سودانايل:
2025-04-30@03:25:08 GMT

السودان علي شفا المجاعة كما أراد له لكيزان

تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT

د. احمد التيجاني سيد احمد

لطالما كنت أتابع تقرير الأمم المتحدة لتصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل (IPC) كجزء من عملي. كان القلق ينتابني عندما كنت أقرأ أن ولايةً أو ولايتين قد تتجاوزان المرحلة الثانية أو الثالثة من التصنيف. لكن ما يجري اليوم في السودان تجاوز كل التوقعات وأصبح كارثة إنسانية بكل المقاييس.



منذ اندلاع الحرب في أبريل ٢٠٢٣، تفاقمت أزمة الأمن الغذائي بشكل حاد، حيث يعاني حوالي ٢٦ مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم .١ الي ١٥ مليون شخص يقفون على حافة المجاعة. كانت ولايات مثل دارفور وكردفان والنيل الأزرق في السابق مناطق تعاني من أزمة غذائية حادة، ولكن بفضل تدخل المنظمات الإنسانية، بقيت الأزمة محدودة جغرافيًا. اليوم، وبعد الحرب، انتشر انعدام الأمن الغذائي ليعم كافة أرجاء السودان.

تصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل يوضح كيف تدهور الوضع تدريجيًا. المرحلة الأولى تعني استقرارًا نسبيًا، والمرحلة الثانية تشير إلى الإجهاد الغذائي، بينما المرحلة الثالثة تعني الدخول في أزمة حقيقية. أما المرحلة الرابعة، فهي حالة الطوارئ التي تصبح فيها الأرواح في خطر، وتأتي بعدها المرحلة الخامسة وهي المجاعة، حيث يُفقد الناس حياتهم بسبب نقص الغذاء. السودان اليوم تجاوز المرحلة الثالثة والرابعة في عدة مناطق، بل وصل إلى المرحلة الخامسة في خمس ولايات على الأقل.

ما زاد الأمر سوءًا هو قرار حكومة الأمر الواقع في بورسودان بمنع السودان من المشاركة في تقرير تصنيف الأمن الغذائي لهذا العام الذي تُجريه منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة. هذا القرار لم يكن عشوائيًا، بل يبدو أنه محاولة واضحة لمنع المجتمع الدولي من معرفة الحقائق المروعة التي تشهدها البلاد، خاصة مع زحف المجاعة التي أصبحت واقعًا في أجزاء واسعة من السودان. المنظمات الإنسانية تخشى أن يؤدي هذا الانسحاب إلى تقويض الجهود المبذولة لمعالجة أزمة الجوع، حيث يعتمد توجيه المساعدات الإنسانية على بيانات دقيقة تصدر عن مثل هذه التقارير.

الحرب لم تقتل فقط الأرواح، بل دمرت سبل العيش والزراعة والبنية التحتية. ملايين السودانيين فقدوا منازلهم بسبب النزوح الجماعي، مما أدى إلى ضغط هائل على المناطق الآمنة نسبيًا مثل الخرطوم والجزيرة. في الوقت ذاته، تعطل الإنتاج الزراعي بشكل شبه كامل في العديد من الولايات، حيث انخفض إنتاج الحبوب بنسبة تتراوح بين 50% إلى 70%. الأزمة الاقتصادية زادت الطين بلة، مع ارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية وانهيار العملة الوطنية.

الأكثر مأساوية أن هذا الوضع يتماشى مع “فتوى الأشرار” الذين أرادوا قتل نصف الشعب السوداني. المجاعة الجماعية أصبحت جزءًا من استراتيجية الموت التي تنفذها هذه الحرب ضد الشعب السوداني. ورغم كل هذا، يقف المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي، عاجزًا عن اتخاذ خطوات حاسمة لإنقاذ السودان.

ما كان في السابق أزمة غذائية محلية تحولت إلى كارثة وطنية شاملة. السودان اليوم على شفا المجاعة ليس بسبب نقص الغذاء العالمي، بل بسبب حرب شرسة ونظام سياسي يسعى لتعتيم الحقيقة. الوضع لا يزال مرشحًا للتدهور إذا استمرت الحرب وغاب التدخل الدولي الجاد. الشعب السوداني يدفع الثمن الأكبر لهذه الكارثة، فيما يقف العالم متفرجًا على واحدة من أسوأ المآسي الإنسانية في العصر الحديث.

لا بد من تحرك فوري وفعال لإنقاذ السودان من هذا المصير. و هذا ممكن علي النحو التالي:

**علي المدي القصير:
*زيادة التدخل الإنساني عبر إيصال الغذاء والأدوية إلى المناطق المنكوبة دون تأخير أو عوائق سياسية. و لذلك لابد من فتح الطرق والممرات الضرورية.
*كذلك يجب أن يُمارَس الضغط الدولي على حكومة الأمر الواقع للسماح بدخول المنظمات الإنسانية وعودة السودان إلى التصنيفات الدولية التي تعتمد عليها خطط الإغاثة.

**على المدى الطويل: يحتاج السودان إلى إعادة بناء اقتصاده المدمر عبر دعم الزراعة و الثروة الحيوانية وتوفير الموارد اللازمة للمزارعين للعودة إلى أراضيهم و لتسويق منتوجاتهم بدون ان تتعرض للتهريب و الفساد.

**لكن يجب ان يكون في الحسبان ان اي جهد لإنقاذ البلاد من الدمار الكامل لن يكون ممكنا قبل إنهاء الحرب والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة. بدون هذه الخطوات، ستظل المجاعة زاحفة، وستبقى حياة الملايين على المحك.

د. أحمد التيجاني سيد أحمد
٣١ ديسمبر ٢٠٢٤ روما إيطاليا

ahmedsidahmed.contacts@gmail.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الأمن الغذائی

إقرأ أيضاً:

لجان «الشورى» تناقش خطط الأمن الغذائي ومشروع قانون السجل العقاري

عقدت لجنة الأمن الغذائي والمائي بمجلس الشورى لقاءً مشتركًا مع عدد من المعنيين بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، ممثلة بالمديرية العامة للأمن الغذائي.

في مستهل اللقاء أكد سعادة المهندس خويدم بن محمد المعشني رئيس اللجنة على أهمية تعزيز التكامل والتنسيق بين مؤسسات الدولة المختلفة لتحقيق مستويات متقدمة من الأمن الغذائي والمائي، بما يتماشى مع مستهدفات «رؤية عُمان 2040»، في ظل التحديات العالمية المتعلقة بالأمن الغذائي وتقلبات الأسواق وسلاسل الإمداد.

وخلال الاجتماع قدّم المختصون بالوزارة عرضًا مرئيًا شاملًا استعرضوا خلاله رؤية الوزارة ورسالتها الرامية إلى ضمان تحقيق الأمن الغذائي والمائي المستدام، إضافة إلى شرح استراتيجيات الوزارة فيما يتعلق بإدارة المخزون الغذائي الاستراتيجي.

كما تطرق العرض إلى التركيز على الاستدامة وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وتنمية سلاسل القيمة الغذائية.

وناقش اللقاء السياسات المعتمدة في مجال تعزيز المخزون السلعي والاستراتيجي بما يضمن تأمين السلع الغذائية الأساسية في مختلف الظروف، مع الإشارة إلى أبرز السلع التي يشملها المخزون الغذائي، وأحجام المخزون ومقوماته التي تتيح تحقيق الاستجابة السريعة وقت الأزمات.

وتم التطرق إلى دور المديرية العامة للأمن الغذائي في قطاع الإغاثة والإيواء خلال حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية، وآليات إدارة الإمدادات الغذائية والإغاثية بالتعاون مع الجهات المعنية، بالإضافة إلى تحليل تأثير الأزمات الاقتصادية وشح الإمدادات وتخلخل سلاسل التوريد على المخزون الغذائي في سلطنة عُمان.

واستعرض مسؤولو الوزارة كذلك قائمة أبرز الدول الموردة للسلع الغذائية الأساسية لسلطنة عُمان، والخطط البديلة لضمان توفر السلع الحيوية خلال فترات الأزمات وتقلبات الأسواق العالمية.

من جانبهم قدّم أعضاء اللجنة مجموعة من الملاحظات والاستفسارات حول خطط الوزارة المستقبلية، وآليات تعزيز المخزون الغذائي، وتوسيع مجالات الاكتفاء الذاتي، مؤكدين على أهمية استمرار التنسيق والمتابعة المشتركة مع الجهات المعنية بما يضمن استدامة الأمن الغذائي والمائي.

وعقدت اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الشورى اليوم اجتماعا برئاسة سعادة الدكتور أحمد بن علي السعدي لمناقشة مشروع قانون السجل العقاري المحال من الحكومة إلى المجلس للدراسة وفقًا لقانون مجلس عُمان.

واستضافت اللجنة مختصين من أمانة السجل العقاري بوزارة الإسكان والتخطيط العمراني، وذلك للاستئناس بآرائهم وملاحظاتهم حول ما تضمنه مشروع القانون من أحكام والذي يتكون من (40) أربعين مادة موزعة على (5) خمسة فصول.

تم خلال الاجتماع الحديث عن مبررات إعداد مشروع القانون، حيث تكمن أهمية إعداد مقترح لمشروع قانون جديد للسجل العقاري لمواكبة التطورات التقنية المتسارعة التي تشهدها سلطنة عُمان، وإيجاد ضوابط أكثر فعالية وشمولية تساهم في ضمان سرعة تنفيذ القانون وتوثيق وتسجيل التصرفات القانونية، وسندات الملكية الإلكترونية والتوجه نحو إثبات التصرفات القانونية عن بعد دون الحاجة إلى حضور الأطراف.

مقالات مشابهة

  • متحدث الوزراء: جهاز مستقبل مصر يهدف لدعم التنمية الزراعية وتعزيز الأمن الغذائي
  • رئيس الوزراء: مشروعات جهاز مستقبل مصر تسهم في تحقيق الأمن الغذائي
  • متحدث الوزراء: دعم التنمية الزراعية وتعزيز الأمن الغذائي على رأس أولويات جهاز مستقبل مصر
  • السيسي والبرهان يبحثان الأمن المائي وإعادة إعمار السودان .. جددا رفضهما أي «إجراءات أحادية» تتعلق بنهر النيل
  • "الشورى" يناقش خطط الأمن الغذائي وتعزيز المخزون الاستراتيجي من السلع
  • لجان «الشورى» تناقش خطط الأمن الغذائي ومشروع قانون السجل العقاري
  • عاجل:- مصر والسودان يتفقان على مواصلة التنسيق والعمل المشترك لحفظ الأمن المائى للدولتين
  • أونروا تعلن نفاد إمداداتها من الطحين والغذاء في قطاع غزة وتهديد المجاعة يتصاعد
  • الأونروا تعلن نفاد إمداداتها من الطحين والغذاء في قطاع غزة وتهديد المجاعة يتصاعد
  • تعليق معاهدة مياه نهر السند.. تصعيد خطير بين الهند وباكستان يهدد الأمن الغذائي