كشفت وزارة التراث والسياحة، بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس، عن نتائج عمليات التنقيب في موقع الغريين بولاية المضيبي، والذي يعود إلى فترة العصر البرونزي المبكر، وصرّحت سمية بنت حمد البوسعيدية، مديرة إدارة التراث والسياحة بمحافظة شمال الشرقية، بأن أعمال التنقيب والحفريات أسفرت عن الكشف عن مستوطنة أثرية كبيرة تعود للعصر البرونزي المبكر (3000-2000 قبل الميلاد).

وأشارت الأدلة الأثرية إلى أن المستوطنة كانت مأهولة خلال مرحلتين رئيسيتين من العصر البرونزي المبكر، هما: مرحلة حفيت (3000-2700 ق.م) ومرحلة أم النار (2700-2000 ق.م).

وأوضحت البوسعيدية أن الموقع يُمثل مستوطنتين تم تشييدهما فوق بعضهما البعض على مدار نحو ألف عام. وتمكن الفريق الأثري من تمييز ما لا يقل عن 37 مبنى يعود إلى مرحلة حفيت، وأكثر من 21 مبنى ينتمي إلى مرحلة أم النار، إضافة إلى برج دائري ضخم يتوسط الموقع بقطر يزيد عن 20 مترًا، وأكثر من 50 مدفنًا تتركز معظمها على الأطراف الشرقية للمستوطنة.

كما كشفت أعمال التنقيب عن أعداد كبيرة من المدافن التي تعود إلى فترة العصر الحديدي المتأخر (900-300 قبل الميلاد)، والتي تركزت في الأجزاء الشمالية من الموقع. وتتميز مستوطنة الغريين بوجود مبانٍ ضخمة، يصل حجم أكبرها إلى حوالي 600 متر مربع.

وتشير اللقى الأثرية المكتشفة إلى أن سكان الموقع مارسوا الزراعة المبكرة، ورعي الحيوانات، وصهر النحاس، إضافة إلى التبادل التجاري مع المجتمعات الساحلية والتجارة الخارجية، خاصة مع بلاد السند. وتعد هذه الاكتشافات دليلًا على أهمية الموقع التاريخية ودوره البارز في النشاط الاقتصادي والاجتماعي خلال تلك الفترات الزمنية.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

السكر الأحمر في ولاية منح.. تراث زراعي متجدد واستثمار واعد

عرف العُمانيون منذ القدم زراعة قصب السكر وعصره لإنتاج السكر الأحمر، الذي لم يقتصر استخدامه على تحلية الأطعمة، بل كان جزءًا أساسيا من تقاليدهم الغذائية والدوائية. فقد استخدموه في صناعة الحلوى العُمانية الشهيرة، كما كان مشروبًا مفضلاً خلال فصل الشتاء، وعلاجًا شائعًا لأمراض البطن ضمن الطب الشعبي. ورغم مرور الزمن، لا يزال السكر الأحمر يحظى بمكانة خاصة وقيمة اقتصادية مرتفعة، إذ يصل سعر الكيلوجرام الواحد إلى خمسة ريالات، مما حفّز الأجيال الشابة على مواصلة زراعته وإنتاجه، حفاظًا على هذا الإرث الزراعي العريق.

وفي ولاية منح، يعد قصب السكر من الزراعات المعمرة إلى أكثر من خمس سنوات، حيث توجد زراعته كذلك في العديد من الولايات، نظرا لما يمثله من مصدر دخل لهم.

وقد بدأ العمل في المعصرة باستقبال قصب السكر الذي تم حصاده مؤخرا من مزارع "العويجا" بالولاية، كما تستقبل المعصرة القصب من الولايات المجاورة، حيث يبدأ العمل بشكل متواصل خلال أيام شهر رمضان المبارك بعد التوقف لما يقارب من عام كامل، مع انتهاء الموسم الماضي، وتمثل هذه الفترة ذروة إنتاج السكر الأحمر مع استكمال عمليات الحصاد ووصول المحصول تباعا إلى المعصرة بنظام الحجز اليومي، حتى يتمكن العمال من إنجاز العصر أولا بأول ودون فترات تأخير قد تؤدي إلى تراجم أعواد القصب. فعملية العصر تقوم على الآلة لكن العامل البشري يمثل عنصرا مهما، حيث يقوم بتلقيم آلة العصر أعواد القصب لاستخراج مادة "الشارج" وهو العصير الأولي للقصب، ومن ثم يتم تفريغه في مراجل مخصصة للطبخ على موقد باستخدام الديزل، وتستمر عملية الطبخ لمدة ثلاث ساعات تقريبا في المتوسط ويمكن أخذ "الزيج" من "المرجل" قبل تمام النضج بساعة تقريبا وهو الذي يستخدم بديل عسل النحل ليرش على خبز "الرخال" للأكل، وبعد اكتمال النضج ينقل العصير ساخنا ويوضع في أحواض التبريد المخصصة لهذا الغرض حتى يجمد ويتبخر منه ما بقي من الماء، ثم يوضع في علب وأواني التخزين أو في "جراب الخوص"، المتعارف عليها محليا والمصنوعة من سعف النخيل، ليسهل جفافه ونزول مادة "الخمير" منه والتي تدخل هي الأخرى في مكونات غذائية مثل صناعة الحلوى العمانية ليعطيها مذاقا ونكهة مميزة وبالتالي سعرا أعلى.

العمليات الزراعية لقصب السكر

وتعد منطقة "العويجا" الزراعية الخصبة في ولاية منح من المناطق التي تتمتع بتربة خصبة تناسب المحصول، مع وفرة المياه خاصة في المواسم الأخيرة، حيث غزارة فلجي الخطم. وتتطلب زراعة قصب السكر عمليات زراعية طويلة إلى جانب الري والتسميد وتهيئة الأرض. وتتابع دائرة التنمية الزراعية وموارد المياه في ولاية منح اهتمام المزارعين بزراعته من خلال المتابعة والتوجيه والإرشاد ومد المزارعين بالتقاوي الجيدة ومكافحة الآفات الزراعية للمحصول.

يرى محمد بن خلف المسروري صاحب معصرة "الزبادية" لعصر قصب السكر أن الجهود يجب أن تكون مضاعفة من خلال تدخل وزارة الثروة الزراعة والسمكية وموارد المياه من أجل تطوير المعاصر وإدخال تقنيات حديثة على عمليات الإنتاج والتصنيع حتى لا يبقى السكر الأحمر مجرد مادة خام. وربما يكون من الضروري إنشاء مصنع متخصص لإنتاج مكونات السكر الأحمر وإعادة تصنيعه واستخراج مشتقات متنوعة للسوق المحلي والتصدير بما يحقق الاكتفاء لجوانب متنوعة منه وخاصة أنه يدخل في صناعة الحلوى العمانية ذات الجودة العالية حتى يحقق قيمة مضاعفة للمزارع.

وتبدأ زراعة قصب السكر نهاية شهر مارس من كل عام، حيث يستمر المحصول عاما كاملا برعاية وري وتسميد، فيبدأ المزارع بحراثة الأرض وعمل الخطوط والأخاديد لثبات التقاوي عند غرسها في التربة لمواجهة الرياح التي قد تحدث على فترات الموسم الممتدة أحد عشر شهرا مع إضافة ثلاثة أكياس من "سوبر الفوسفات" في التربة ثم "سماد اليوريا" لاحقا ثم تتواصل عمليات المتابعة حتى الوصول لمرحلة ربط الأعواد ثم يتم قطعها وتقشير اللحاء الخارجي والأوراق والفروع الخضراء لتبقى العيدان بطولها نظيفة وسهلة العصر لتتم عملية الحصاد أو ما يسمى بمرحلة كسر القصب، ثم يقوم المزارع بربط الأعواد على شكل "كومات" وشحنها إلى موقع المعصرة ويتم الحصاد خلال شهري مارس وأبريل من كل عام. وهكذا تستمر علاقة المزارع بهذا المحصول على مدى عام كامل حتى تبدأ عملية الحصاد ويتم بعد ذلك شحن كميات قصب السكر بعد قطعه وربطه في حزم ثم نقله إلى موقع المعصرة.

مقالات مشابهة

  • الوقاية خير من العلاج.. أهمية الكشف المبكر عن مشكلات الغدة الدرقية
  • برعاية هزاع بن زايد.. «تحدي حفيت» أكبر تجمع رياضي رمضاني في العين
  • حياة الفهد تعود لتتسيد الشاشة الخليجية بـأفكار أمي
  • العبث بموقع أثري بكلميم وفعاليات تطالب بالتحقيق
  • تحقيقات الاحتلال: فشل كبير للجيش في حماية مستوطنة كفار عزة خلال 7 أكتوبر
  • دايما على السفرة.. أصل حكاية القطايف والكنافة زينة الموائد في رمضان
  • بين السرقة والتدمير.. مواقع أثرية من ضحايا إبادة إسرائيل لغزة
  • بعد شهر من طلاقها.. شيماء سيف تعود إلى زوجها في رمضان
  • العراق يكشف عن استعادة 23 ألف قطعة أثرية من أوروبا وأميركيا
  • السكر الأحمر في ولاية منح.. تراث زراعي متجدد واستثمار واعد