ثلاثة أخطاء عصفت بثورة ديسمبر المجيدة
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
عندما انطلقت مَسيرات شعبية عفوية في الثالث عشر من هذا الشهر في العام 2018 في مدينة الدمازين، ثم تلتها مواكب مماثلة في مدينة عطبرة في ذات الأسبوع؛ لم يَدُر بخُلد أحد أنّ تلك الهتافات الطلابية، المتناثره هنا وهناك، ستثير عواصف لتشعل جذوة أعظم ثورة سلمية تشهدها البلاد منذ استقلالها. تفضي إلى سقوط أعتى وأطول الطغاة السودانيين مكوثاً وفتكاً بالشعب السوداني.
* فمن تلك الأخطاء الجسيمة التي وقعت فيها الثورة السودانية فور اسقاط نظام المؤتمر الوطني، هو التهاون في التعاطي مع ملف العدالة، التي كانت ضمن أبرز شعاراتها (حرية، سلام وعدالة). فلم يحاكم أحد حتى هذه اللحظة؛ باستثناء تلك المسرحيات المكشوفة التي كانت تشهدها قاعة إحدى المحاكم كل يوم الثلاثاء في تلك الفترة، حيث انحصرت التهم حول انقلاب ٣٠ يونيو، بجانب ملف تلك العملات الأجنبية التي عثر عليها في (البيدروم)الخاص بالرئيس المخلوع. ولم يتطرق احد الى تلك الجثث المكدسة بالمشارح ولا المئات الآلاف من ضحايا الهجمات البربرية في النيل الأزرق، جبال النوبة ودارفور! فتهاونُ الثوار مع هذا الملف أثار سيلان لعاب القتلة على التماضي بكل جراءة في ارتكاب المزيد من الانتهاكات بحق الشعب السوداني… نتجت عنه جرائم بعضها أكثر بشاعة من سابقاتها… كفض الاعتصام، وانقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر، وصولا إلى الحرب الفوضوية الحالية.
* من الأخطاء القاتلة التي ما فتئت البلاد تتجرع مرارة كؤوسها، هو رضوخ الاجسام المكونة لتحالف الثوار وتسابقها الساذج نحو إبرام اتفاق مع تلك اللجنة الأمنية التي شكلها البشير نفسه قبيل تنحيه، بغية الحصول على الحقب الوزارية، دون المطالبة بإحداث أي تعديل يضمن على الأقل بتر أيادي النظام البائد التي من شأنها أن تتغلغل في جسد الحكومة الجديدة لصالح حزبها المتواري. بل ودون أي برامج لخطط بديلة يمكن الرجوع إليها في حالة تراجع العسكر عن الاتفاقيات الموقعة. وقد حدث ما خشينا حدوثه. وهذا الخطأ تحديدا فتح الباب على مصراعيه أمام النظام السابق للعودة محمولاً على الانعاق . فرأينا دعم مباشر للمواكب المعادية للثورة، اعتصامات مدعومة حكوميا لعرقلة الثورة، فض اعتصام القيادة العامة وتصفيات لا حصر لها وسط قادة الثورة المؤثرين من غير الحزبيين، برعاية ودعم مباشر من داخل الحكومة الانتقالية... وغيرها.
* هناك أيضاً خطأ فاضح ضرب أوساط تحالف القوى التي قادت الثورة في الجزء الثاني من بدايتها ، عُرفت بقوى إعلان الحرية والتغيير بشتى مكوناتها، من احزاب سياسية، حركات مسلحة، نقابات طلابية واتحاد المهنيين السودانيين… وهو محاولة إقصاء حركات الكفاح المسلح من حصص الوثيقة الدستورية واختزال قضيتهم في إطار الصراع بين النظام السابق ، ووضع العراقيل أمام اية اتفاقيات أخرى توقف عجلة الحرب التي كانت تدور في بعض أجزاء السودان لعقدين كاملين. وهو في اعتقادي السبب الرئيسي وراء ارتماء بعض من تلكم الحركات في احضان العسكر منذ ذاك الحين وحتى اليوم. ختاماً: ان الاعتراف بالخطأ والعمل على الاستفادة منه في المستقبل هو اول خطوة نحو التعافي. وقد ارتفع اصوات بعض ممن كانوا يألبون الشارع السوداني ضد اتفاقيات السلام مؤخراً للمناداة بالسلام… وهذه في حد ذاتها قفزة كبيرة نحو التعافي والوعي بأن (السلام سمح).
أحمد محمود كانم
انجلترا: 31 ديسمبر 2024
amom1834@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
أخطاء الجميع في أحداث 25 و28 يناير 2011 -1-
وقفتنا هذا الأسبوع، نناقش فيها أحداثا هامة حدثت في تاريخ مصرنا الحبيبة، ألا وهى أحداث 25 و28 يناير2011 بحلوها ومرارتها، فهناك أخطاء حدثت من الجميع، أدت إلى ما حدث فى 25 و28 يناير، منها أخطاء حدثت قبلها وأخطاء حدثت أثناءها، وأخطاء حدثت بعدها أدت إلى عدم بلوغ المرام المطلوب الذى كان يتمناه الشعب المصرى الحبيب وقتها.
سنبدأ بأخطاء نظام الدولة وقيادات الشرطة وقتها بالمختصر المفيد ورغم أن تلك الأحداث تحتاج لكتاب مؤلف بالفعل إلا أننا سنتحدث عنها باختصار شديد ولكنه قد يكون مفيدا، فهناك أخطاء حدثت من جانب النظام تتعلق بالاقتصاد والبطالة والصحة والتعليم والسياسة دون الدخول فى تفاصيل فالتفاصيل تحتاج لكتاب، أدت إلى وجود احتقان شديد لدى جميع أطياف الشعب وقتها، أوصلت الحال إلى أن الشعب أصبح مهيئا لأي شيء، وزاد الأمر سوءا حدوث أخطاء أمنية أدت إلى اختناق الشعب تماما.
صدقونى أخطر مراحل تمر بها أي دولة هي الوصول بها إلى هذا المنعطف الخطير لأنه من غير ما تفكر كثيرا كن متأكدا بدخول جهات الاستعمار السابقة والحالية والدول الكارهة على الخط من خلال مخابراتها ورجالها المتواجدين على مر الزمان، بجميع دول العالم الثالث لتنفيذ ما يصدر إليهم من تعليمات استراتيجية يتم تنفيذها لتحقيق المأرب استغلالا لأحداث حقيقية نتيجة غضب حقيقى للشعب، وقد تصل فى بعض الدول إلى الوصول لمسئولين بأعينهم يتعاونون بخيانة مدمرة تدميرا شديدا مع مخابرات تلك الدول، وهو ليس بخاف على كثير من المهتمين بالشئون السياسية.
مهمة هؤلاء ركوب الثورات وإحداث التوترات حتى يتم قيادتها إلى البر الذي يريدونه تماما دون الانحراف كثيرا عن أهدافهم، تحتاج لشعب واع جدا وقادة رأي على قدر كبير من الذكاء ويملكون قدرا كبيرا من مفاهيم الإدارة الناجحة.
إلى هنا انتهت وقفتنا لهذا الأسبوع أدعو الله أن أكون بها من المقبولين ونستكمل تلك الوقفة لأهميتها الأسبوع القادم إذا أحيانا الله وأحياكم إن شاء الله.