العملات المشفرة تختتم عام المكاسب القياسية متطلعة لوعود ترمب
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
إنه حقاً عام العملات المشفرة. هكذا يمكن وصف عام 2024، حيث واصلت هذه العملات تحطيم الأرقام القياسية. ومع بدء عام 2025، فإن الكثير من المهتمين والمستثمرين في هذا القطاع ينتظرون أن يواصل مسيرته الصعودية، إلا أن هذا الأمل مرهون بعدة عوامل.
تعهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال الحملة الرئاسية بفعل الكثير لدعم قطاع العملات المشفرة.
لحظات مفصلية
على الرغم من أن الصعود السريع والقوي لأسعار العملات المشفرة كان مفاجئاً إلا أن زخمه كان تدريجياً، فمنذ بداية 2023، بدأت التطورات التي منحت القطاع دفعة طالما انتظرها.
أبرز هذه التحركات ما صدر عن "عدو الصناعة" شخصياً كما تصفه السوق، أي رئيس هيئة البورصات والأوراق المالية غاري غينسلر، بشأن الموافقة على صناديق "بتكوين" المتداولة في البورصة الأميركية.
هذه الخطوة التي جاءت في يناير الماضي، أتاحت وصول مُستثمرين جديد إلى السوق، كما عززت حجم وسيولة أكبر عملة مشفرة. بالإضافة لذلك، شكلت خطوة أولى نحو إطلاق صناديق متداولة في البورصة تستثمر في عملة "إيثريوم" الأصغر، ليصل عدد هذه الصناديق حالياً إلى 12 صندوقاً.
وللدلالة على أهمية هذه الصناديق، تكفي الإشارة إلى أنها جذبت منذ فوز ترمب وحتى التاسع من ديسمبر نحو 10 مليارات دولار.
تدفق نحو 10 مليارات دولار إلى الصناديق المتداولة في البورصة التي تستثمر مباشرة في "بتكوين" في الولايات المتحدة منذ أن أصبح دونالد ترمب رئيساً منتخباً.
هذا الزخم الذي حصلت عليه العملات المشفرة دفع العديد من الشركات الجديدة إلى دخول القطاع. فضلاً عن ذلك، تلقت السوق دفعةً من تسهيل شركات عملاقة أخرى عمليات بيع وشراء العملات المشفرة، إذ سمحت "فيزا" وبورصة العملات المشفرة "كوين بيس" للمستخدمين بنقل الأموال بسلاسة بين الحسابات المصرفية ومحافظ العملات المشفرة، كما أتاحت "باي بال" عمليات شراء وبيع العملات المشفرة داخل تطبيقها.
من ناحية أخرى، عززت الشركات المخضرمة في القطاع نشاطها، وشرعت شركة "مايكروستراتيجي" خلال معظم العام الماضي بشراء "بتكوين"، كما طرحت أسهماً بهدف تمويل عمليات شراء هذه العملة المشفرة. وتمتلك الشركة حالياً عملات "بتكوين" تزيد قيمتها عن 40 مليار دولار، ما يجعلها أكبر شركة مدرجة تمتلك هذه الأصول الرقمية.
تحسينات في تقنية العملات
القطاع شهد أيضاً دفعة بفضل العديد من التحسينات التقنية التي تهدف إلى تعزيز أداء وتداولات العملات المشفرة، وخصوصاً "إيثريوم".
أبرز هذه التحسينات جاء في مارس الماضي، إذ تم إطلاق تحديث "دنكن" الذي يهدف إلى معالجة أبرز تحد أمام هذه العملة المشفرة: كلفة المعاملات المرتفعة. هذا التحديث استطاع تخفيض كلفة المعاملات بحوالي 20 مرة.
بعد هذا التحديث، شهدت العملة المشفرة تحديثاً جديداً أُطلق عليه "بيكترا" يهدف إلى جعل "إيثريوم" أكثر سرعة وأماناً، وأكثر سهولة للاستخدام. كما تم إطلاق "إي آي بي 3074"، وهو تحديث يهدف إلى تجميع عدد من المعاملات في معاملة واحدة، ما يسرع العملية ويخفف من التعقيدات التقنية.
نضوج العملات المستقرة
لم تكن هذه الخطوات الوحيدة التي دفعت مسيرة العملات المشفرة، إذ ساهم نضوج العملات المستقرة في دعم القطاع أيضاً.
لعبت العملات المستقرة دوراً حيوياً في دعم العملات المشفرة الأخرى، إذ وفرت للمستثمرين السيولة الأساسية أثناء تقلبات السوق. والعملات المستقرة تُعتبر نوعاً من العملات المشفرة والتي تهدف إلى الحفاظ على سعر ثابت مرتبط بعملة ورقية، وعادةً ما يجري اختيار الدولار الأميركي لهذا النوع من الربط.
زادت أهمية العملات المستقرة بشكل واضح خلال العام الماضي، ففي نوفمبر 2024، أفادت بيانات شركة "دي في لاما" بأن قيمة هذه السوق بلغت 190 مليار دولار، بارتفاع نسبته 46% مقارنة ببداية السنة.
كما جرى تسليط الضوء على الشراكة بين "سيركل إنترنت فاينانشيال" (Circle Internet Financial)- مُصدرة العملة المستقرة "يو إس دي سي" (USDC)- ومنصة "بينانس" لتداول العملات المشفرة، والتي تسمح بزيادة استخدام الأصل على منصة التداول، كدليل على دور العملة المستقرة المتزايد في ترسيخ نشاط العملات المشفرة.
وتأتي هذه الشراكة الموسعة، في فترة تعزز فيها "تيذر"، أكبر منافسي "سيركل"، الحصة السوقية المهيمنة لعملتها المستقرة "يو إس دي تي" (USDT) خلال موجة ارتفاع أسعار العملات المشفرة حالياً.
ترمب يدفع القطاع
كل هذه العوامل وغيرها، شكلت لحظات فاصلة في عالم العملات المشفرة خلال العام الماضي. إلا أن فوز دونالد ترمب بالرئاسة الأميركية شكل أبرز المحطات في مسار ذلك القطاع.
ساهم فوز ترمب بشكل كبير في وصول سعر "بتكوين" إلى عتبة 100 ألف دولار القياسية رغم حدوث عملية التنصيف، التي تخفض المكافأة المقررة لمعدني العملة المشفرة إلى النصف، خلال السنة الماضية، ورفع أسعار العملات المشفرة الأخرى، على غرار "إكس آر بي" التي أصبحت ثالث أكبر عملة مشفرة في السوق بداية الشهر الماضي.
تأثير ترمب لم يقتصر على الأقوال فقط وإنما امتد إلى الأفعال، فقد قدم الرئيس المنتخب شخصيات رئيسية مؤيدة للقطاع في بعض المناصب الرئيسية، كما استحدث منصباً مخصصاً للذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة في البيت الأبيض، ورشح ديفيد ساكس لقيادته، فضلا عن اقتراحه تعيين بول أتكينز لقيادة هيئة الأوراق المالية والبورصات بدلاً من غينسلر، ما منح القطاع دفعةً لا تزال سارية في أرجائه حتى الآن.
توقعات بارتفاع الأسعار
أعطت هذه التعيينات بريق أمل بالنسبة للسوق التي لطالما اعتبرت إدارة جو بايدن "مقيدة" للقطاع، وهو ما ساهم في الارتفاع الصاروخي للعملات المشفرة وخصوصاً "بتكوين" التي قفزت السنة الماضية ما يزيد عن 120%، متفوقة على غالبية الأسهم أو الذهب.
يظهر التفاؤل حيال أداء العملات المشفرة أيضاً في العام المقبل جلياً عبر توقعات بيوت الاستثمار لأسعار "بتكوين" خلال العام المقبل. إذ تتوقع شركة "بيرنستين" (Bernstein) أن تصل أسعار "بتكوين" في العام المقبل إلى 150 ألف دولار.
اللافت أن هذا الرقم هو الأقل بين التوقعات الأخرى التي شملت كلاً من "بيت وايز" (Bitwise)، و"فان إيك" (VanEck)، و"ستاندرد تشارترد" (Standard Chartered)، و"فاند سترات" (Fundstrat). وتراوحت توقعات هذه الشركات لأسعار "بتكوين" بين 180 ألف دولار و250 ألف دولار.
تراهن الغالبية في السوق على أن تنصيب ترمب سيدعم أسعار العملات المشفرة أكثر. على الرغم من ذلك يرى باتريك بوش، محلل أول لأبحاث الأصول الرقمية في "فان إيك" أن مسيرة "بتكوين" حتى مع تسلم ترمب منصبه ستتسم "بالتقلب"، متوقعاً في مقابلة مع "الشرق" أن تشهد الأسعار عمليات تصحيح لفترة.
وقلصت بتكوين مكاسبها لتحوم قرب 93922 دولاراً ما يقل بنحو 15 ألف دولار عن المستوى القياسي الذي سجلته في منتصف ديسمبر الماضي.
بوش اعتبر أن الأداء الجيد للعملات المشفرة قد يتجدد "عندما يتم اتخاذ تدابير حاسمة مثل تلك المتعلقة بالعملات المستقرة، أو إنشاء احتياطي أميركي من بتكوين"، مضيفاً: "حتى يتم الإعلان عن هذه الخطوة، أو حدوث تغييرات جادة في السياسات، فلن نرى أي تغيير كبير، لأن هذه الخطوات هي "الحافز الذي سيدفع الناس للشراء".
بوش ليس الوحيد الذي عكس مسار التفاؤل في السوق، ففي ديسمبر الماضي، حذّر مايكل هارتنيت، المحلل لدى "بنك أوف أميركا"، من أن موجة الصعود القوية في الأسهم الأميركية والعملات المشفرة، خلفت ما يبدو أنها فقاعة في هذه الأصول.
شكوك بوعود احتياطي بتكوين
من جهة ثانية، يشكك الكثير من الخبراء في إمكانية إنشاء احتياطي من "بتكوين"، خصوصاً لما تنطوي عليه هذه الخطوة من مخاطر.
تشير كل من أولغا خريف وإيزابيلا لي من "بلومبرغ" إلى أن شراء الحكومة الأميركية كمية كبيرة من "بتكوين" لإنشاء مخزون قد يجعلها لاعباً رئيسياً في سوق العملات المشفرة، مما قد يؤدي إلى تقلبات في السوق. كما حذرتا في تقرير نشرته "بلومبرغ"في ديسمبر الماضي، من أن هذه الخطوة قد تؤثر سلباً على قيمة الذهب، حيث قد يتجه المستثمرون نحو "بتكوين" كبديل عن المعدن الأصفر.
كما تتعارض أساسيات العملة نفسها مع مقترح ترمب، فالعملة مُصممة على أن يتراجع المعروض منها بمرور الوقت، وذلك لمنع التضخم المفرط، مما يعزز قيمتها كأصل نادر.
ويعتقد إدوارد تشين، الشريك المؤسس لشركة "باراتاكسيس كابيتال" (Parataxis Capital)، أن المعروض السنوي البالغ 164,250 وحدة لن يكفي لتلبية الطلب المتوقع من "مايكروستراتيجي" والاحتياطي الفيدرالي، إلى جانب الصناديق السيادية والمستثمرين العالميين، ما قد يؤدي إلى نقص في السوق وارتفاع كبير في الأسعار. ويُقدر تشين أن سعر "بتكوين" قد يصل إلى 500 ألف دولار أو حتى مليون دولار إذا أصبحت جزءاً من القاعدة النقدية العالمية مثل الذهب، وفق "بلومبرغ".
السوق بين نارين
الخلاصة، يُرتقب أن تكون رئاسة ترمب الثانية "نعيماً" على قطاع التشفير، إن صدق بوعوده أو نفذ الغالبية العظمى منها.
لكن عدم تنفيذ ترمب لهذه الوعود، أو في حال شعرت السوق بأن السياسات المنفذة لا تلبي التطلعات، فقد يؤدي ذلك إلى إطلاق موجة بيع من شأنها إحداث انهيار كبير في قيمة العملات المشفرة، ما قد يؤثر على قطاع تزيد قيمته حالياً عن 3 تريليونات دولار.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار أسعار العملات المشفرة العملات المستقرة العملة المشفرة هذه الخطوة ألف دولار فی السوق
إقرأ أيضاً:
فضيحة المال والسلطة.. كيف يحوّل ترامب الرئاسة إلى إمبراطورية شخصية؟
نشر موقع "إنترناتسيونالي" تقريرًا سلّط فيه الضوء على الجانب المالي في سياسات ترامب، وكيفية استغلاله للسلطة لتحقيق مكاسب شخصية، بما في ذلك مشاريعه التجارية، ودعم الشركات المحافظة، واستثماراته في العملات الرقمية، ما يجعله رئيسًا ورجل أعمال في آن واحد.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه خلال هذا الأسبوع، نشر ترامب ربما أكثر شيء سريالي منذ أن دخل السياسة وهو مقطع مسور يُظهر كيف يمكن أن تصبح غزة بفضل خطط إدارته، وفي تصاعد الصور العبثية، هناك خيط ناظم، وهو المال، ليس فقط المال الذي من المفترض أن يصل إلى غزة، بل بالأخص المال الذي قد يجنيه ترامب من خلال تحويل القطاع إلى "ريفيرا" الشرق الأوسط.
وأوضح الموقع أنه في الفيديو هناك عناصر واقعية أكثر مما قد يبدو، وفي عدة لقطات، يظهر مدخل ناطحة سحاب تحمل عبارة "ترامب غزة"، وهو مبنى يشبه إلى حد كبير فنادق الكازينو التي بنى عليها الرئيس جزءًا كبيرًا من ثروته، وفي نقطة معينة، تظهر تماثيله (ذهبية بالطبع) معروضة للبيع على رفوف أحد المتاجر، مما يذكّر بالمئات من المنتجات التي يبيعها ترامب على موقعه، والتي تشمل: قبعات، وورق تغليف، وبطانيات، وقمصان كرة القدم، وأعلام للقوارب، وسلاسل مفاتيح، وغير ذلك الكثير.
وأوضح الموقع أنه عند محاولة تفسير أسلوب ترامب في الحكم، لا يجب أبدًا نسيان أن إمكانية تحقيق مكسب شخصي تلعب دائمًا دورًا أساسيًا، فقد كان الفوز في الانتخابات الرئاسية نعمة له ولعائلته، وذلك في وقت لم تكن فيه أعماله التجارية تسير على ما يرام.
ونقل الموقع عن تاي كوب، وهو محامٍ عمل مع ترامب خلال ولايته الأولى ثم ابتعد عنه، قوله
لصحيفة وول ستريت جورنال إن الرئيس أصبح أكثر وقاحة في جني الأرباح من الرئاسة وتجاهل مخاطر تضارب المصالح، كما أنه يستغل المناخ السياسي إلى أقصى حد، مما يدفع الشركات ووسائل الإعلام إلى الخضوع لرغباته.
وتلقت عائلة ترامب حتى الآن ما لا يقل عن 80 مليون دولار بمختلف الأشكال من سلسلة من الشركات، التي دفعت في معظم الحالات لتسوية نزاعات قانونية، فعلى سبيل المثال وافقت ميتا، الشركة التي تسيطر على فيسبوك وإنستغرام وواتساب، على دفع 25 مليون دولار (حيث كان محامو ترامب قد اتهموا شبكة التواصل الاجتماعي التي يملكها مارك زوكربيرغ بانتهاك قواعد حرية التعبير من خلال تعليق حساب الرئيس بعد أحداث التمرد في مبنى الكابيتول عام 2021).
وذكر الموقع أنه في ديسمبر/كانون الأول أعلنت "إيه بي سي نيوز"، القناة الإخبارية المملوكة لشركة ديزني، أنها ستدفع 15 مليون دولار لإنهاء سيل الدعاوى القضائية التي رفعها ترامب ضد المذيع جورج ستيفانوبولوس، وكشفت قناة تلفزيونية أخرى، وهي "سي بي إس"، أنها تجري مفاوضات مع الرئيس، الذي هاجمها بتهمة سخيفة مفادها أنها زورت مقابلة مع منافسته كامالا هاريس؛ ووفقًا للصحف الأمريكية، قد تضطر باراماونت جلوبال، الشركة المالكة لـسي بي إس، إلى دفع ما يصل إلى عشرة ملايين دولار. وحتى جوجل قد تتوصل إلى اتفاق مشابه بشأن قضية بدأت بعد إزالة حساب يوتيوب الخاص بترامب في عام 2021.
وقد تم دفع جزء كبير من تلك الأموال على شكل تبرعات لصندوق مخصص لمكتبة الرئيس، والذي تديره منظمة غير ربحية تتمثل مهمتها في "حفظ وإدارة" إرث ترامب.
وأشار الموقع إلى أن هناك عشرات الملايين من الدولارات التي، بطرق مختلفة، تصل أو ستصل إلى جيوب أقارب الرئيس المقربين، فمثلا وافقت أمازون، وهي شركة تشتهر بحرصها على استثماراتها وقدرتها على التفاوض، على دفع أربعين مليون دولار لإنتاج فيلم وثائقي عن حياة ميلانيا ترامب! وهو أعلى مبلغ أنفقته شركة جيف بيزوس على فيلم وثائقي، وهو تقريبًا ثلاثة أضعاف العرض الذي احتل المركز الثاني، وفقًا لما ذكرته وول ستريت جورنال، وبينما رفضت نتفليكس وآبل تقديم عروض؛ قدمت ديزني عرضًا بقيمة 14 مليون دولار. وفي هذه الأثناء، قام جيف بيزوس بعدة تحركات لكسب المزيد من رضا الرئيس، كان آخرها قبل بضعة أيام، عندما أعلن أن صفحة الآراء في واشنطن بوست (المملوكة له) ستتركز على مواضيع "الحريات الشخصية" و"السوق الحرة".
ومن المتوقع أن تحصل السيدة الأولى على 70 بالمئة من المبلغ الإجمالي، وهي تسعى إلى تعظيم الأرباح بطرق أخرى، مثل محاولة بيع "رعايات" للفيلم، بدءًا من 10 ملايين دولار، إلى الرؤساء التنفيذيين والمليارديرات الذين كانوا مدعوين إلى حفل تنصيب زوجها. قبل الانتخابات، ورد أن ميلانيا طلبت 250 ألف دولار من "سي إن أن" مقابل الموافقة على إجراء مقابلة.
وعلى صعيد آخر؛ ذكر الموقع أنه من بين أبناء ترامب، كان دونالد جونيور حتى الآن هو الأكثر نشاطًا في إبرام صفقات تجارية، مستفيدا من قربه من مراكز السلطة، إذ يروج لنفسه كمدافع عن محاربة التيار السياسي الصحيح، ويقود سلسلة من المبادرات التجارية لاستغلال التحول الثقافي المحافظ الذي تقوده إدارة والده.
وفي يناير/كانون الثاني، كتب على حسابه بمنصة إكس: "أفي الوقت الذي يتجنب فيه المستثمرون التقليديون دعم الشركات التي لا تواكب الاتجاهات الفكرية والسياسية المنتشرة حاليًا، أريد أن أقف إلى جانب هذه الشركات وأدعمها." وبعد أيام قليلة من فوز والده، أعلن دونالد جونيور أنه سيصبح شريكًا في كابيتال 1789، وهي شركة رأس مال استثماري تستثمر في الشركات المحافظة، ومن بين استثماراته أيضًا شركة الاتصالات الخاصة بـ تاكر كارلسون، المذيع السابق في فوكس نيوز.
ووفقًا لما كتبته وول ستريت جورنال، فإن "دونالد جونيور أصبح أيضًا جزءًا من الهيكل الإداري لعدة شركات قد تستفيد من السياسات الفيدرالية، بدءًا من نفقات وزارة الدفاع (البنتاغون)، إلى اللوائح الخاصة بالمراهنات عبر الانترنت، وصولًا إلى الرسوم الجمركية ضد الواردات الصينية".
وقد أدى الإعلان عن تورطه في هذه الشركات إلى ارتفاع كبير في أسعار أسهمها. على سبيل المثال، ارتفعت أسهم "إنيوجوال ماشينز"، وهي شركة متخصصة في إنتاج الطائرات المسيرة، بنسبة 249 بالمئة بعد تعيين ابن الرئيس كمستشار.
ولفت الموقع أيضًا إلى وجود ملف العملات الرقمية، الذي غيّر ترامب رأيه بشأنه بشكل جذري خلال الحملة الانتخابية؛ ففي الماضي، كان يصفها بأنها "كارثة حتمية"، لكنه أدرك لاحقًا أنها يمكن أن تدر عليه أرباحًا هائلة، وقبل ثلاثة أيام فقط من دخوله البيت الأبيض، وافق على إطلاق عملته الرقمية الخاصة، والتي تُعرف باسم "ميم كوين" أي عملة مشفرة مستوحاة من ميم إنترنت أو ظاهرة ثقافة شعبية.
وهذه العملات الرقمية هي في الأساس مجرد أصول رقمية قابلة للجمع دون أي قيمة جوهرية، وتُعتبر أكثر تقلبًا وخطورة من العملات المشفرة التقليدية، لأن قيمتها غير مرتبطة بأي عملة رقمية مستقرة أو أي أصل ملموس أو مشروع تكنولوجي.
وفي غضون ساعات قليلة، وصلت قيمة العملة المشفرة الخاصة بترامب، التي تحمل اسم "عملة ترامب"، إلى رأسمال سوقي يقارب عشرة مليارات دولار، لكنها سرعان ما تراجعت إلى حوالي 3.3 مليارات دولار. وبالمثل، أطلقت ميلانيا ترامب عملة رقمية مشابهة في 19 يناير/كانون الثاني، والتي تبلغ قيمتها السوقية حوالي 210 ملايين دولار.
في الفترة نفسها تقريبًا، ساهم ترامب ونجلاه إريك ودونالد جونيور في إطلاق شركة وورلد ليبرتي فاينانشال، وهي شركة متخصصة في العملات الرقمية، تمكنت من جمع أكثر من 300 مليون دولار من خلال بيع عملتها الرقمية "ولفي"
وبين الموقع أنه بعد فترة وجيزة من توليه منصبه في البيت الأبيض، وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا بهدف تحفيز قطاع العملات المشفرة، كما ألمح مرارًا إلى رغبته في تخفيف اللوائح التنظيمية، مما قد يمهد الطريق لانهيار النظام المالي بأكمله. مثلما قامت شركات وادي السيليكون بتمويل ترامب للحصول على مزايا ومكافآت، فعلت الأمر نفسه الشركات العاملة في قطاع العملات الرقمية.
وأحد أبرز الأمثلة على ذلك هو شركة "كوين بيز"، وهي منصة لتداول العملات الرقمية، تعرضت في عام 2023 لتحقيق من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC)، الجهة المنظمة للأسواق المالية، بتهمة انتهاك القوانين التي تلزم شركات الوساطة المالية بالتسجيل رسميًا.
ةخلال الحملة الانتخابية، تبرع مديرو "كوين بيز" بمبلغ 75 مليون دولار إلى لجنة جمع تبرعات دعمت العديد من المرشحين الجمهوريين للكونغرس، وبعد فوز ترامب، دفعوا مليون دولار لتمويل حفل تنصيبه.
وقبل أيام قليلة، قررت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) إغلاق القضية ضد المنصة، التي قامت مؤخرًا أيضًا بتوظيف كريس لاكيفيتا، مدير الحملة الانتخابية لترامب، للإشراف على العلاقات مع البيت الأبيض والكونغرس.
في كانون ثاني/ يناير، نشر نيويورك تايمز دليلًا مصورًا حول جميع التضاربات المحتملة في المصالح الخاصة بترامب، بينما ركزت صحيفة الغارديان على أفراد آخرين من عائلته.
ونوه الموقع إلى ملف آخر يتعلق بتضارب المصالح المحتمل بين الوزراء في إدارة ترامب، والكثير منهم مليارديرات، وإضافة إلى ذلك، هناك إيلون ماسك، الذي يقود قسم الكفاءة الحكومية ويسعى إلى فرض سيطرته على حكومة منحته عقودًا بقيمة لا تقل عن 38 مليار دولار على مدار السنوات الماضية، بينما يبرر عمليات التسريح الجماعي للموظفين بالحاجة إلى مكافحة الفساد في الإدارة العامة.
وواختتم الموقع تقريره بالتأكيد على أنه ليس من الصعب تخيل أن ترامب سيحقق المزيد من الأرباح في السنوات القادمة؛ فقد وافقت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) قبل أيام على استخدام نظام الإنترنت "ستارلينك" التابع له لتحديث الشبكات المعلوماتية التي تتحكم في إدارة المجال الجوي للولايات المتحدة.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)