ما هي أبرز بدائل النظام الإيراني؟
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
تساءل الكاتب والباحث الإيراني، أيدين بنّاهي، عن كيفية تشكيل نظام بديل من الجماعات الإيرانية المعارضة، في حالة سقوط النظام الحالي، مشيراً إلى أن "إيران الديمقراطية" ليست مجرد تطلعات للشعب الإيراني، ولكنها أيضاً ضرورة استراتيجية للمجتمع الدولي.
وقال بناهي في مقال بصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، تحت عنوان "كيف ستشكل جماعات المعارضة إيران ما بعد النظام الحالي؟"، إن سقوط بشار الأسد في سوريا وتداعياته على مستقبل إيران أدى إلى مناقشات جديدة حول دور جماعات المعارضة في تشكيل إيران ما بعد النظام الحالي.
وأوضح أنه من بين الجماعات المتنافسة، كان المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المعروف باسم مجاهدي خلق، وهو لاعب مثير للجدل، وعلى الرغم من ادعاءاته بتمثيل المقاومة الإيرانية، إلا أن تاريخ منظمة "مجاهدي خلق" ومكانتها الحالية يكشفان عن عدم وجود مكان لها بين الشعب الإيراني.
وقال إن تلك المنظمة تأسست في عام 1965، وظهرت في البداية كجماعة متطرفة تعارض نظام الشاه محمد رضا بهلوي، وكانت مسؤولة عن الهجمات العنيفة خلال السبعينيات، والتي شملت اغتيال أفراد عسكريين ومقاولين أمريكيين في إيران، وفي أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979، وجدت نفسها على خلاف مع الجمهورية الجديدة التي أسسها الخميني، مما أدى إلى مواجهات مسلحة ونفي قيادتها.
ترامب أمام مفترق طرق: دبلوماسية أم مواجهة مع إيران؟https://t.co/K2wwThM6U6 pic.twitter.com/w2a2SkCn4E
— 24.ae (@20fourMedia) December 31, 2024
وفي الثمانينيات، تحالفت منظمة مجاهدي خلق مع صدام حسين أثناء الحرب الإيرانية العراقية، وأدى هذا التحالف إلى شن هجمات مشتركة على إيران، مما أسفر عن مقتل الكثيرين، ومن هنا تفاقمت صورتها كمنظمة "خائنة" و"متطرفة".
وصنفت وزارة الخارجية الأمريكية "مجاهدي خلق" منظمة إرهابية عام 1997، مستشهدة بماضيها العنيف. وبالمثل، أدرج الاتحاد الأوروبي المنظمة على قائمته للمنظمات الإرهابية عام 2002، ومع ذلك، في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ادعت منظمة مجاهدي خلق نبذ العنف ومارست ضغوكاً لإعادة تأهيل صورتها، وبحلول عام 2009، أزال الاتحاد الأوروبي "مجاهدي خلق" من قائمته للإرهاب، وتبعته الولايات المتحدة في عام 2012، وكانت هذه القرارات مدفوعة إلى حد كبير باعتبارات جيوسياسية وتحديات لوجستية في نقل أعضاء منظمة مجاهدي خلق من العراق إلى ألبانيا بدعم من الأمم المتحدة.
شعبية مجاهدي خلق
ويرى الكاتب، أنه على الرغم من جهودها لإعادة صياغة صورتها من جديد، تظل منظمة مجاهدي خلق غير شعبية بين الإيرانيين. ولفت إلى أن الشعب الإيراني، يرغب بشدة في قيادة تجسد الوحدة والعلمانية ورؤية واضحة لمستقبل ديمقراطي، مستطرداً: "إيران لا تحتاج إلى زعيم مصطنع، بل إلى ممثلين يعكسون إرادة شعبها بصدق، إن إيران الديمقراطية ليست مجرد طموحات لشعبها، بل إنها أيضاً ضرورة استراتيجية للمجتمع الدولي".
وفي رأيه أن "إيران حرة" من شأنها أن تعمل على تحويل الشرق الأوسط، وتعزيز الاستقرار الإقليمي، والحد من الإرهاب، وضمان إمدادات الطاقة الآمنة للسوق العالمية، ويتعين على الغرب أن يقيم بعناية من يرفعهم كأصوات تمثيلية، والتأكد من توافقهم مع التطلعات الحقيقية للشعب، بدلاً من إدامة السرديات الإصلاحية، التي لا تحقق التغيير الهادف".
واشنطن: يجب منع #إيران من الظهور مجدداً في #سورياhttps://t.co/3oxvdGGxW3
— 24.ae (@20fourMedia) December 31, 2024
رضا بهلوي
أما عن الشخصية الأبرز الآن، يأتي ولي العهد رضا بهلوي، نجل الشاه الإيراني السابق محمد رضا بهلوي، الذي حكم إيران حتى عام 1979، ويبرز باعتباره الزعيم الأكثر مصداقية القادر على تمثيل تطلعات الإيرانيين. وهو أعلن علناً عن استعداده لقيادة انتقال إيران، مؤكداً على الوحدة والحكم العلماني والمقاومة اللاعنفية. وقال خلال لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية" إن المعارضة الإيرانية لا تطلب من الغرب الإطاحة بالنظام نيابة عنا، نحن نطالب بالشراكة مع الدول الديمقراطية لدعم الشعب الإيراني في سعيه إلى الحرية.
وتابع الكاتب أن موقف بهلوي المبدئي من المقاومة اللاعنفية، واحترام سلامة الأراضي، والالتزام بحقوق الإنسان، أكسبه احتراماً كبيراً داخل إيران، وبين مواطنيها في الشتات.
كما أكد أن "إيران الحرة" لن تعزز شراكتها مع إسرائيل فحسب، بل ستضمن السلام مع جيرانها والغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة، وزعامة بهلوي ليست مجرد قوة موحدة للمعارضة الإيرانية، بل تتماشى بشكل مباشر مع المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة وإسرائيل، وتضمن مستقبلاً مستقراً وديمقراطياً للمنطقة، ودعم مثل هذه الرؤية من شأنه أن يمكّن الشعب الإيراني ويعزز الأمن العالمي، واستطرد قائلاً: "لا وقت للتسوية أو التفاوض مع هذا النظام، يجب أن يرحل".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية مظاهرات إيران إيران وإسرائيل إيران الحرس الثوري الإيراني منظمة مجاهدی خلق الشعب الإیرانی رضا بهلوی
إقرأ أيضاً:
الخيار الإيراني ليس قدراً عراقياً!
ليس طبيعياً أن يتغيّر الشرق الأوسط كله وأن تفقد “الجمهوريّة الإسلاميّة” أوراقها في لبنان وسوريا وأن يبقى العراق على ما هو عليه. الطبيعي أن يتغيّر العراق من داخل، وأن يعود للعب دوره على الصعيدين العربي والإقليمي كونه عامل توازن في المنطقة وليس مجرّد “ساحة” إيرانية.
توجد حاجة إلى العودة إلى العراق الذي عرفناه لسنوات وجيزة عندما كان مصطفى الكاظمي رئيساً للوزراء. تميزت تلك السنوات القصيرة، بين ما تميّزت به، باتباع حكومة العراق لسياسة خارجية معقولة توازي بين التعاون مع إيران من جهة وبين الانفتاح على دول الخليج العربي، إضافة إلى مصر والمملكة الأردنية الهاشمية من جهة أخرى.
عاد الكاظمي إلى بغداد للمرّة الأولى منذ ما يزيد على عامين. تذكّر عودة الرجل الذي تعرّض لكل أنواع الهجمات، بما في ذلك محاولة اغتيال عن طريق استهداف منزله بواسطة مسيّرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، بأن لا خيار آخر أمام العراق سوى التصالح مع نفسه أوّلاً. إنّه تصالح بين كل مقومات المجتمع من شيعة وسنّة وأكراد وتركمان، واستعادة للعمق العربي للبلد ثانياً وليس أخيراً. يكون ذلك عبر خلق توازن مختلف داخل العراق، توازن مشابه لما كانت عليه الحال أيام حكومة الكاظمي الذي سعى إلى استعادة الدولة العراقيّة لهيبتها بعيداً عن النفوذ الذي مارسته ميليشيات “الحشد الشعبي” التي لم تكن يوماً سوى أداة في يد “الحرس الثوري” الإيراني. لا هدف للميليشيات المذهبيّة التي يتكوّن منها “الحشد” سوى لعب الدور المطلوب في إخضاع العراق للإرادة الإيرانيّة ورغبات “المرشد الأعلى”.
لم يكن مطلوباً، في طبيعة الحال وفي يوم من الأيام، أن يكون العراق معادياً لإيران. من غير المنطقي لعبه هذا الدور على الرغم من أن الهدف الأوّل للنظام الذي قام في طهران منذ العام 1979 إخضاع العراق من منطلق مذهبي. الدليل على ذلك الحرب العراقيّة – الإيرانية بين 1980 و1988. في أساس تلك الحرب التي اتخذت طابعاً كارثياً على البلدين، الرغبة التي راودت الخميني، منذ سيطرته على إيران، في “تصدير الثورة” إلى البلدان المجاورة. كان العراق الهدف الأوّل للخميني من منطلق أنّ فيه أكثريّة شيعية. أكثر من ذلك، كان لديه حقد ذو طابع شخصي على العراق وكلّ ما هو عراقي.
لعب صدّام حسين، للأسف الشديد، اللعبة التي أرادها مؤسّس “الجمهوريّة الإسلاميّة” وعمل من أجلها. كان الهجوم، الذي شنه العراق على إيران في 1980، ردّاً على سلسلة من الاستفزازات التي تعرّض لها. كان الخدمة الأكبر التي يمكن تقديمها للنظام الإيراني الجديد. في الواقع، لعب صدّام بعقله الريفي، من حيث يدري أو لا يدري، دوراً مهمّاً في تمكين الخميني من إثارة الشعور الوطني الفارسي من جهة وفي تمكينه من التخلص من الجيش الإيراني عن طريق إرساله إلى جبهات القتال من جهة أخرى. لم يكن الجيش الإيراني في مرحلة ما بعد سقوط الشاه مواليا للخميني، بل كان مستعداً للانقضاض على نظام الملالي متى أتيحت له الفرصة. جاءت الحرب مع العراق لتسهل عملية إبعاد القوات النظاميّة عن المدن. قدّم صدام حسين للخميني الخدمة التي كان يحلم بها.
منذ قيام النظام الإيراني الذي يؤمن بنظرية الوليّ الفقيه، وُجدت صيغة تعايش وتبادل للمصالح بين الملالي والإدارات الأمريكيّة المختلفة بدءاً بجيمي كارتر وصولاً إلى باراك أوباما. تغيّرت الأمور في حدود معيّنة مع دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض للمرة الأولى قبل ثماني سنوات. مزّق ترامب الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني وسمح لاحقاً باغتيال قاسم سليماني في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2020. كان سليماني الرجل الأقوى في النظام الإيراني بعد “المرشد” علي خامنئي، بل كان قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” رأس الحربة في المشروع التوسّعي الإيراني.
ما تغيّر في الوقت الراهن يتجاوز العلاقات الأمريكيّة – الإيرانية التي عرفت طهران في كلّ وقت التحكم بها عن طريق الابتزاز وهو ابتزاز خضع له الرؤساء الأمريكيون بكلّ طيبة خاطر. ذهب جورج بوش الابن في العام 2003 إلى أبعد من التعاون مع “الجمهوريّة الإسلاميّة”؛ ذهب إلى حدّ تسليم العراق على صحن من فضّة إلى إيران!
ما تغيّر في العمق، في أيامنا هذه، خسارة “الجمهوريّة الإسلاميّة” الحروب التي خاضتها على هامش حرب غزّة. مع خسارة هذه الحروب، خسرت سوريا في ضوء فرار بشار الأسد إلى موسكو. خسرت لبنان بعدما هزمت إسرائيل “حزب الله” شرّ هزيمة. لم يبق لإيران في المنطقة سوى العراق. لا أهمّية لليمن والحوثيين سوى في حدود معيّنة، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار أن الاقتصاد المصري، وليس الاقتصاد الإسرائيلي، يعتبر المتضرر الأوّل من سعي الحوثيين إلى تهديد الملاحة في البحر الأحمر.
التقط مصطفى الكاظمي اللحظة الإقليمية ليعود إلى بغداد، على الرغم من كل التهديدات التي يتعرّض لها. من الواضح أنّه بات أمام العراق خيار آخر، غير الخيار الإيراني. قد تكون تلك الرسالة هي التي حملها مصطفى الكاظمي إلى بغداد مع ما تعنيه من إمكان إقامة تحالف عريض يضمّ الشيعة العرب والسنّة والأكراد والتركمان ومجموعات أخرى ترى في العراق المتوازن مشروعا قابلا للحياة بدل أن يكون العراق مجرّد تابع لـ“الجمهوريّة الإسلاميّة”.
أمام العراق فرصة لنزع النير الإيراني والعودة إلى لعب دوره على الصعيد الإقليمي في ظلّ نوع من التوازن لم يستطع المحافظة عليه بعد انتخابات 2022… التي تنكّر مقتدى الصدر لنتائجها بشكل مفاجئ بعد فوز تياره فيها. مرّة أخرى ليس منطقيا أن يكون العراق في مواجهة مع إيران. المنطقي أن يرفض البقاء تحت هيمنة “الحشد الشعبي” من جهة وأن يثبت، من جهة أخرى، أن المشروع الإيراني القاضي بالهيمنة على البلد ليس قدراً.