أهداف السنة الجديدة.. إلى متى تعود جذورها وكيف تغيّر هذا التقليد عبر التاريخ؟
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— بحلول العام الجديد، يبدأ الكثير من الأشخاص التفكير في كيفية تحسين أنفسهم، وهذا أمر قد يتجاهله البعض، ويستاء منه آخرون.
ورُغم وضع قرارات السنة الجديدة بنية متفائلة، يتخلّى حوالي 64% من هؤلاء الطامحين عن أهدافهم بحلول الشهر الثاني من العام، ويجعلنا ذلك نتسائل: "كيف ظهر هذا التقليد في المقام الأول؟".
اتضح أنّ الإجابة تعود إلى ما بين 3 آلاف و4 آلاف عام، إلى مهرجان "أكيتو" البابلي القديم، الذي كان يُحتفل به في أبريل/ نيسان، كما قالت الدكتورة كانديدا موس، أستاذة اللاهوت بقسم اللاهوت والدين في جامعة برمنغهام بإنجلترا.
وشرحت الدكتورة لويزا ماكنزي، المؤرخة الفنية والصحفية وزميلة مشاركة بمعهد "واربورغ" في لندن، أنّ توقيت المهرجان وبداية العام الجديد للبابليين، الذي كان يحدث أحيانًا في شهر مارس/ آذار (ما يشير إلى بداية موسم الزراعة)، اعتمد على التقويم البابلي.
وكانت مدينة بابل القديمة تقع في ما يُعرف الآن بالعراق، على بعد حوالي 88.5 كيلومترًا جنوب بغداد.
وأوضحت موس: "إسوة بالعديد من مهرجانات رأس السنة القديمة، أشاد (أكيتو) بالخلق والخصوبة على نطاق زراعي وكوني".
وأضافت: "كان الأصل الأسطوري للعيد هو خلق العالم من قِبَل الإله مردوخ. وبحسب الأسطورة المسماة إينوما إيليش، ظهر العالم عندما قتل مردوخ منافسته الأنثى تيامات وخلق السماوات والأرض من جثتها المقطعة".
وفي هذا المهرجان، انخرط البابليون في الشكل الأول من قرارات العام الجديد، مثل التعهد بسداد الديون، أو إعادة المعدات الزراعية المستعارة. وكان ذلك جزئيًا لإرضاء الآلهة متقلبة المزاج.
وأشارت ماكنزي إلى أنّ الحضارات في جميع أنحاء العالم احتفلت ببداية العام الجديد لآلاف السنين.
ومع أنّ الرومان لم يستخدموا بالضرورة مصطلح "القرارات"، إلا أنهم حاولوا دخول العام الجديد بعقلية إيجابية.
وتعهّد كبار المسؤولين في روما بالبقاء مخلصين للجمهورية وأقسموا اليمين للإمبراطور، بحسب الدكتور ريتشارد ألستون، أستاذ التاريخ الروماني في قسم الكلاسيكيات بكلية "رويال هولواي" في جامعة لندن،.
وإليك كيف تطورت العادة، وبقيت كما هي، على مر السنين.
الرغبة بأن نكون نسخة أفضل من نفسناعندما يتعلق الأمر بالأشكال القديمة لقرارات العام الجديد، "يعتمد المنطق إلى حد كبير على مبدأ: ابدأ كما تنوي الاستمرار"، بحسب موس.
ومن ثم أضافت: "نحن نرى أنّ المبدأ ذاته لعب دورًا على مدار التاريخ".
وفي أيرلندا، يرمز تنظيف المنزل في بداية العام إلى بداية جديدة وحظ المنزل في العام التالي.
هناك أيضًا تقليد حرق مجازي بغرض التجديد لـ" Año Viejo"، أي "العام القديم" بالاسبانية، في كولومبيا والإكوادور وأجزاء أخرى من أمريكا اللاتينية.
وفي هذا التقليد، تقوم العائلات في حشو دمية ذكر بالحجم الطبيعي، بذكريات العام المنصرم أو مواد أخرى، وتلبيسها ملابسهم قبل إشعال النار فيها عند منتصف الليل.
تقليد قديم آخر: عدم الالتزام بالقراراتالمصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الإكوادور بابل عادات وتقاليد العام الجدید
إقرأ أيضاً:
عام الخرائط الجديدة
لم يكن متوقعا أن تتحول كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حول الشرق الأوسط الجديد، التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ78، إلى حال من الواقعية السياسية التي تعترف وتبارك تمدد اللون الأزرق ـ تشترك فيه تركيا بَحْراً مع إسرائيل عَلَماً ـ على حساب اللون الأخضر وبقية الألوان الأخرى في المنطقة.
العام الجديد 2025، سيظهر فيه التطبيق العملي للاستراتيجيات
وعلى خلفية ذلك، لم تعد إسرائيل تراهن على تأقلمها وتكيفها وتفاعلها مع الدول العربية، ومحاولة القضاء على الوجود الفلسطيني من خلال حرب الإبادة، وإنما تعمل على تصدُّر المشهد لجهة قيادة "الشرق الأوسط الجديد" بالاشتراك مع تركيا، نيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في سياق التغيرات الكبرى التي يشهدها العالم، وخاصة منطقتنا.الملاحظ أن العام المنصرم، تميز بالحروب والصراعات، وحدوث اختراقات في التحالفات العسكرية، والجيو ــ استراتيجية، والاقتصادية، وظهرت فيه تغيرات سياسية كبرى على مستوى العالم، لعل أبرزها ما حدث في سوريا، من تغير شمل سقوط نظام بشار الأسد، ودعم دولي لجماعات الإسلام السياسي الإرهابية، وتدخل تركيا، واحتلال إسرائيل لمزيد من الأراضي السورية، الأمر جعل المراقبين يرون في ذلك وضْعاً شبيهاً بما نتج عن اتفاقية سايكس ـ بيكو في العام 1916، عندما اتفقت بريطانيا وفرنسا على تقسيم الإمبراطورية العثمانية.
وإذا كانت نهاية العام 2024 قد شهدت التغير الواسع في التحالفات والمواقف، فإن العام الجديد 2025، سيظهر فيه التطبيق العملي للاستراتيجيات من جهة، وتنفيذ الخرائط الجديدة من جهة ثانية، بحيث تتشكل الجغرافيا بناء على الأدوار السياسية للأطراف المؤثرة على مسار وسير دول المنطقة، وفي هذا السياق نذكر مشروعين للتقسيم والتفكيك في دول العالم، وهما ذات صلة باتفاقات وتفاهمات وتنازلات في مناطق أخرى من العالم.
المشروع الأول، تتبنَّاه وتُسْهم فيه كلٍّ من: تركيا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، أي أنه مشروع أوروبي بالأساس، فكرته تقوم على اتفاقية سايكس ـ بيكو، بما يعني المحافظة على الدول القائمة على مستوى الخرائط، مع أحداث تغيير داخل الدولة الواحدة، بحيث يتم تحويل الدولة إلى فيدرالية على النحو الذي حصل في العراق، أو تغيير السلطة داخل هذه الدولة أو تلك، وإعادة تشكليها من جديد، أو جعلها قائمة على أساس طائفي أو ديني أو مذهبي أو عرقي، وربط ذلك كله بالخارج، والأخطر من ذلك حل المؤسستين العسكرية والأمنية، وكذلك جعل الدولة الوطنية مفتوحة لقوى دولية وعناصر من الجماعات حتى لو كانت معادية لمشروع الدولة الوطنية.
المشروع الثاني، انشاء خرائط جديدة، ويقوم على فكرة تقسيم الدولة الوطنية إلى كيانات، ودويلات مجهرية مستقلة بذاتها، وهذا من خلال تحقيق وهم الحرية والحقوق سواء للأقليات أو لغيرها من الجماعات الكبرى داخل الدولة، وهذا المشروع يسابق المشروع الأول.. يتبناه ويعمل من أجل تحقيقه الطرفان الأمريكي والإسرائيلي، ويمكن تسمية باتفاق ترامب ـ نتانياهو.
المدهش في كل هذا، أن المشروعين قد بدأ تنفيذهما في سوريا، وإلى غاية اللحظة يبدو أن المشروع الأول هو الأقرب للتحقق، بدعم تركي، على اعتبار أن واشنطن بقيادة ترامب قد تركت مفتاح الحل في سوريا بيد أنقرة بقيادة أردوغان، غير أن الدعم الأمريكي للأكراد، ممثلين في قوات سوريا الديمقراطية(قسد)، يجعل من المشروع الثاني الخاص بتحويل سوريا إلى دويلات ـ متنافرة ـ قابلاً للتنفيذ أيضاً.
وسواء تم تنفيذ المشروع الأول أو الثاني في سوريا، فإن الوضع الذي ستكون عليه خلال السنتين المقلبتين، قد تنتهي إليه الدول العربية الأخرى، بغض النظر عن موقعها الجغرافي الراهن.
ومهما يكن، فإن كل ما يجري اليوم في سوريا خاصة، وفي الشرق الأوسط عامة، من تغيرات وتفاعلات يعطي مؤشرات ــ في الغالب سلبية بناء على التجارب السابقة ــ عن الحال التي قد تؤول إليها الأمور في القريب، وقد بدأ بعضها يتكشف، ونظراً لتعدد الأطراف وصراع القوى، وتباين وتناقض المصالح، فإن العمل على إحداث خرائط جديدة للمنطقة سيكون من طبيعة المرحلة.