من الخيام إلى ناطحات السحاب.. رحلة العمران الخليجي نحو السماء
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
وللوقوف على تفاصيل هذا التحول الذي يعكس قوة المال والتطور الاقتصادي في المنطقة، تناولت حلقة 1-1-2025 من برنامج "العمارة والإنسان"، الذي يبث على منصة "الجزيرة 360" أبعاد هذا التحول العمراني وتأثيراته على المجتمع والاقتصاد.
وبحسب مقدمة البرنامج منى حوا فقد بدأت قصة التحول العمراني في السبعينيات، حيث توطدت العلاقة بين الغرب والنخبة الخليجية الجديدة.
ووجد الغرب في طموحات أمراء الخليج فرصة استثمارية كبرى من خلال بناء المدن الحديثة، وأصبحت الأبراج الشاهقة اليوم رمزا للقوة والمال في مدن الخليج.
وفي مداخلة للبرنامج يلفت الأستاذ المعماري عبد الواحد الوكيل إلى جانب آخر من هذا التحول، مشيرا إلى ما يسميه "عقدة الخواجة"، موضحا أن الرغبة في إظهار التطور والحداثة دفعت نحو بناء المباني الشاهقة، حتى مع غياب الفاعلية الحقيقية لها.
ويضرب مثالا بتجربة صديقه الأميركي المسلم الذي بنى أطول مبنى في جدة، حيث لم تتحقق استفادة حقيقية منه، فيما جرى استيراد كل الخامات واستقدام المهندسين الذين أشرفوا على المشروع من أميركا، مما يعني -بحسب رأيه- أن فوائد هذه المشاريع تعود في النهاية إلى اقتصادات الدول الأخرى.
وتوضح حوا أنه بالرغم من وجود معماريين عرب مسلمين من رواد العمارة العربية، إلا أن تأثرهم بفلسفة الحداثة كان واضحا بسبب دراستهم في الغرب.
إعلان
فمثلا، المعماري محمود رياض، الذي أشرف على "تصميم الكويت" وله أعمال بارزة مثل جامعة الدول العربية في القاهرة، ودرس في إنجلترا وتدرب في الولايات المتحدة الأميركية، وتحديدا في مبنى "إمباير ستيت".
وهكذا استلهم المعماريون العرب نموذج العمارة الغربية بتوسعها الرأسي وطبقوه في المدن الخليجية والعربية.
وبحسب ما توصلت اليه الحلقة فإن هذا التحول العمراني ما كان ليتحقق لولا اختراعان أساسيان هما: المصعد والتكييف، فبدون المصعد، يستحيل الوصول إلى الطوابق العليا، وبدون التكييف، لا يمكن تحمل الحرارة الشديدة الناجمة عن امتصاص الزجاج لأشعة الشمس.
وتثير حوا سؤالا حول مدى اعتماد هذه المباني على التكنولوجيا وما قد يحدث عند انقطاع التيار الكهربائي أو حدوث خلل في النظام المشغل.
واستعرضت الحلقة مع ضيوفها محطات الرحلة السريعة من الخيام إلى ناطحات السحاب، طارحة تساؤلات عميقة حول تأثيرها على الإنسان في هذه المدن، وحول مدى ملاءمة هذا النمط العمراني للبيئة المحلية واحتياجات المجتمع الخليجي.
1/1/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات هذا التحول
إقرأ أيضاً:
أبعاد الاستقبال العسكري الرسمي لصدام حفتر في أنقرة
لم يكن استقبال صدام خليفة حفتر في أنقرة بالأمس مفاجئا لمن ينظر للتطورات المحلية والإقليمية المتسارعة خلال الأعوام القليلة الماضية، وإلى السياسة الخارجية التركية وغاياتها وأدواتها، وإن كان ما جرى صادما لكثيرين ممن يقيمون التوجهات التركية الرسمية ربما بشيء من المثالية والعاطفة الزائدة.
تركيا عندما وقفت ضد الهجوم على العاصمة طرابلس، لم يكن محركها أن حفتر وقواته لا يمثلون الشرعية العسكرية، وأن الهجوم عدوان وبغي لا يمكن القبول به، وأن من وقفوا في مواجهة حفتر في الغرب الليبي هم أهل الحق المغدورون وبالتالي وجب نصرتهم. ليست هذه دوافع التحرك التركي، بل إن المحركات خاصة تدور في فلك المصالح الوطنية التركية وضمن التدافع الإقليمي المحموم.
أنقرة تدلخت في النزاع الليبي بالقوة الخشنة ضد قوة دولية وإقليمية أرادت تجيير الصراع الليبي لصالحها، ونجحت تركيا في ذلك، وتهيأت لها فرصة الوجود على الأراضي الليبية بصفة قانونية من خلال المعاهدة الأمنية والعسكرية التي وقعتها مع حكومة الوفاق الوطني، وصارت بهذا الوجود تشكل طرفا مهما في الأزمة الليبية، ومن الأزمة الليبية إلى الصراع الإقليمي المتعلق بغاز ونفط شرق البحر المتوسط.
تركيا عندما وقفت ضد الهجوم على العاصمة طرابلس، لم يكن محركها أن حفتر وقواته لا يمثلون الشرعية العسكرية، وأن الهجوم عدوان وبغي لا يمكن القبول به، وأن من وقفوا في مواجهة حفتر في الغرب الليبي هم أهل الحق المغدورون وبالتالي وجب نصرتهم. ليست هذه دوافع التحرك التركي، بل إن المحركات خاصة تدور في فلك المصالح الوطنية التركية وضمن التدافع الإقليمي المحموم.هذا مختصر لأسباب التطور في الموقف التركي من المسألة الليبية منذ العام 2019م، وعندما وضعت الحرب أوزارها، وثبت لدى القوى الاقليمية والدولية أن تحريك الجيوش ليس الأداة لتحقيق الأهداف، وأن نهج الغلبة والاستفراد لا يستقيم بعد نتائج حرب طرابلس، وقد رافق ذلك تحولات أكبر على الساحة الأكبر خارجيا، عليه لم تجد أنقرة غضاضة في أن تغير من مواقفها تجاه من ناصبوها وناصبتهم العداء.
مظاهر التغير في السياسة التركية تجلت أوضح في التبدل في الموقف من النظام المصري، فحالة العداء اشتدت منذ مجئ السيسي للحكم، وكان الخطاب الرسمي التركي حاد جدا في وصف النظام المصري ورأسه، فإذا بالقطيعة تنتهي إلى وصال دافئ، والتقت المصالح التركية المصرية فقادت إلى تعاون ذو بعد استراتيجي في الأزمة السودانية، فضلا عن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم التوقيع عليها خلال العام المنصرم.
ليس بعيدا عن التوقع أن تفكر تركيا بشكل مبتكر في كيفية إعادة تموقعها في المعادلة الليبية، فالاستقبال كان لابن حفتر الأكثر حضور وربما نفوذا وقوة بعد أبيه في المنطقة الشرقية والجنوب، وهذا يؤهل أنقرة أن تبني علاقة مع رقم مهم في جبهة الشرق، ويمكنها أن تكون متقدمة بين الاطراف الاقليمية والدولية التي تحاول جسر الهوة بين الغرب والشرق الليبيين، باعتبار أن لصدام تواصل مع أطراف نافذة في الغرب الليبي، كما أكدت مصادر عدة.
بالمقابل، يبدو أن حفتر الذي هاله الدور التركي في ردع الهجوم على العاصمة وإفشال خطة السيطرة عليها بقوة السلاح، وصب جام غضبه على الاتراك، لم يستسيغ أن يقفز بنفسه هذه القفزة الكبيرة في المواقف، إلا أنه يدرك التغير في الخرائط والمعادلات إقليميا، ولم يخف قلقله من التغيير الذي وقع في سوريا، ومعلوم الدور التركي في هذا التغيير، ويبدو أنه اقتنع أن لا مناص من التفاهم مع الاتراك، والاستفادة منهم سياسيا وعسكريا، فكلف صدام ليكون حلقة الوصلة الرسمية بالنسبة للقيادة العسكرية.
من مصلحة تركيا أن ينتهي النزاع الليبي، والاستقطاب الإقليمي حوله، أو تتراجع وتيرتهما، ذلك يعني تصفية الملفات العالقة حول ديون الشركات التركية على الخزانة الليبية، وعودة عشرات الشركات التركية للعمل في المشروعات الليبية، هذا فضل عن زيادة التبادل التجاري الذي بالقطع سيكون لصالح تركيا.
من مصلحة تركيا أن ينتهي النزاع الليبي، والاستقطاب الإقليمي حوله، أو تتراجع وتيرتهما، ذلك يعني تصفية الملفات العالقة حول ديون الشركات التركية على الخزانة الليبية، وعودة عشرات الشركات التركية للعمل في المشروعات الليبية، هذا فضل عن زيادة التبادل التجاري الذي بالقطع سيكون لصالح تركيا.هناك أيضا موضوع غاز ونفط شرق البحر المتوسط الذي كان المحرك الرئيسي للتدخل التركي المباشر في الصراع الليبي العام 2019م، واتفاقية ترسيم الحدود البحرية، وإن كانت قد وقعت من قبل حكومة الغرب المعترف بها دوليا، إلا إن تنفيذها يتطلب موافقة سلطات الشرق بحكم الموقع الجغرافي، وهذا مبرر قوي يدفع لأنقرة للاقتراب من ممثل السلطة الفعلي هناك.
هذا هو السياق العام لأبعاد الاستقبال العسكري الرسمي لصدام حفتر في أنقرة، وهو المعلل لعدم الوقوف عندما نقطة ماذا كان صدام حفتر يمثل رئاسة أركان الجيش الليبي (أنقرة إلى فترة قريبة تتعامل مع منتظم الغرب على أنه الممثل للجيش الليبي)، ويمكن أن تجيب أنقرة بأنه يمثل سلطة عسكرية مفوضة من مجلس النواب، وأن النوايا التركية لأجل تفكيك النزاع الليبي ينبغي أن لاتقف عند هذه النقاط الجدلية.
بقي أن نقول أن الاقتراب أكثر من حفتر والذي يمكن أن يتطور إلى تعاون فاتفاق لن يكون على حساب علاقة أنقرة بالجبهة الغربية سياسيا وعسكريا، والمرجح أنها ستحاول دعم خطة توحيد الجيش التي تشرف عليها البعثة الأممية.