سودانايل:
2025-01-04@05:29:15 GMT

فى وداع عامٍ مضي، واستقبال عامٍ جديد

تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT

فى وداع عامٍ مضي، واستقبال عامٍ جديد: مازالت الحرب "المليجيشية" الكارثية تتواصل، و"ليس من رأى، كمن سمع"، فالـ"حال، يُغني عن السؤال" ناهيك عن الـ"مآل" !.

ليس أمامنا سوى أن نتمسّك بالأمل والتفاؤل، الأمل، المقرون، بالعمل، العمل، بكل إخلاص وثقة ٍ فى سبيل وقف الحرب، والتفاؤل بفتح الطريق لسلام دائمٍ ومستدام

مدار أوّل:
"وما كُل من يغدو إلى الحرب فارسٌ .

.. ولا كُل من قال المديح فصيح" ((إبن الدهان))
-1-
عاشت بلادنا عاماً حزيناً – 2024- جسدته آلام حرب 15 أبريل 2023، وها نحن نودّع – اليوم - عام 2024، وهو عامٌ شبيه بـ(عام الرمادة)، الذي حدث فى العام الثامن عشر من الهجرة، كما جاء فى كتاب (البداية والنهاية) للحافظ ابن كثير "العام الذي جاع الناس فيه جوعاً شديداً"، وخاصم المطر فيه أرض الحجاز، فصار لونها كالرماد... وهاهي بلادنا، قد دخلت عام الرمادة، بامتياز، بسبب هذه الحرب الكارثية، فقد ساد كل مكانٍ فى البلاد، الرماد الذي خلّفته – ومازالت تخلّفه - الحرب الضروس، ونائجها الكارثية، وقد ضربت المجاعة بلدنا، بشهادة الجميع، إلّا من أراد أن يعيش فى حالة الإنكار، والكذب الرخيص، ليبعث فى الناس أوهام الرخاء، والنماء، والكفاية الغذائية، فى ظروف الحرب الطاحنة التى يعرف القاصي والداني، أنّ نُزر المجاعة – بل، وقوعها – قد حدث فعلاً، لا قولاً، وحقيقة، لا مجازاً، إذ تأكّد - عالميّاً – فى أحسن الفروض سوء التغذية الحاد، وتدهوُر حالة الأمن الغذائي، وفقاً للتصنيف المرحلي المُتكامل للأمن الغذائي، حيث يواجه أكثر من (24.6) مليون شخص فى السودان، مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد... ومن المتوقّع – بلا أدنى شك - أن تتوسّع المجاعة، أكثر بحلول شهر مايو 2025، وهذا ما يتوجّب التنبيه له، والتحذير منه، اليوم، قبل الغدّ.
-2-
ومازالت الحرب "المليجيشية" الكارثية تتواصل و"ليس من رآى، كمن سمع"، فالـ"حال، يُغني عن السؤال"، ناهيك عن الـ"مآل"، فمن أشعلوا هذه الحرب الكارثية، مازالوا – للأسف- يتيهون "فى غيّهم يعمهون"، ويمارسون الهروب تارة للأمام، وتاراتٍ أُخرى للوراء، فنجدهم، فاقدين لأيّ بوصلة علمية، أو أخلاقية، تُحدّد لهم الاتجاه الصحيح والسليم، الذي يجب أن يسير فيه كل ذي عقلٍ وقلبٍ سليمين، للخروج من هذه الحرب المجنونة التي مازالت "تلقح كشافاً، ثمّ تُنتج، فتتئم"، وقد عركت حرب 15 أبريل، شعبنا "عرك الرحي بثفالها"، كما حدّثنا فى معلّقته الشهيرة، حكيم زمانه، زهير بن أبي سلمى المزني، وهذا حديث يطول!.
-3-
مازالت الحرب الكارثية، التي تدور رحاها، على الأرض، فى ميادين القتال، والقصف، والقصف المتبادل، مع الإنكار التام، تقابلها، وتدعم استمرارها، حرب موازية، تدور فى الفضاء الإعلامي، بما فى ذلك، عشرات المنصّات المدفوع لها – بسخاء – من طرفي الحرب، حرب شرسة، ليست أقلّ ضراوةً، أو ضرراً، من الحرب الفعلية، حرب إعلامية، تنتج خطاب كراهية، وتحريض على العنف والانتقام، فتتكاثر، وتتناسل موجات التضليل الإعلامي، وخطاب الكراهية والعنصرية والجهوية، وقد انتقل خطاب الكراهية، من التحريض على الكراهية، إلى التحريض على الإبادة الجماعية، وللأسف، يلعب فى هذه الجبهة زملاء وزميلات، من مهنة "البحث عن الحقيقة"، كان الأوجب منهم/ن، الالتزام المهني والأخلاقي، فى القيام بواجب الصحافة المعروف فى النزاع المسلّح، والصحافة الحساسة تجاه النزاع، وهذا – أيضاً- حديث يطول، إذ كيف لمن يدّعى المهنية والمصداقية والموضوعية، القبول – طوعاً، أو كرهاً - بممارسة خطاب الكراهية، الذي ترفضه مباديء مهنة الصحافة والإعلام؟!. وكل ما نتمناه، ونرجوه، ونحن نودّع هذا العام، أن يلتزم زملاء وزميلات مهنة الصحافة والاعلام، فى العام الجديد، بمعايير وأخلاقيات المهنة، وبمواثيق الشرف المهني، وقيم الصحافة الأخلاقية، التى تُطالب ممارس/ات المهنة، الالتزام بالنزاهة، والأمانة فى نقل الأحداث، والبحث عن الحقيقة والإبلاغ عنها، وتقليل الضرر، والمسؤولية أمام الجمهور، والشفافية، وتُحرّم، الدعاية "البروباقاندا" فى التغطية الاعلامية، والصحفية للحرب.
-4-
فى هذا الواقع المزري، ما من اتجاه سليم، يلوح فى الأُفق، سوى اتجاه الإسراع فى السير فى طريق وقف الحرب، وفتح المسارات الآمنة لوصول الإغاثة للناس المحتاجين فى كل السودان، وبخاصة مناطق النزاع المُسلّح، الذي مازال يراوح مكانه، وسط دعاية حربيّة مكثّفة من طرفي النزاع بقرب ساعة الحسم الأخير، والنصر العسكري "الحاسم" و"المؤزّر"، النصر، الذي ليس بعده "كرٍّ وفر"، أو"إقبال وإدبار"، وهذا ما يصعب مُجرّد التفكير فيه، أو تخيُّله، لمن يعرف، ويفهم، طبيعة و"ديناميكية" الحرب "المليجيشية" الكارثية فى السودان، وهي حرب وصفناها منذ اندلاعها يوم 15 أبريل 2023، وفى أيّامها الأولى، بأنّها حرب بـ(الوكالة)، يخوضها طرفا الحرب، بالإنابة عن آخرين، وقلنا فى مقال بتاريخ 2 أكتوبر 2023، أنّ الطريق الأصوب، لوقف الحرب، يبدأ بالجلوس مع "الفيل" وليس "الظل"، ويبدو أنّ نصيحتنا تلك، لم يُستمع لها، وقتها، وربّما، آن أوان الاستماع لها، هذه الأيام... فليكن، وقديماً قيل، أن تأتي مُتأخّراً، خيرٌ من أن لا تأتي !... لمطالعة المقال المعني، يُرجى قراءة ((وقف الحرب "الملجيشية" الدائرة فى السودان، يتطلّب الجلوس مع الفيل !)).
-5-
فى هذا المساء، وفى ليلة رأس السنة الميلادية، ونحن نودّع عام 2024، لنستقبل بعد سويعات قليلة بزوغ شمس أوّل يوم فى عام 2025، وقد استطلعت دور الافتاء فى العالم العربي والإسلامي، هلال شهر رجب 1446، عقب صلاة المغرب، يوم الثلاثاء 31 ديسمبر 2024، فيما درجت دول اعتماد الحسابات الفلكية، وبمناسبة حلول أو دخول غُرّة شهر رجب، صباح الأربعاء 1 يناير 2025، ينبغي تذكير المتحاربين فى الحرب الكارثية فى السودان، أنّ شهر رجب هو من الأشهُر الحُرم، التى حرّم الله فيها الاقتتال بين الناس، ويتوجّب فيها وقف الاقتتال الدائر حتي اليوم فى أكثر من محور من محاور الحرب المدمرة فى العاصمة الخرطوم، والفاشر، وهناك ارهاصات قويّة، بتمدُّد الحرب فى ولاية النيل الأزرق، التى تشهد عاصمتها الدمازين، موجة نزوح جديدة، هذه الأيّام.
-6-
ليس أمامنا سوى أن نتمسّك بالأمل والتفاؤل، الأمل، المقرون، بالعمل، العمل، بكل إخلاص وثقة ٍ فى سبيل وقف الحرب، والتفاؤل بفتح الطريق لسلام دائمٍ ومستدام، سلام ينعم فيه شعبنا بالأمن والحرية والسلام والعدالة واحترام وتعزيز حقوق الإنسان، وما هذا ببعيد على شعبنا صانع المعجزات. والمطلوب من النُخب العسكرية المتقاتلة بالسلاح، والنُخب المدنية المتمترسة خلف المواقف العدمية، التحلّي بالمسؤولية التى يفرضها عليهم واجب الحفاظ على السودان "الوطن الواحد... ما قد كان وما سيكون"، على حد تعبير شاعر الشعب، محجوب شريف، وطن، بذل فى سبيله الكثيرون والكثيرات أرواحهم/ن، وقدّم شهداء وثُوّار وثائرات من أجيالٍ كثيرة، جاء آخرهم ثوار وثائرات ثورة ديسمبر 2018 المجيدة تضحيات غالية، يجب أن لا تقضي عليها رياح حرب 15 ابريل الهوجاء !.
-7-
سويعات قلائل تفصلنا عن حلول فجر وشمس عام جديد، يحل علينا ضيفاً عزيزاً، بعد منتصف ليلة 31 ديسمبر 2024، يجب أن يكون فرصة – أُخري، وأخيرة – جديدة، للبحث عن السلام، حيثما كان، وأينما يكون، لطي صفحة الحرب، وهذا ما يرجوه ويتمناه شعبنا العظيم، فهل يطلب شعبنا المستحيل؟!.
-8-
دعوني – فى هذا المقام، والمقال – ونحن نودّع عاماً يمضي، ونستقبل عاماً يجيء، أُعيد كلمات الروائي والقاص والصحفي والشاعر الفلسطيني الكبير، غسّان كنفاني، وهو القائل: "ليلة رأس السنة، هي فرصة لنغلق أبواب الذكريات الحزينة، ونفتح نوافذ الأمل للحياة القادمة" !.
جرس أخير:
" كل الجروح بتروح ... إلّا التي فى الروح ... خلّي القلب مفتاح ... نحو الأمل مفتوح" ((محجوب شريف))

فيصل الباقر

faisal.elbagir@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحرب الکارثیة فى السودان وقف الحرب

إقرأ أيضاً:

السودان علي شفا المجاعة كما أراد له لكيزان

د. احمد التيجاني سيد احمد

لطالما كنت أتابع تقرير الأمم المتحدة لتصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل (IPC) كجزء من عملي. كان القلق ينتابني عندما كنت أقرأ أن ولايةً أو ولايتين قد تتجاوزان المرحلة الثانية أو الثالثة من التصنيف. لكن ما يجري اليوم في السودان تجاوز كل التوقعات وأصبح كارثة إنسانية بكل المقاييس.

منذ اندلاع الحرب في أبريل ٢٠٢٣، تفاقمت أزمة الأمن الغذائي بشكل حاد، حيث يعاني حوالي ٢٦ مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم .١ الي ١٥ مليون شخص يقفون على حافة المجاعة. كانت ولايات مثل دارفور وكردفان والنيل الأزرق في السابق مناطق تعاني من أزمة غذائية حادة، ولكن بفضل تدخل المنظمات الإنسانية، بقيت الأزمة محدودة جغرافيًا. اليوم، وبعد الحرب، انتشر انعدام الأمن الغذائي ليعم كافة أرجاء السودان.

تصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل يوضح كيف تدهور الوضع تدريجيًا. المرحلة الأولى تعني استقرارًا نسبيًا، والمرحلة الثانية تشير إلى الإجهاد الغذائي، بينما المرحلة الثالثة تعني الدخول في أزمة حقيقية. أما المرحلة الرابعة، فهي حالة الطوارئ التي تصبح فيها الأرواح في خطر، وتأتي بعدها المرحلة الخامسة وهي المجاعة، حيث يُفقد الناس حياتهم بسبب نقص الغذاء. السودان اليوم تجاوز المرحلة الثالثة والرابعة في عدة مناطق، بل وصل إلى المرحلة الخامسة في خمس ولايات على الأقل.

ما زاد الأمر سوءًا هو قرار حكومة الأمر الواقع في بورسودان بمنع السودان من المشاركة في تقرير تصنيف الأمن الغذائي لهذا العام الذي تُجريه منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة. هذا القرار لم يكن عشوائيًا، بل يبدو أنه محاولة واضحة لمنع المجتمع الدولي من معرفة الحقائق المروعة التي تشهدها البلاد، خاصة مع زحف المجاعة التي أصبحت واقعًا في أجزاء واسعة من السودان. المنظمات الإنسانية تخشى أن يؤدي هذا الانسحاب إلى تقويض الجهود المبذولة لمعالجة أزمة الجوع، حيث يعتمد توجيه المساعدات الإنسانية على بيانات دقيقة تصدر عن مثل هذه التقارير.

الحرب لم تقتل فقط الأرواح، بل دمرت سبل العيش والزراعة والبنية التحتية. ملايين السودانيين فقدوا منازلهم بسبب النزوح الجماعي، مما أدى إلى ضغط هائل على المناطق الآمنة نسبيًا مثل الخرطوم والجزيرة. في الوقت ذاته، تعطل الإنتاج الزراعي بشكل شبه كامل في العديد من الولايات، حيث انخفض إنتاج الحبوب بنسبة تتراوح بين 50% إلى 70%. الأزمة الاقتصادية زادت الطين بلة، مع ارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية وانهيار العملة الوطنية.

الأكثر مأساوية أن هذا الوضع يتماشى مع “فتوى الأشرار” الذين أرادوا قتل نصف الشعب السوداني. المجاعة الجماعية أصبحت جزءًا من استراتيجية الموت التي تنفذها هذه الحرب ضد الشعب السوداني. ورغم كل هذا، يقف المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي، عاجزًا عن اتخاذ خطوات حاسمة لإنقاذ السودان.

ما كان في السابق أزمة غذائية محلية تحولت إلى كارثة وطنية شاملة. السودان اليوم على شفا المجاعة ليس بسبب نقص الغذاء العالمي، بل بسبب حرب شرسة ونظام سياسي يسعى لتعتيم الحقيقة. الوضع لا يزال مرشحًا للتدهور إذا استمرت الحرب وغاب التدخل الدولي الجاد. الشعب السوداني يدفع الثمن الأكبر لهذه الكارثة، فيما يقف العالم متفرجًا على واحدة من أسوأ المآسي الإنسانية في العصر الحديث.

لا بد من تحرك فوري وفعال لإنقاذ السودان من هذا المصير. و هذا ممكن علي النحو التالي:

**علي المدي القصير:
*زيادة التدخل الإنساني عبر إيصال الغذاء والأدوية إلى المناطق المنكوبة دون تأخير أو عوائق سياسية. و لذلك لابد من فتح الطرق والممرات الضرورية.
*كذلك يجب أن يُمارَس الضغط الدولي على حكومة الأمر الواقع للسماح بدخول المنظمات الإنسانية وعودة السودان إلى التصنيفات الدولية التي تعتمد عليها خطط الإغاثة.

**على المدى الطويل: يحتاج السودان إلى إعادة بناء اقتصاده المدمر عبر دعم الزراعة و الثروة الحيوانية وتوفير الموارد اللازمة للمزارعين للعودة إلى أراضيهم و لتسويق منتوجاتهم بدون ان تتعرض للتهريب و الفساد.

**لكن يجب ان يكون في الحسبان ان اي جهد لإنقاذ البلاد من الدمار الكامل لن يكون ممكنا قبل إنهاء الحرب والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة. بدون هذه الخطوات، ستظل المجاعة زاحفة، وستبقى حياة الملايين على المحك.

د. أحمد التيجاني سيد أحمد
٣١ ديسمبر ٢٠٢٤ روما إيطاليا

ahmedsidahmed.contacts@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • ما الذي يخطط له حزب الله؟
  • ما هي الرؤى بعد الحرب ؟
  • المدنيون وقدرتهم في إيجاد حل لحرب السودان الضروس
  • أزمة السودان وخطاب الإقصاء
  • فى وداع عامٍ مضى، واستقبال عامٍ جديد
  • وداع 2024.. عناق حار بين رحمة رياض وألكسندر علوم
  • "مياه الجيزة": تحليل 246524 عينة من المياه والصرف واستقبال 237569 شكوى خلال 2024
  • السودان علي شفا المجاعة كما أراد له لكيزان
  • قُبلة وداع لعام 2024.. ثراء جبيل تحتفل بذكريات زفافها الرومانسية.. صور