#الحرب_المنقوصة_على_الفساد _ #ماهر_أبوطير
الذي يقرأ مقتطفات من تقرير ديوان المحاسبة لعام 2023، يدرك أن الفساد يتواصل بأنماط مختلفة على الرغم من كل “حفلات التشميس” التي تجري بحق الفاسدين في الإدارات.
إذا عدنا إلى تقارير السنوات الماضية، نكتشف أن لا أحد يتعلم، والفساد يقع كل مرة بطرق مختلفة، ومن أبرز هذه الطرق إساءة الائتمان، والتصرف بسلطة الإنفاق بطريقة جائرة، أو الفساد المباشر أو غير المباشر، والمفارقة هنا أن الشعب يتهم الحكومات بالتورط بالفساد، لكن التدقيق في حالات تقرير ديوان المحاسبة، وحتى ملفات هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، يكتشف أن كثرة لا توفر المال العام وتحاول السطو عليه، من “المواطن المحاسب” الذي يفوتر فواتيره بطريقة مزورة ويسطو على مبالغ كبيرة، وصولا إلى “المواطن الموظف” الذي يقبض المال ولا يداوم أصلا، معتبرا أن هذا يعد حلالا، مرورا ببقية القصص التي يعرفها الناس، ويجري النشر حولها إعلاميا، وهذا يعني أن الجرائم لها أصحابها، ولم تأت من كوكب آخر، أو مجتمع ثان.
تصحيح الأخطاء واستعادة المال العام في تقارير ديوان المحاسبة، وتجاوب الجهات الرسمية أمور مهمة، لكن اللافت للانتباه هنا، أن المخالفات تتواصل، فهي لا تتوقف، برغم أن التعليمات محددة في كل طرق إنفاق المال العام، والصلاحيات محددة، وبرغم ذلك تقع محاولات متواصلة، ولولا ذلك لما صدرت تقارير ديوان المحاسبة، بكل هذه الملفات والقصص.
مقالات ذات صلةالوجه الآخر للمشكلة أن بعض الوزراء أو بعض المديرين وحتى لا يتم اتهامهم بأي تجاوزات في تقارير ديوان المحاسبة، أو حتى ملفات هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، يميلون لحماية أنفسهم، ويتوقفون عن الاجتهاد، من خلال التشدد المفرط، والمبالغة بالتحوط ومنع الإنفاق أو حتى حل مشكلة معاملة، أو اتخاذ أي قرار، حتى لايتم سؤالهم، وهكذا نحن أمام حالين، إما إفراط وتفريط، وإما تحوط وحذر يؤدي لعرقلة العمل، في حالات كثيرة نعرفها من خلال تجارب معينة.
الفساد يتمدد والقصة لا تقف عند الحكومات، وحيثما وليت وجهك في حياتك اليومية، يستغلك كل من تقع بين يديه مثل أضحية العيد التي يتم تقطيعها، من الكهربائي الذي يصلح سيارتك، مرورا بالميكانيكي، وكل أصحاب هذه المهن، وهذا أمر شائع ومعروف، لأن “الفهلوة” باتت ثقافة شعبية، كنا نظنها غير موجودة، وهي ثقافة تمددت إلى قطاعات ثانية، فالمياه تتم سرقتها، والكهرباء تتم سرقتها، والكل يقول لك إن الحياة غالية، ولانستطيع العيش ببساطة، ولا بد من حلول ولو بالمال الحرام، والبعض يقول إن غيرنا يسرق، فلماذا لا نسرق نحن أيضا، وهذا حال أقلية بيننا، حتى لا نعمم، لأن الأكثرية تعرف الحلال والحرام، ولا تقبل على نفسها التطاول.
بعض المسؤولين قالوا في فترات معينة إن كثرة الكلام عن الفساد في الأردن يضر بالاستثمار وسمعة البلد، وإن هناك مبالغات، وإن الفساد يبدو انطباعيا، وإنه لا يمكن إدانة أي ميسور لكونه مرزوقا وميسورا، وهذا أمر صحيح، لأن الإدانة هنا ليست للغنى، بل للفساد، في حال كان أصل الغنى منسوبا للفساد، فيما سمعة البلد التي تتضرر بسبب الكلام عن ملفات الفساد الصحيحة، والمصطنعة، توجب هنا إغلاق كل الثغرات الصغيرة والكبيرة، لا منع الكلام.
الخلاصة تقول إن علينا مراجعة عمل كل هذه المنظومات من حيث صلاحياتها، ومرجعياتها، وقوتها القانونية والإجرائية، وتغيير كل أسس المتابعة والمراقبة والمحاسبة، وبدون ذلك سنقرأ كل عام تقارير جديدة من كل هذه المؤسسات، ويراد لنا أن نصدق أن الفساد حالة انطباعية، بما يقول إن الحرب على الفساد ما تزال منقوصة، وبحاجة إلى تصور جديد.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: دیوان المحاسبة
إقرأ أيضاً:
الحرب التجارية تتصاعد.. رسوم ترامب الجمركية تدخل حيز التنفيذ وهذا موقف الصين
عواصم - رويترز
دخلت رسوم جمركية "مضادة" فرضها الرئيس دونالد ترامب على عشرات الدول حيز التنفيذ اليوم الأربعاء، بينها رسوم ضخمة بنسبة 104 بالمئة على السلع الصينية، وهو ما أدى إلى تفاقم حرب تجارية عالمية وتحفيز عمليات بيع واسعة النطاق في أسواق المال.
وتسببت الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب في هزة للنظام التجاري العالمي القائم منذ عقود وأثارت مخاوف من الركود وأدت لخسارة تريليونات الدولارات من القيمة السوقية لشركات كبرى.
ومنذ أن كشف ترامب عن تلك الرسوم الأربعاء الماضي، تكبد مؤشر ستاندرد اند بورز 500 أكبر خسارة منذ إطلاقه في خمسينيات القرن الماضي. ويقترب المؤشر الآن من أن يصبح من الأسواق التي تسودها الرهانات على الهبوط والتي تتحدد بتراجع بنسبة 20 بالمئة عن أعلى مستوى بلغته في الآونة الأخيرة.
كما تأثرت السندات العالمية القياسية، وهي أصول تعتبر آمنة نسبيا، بالاضطرابات التي شهدتها الأسواق مع تحول مثير للقلق نحو عمليات بيع اضطرارية طلبا لملاذ.
كما أشارت العقود الآجلة للأسهم الأوروبية والأمريكية إلى احتمالات تكبد مزيد من الخسائر في أعقاب جلسة عصيبة شهدتها معظم الأسواق الآسيوية. إلا أن الأسهم الصينية صمدت بدعم من مساندة من الدولة.
وتجاهل ترامب التراجع الحاد في الأسواق وقدم للمستثمرين إشارات متضاربة حول ما إذا كانت الرسوم الجمركية ستبقى على المدى الطويل، ووصفها بأنها "دائمة" لكنه تفاخر أيضا بأنها تضغط على الزعماء الآخرين لطلب المفاوضات.
وقال في البيت الأبيض أمس الثلاثاء "تأتي لنا الكثير من الدول تريد أن تعقد صفقات" وأضاف في وقت لاحق أنه يتوقع أن تسعى الصين للتوصل لاتفاق أيضا.
ومن المقرر أن تجري إدارة ترامب محادثات مع كوريا الجنوبية واليابان، وهما حليفان مقربان وشريكان تجاريان رئيسيان للولايات المتحدة، كما من المقرر أن تزور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني الولايات المتحدة الأسبوع المقبل.
ومن المتوقع أيضا أن يتحدث نائب رئيس وزراء فيتنام مع وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت في وقت لاحق من اليوم الأربعاء. وفيتنام هي مركز للتصنيع منخفض التكلفة في آسيا وفرض عليها ترامب بعضا من أعلى الرسوم الجمركية على مستوى العالم.
ودفعت احتمالات إبرام صفقات مع دول أخرى أسواق الأسهم إلى الارتفاع أمس الثلاثاء، لكن الأسهم الأمريكية تخلت عن مكاسبها بنهاية يوم التداول.
وقال وزير المالية الألماني يورج كوكيس اليوم الأربعاء إن أكبر اقتصاد في أوروبا معرض لخطر ركود جديد نتيجة للتوتر التجاري. ويقدر بنك جيه.بي مورجان أن احتمال دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود بنهاية العام يصل إلى 60 بالمئة.
* موقف الصين
رفع ترامب الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى مثليها تقريبا بعد أن كانت بنسبة 54 بالمئة الأسبوع الماضي، ردا على رسوم مضادة أعلنتها بكين قبل أيام. وتعهدت الصين بالتصدي إلى ما تعتبره ابتزازا.
وتعهدت شركات وساطة صينية كبرى بالمشاركة في جهود تبذلها شركات حكومية من أجل استقرار أسعار الأسهم المحلية بسبب الاضطرابات التي تسببت فيها تلك الرسوم.
وخفض بنكا نيوزيلندا والهند المركزيان أسعار الفائدة اليوم الأربعاء مما قد يمهد لخطوة أوسع نطاقا يتخذها صناع السياسات لمحاولة التخفيف من وطأة الرسوم على اقتصاد بلادهم.
كما تضخ دول أخرى دعما ماليا لقطاعات تصدير أساسية. وأعلنت كوريا الجنوبية عددا من الإجراءات الطارئة لشركات السيارات منها خفض للضرائب وتقديم للدعم.
وحذر بعض خبراء الاقتصاد من أن المستهلكين الأمريكيين سيتحملون على الأرجح وطأة الحرب التجارية في نهاية المطاف بارتفاع أسعار كل السلع.
وأظهر استطلاع جديد للرأي أجرته وكالة رويترز بالتعاون مع مؤسسة إبسوس أن ما يقرب من 75 بالمئة من الأمريكيين يتوقعون ارتفاع أسعار السلع اليومية في الأشهر الستة المقبلة.
وبدأ يوم السبت تطبيق الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب بنسبة 10 بالمئة على جميع الواردات من العديد من البلدان.
وشملت الجولة الأحدث من الرسوم الجمركية دولا وصفها ترامب بأنها "تنهب" الولايات المتحدة.
وشملت تلك القائمة بعض أقرب حلفاء واشنطن بما في ذلك الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم تبلغ 20 بالمئة إضافة إلى رسوم على قطاعات معينة. ومن المقرر أن يصوت التكتل على إجراءات مضادة مبدئية في وقت لاحق اليوم الأربعاء.
وقال وزير المالية الياباني اليوم الأربعاء إن المفاوضات التجارية مع واشنطن قد تشمل معدلات الصرف للعملة، في ظل اتهامات من واشنطن بخفض طوكيو للين من أجل اقتناص ميزات تجارية وهو ما تنفيه طوكيو.
كما ألمح ترامب إلى أنه لم ينته بعد من فرض رسوم جمركية.