التنمية المستقلة ضرورة من أجل إنهاء حالة الاستعمار الاقتصادي والحد للتبعية في الدول النامية
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
شاطئ السلام
د. إبراهيم عمر(صاروخ)
كاتب وباحث في قضايا السلام والتنمية
الأربعاء ١ يناير/ ٢٠٢٥م
*التنمية المستقلة ضرورة من أجل إنهاء حالة الاستعمار الاقتصادي والحد للتبعية في الدول النامية.*
--------------‐-‐----‐----‐-‐-------
تُعرف التنمية المستقلة بأنها الإطار الذي يُمكّن المجتمعات والدول النامية من تحقيق نموها وتطورها من خلال الاستغلال الأمثل لمواردها وقدراتها المحلية بعيداً عن التبعية للخارج وذلك عبر العديد من المحاور، منها: تعزيز المهارات والقدرات، الاستخدام الراشد للموارد المحلية والمشاركة الديمقراطية في التنمية؛ كما يركز هذا النموذج على ضرورة الاستغلال الأمثل للموارد بشكل مستدام ومستقل بطريقة مبتكرة ومدروسة تضمن تلبية إحتياجات الحاضر دون المساس بحقوق الأجيال القادمة، بما يتماشى مع القيم والمبادئ الوطنية العليا.
فالاستعمار في المعنى الاقتصادي هو شكل من أشكال الهيمنة الاقتصادية التي تمارسها الدول الرأسمالية الكبرى طمعاً في اقتصاديات وموارد الدول النامية لمصلحة شعوبها. غير أنه في الأدبيات السياسية يعرف بأنه قُمع الشعوب وإخضاعهم قسراً وبقوة قهرية بهدف نهب خيرات وثروات الدول النامية والعمل على النيل من استقلالها السياسي والانتهاك من سيادتها الوطنية والتحطيم من كرامة شعوبها. بينما من الناحية العسكرية فالاستعمار هو تلك السياسة التي تتسم باستخدام القوة العسكرية في الميدان بهدف استدامة وضمان انسياب الموارد والخيرات إلى مقر الدول الرأسمالية الصناعية المتقدمة.
...وقد تجلت هذه السياسات من خلال احتلال أراضي الغير، وفرض النفوذ والعمل على إقامة نظم دكتاتورية قمعية عن طريق الاستخدام للقوة العسكرية في الساحة الدولية، وارتبطت هذه السياسات بمفهوم "الاستعلاء الحضاري" أي ما عرف منذ القدم بادعاءات الرجل الأبيض الذي كان يعتقد أنه يحمل رسالة التمدن والحضارة للشعوب المستعمرة عرفت حينها باسم الفتوحات التي استُخدم المستعمر كذريعة لتبرير جرائمه وسياساته بزرائع إصلاحية بحجة أن الشعوب المستعمرة تعيش في التخلف وتحتاج الى التقدم. كما قام المستعمر بفرض لغته وتشويه التاريخ بجانب توظيف الفن والأدب كوسيلة لنشر ثقافته مما ساهم في تعزيز وجه نظره حول التفوق الثقافي والاجتماعي.
من خلال ما سبق اتضح جلياً بأن هنالك إختلافاُ جوهريا ما بين المعنى اللغوي الذي يحمل بين طياته معناً إيجابياً والمصطلح الذي يأخذ شكلا مضاداً له. لقد أخذ الاستعمار بالمعنى السلبي للكلمة مما جعله يتناقض مع المفهوم الذي كان يُسوقّه المستعمر مستخدماً لذكائه الذي يظهر أمام الشعوب المستعمرة بأنه يحترم إداراتهم التقليدية وثقافاتهم (نمط حياتهم).
...تعيش معظم مجتمعات الدول النامية منذ استقلالها الوطنى حتى الآن الكثير من المشكلات الاقتصادية والاضطرابات السياسية، ولعل الحظ الأوفر لهذه الأسباب يعود إلى عهد المستعمر الذي عمد على خلق ما يعرف باقتصاديات الريعية التي من خلالها يقوم على تصدير المواد الأولية (الخام) بدلاً من بناء قاعدة لصناعات وطنية متطورة في تلك البلدان، وأسباب أخرى تعود إلى المستعمر الذي عمد على صنع مخططات وسياسات للنخبة الصفوية الحاكمة بشقيها:(المدنية والعسكرية) وكلاء الاستعمار التقليدي، وقد لعب هؤلاء النخب دوراً بارزاً في الوصول بالوضع الاقتصادي إلى ما هو عليه الآن وذلك بسبب ما تم من سوء التخطيط والإدارة، فظهر الفساد الإداري والمالي والأخلاقي في القطاع العام، والمحسوبية في الخاص، وأدى ذلك في نهاية المطاف إلى دخول هذه الدول في دوامة من الأزمات والاضطرابات (الفقر، البطالة، الجوع، الجهل، المرض، القبلية، الحروب وانتشار ظاهرة الانقلابات العسكرية وغيرها من المحن). وفي هذا الصدد لقد ساهم المستعمر عندما شعر بحاجته الماسة لنخبة متعلمة لتقود العمل البيروقراطي في الخدمة المدنية، فٓتح معاهد التعليم( كلية كولومبيا- الفلبين 1901م، كلية غردون التذكارية- السودان 1902، ومدرسة كولبر في السنغال 1950 وغيره من دُور التعليم) لتخرج فئة متعلمة تعليما غربيا للعمل كموظفين عموميين أو كقيادات وسيطة، هذه النخب أصبحت مشكلة في حد ذاتها مما مهد لعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. وفي هذا المضمار يؤكد الدكتور/ حمد عمر حاوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة بحري في كتابه(التكامل السياسي) بأن هؤلاء النخب قد عمدوا على ربط اقتصاديات بلدانهم بمصلحة الدول الرأسمالية بعد رحيل المستعمر مباشرة وبشكل مجحف، حيث اصطفوا الخطط والسياسات التنموية والمشاريع الاقتصادية بما يتماشى مع أهداف وتوجهات الدوائر الرأسمالية الامبريالية، الأمر الذي دعا إليه بعض المختصين والباحثين في حقل دراسات التنمية السياسية والاقتصادية أن يطلقوا على تسمية الدولة التي اعقبت الاستعمار القديم في الدول النامية بالاستعمار الوطني الجديد ويضيفون بأن هؤلاء النخب قد انشغلوا كسابقاتهم (الاستعمار التقليدي) بفرض القانون بالقوة وجمع الثروات القومية لمصلحتهم الشخصية والحزبية والطائفية والمحسوبية الضيقة بالتغلغل في مفاصل الدول باعتبار أن الدولة هي الطريق الوحيد للغنى، إذ جعلوا منها اقطاعية خاصة بهم. لذا فمن الطبيعي أن تجد مصانع ومناجم ومشاريع الوطنية العملاقة دون أن تمس ثمارها حياة المواطنين حولها، فعمالها أجانب وإنتاجها يصدر إلى الخارج حتى لا يستفيد منها المواطن بأي فائدة؛ في مقابل هناك بعض النخب الصفوية استطاعوا أن يجابهوا العديد من التحديات والمشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية كالفقر، البطالة، ضعف البنية التحتية، نقص الخدمات، التضخم، الديون، فقدان الأسواق، الصراعات الداخلية، وأزمة الهوية، فكانت النتيجة دون الطموح المطلوب.
...وعلى صعيدٍ متصل ناقش الكاتب الفرنسي والفيلسوف فرانز فانون قضية الاستعمار الوطني الجديد حيث ركز دراسته على تحليل التحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية في مجتمعات الدول النامية فتوصل إلى النتيجة التي مفادها أن جل المشكلات التي تعاني منها هذه الدول، تعود أسبابها إلى هؤلاء النخب الذين حكموا بلدانهم حيث ظلوا ولا يزالون يتحكمون في مصائر شعوبهم ما بعد رحيل المستعمر الأجنبي فتبنوا ذات الأساليب والسياسات التي مارسها المستعمر من قبل (قمع داخلي، استمرار في استغلال الموارد ونهبها، الاعتماد على القوى الرأسمالية، العبث بالمال العام، الاستبداد والظلم، الفساد والمحسوبية) وزاد قائلاً إن بقيت تحتفل بأعياد الاستقلال. هذا ما كان يعتقده الكثير من أبناء وبنات شعوب الدول النامية بأن زمانه قد ولى وانقضى بلا رجعة، هذا ما دعته إلى المطالبة بضرورة قيام ثورات شعبية من أجل إسقاط هذه السياسات وتغيير الأنظمة الفاسدة، مشددة في ذلك على أن تكون الثورة حقيقة وشاملة بحيث ألا تقتصر على تغيير السلطة واستبدالها من يد المستعمر إلى يد مستعمر آخر فحسب، بل أن تمتد جذوتها حتى يمكنها من إحداث تغيير جزري في أبينة السلطة؛ لأن الاستقلال بالنسبة للشعوب المستعمرة كان ولا يزال يعني لهم: الحرية- العدل الاجتماعي-السلام المستدام والديموقراطية الحقة- والتخطيط الاقتصادي السليم.
هذه الوضعية أبقت العديد من الدول النامية ككيانات تابعة وخاضعة ترزح تحت رحمة القوى الصناعية المتقدمة التي رسخت اقدامها في ميدان الاقتصاد ومخزناً للمواد الأولية (الخام) التي تزود مصانع المركز الرأسمالي، ومن ثم بعد صناعتها تعود اليها لتشتريها بأبهظ الأثمان، أي أن الفوائد والحقوق من نصيب المستعمِرين أما المستعمُرون ليس لديهم سوى الخسائر والواجبات والالتزامات. إلاّ أن هناك قلة من النخب الوطنية من أمثال: جمال عبدالناصر- مصر، وليام راندولف- غانا، توفيل زير- برازيل، هوشي منه- فيتنام وغيرهم من القادة الذين تمكنوا من مقاومة سياسات التبعية والاستعمار الاقتصادي الجديد أثناء الحكم الوطني حيث استخدموا مجموعة من السياسات والاستراتيجيات، منها: -التأميم-تعزيز الصناعات المحلية-دعم المشاريع البحثية-تطوير المناهج التعليمية-تحسين البنية التحتية-تطويع أساليب المتابعة والتقييم.
... تبرز أهمية التنمية المستقلة في قدرتها على تمكين الدولة من الاعتماد على مواردها وإمكانياتها المحلية وتحويلها إلى أدوات وطاقات فعالة منتجة تخدم مصلحة شعبها في المقام الأول ضماناً لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي بشكل متوازن ومسؤول، لذا يعتبر العلماء في مجال العلوم الاجتماعية بأن تطبيق هذا النموذج هو المدخل السليم والمسار الصحيح لاختراق جدران التخلف والتبعية؛ بل كحقيقة التي تؤمن بموجبها للانطلاق نحو رحاب النهضة التنموية الشاملة التي من خلالها تستطيع الدول النامية كسر طوق تخلفها الاقتصادي والتنموي، وهو الأمر الذي لا يمكن إحداثه إلاّ إذا تم استخدام الموارد المحلية استخداماً أمثل ورشيدا بطريقة شرعية صحيحة ومرضية. *وللخروج* من هذا الواقع الأليم الذي تعيشه البلدان النامية والتي تضم في مجموعها جميع الدول الأفريقية وأمريكا اللاتينية وبعض دول القارة الآسيوية والجزء الشرقي من أوربا ذكر الدكتور/إبراهيم العيسوي الخبير الاقتصادي والأستاذ بمعهد التخطيط القومي بالقاهرة العديد من الشروط الكفيلة بإنهاء حالة التبعية الاقتصادية والاستعمار الداخلي، بأنه: لا بد لشعوب الدول النامية أن تسعى إلى تحرير نفسها من الهيمنة الصفوية(الشريحة البرجوازية) المسيطرة على مفاصل الدولة الوطنية- التحرر من قيود التبعية وذلك بعدم الانصياع للسياسات الاستعمارية التي تتبناها المؤسسات الدولية لمصلحة الدول الرأسمالية المتوحشه-ضرورة اصطفاء نموذج تنموي مستقل المبني على احترام الإرادة الوطنية عن طريق إقامة علاقات خارجية تعزز من الاستقلال الاقتصادي وتوثق عرى التعاون الاقتصادي على هدى التكافؤ-توحيد الرؤى من أجل إنجاز مهام الاستقلال الوطن- ضرورة اتباع سياسات اقتصادية جديدة مستقلة تنطلق من إمكانيات الدولة المحلية فتأخذ في الاعتبار الأجندات الداخلية وحقوق السيادة وليس المعتمدة على الإملاءات الخارجية- العمل بكل إخلاص والتفاني للانعتاق من السيطرة الأجنبية كأساس متين لإعادة بناء الثقة في النفوس الذي لا يتأتى إلاّ بتبني قيم ومبادئ الحكم الراشد القائمة على سيادة حكم القانون، الشفافية، المساءلة، الكفاءة، المشاركة الديموقراطية، الاستجابة للإحتياجات وتطلعات الشعوب.
وفي سياق ما تقدم ذكره هل يستطيع شعوب الدول النامية التحرر من الاستعمار الاقتصادي الجديد وإنهاء حالة التبعية الاقتصادية؟!! E-mail:ibrahimsarokh@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التنمیة المستقلة البنیة التحتیة الدول النامیة هؤلاء النخب العدید من من أجل فی هذا
إقرأ أيضاً:
الإعلام السوداني والتحديات التي تواجهه في ظل النزاع .. خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية
خاص سودانايل: دخلت الحرب السودانية اللعينة والبشعة عامها الثالث ولا زالت مستمرة ولا توجد أي إشارة لقرب انتهاءها فكل طرف يصر على أن يحسم الصراع لصالحه عبر فوهة البندقية ، مات أكثر من مائة ألف من المدنيين ومثلهم من العسكريين وأصيب مئات الالاف بجروح بعضها خطير وفقد معظم المصابين أطرافهم ولم يسلم منها سوداني فمن لم يفقد روحه فقد أعزً الاقرباء والأصدقاء وكل ممتلكاته ومقتنياته وفر الملايين بين لاجئ في دول الجوار ونازح داخل السودان، والاسوأ من ذلك دفع الالاف من النساء والاطفال أجسادهم ثمنا لهذه الحرب اللعينة حيث امتهنت كرامتهم واصبح الاغتصاب احدى وسائل الحرب القذرة.
خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية:
بالطبع كان الصحفيون السودانيون هم أكثر من دفع الثمن قتلا وتشريدا وفقدا لأعمالهم حيث رصدت 514 حالة انتهاك بحق الصحفيين وقتل 21 صحفي وصحفية في مختلف أنحاء السودان اغلبهن داخل الخرطوم وقتل (5) منهم في ولايات دارفور بعضهم اثاء ممارسة المهنة ولقى 4 منهم حتفهم في معتقلات قوات الدعم السريع، معظم الانتهاكات كانت تتم في مناطق سيطرتهم، كما فقد أكثر من (90%) من منتسبي الصحافة عملهم نتيجة للتدمير شبه الكامل الذي الذي طال تلك المؤسسات الإعلاميّة من صحف ومطابع، وإذاعات، وقنوات فضائية وضياع أرشيف قيم لا يمكن تعويضه إلى جانب أن سلطات الأمر الواقع من طرفي النزاع قامت بالسيطرة على هذه المؤسسات الاعلامية واضطرتها للعمل في ظروفٍ أمنية، وسياسية، بالغة التعقيد ، وشهد العام الماضي وحده (28) حالة تهديد، (11) منها لصحفيات ، وتعرض العديد من الصحفيين للضرب والتعذيب والاعتقالات جريرتهم الوحيدة هي أنهم صحفيون ويمارسون مهنتهم وقد تم رصد (40) حالة اخفاء قسري واعتقال واحتجاز لصحفيين من بينهم (6) صحفيات ليبلغ العدد الكلي لحالات الاخفاء والاعتقال والاحتجاز منذ اندلاع الحرب إلى (69) من بينهم (13) صحفية، وذلك حسب ما ذكرته نقابة الصحفيين في بيانها الصادر بتاريخ 15 أبريل 2025م بمناسبة مرور عامين على اندلاع الحرب.
هجرة الاعلاميين إلى الخارج:
وتحت هذه الظروف اضطر معظم الصحفيين إلى النزوح إلى بعض مناطق السودان الآمنة داخل السودان منهم من ترك مهنة الصحافة ولجأ إلى ممارسة مهن أخرى، والبعض الاخر غادر إلى خارج السودان إلى دول السودان حيث اختار معظمهم اللجوء الى القاهرة ويوغندا وكينيا أو اللجوء حيث يمكنهم من ممارسة أعمالهم الصحفية هناك ولكن أيضا بشروط تلك الدول، بعض الصحفيين الذين لجأوا إلى الخارج يعيشون أوضاع معيشية وانسانية صعبة.
انتشار خطاب الكراهية والأخبار الكاذبة والمضّللة
ونتيجة لغياب دور الصحافة المسئولة والمهنية المحايدة عمل كل طرف من أطراف النزاع على نشر الأخبار والمعلومات الكاذبة والمضللة وتغييب الحقيقة حيث برزت وجوه جديدة لا علاقة لها بالمهنية والمهنة تتبع لطرفي الصراع فرضت نفسها وعملت على تغذية خطاب الكراهية والعنصرية والقبلية خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وجدت الدعم والحماية من قبل طرفي الصراع وهي في مأمن من المساءلة القانونية مما جعلها تمعن في رسالتها الاعلامية النتنة وبكل أسف تجد هذه العناصر المتابعة من الالاف مما ساعد في انتشار خطابات الكراهيّة ورجوع العديد من أفراد المجتمع إلى القبيلة والعشيرة، الشئ الذي ينذر بتفكك المجتمع وضياعه.
منتدى الإعلام السوداني ونقابة الصحفيين والدور المنتظر منهم:
ولكل تلك الاسباب التي ذكرناها سابقا ولكي يلعب الاعلام الدور المناط به في التنوير وتطوير قطاع الصحافة والاعلام والدفاع عن حرية الصحافة والتعبير ونشر وتعزيز قيم السلام والمصالحة وحقوق الانسان والديمقراطية والعمل على وقف الحرب تم تأسيس (منتدى الاعلام السوداني) في فبراير 2024م وهو تحالف يضم نخبة من المؤسسات والمنظمات الصحفية والاعلامية المستقلة في السودان، وبدأ المنتدى نشاطه الرسمي في ابريل 2004م وقد لعب المنتدى دورا هاما ومؤثرا من خلال غرفة التحرير المشتركة وذلك بالنشر المتزامن على كافة المنصات حول قضايا الحرب والسلام وما يترتب عليهما من انتهاكات إلى جانب التقاير والأخبار التي تصدر من جميع أعضائه.
طالب المنتدى طرفي النزاع بوقف القتال فورا ودون شروط، وتحكيم صوت الحكمة والعقل، وتوفير الحماية للمدنيين دون استثناء في كافة أنحاء السودان، كما طالب طرفي الصراع بصون كرامة المواطن وحقوقه الأساسية، وضمان الحريات الديمقراطية، وفي مقدمتها حرية الصحافة والتعبير، وأدان المنتدى التدخل الخارجي السلبي في الشأن السوداني، مما أدى إلى تغذية الصراع وإطالة أمد الحرب وناشد المنتدى الاطراف الخارجية بترك السودانيين يقرروا مصيرهم بأنفسهم.
وفي ذلك خاطب المنتدى المجتمع الدولي والاقليمي بضرورة تقديم الدعم اللازم والمستدام لمؤسسات المجتمع المدني السوداني، خاصة المؤسسات الاعلامية المستقلة لكي تقوم بدورها المناط بها في التنوير ورصد الانتهاكات، والدفاع عن الحريات العامة، والتنديد بجرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين، والمساهمة في جهود تحقيق العدالة والمصالحة الوطنية.
وكذلك لعبت نقابة الصحفيين السودانيين دورا هاما أيضا في رصد الانتهاكات التي طالت الصحفيين والمواطنين حيث أصدرت النقابة 14 تقريرًا يوثق انتهاكات الصحفيين في البلاد.
وقد وثّقت سكرتارية الحريات بنقابة الصحفيين خلال العام الماضي 110 حالة انتهاك ضد الصحفيين، فيما بلغ إجمالي الانتهاكات المسجلة منذ اندلاع النزاع في السودان نحو 520 حالة، من بينها 77 حالة تهديد موثقة، استهدفت 32 صحفية.
وأوضحت النقابة أنها تواجه صعوبات كبيرة في التواصل مع الصحفيين العاملين في المناطق المختلفة بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة وانقطاع الاتصالات وشبكة الانترنت.
وطالبت نقابة الصحفيين جميع المنظمات المدافعة عن حرية الصحافة والتعبير، والمنظمات الحقوقية، وعلى رأسها لجنة حماية الصحفيين، باتخاذ إجراءات عاجلة لضمان أمن وسلامة الصحفيين السودانيين، ووقف حملات التحريض الممنهجة التي تشكل انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية التي تكفل حماية الصحفيين في أوقات الحروب والنزاعات المسلحة.
خطورة ممارسة مهنة الصحافة في زمن الحروب والصراعات
أصبح من الخطورة بمكان أن تمارس مهنة الصحافة في زمن الحروب والصراعات فقد تعرض كثير من الصحفيين والصحفيات لمتاعب جمة وصلت لحد القتل والتعذيب والاعتقالات بتهم التجسس والتخابر فالهوية الصحفية أصبحت مثار شك ولها تبعاتها بل أصبح معظم الصحفيين تحت رقابة الاجهرة الامنية وينظر إليهم بعين الريبة والشك من قبل الاطراف المتنازعة تهمتهم الوحيدة هي البحث عن الحقيقة ونقلها إلى العالم، ولم تسلم أمتعتهم ومنازلهم من التفتيش ونهب ومصادرة ممتلكاتهم خاصة في المناطق التي تقع تحت سيطرة الدعم السريع.