فزغلياد: لماذا تراجع نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
يرى الكاتب الروسي سيرغي ليبيديف أن تراجع النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط يعود إلى تناقضات سياساتها التي تدّعي الليبرالية في حين تنحاز بشكل غير مشروط لإسرائيل، و"فشل مشاريعها" بدعم الربيع العربي والديمقراطية، وتوجهها المعلن لتقليص وجودها في المنطقة، مما أدى إلى التشكيك بمصداقيتها كحليف موثوق.
وقال ليبيديف -الأستاذ المحاضر بالجامعة المالية التابعة لحكومة الاتحاد الروسي- في مقال رأي نشرته صحيفة "فزغلياد"، إن الأنظار تحوّلت في عام 2024 نحو الشرق الأوسط وتراجع النفوذ الأميركي خصوصا، نظرا للأحداث المتسارعة التي تهز المنطقة.
واعتبر الكاتب أن الولايات المتحدة التي تدّعي أن سياستها في الشرق الأوسط تستند إلى مبادئها الليبرالية، تتصرف على أرض الواقع بشكل يناقض تماما هذه الأيديولوجية، ومن ذلك دعمها غير المشروط لإسرائيل بغض النظر عن انتهاكاتها المتكررة للقانون الدولي.
وذكر الكاتب أنه خلال فترة الربيع العربي، دعمت إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الاحتجاجات في جميع أنحاء المنطقة وتخلت عن حلفائها، على غرار الرئيس المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي.
وأضاف أن هذا التوجه أثار مخاوف الأنظمة الأخرى في الشرق الأوسط، في حين اعتبر كثير من السياسيين في المنطقة أن الربيع العربي حدث مصطنع تقف وراءه أطراف خارجية.
إعلان الانسحاب من المنطقةوتزامنا مع فشل المشروع الأميركي -كما يرى كثيرون-، أصبح حكام دول الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل، يتساءلون عن جدوى الاعتماد على الولايات المتحدة في أوقات الأزمات، وما إذا كانت مستعدة للتخلي عنهم وفق مصالحها، يتابع الكاتب.
وحسب رأيه، فإن رغبة واشنطن في تقليص وجودها في المنطقة -وهو الأمر الذي أعلنته منذ أكثر من عقد- يعدّ أيضا من العوامل التي دفعت الحكومات إلى التشكيك في الولايات المتحدة كحليف موثوق به.
وأكد الكاتب أن فكرة الانسحاب من الشرق الأوسط ظهرت خلال فترة رئاسة أوباما، الذي كان يعتقد أنه على الولايات المتحدة تقليص وجودها العسكري إلى الحد الأدنى وإدارة الأحداث في الشرق الأوسط دون التدخل المباشر، وهو ما يُعرف بـ"القيادة من الخلف".
وتابع أن إدارة بايدن اعتمدت رسميا السياسة ذاتها، وهو ما تؤكده الوثائق الرسمية، مثل إستراتيجية الأمن القومي التي تم اعتمادها في عام 2022، لكنه اعتبر أنه من المستبعد تفكير الولايات المتحدة في الانسحاب بشكل كامل من المنطقة.
وأوضح أنه بغض النظر عن مدى واقعية فكرة الانسحاب، فإن التصريحات الأميركية المتكررة في هذا الاتجاه تثير قلق حلفاء الولايات المتحدة التقليديين في المنطقة، التي بدأت تحاول تنويع شراكاتها الجيوسياسية حسب تعبيره.
الناتو العربيوأضاف الكاتب أن هذه النقاشات استمرت خلال رئاسة الرئيس المنتخب دونالد ترامب الأولى، حين حاولت الإدارة الأميركية تعزيز العلاقات مع دول المنطقة، وروّجت لاتفاقيات أبراهام، وطرحت مبادرة إنشاء تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي، المعروف بـ"الناتو العربي".
ولكن تلك المبادرة بقيت حبرا على الورق ومن المستبعد تنفيذها على أرض الواقع وفقا للمقال، وكان المشروع يتضمن تشكيل قوات شرق أوسطية تحمي المصالح الأميركية في المنطقة، أساسا ضد الطموحات الإيرانية.
إعلانوكان ذلك قبل أن يفاقم إعلان ترامب المتكرر احتمال سحب أنظمة الدفاع الجوي (باتريوت وثاد)، حالة التوتر في المنطقة.
دعم غير مشروط لإسرائيلكما اعتبر الكاتب أن الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل على مدار عقود يهدد النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط، وتقوم إستراتيجية الأمن القومي التي تعتمدها الولايات المتحدة حاليا على تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل ودول المنطقة مع الحفاظ على التزامها الثابت بضمان أمن إسرائيل.
وفي كتابهما بعنوان "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية"، سلّط الكاتبان جون ميرشايمر أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو، وستيفن والت أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، الضوء على سبب دعم واشنطن غير المشروط لتل أبيب.
وحسب الكاتبين، فإن إسرائيل بذلت جهودا كبيرة لإنشاء لوبي إسرائيلي في واشنطن له تأثير قوي على السياسة الأميركية، إلى درجة أن أي سياسي أميركي أصبح يدرك أن معارضة إسرائيل بشكل علني يعني نهاية حياته السياسية.
وذكر الكاتب أنه وفقا لأكثر التقديرات تحفظا، ناهزت المساعدات التي خصصتها الولايات المتحدة لإسرائيل في الفترة الفاصلة بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 وسبتمبر/أيلول 2024، أكثر من 22 مليار دولار، رغم غضب الرأي العام الأميركي من الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة.
واعتبر المقال أن إسرائيل تشكل تهديدا لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة، لا سيما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعرقل جميع المبادرات السلمية، مراهنا على الدعم الأميركي المستمر لمواصلة عملية "التطهير العرقي" في القطاع.
وختم الكاتب أن كل هذه العوامل تؤثر سلبا على نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مما يشكل فرصة أمام لاعبين آخرين -على رأسهم روسيا والصين- لبسط نفوذهما في المنطقة، لا سيما وأنهما تعتمدان نهجا مختلفا تماما عن الولايات المتحدة.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الولایات المتحدة فی فی الشرق الأوسط فی المنطقة الکاتب أن
إقرأ أيضاً:
رد قوي على مطالبة مندوب إسرائيل بالأمم المتحدة أمريكا مراقبة مصر عسكريا.. فيديو
قال العميد محمود محيي الدين، باحث في شئون الأمن الإقليمي، إن الرئيس ترامب يعبر عن موقف وقح عندما يقول إن مصر والأردن سيتعاونان معنا بشأن استقبال المهجرين الفلسطينيين من غزة.
وأضاف أن مصر قدمت الكثير، مثل الاستقرار في المنطقة، وكونها قاعدة للسلام، وتأمين الملاحة الدولية، وكانت مصر شريكًا استراتيجيًا، وليس مجرد حليف.
ظهور مفاجئ لأبو عبيدة في شوارع غزة.. هل يسلم الأسرى بنفسه؟ (فيديو) التهجير من غزة إلى المكسيك
ونوه خلال حواره لقناة “الغد” إلى أننا في مصر ندرس جيدًا طبيعة عقلية ترامب وفترة حكمه، حيث يبدو أن هناك حالة من الاضطراب في السياسة الأمريكية تجاه شركائها، فعلى سبيل المثال، كندا، التي تُعتبر حليفًا رئيسيًا، تواجه ضغوطًا من الولايات المتحدة، كما أن فرنسا أعلنت عن إرسال قوات إلى غرينلاند لحمايتها من غزو أمريكي محتمل.
ولفت إلى أننا في مرحلة من الاختبارات التي قد تثير القلق في المنطقة، لكن مصر دولة عميقة ولها جذور تاريخية قوية، مردفا: “إذا كان ترامب فعلاً يسعى للضغط على إسرائيل لتهجير جزء من الفلسطينيين، فإن مصر لن تقبل بذلك”.
وأوضح أن الضغط يمكن أن يكون سياسيًا أو اقتصاديًا، لكن إذا كان الأمر يتعلق بالضغط العسكري، فهذا يعني أننا أمام احتمال الحرب، نحن في منطقة متغيرة، ونواجه هجمة صهيونية جديدة، مطالبا بوجوب أن يدرك الجانب الأمريكي قيمة مصر وقدرتها، فمصر ليست مجرد دولة، بل تمثل أمة عربية بأكملها.
وفيما يتعلق بالجانب العسكري، أكد أن تصريحات السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة تشير إلى عدم فهمهم لقيمة مصر، فمصر تستثمر في قوتها العسكرية لأسباب تاريخية واستراتيجية، وقد طورت جيشها على مدار أكثر من 200 عام، نحن نمتلك القدرة على تحديث أسلحتنا والتعاون مع دول متعددة، بما في ذلك الصين وروسيا.
وشدد على أن الأمن القومي المصري يمتد إلى مناطق عديدة، وليس مقتصرًا على إسرائيل فقط، مشيرا إلى أن الجيش المصري قادر على تنفيذ عمليات كبرى دون الحاجة إلى دعم مركزي، وهذا يعكس قوة مصر كركيزة أساسية في المنطقة.
وفي تصريحاته، أعرب السفير الإسرائيلي داني دانون عن قلقه مما أسماه "الترسانة العسكرية المتنامية والمتقدمة لمصر"، وأعرب عن مخاوفه بشأن التوسع العسكري المصري، متسائلاً عن ضرورته في غياب التهديدات.
وتابع سفير الاحتلال لدى الأمم المتحدة: "ما نشهده يدعو للقلق، يجب أن تدق أجراس الإنذار. لقد تعلمنا درسنا ويجب أن نراقب مصر عن كثب ونستعد لكل سيناريو.. ولكننا أيضاً بحاجة إلى أن نسأل الولايات المتحدة لماذا تحتاج مصر إلى كل هذه المعدات".