هل تشارك أمريكا في حرب الأردن على المخدرات القادمة من مناطق نظام الأسد؟
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
نشر موقع "ذا هيل" الأمريكي مقالا دعا فيه الولايات المتحدة إلى التدخل في الحرب التي تشنها الأردن، ودول المنطقة ضد المخدرات التي يتم تهريبها عبر مناطق سيطرة النظام السوري.
وجاء في المقال الذي كتبته الباحثة ناتالي إيكانو، أن الاجتماع الأمني الذي جرى نهاية تموز/ يوليو الماضي بين مسؤولين أردنيين وسوريين جاء متأخرا للغاية، وذلك في ضوء إنتاج المخدرات المستمر، وتهريب الكبتاغون من سوريا.
ولفتت إيكانو إلى أنه من المستبعد أن يمنع نظام الأسد إنتاج وتصدير المخدرات، وبالتالي فإن على الولايات المتحدة أخذ دورها في هذه المعركة.
وقالت "في أعقاب الحرب الأهلية السورية ومذابح نظام الأسد ضد السكان، تم تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، ولكن بعد عقد من الزمان، انتصر الأسد، ومع عدم وجود بدائل أخرى، صوتت جامعة الدول العربية على إعادة قبول سوريا في مايو، منهية تعليق النظام لمدة 12 عامًا، وبينما لم تعرب دمشق عن ندمها على تكتيكاتها الوحشية، قدمت تنازلاً هامًا واحدًا: فقد تعهدت بالحد من تجارة المخدرات المحلية".
وعادت إيكانو إلى الاجتماع الأمني الذي عقد قبل أسابيع، قائلة إن توقيت انعقاده يعني أن نظام الأسد لم يفعل ما يكفي لتحقيق محاربة المخدرات.
يشار إلى أن الاجتماع المذكور هو الأرفع والأهم منذ سنوات، إذ ضم قائد الجيش الأردني، ووزير الدفاع السوري، إضافة إلى رؤساء المخابرات من البلدين.
الأردن متضرر بشدة
بحسب إيكانو، وهي باحثة في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، فإن ضرر الأردن من المخدرات القادمة من سوريا تزايد خلال الفترة الماضية، فبعد أن كانت المملكة محطة عبور للمخدرات من سوريا إلى دول الخليج، باتت هذه الآفة تنتشر في المملكة بشكل متزايد، لا سيما حبوب الكبتاغون.
وأشار المقال إلى أن انتشار المخدرات داخل الأردن دفع قيادة الجيش إلى تغيير قواعد الاشتباك في كانون ثاني/ يناير من العام الماضي، عبر التوجيه بإطلاق النار المباشر تجاه المهربين على الحدود مع سوريا.
كما نفذ سلاح الجو الأردني غارات جوية عديدة داخل سوريا، استهدفت إحداها أحد أبرز زعماء عصابات المخدرات في درعا.
وأسقط الجيش الأردني عدة طائرات مسيرة يستخدمها مهربو المخدرات في نقل الحبوب، واستطلاع الوضع على الشريط الحدودي.
مكاسب للنظام
بحسب إيكانو، فإن الاعتماد على تصدير المخدرات هو مصدر دخل مهم للنظام السوري، رغم إعلانه أنه يحارب المخدرات.
وأوضحت في مقالها أن النظام الذي يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، يجد في المخدرات مكسبا هاما له، ما دفع العديد من مسؤولي النظام الكبار إلى التورط في هذه القضية.
وقالت إيكانو إن الولايات المتحدة تحركت بالفعل في الحرب ضد المخدرات، عبر فرض وزارة الخزانة عقوبات على العديد من الشخصيات السورية لتورطهم في تهريب المخدرات.
إلا أن الباحثة الأمريكية طالبت واشنطن بالمزيد من الجهود في إطار الحرب ضد المخدرات، إذ قالت إن البنتاغون عليه التعاون المباشر مع الجيش الأردني لاستهداف المهربين على الحدود.
وبرغم ذلك، لم تصدر أي إشارة من الجيش الأمريكي الذي ينشر قواعد له جنوبي سوريا عن تدخل محتمل في الحرب ضد المخدرات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات المخدرات سوريا سوريا الاردن المخدرات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ضد المخدرات نظام الأسد
إقرأ أيضاً:
هل تورطت دول المنطقة أم وُرِّطَت؟
د. عبدالله باحجاج
القاعدة المعاصرة لكل دولة عربية أو خليجية تكمُن الآن في أنه يستوجب عليها تأسيس ثقتها بمستقبلها بمعزلٍ عن أي شريك أو حليف أجنبي، وأن أي تحالف أو تكتُّل ثنائي أو جماعي ينبغي ألا يأخذ صفة الحصرية في الاعتماد عليه، ولا يمكن الثقة فيه مهما كانت التفاهمات والعلاقات التاريخية العميقة، وأن تكون الحصرية داخلية بامتياز، وهذه القاعدة تُنضجها الآن كل التجارب التي تمر بها دول المنطقة دون استثناء، وهنا نستشهد بتجربتين وباختصار.
أولا: التجربة السورية:
اعتمدت سوريا في عهدي الأسد (الاب والابن) على القوى الأجنبية بصورة حصرية على حساب داخلها، وبالذات روسيا التي كان وقوفها إلى جانب نظام بشار الأسد في الثورة السورية منذ مهدها عام 2011، فوق التصوُّر ضد الثورة والمعارضين، بسبب أنها كانت تعتبر بقاء نظام الأسد مُتعلقًا ببقاء نفوذها في الشرق الأوسط، وذلك بهدف تحقيق مصالحها على المستوى الجيوسياسي، مُستفيدةً من موقع سوريا الاستراتيجي المُطِل على البحر الأبيض المتوسط. وحسب مركز جسُور الدراسات (مقره تركيا)، فقد بلغ عدد المواقع العسكرية للقوى الخارجية في سوريا حتى منتصف 2023، نحو 830 موقعًا عسكريًا، 105 منها مناطق تحت السيطرة الروسية، وتتوزع بين 20 قاعدة عسكرية و85 نقطة عسكرية.
ومع هذا كله، سمحت موسكو بسقوط نظام الأسد بصورة درامية لا تعكس تلكم الخلفيات، كما قَبِلَ الغرب والعرب -والخليج في مقدمتهم- بشخصية تأسست بثلاثة مُسمَّيات؛ أولا: رئيس هيئة تحرير الشام (الجهادية)، وثانيا: قائد المعارضة السورية، وثالثا: رئيس الجمهورية السورية العربية، وهو الرئيس أحمد الشرع المعروف باسم (أبو محمد الجولاني). وكفى بهذه التحولات الدراماتيكية في التجربة السورية دروسًا ذهبية للخليج، لفهم المُتغيِّر والثابت في شؤونها الداخلية وعلاقاتها الدولية. وهنا أيضًا راديكالية غربية/ أمريكية في الاعتراف بأي قوة تظهر فوق السطح، مهما كان تاريخها وأفكارها، إذا ما ضمنت مصالحها من خلالها. أمريكا، والغرب عامةً، يفكرون في مستقبل مصالحهم على المدى الطويل الأجل، وإذا ما وجدته في أي قوة داخلية صاعدة، فلن تتردد في مساعدته على النجاح، ومن ثم الاعتراف به. وهنا نتساءل: هل الخليج تورَّط أم وُرِّطَ -أو كلاهما- في التجربة السورية الجديدة؟
هنا ينبغي توضيح مبدأ واستثناؤه، والمبدأ يكمن في حق الشعب السوري الشقيق أن يكون له نظام عادل يحترم حقوق وحريات مواطنيه، ويؤمِّن لهم كرامتهم في العيش الكريم داخل وطنه، وهذا ما تتجه إليه الآن سوريا في عهدها الجديدة، فكل ما يصدر عن الإدارة السورية الحاكمة برئاسة الشرع (الجولاني) يسير باتجاهٍ مختلف عن نظيراتها العربية؛ فهو يسعى لتأسيس دولة المؤسسات والقانون واستقلالية القضاء وعدالته، ودولة التداول السلمي للسلطة. أما الاستثناء، فيكمُن في حالة الإلهام الذي تستقبله الجماعات الأيديولوجية في المنطقة من تجربة وصول الجماعة الأيديولوجية السورية للحكم، وقبلها حركة طالبان وجماعة أنصار الله (الحوثي) في اليمن.
هنا تجد دول المنطقة في تحديات غير مسبوقة؛ إذ من خلال هذه التحديات لا يُمكن أن تظل مُتمسِّكة بخياراتها السياسية والاقتصادية والمالية دون تحليل التجربة السورية الجديدة وانعكاساتها عليها؛ لأننا نعتبرها كصيرورة لن يقتصر تأثيرها على الجغرافيا السورية في حالة نجاحها، وإنما ستُغيِّر المفاهيم وتُعجِّل بنضوج القناعات الفكرية للديموغرافيات والقوى الفاعلة داخل المنطقة، ولعل أبرزها -كما أشرنا إليها في مقال سابق- نضوج "أسلمة" السُلطة السياسية كقائدة لتحقيق العدالة والتنمية وتوزيع الثروات بشفافية ورقابة المؤسسات.. إلخ.
ثانيًا: انقلاب الأمريكان والصهاينة على العرب: إذ كيف يُمكن وصف مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء استلامه الحكم في بلاده بتهجير سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن، وموقف الإرهابي مجرم الحرب نتنياهو من إقامة دولة فلسطينية على أراضي المملكة العربية السعودية كونها شاسعة، ردًا على موقفها المُتجدِّد من حتمية إقامة الدولة الفلسطينية، ورفضها تهجير سكان قطاع غزة خارجه؛ فالحليف الأمريكي ومن يدعمه، لا ضمانة ولا أمن ولا أمان لهم، بحكم نصوص دينية وتجارب تاريخية، وسنكتفي اختصارًا بالأولى كقوله تعالى: "وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ" (البقرة: 120). والنص القرآني هنا واضح، وإسقاطاته المعاصرة في ضوء ما سبق ينبغي أن تكون واضحةً سياسيًا الآن، وإلّا فكيف يكون الحليف أو الشريك طامعًا في أراضي وثروات حليفه أو يضعُهم في موقفٍ مُلتبسٍ مع شعوبهم، هذا أقل ما يمكن وصفه على الأقل!
هنا نجد التساؤل يتكرر معنا مُجددًا: هل وُرِّطَت أم تورَّطَت الدول العربية في رهاناتها على الأمريكان ومن ورائهم الصهاينة؟ لأن أطماعهم فيها قد انكشفت الآن، وهنا ندعو دول المنطقة إلى تحليل التجربتين سالفتي الذكر، وأي تحليل سياسي موضوعي ستخرج منه الدول العربية بالنتائج التالية: ليس هناك من خيارٍ سوى إعادة النظر في خياراتها الداخلية الجديدة باتجاه تعزيز مفهوم الدولة الوطنية القوية الضامنة لحقوق وحريات شعوبها، خاصةً في مجال العيش الكريم بمؤسسات تُديرها سلطات واعية، ليس مهمتها صياغة استراتيجية ذكية واستصدار سياسات وقرارات من خارج الصندوق فحسب، وإنما الإجابة على تساؤل: ما نتائجها أو تداعياتها مسبقًا؟ ودون ذلك، فقد ترتد خيارتها على مفهوم الدولة الوطنية القوية دون العِلم المُسبق بالمآلات (نتائج وتداعيات)، ونُكرِّر في هذا السياق ما نُعلي من شأنه دائمًا، وهو من مُسلَّماتنا المطلقة، وهو أن التوترات والصراعات المقبلة لن تُطلق فيها رصاصة واحدة، وإنما ستقوم على تفكيك مناعة الدولة الأيديولوجية والاجتماعية والسياسية، مهما مارست الدول من سياسة تكميم الأفواه والضغوط القهرية على مجتمعاتها؛ بل سيكون ذلك من تداعيات التعجيل بانتصار الأعداء وكل مُستهدف للدول الآمنة والمطمئنة.
رابط مختصر