير 2025"، بعد استجابة لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب لـ (99%) من ملاحظات نقابة الأطباء ومقدمي الخدمة الطبية، بشأن تعديلات قانون المسئولية الطبية المقدم من الحكومة وأقره مجلس الشيوخ، ديسمبر الماضي 2024، دون الأخذ بملاحظات الأطباء.
تأجيل الجمعية العمومية الطارئةووافقت لجنة الصحة بمجلس النواب، خلال اجتماعها برئاسة الدكتور أشرف حاتم، رئيس اللجنة، الأربعاء، على مشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية وسلامة المريض - بعد قرار التعديلات اللازمة عليه تلبية لرغبة الأطقم الطبية.
وناقشت لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، على مدار يومين، مطالب النقابات الصحية "الأطباء البشريين - التمريض - الأسنان - العلاج الطبيعي"، المتعلقة بالقانون الجديد، وذلك بحضور الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة، والمستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، والدكتور عبد الهادي القصبي، زعيم الأغلبية البرلمانية، بالإضافة إلى المستشار محمد عبد العليم كفافي، المستشار القانوني لرئيس مجلس النواب، ورؤساء النقابات، وعدد من ممثلي الأحزاب السياسية.
أول رد من الأطباء على إلغاء مادة الحبس الاحتياطيووصف عدد من المشاركين في النقاش على مدار اليومين، أن ما تحقق من مطالب يمثل إنجازا كبيرا ودليلًا على حرص الدولة على تعزيز منظومة الرعاية الصحية وحماية حقوق جميع الأطراف في العملية الطبية، سواء مقدمي الخدمات الصحية أو المرضى.
وبالرغم من نجاح نقابة الأطباء في الوصول إلى إلغاء عقوبة حبس الأطباء في الأخطاء المهنية، والحبس الاحتياطي لهم، والتوافق على تعديل بعض مواد مشروع قانون المسئولية الطبية، وإلغاء عقوبة حبس الأطباء في الأخطاء المهنية، مع إلغاء الحبس الاحتياطي، وإضافة تعريف واضح للخطأ الطبي والتفريق بينه وبين الخطأ الطبي الجسيم.
وكذلك التوافق على أن تكون اللجنة العليا للمسئولية الطبية هي الخبير الفني لجهات التقاضي والتحقيق، والمسئولة عن إصدار التقرير الفني في الأخطاء المهنية، بالإضافة إلى تعديل مسمى مشروع القانون ليصبح قانون المسئولية الطبية وسلامة المريض، بدلا من وحماية المريض.
تعرض نقيب الأطباء لحملة ممنهجة وتجريح غير مسبوق بحق نقيب للأطباء، قادها عدد من أعضاء المجلس السابقين والحاليين، الذين حثوا زملاء لهم داخل المجلس الحالي على الاستقالة، وقد رضخ لتلك المطالب عدد من أعضاء المجلس الذين أعلنوا استقالتهم على صفحاتهم الرسمية على فيسبوك.
من جانبها دافعت النقابات الفرعية للأطباء عن موقف النقيب والنقابة العامة، مثمنة غاليا الجهود التي بذلها النقيب وما تحقق من مطالب في القانون الجديد عن إقراره من لجنة الصحة بمجلس النواب.
ورحب مجلس نقابة أطباء القاهرة، برئاسة الدكتورة شيرين غالب، بما أسفرت عنه نتائج اجتماع لجنة الصحة بمجلس النواب.
يأتي ذلك تزامنا مع قرار مجلس النقابة العامة للأطباء، بتأجيل انعقاد الجمعية العمومية غير العادية، التي كان مقررا لها اليوم الجمعة.
وأكد مجلس نقابة أطباء القاهرة، استمرار الجهود النقابية مع مجلس النواب لتحقيق مطالب الأطباء العادلة، والتي تضمن توفير بيئة عمل آمنة وصولا إلى صدور القانون في صيغته النهائية بما يراعي طبيعة المهنة ويضمن سلامة المرضى.
وأوضح البيان، الصادر عن المجلس، الخميس - بأن ما تمت مناقشته خلال الاجتماع عبر عن مخاوف الأطباء وتحفظاتهم، وعن الموقف النقابي الرافض لبعض مواد مشروع قانون المسئولية الطبية، "وجدت هذه التحفظات صدى واسعا من قبل لجنة الصحة المعنية بخروج هذا التشريع في صيغته النهائية".
وأشاد المجلس بما توصلت إليه اللجنة من إلغاء لعقوبة حبس الأطباء في الأخطاء المهنية، وكذلك إلغاء الحبس الاحتياطي في قضايا الأخطاء الطبية المهنية بالإضافة إلى الإجماع على تعريف واضح للخطأ الطبي والتفريق بينه وبين الخطأ الجسيم.
وتابع البيان: أسفرت المناقشات عن تعديل مسمى القانون ليصبح قانون المسئولية الطبية وسلامة المريض على أن تكون اللجنة العليا للمسئولية الطبية الخبير الفني لجهات التقاضي والتحقيق.
فيما ثمنت نقابة أطباء الجيزة جهود أجهزة الدولة ومجلس النواب في الاستجابة لمطالب الأطباء في تعديل بعض المواد في مشروع قانون المسئولية الطبية.
وأعلن أطباء الجيزة، تأييد قرار مجلس النقابة العامة بتأجيل الجمعية العمومية؛لحين الانتهاء من مناقشة مشروع القانون والتوصل لمسودة نهائية ترضي جموع الأطباء.
وقرر مجلس النقابة العامة للأطباء، تأجيل انعقاد الجمعية العمومية غير العادية التي كان مقررا لها اليوم الجمعة 3 يناير 2025، لمدة شهر، مع استمرار الجهود مع مجلس النواب لتحقيق كامل مطالب الأطباء العادلة، وصدور النسخة النهائية من مشروع القانون.