النائب ياسر الهضيبي: مشروع أرابيسك يعكس التزام الدولة بإحياء التراث
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
أكد الدكتور ياسر الهضيبي، عضو مجلس الشيوخ، أن مشروع "أرابيسك" الذي تنفذه الحكومة بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمنطقة سور مجرى العيون، خطوة مهمة في سبيل خلق بيئة عمرانية متكاملة تلبي احتياجات السكان مع الحفاظ على التراث الثقافي والمعماري لمنطقة الفسطاط وسور مجرى العيون، الأمر الذي يُعزز الهوية الوطنية عبر إبراز المعالم التاريخية.
وقال "الهضيبي"، إن المشروع يوفر مجموعة مُتكاملة من المرافق والخدمات المُصممة لتلبية جميع احتياجات السكان والزوار، مع مساحات خَضراء وحَدائق، ومنافذ تجارية متنوعة تضم متاجر للتسوق، ومطاعم، ومقاهي تقدم تجارب فريدة، ومباني إدارية وتجارية، وفندقا، مما يجعله بيئة مِثالية للأعمال والخَدمات ، الأمر الذي يساهم في تحوله لنقطة جذب سياحية وتنموية مهمة، خاصة في ظل ما يتمتع به من موقع استراتيجي في قلب حي الفسطاط التاريخي.
وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أن مشروع "أرابيسك" يمثل نموذجا للمشروعات القومية المهمة التي تسعى لتطوير القاهرة التاريخية، حيث يجمع بين الحفاظ على التراث وتوفير بيئة حديثة تتماشى مع رؤية مصر للتنمية المستدامة، فضلا عن دعم الاقتصاد المحلي من خلال توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة أثناء مراحل التنفيذ وبعد التشغيل، كذلك تشجيع الصناعات الحرفية التقليدية من خلال تخصيص مساحات للحرفيين لعرض منتجاتهم.
وأوضح "الهضيبي"، أن المشروع ساهم في تحسين جودة الحياة من خلال تطوير البنية التحتية والخدمات في المنطقة، مما يحسن من جودة الحياة للسكان المحيطين، خاصة مع إنشاء مساحات خضراء ومناظر جمالية ساهمت في إعادة الحيوية إلى منطقة كانت مهملة لفترة طويلة، مؤكدا أن دمج عناصر الاستدامة مثل توفير الطاقة واستخدام تقنيات بناء حديثة تحافظ على البيئة يُعد أحد آليات تحقيق التنمية المستدامة التي تستهدفها الدولة المصرية.
وشدد النائب ياسر الهضيبي، على أن دمج المنطقة ضمن خطة أوسع لتطوير القاهرة التاريخية، يُعيد التوازن بين التنمية العمرانية والحفاظ على التراث، مؤكدا أن مشروع أرابيسك ليس مجرد تطوير عمراني، بل هو جسر يربط بين الماضي والحاضر، ويعكس التزام الدولة بإحياء التراث وتحقيق التنمية الشاملة
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ياسر الهضيبي عضو مجلس الشيوخ الحكومة توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي
إقرأ أيضاً:
نظرة في حركات التمرد والدولة نحو التسوية التاريخية (نموذج مناوي وكيكل)
نظرة في حركات التمرد والدولة نحو التسوية التاريخية
(نموذج مناوي وكيكل)
____________________________
تاريخ حركات التمرد والدولة في السودان هو قصة طويلة، أسبابها كثيرة ومبرراتها تظل محل نظر وتحليل ودوافعها أيضا متنوعة، لقد اتخذت غالب هذه الحركات المظهر الإقليمي والمناطقي والعرقي ولكن جزء من الحركة الحزبية ذهب في هذا الاتجاه في بعض المراحل، وذلك مثل تجربة الجبهة الوطنية ١٩٧٦م التي هاجمت الخرطوم ضد نظام النميري والتي كان فيها أنصار حزب والأمة وفصيل من الحزب الاتحادي الديمقراطي وحركة الأخوان المسلمين، كان التمرد حتى تلك الحقبة نهاية السبعينات يأخذ (اتجاه مطلبي) بهدف تحقيق مطالب معينة من النظام أو بهدف تغيير نظام الحكم.
مع العام ١٩٨٣م ونشأة الحركة الشعبية لتحرير السودان، حدثت نقلة نوعية في طبيعة التمرد فتغير المنحى المطلبي لمنحى أكثر حدة وهو مطلب تغيير الدولة نفسها واستهداف عناصر تاريخية في تكوينها وذلك في إطار سردية كاملة لتاريخ السودان وهويته وثقافته وانحيازاته وإعادة موضعة السودان على النقيض من صلته بالثقافة الإسلامية والعربية. وهذا معنى عبارة (تحرير) وهي مفهوم آيدلوجي عقائدي، هذه اللافتة التحريرية أصبحت موضة في السودان خلال الثمانينات والتسعينات والألفية الجديدة.
إن موضة حركات التحرير هذه حوت بداخلها على تيارات أكثر براغماتية وعملية بداخلها، تهدف هذه العناصر للسلطة وتحقيق مطالب وهي أقل عقائدية من غيرها، والمهم ملاحظته أن العامل الخارجي في التمويل والتسليح كان أساسيا وتعددت مصادره بين الغرب والخليج ودول الجوار، إسرائيل وفرنسا وشبكات التمويل الغربي الأمريكي وواجهاتها كانت من أهم مصادر المال والسلاح لحركات التحرير هذه.
سبعة عقود من تاريخ الدولة كانت كافية لكشف حقيقة واضحة هي: وهم حركات التحرير هذه ووهم عقائديتها وقدرتها التدميرية والتخريبية. من كشف هذه الحقيقة هو مليشيا الدعم السريع، فمليشيا الدعم السريع اليوم هي حركة تحرير مماثلة للحركة الشعبية، وتحالفهما ليس تحالفا عرضيا بل هو تفاهم عميق يكشفه الهدف الاستراتيجي لحركات التمرد في نسختها المتطرفة،وهو: هدم وتفكيك وحصار الدولة السودانية وإعادة موضعتها في سياق رؤية استراتيجية صهيونية غربية.
إذا عدنا لمن سميناهم العناصر الأكثر عملية ويراغماتية في هذه الحركات، فهي عناصر في جوهرها لا تحمل عداء عميقا وعقائديا للدولة وإن استخدمت ذات شعارات حركات التمرد ووسائلهم، وهم في مستوى ما تستطيع قوة الدفع الذاتي المستقل لهم أن تساوم الدولة، وتتفق معها بعيدا عن مصالح خارجية ولذلك فإن تحالفهم مع الدولة ليس أمرا عرضيا بل يمثل وجود عناصر كثيرة داخل الحركات التحريرية تتحرك بأفق معارضة النظام وليس أفق هدم الدولة.
لكن البراغماتية والعملية أمور لا يمكن التعويل عليها استراتيجيا، لابد لهؤلاء من قطع نظري وآيدلوجي مع المصادر الفكرية والآيدلوجية لعداء الدولة بهدف هدمها، فكرة مثل (تحرير السودان) بالمعنى المطروح في أدبيات السودان الجديد هي فكرة تدميرية وعنصرية وعنيفة ومضللة. وثمارها اللعينة كشفتها مليشيا الدعم السريع للجميع.
يمكن مواصلة هذا الحديث طويلا في مقال آخر، ولكن يجب إنهاء المكتوب هنا للوصول لخلاصات وهي:
إن النظر في نموذج (حركة كيكل) والنظر لنموذج (حركة مناوي) مثلا، يشير لأنهما اليوم يقفان مع الدولة ويحملان موقفا عمليا داعما لها، ثمة خطوط مناطقية وإثنية تجمع مقاتليهما لكنها خطوط يمكن أن تتموضع في اتجاه رؤية وطنية، الخطورة أن (حركة مناوي) وحركات التحرير عموما إذا لم تنجز مهمة المراجعة مع مشروع السودان الجديد التدميري ونظرته التقسيمية العرقية فإنها ستظل تحمل بذورا تدميرية تزيد من نعرات المواجهة والحرب في السودان، بجانب القابلية الدائمة لتلقي الدعم الخارجي في أي مرحلة مستقبلا، لذا فإن (نموذج كيكل) هنا أكثر تطورا لأنه أكثر قابلية للإندماج عمليا في الدولة، ولأنه نموذج مقطوع الصلة بمنابع آيدلوجيا السودان الجديد، في المقابل فإن نموذج حركة مناوي أكثر خبرة سياسية بحكم تاريخ التفاوض والسلام لكن ثقافته السياسية تحتاج لعمل كثير من أجل دفعها لتجاوز طرق الابتزاز لخطاب السودان الجديد. في المقابل فإن طرح نموذج كيكل كحركة تحرير فيه تراجع للوراء وانتكاسة لا يجب أن تحدث.
هذه نظرة موضوعية أما من حيث المقاربة الحقوقية والأخلاقية فلقد ارتكبت حركات الكفاح المسلح تاريخيا جرائم حقيقية مثلها وكل الحركات، منذ الحركة الشعبية وحادثة أسقاط طائرة مدنية وجرائم عرقية ضد قبائل في الجنوب وقبائل استوائية وقبيلة المورلي وغيرها، وحركات دارفور جميعها ارتكبت هذه الجرائم، وتجاوزها من آلة الدعاية الغربية كان لغرض سياسي فقط، ولا تزال حركات الحلو وعبدالواحد النور ترتكب الجرائم. هناك جرائم موثقة في حرب دارفور لحركة مناوي وغيرها ولا ننسى فقد كان اسم (جنجويد) يشمل حركة مناوي في وقت من الأوقات، فقد كان اسم جنحويد يستخدم أحيانا بمعنى عابر عرقيا ليعبر عن مجموعة من المجرمين المتفلتين، وهذا الأمر تحديدا ورد في ورقة صادرة من (مشروع مسح الأسلحة الصغيرة) بعنوان (الحرب الأخرى: الصراع العربي الداخلي في دارفور) الصادر العام 2010م للصحفية المتخصصة (جولي فلينت)
ما يهمنا اليوم هو إعادة النظر في هذعةه الحركات ذات الطابع الإقليمي والإثني كفرصة لتسوية تاريخية مع الدولة ومؤسساتها لبناء مستقبل السودان، وهذه التسوية التاريخية تحتاج لرؤية وطنية وسردية عميقة تفهم تاريخ الصراع وتشرح طبيعة العدو، التسوية هنا ليست هدفا مثاليا معلقا في السماء، وليست نتيجة لخضوع وابتزار من هنا أو هناك، بل هي(ضرورة موضوعية) لمصير سوداني مشترك بجانب إرادة في بناء دولة وطنية قوية.
بطبيعة الحال هناك أعداء لهذا المنظور من الحركات عميقة العداء للدولة مثل جماعة الحلو وعبدالواحد وهمت النموذج الأكثر عقائدية ضد الدولة ومركباتها التاريخية، وهناك عداء أيضا من تيارات ليبرالية متصلة تماما بالرؤية الغربية وتتبنى فكر السودان الجديد مثل جماعة تقدم والقحاتة وغيرهم، وكذلك هناك رفض من تيارات (السودان الجديد المضادة) مثل تيار جماعة الإنفصال في الوسط والشمال الذي نشأ أساسا كرد فعل لحركات التحرير هذه.
إن تعظيم قوة الاتجاه التاريخي لتأسيس الدولة والسودان الواحد وفق جدليته وتركيبته التاريخية هي الأقوى موضوعيا ولديها فرصة كبيرة من خلال النصر في هذه الحرب، وتحتاج لتعميق منظورها بالمراجعة والفكر والعمل.
هشام عثمان الشواني
إنضم لقناة النيلين على واتساب