محاولات مصرية لتقريب وجهات النظر بين الإمارات والحكومة السودانية
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
شهدت العلاقات بين السودان والإمارات توترات ملحوظة أخيراً، إذ انتقدت وزارة الخارجية السودانية الإمارات على خلفية ما وصفته بـ"التدخل السافر" في الشؤون الداخلية، وهو الانتقاد الذي جاء في وقت حسّاس يمر فيه السودان بأزمات سياسية وأمنية متعددة، ما يزيد من أهمية الوساطات الإقليمية، بينما تواصل تركيا دور الوسيط الرئيسي بين السودان والإمارات في هذه المرحلة.
تُنسّق القاهرة مع السعودية ودول أخرى بهدف تشكيل موقف إقليمي موحد لدعم الاستقرار وتجنّب الاستقطاب نتيجة التدخلات في السودان
يتطلّب دور مصر في الوساطة، وفقاً لدبلوماسيين مصريين، وسودانيين، خطوات دقيقة ومتوازنة، في وقت تعمل فيه على فتح قنوات اتصال بين المسؤولين السودانيين والإماراتيين لتقريب وجهات النظر وحلّ الخلافات بطريقة سلمية، كما تُنسّق القاهرة مع السعودية ودول أخرى لديها نفوذ في السودان والإمارات بهدف تشكيل موقف إقليمي موحّد لدعم الاستقرار وتجنب الاستقطاب الذي قد ينشأ نتيجة التدخلات المتعددة في السودان.
العلاقات السودانية الإماراتية.. هل تنجح وساطة أردوغان في إصلاحها؟
وفي خطوة لافتة على صعيد الجهود الإقليمية لحلّ الأزمة السودانية، أبلغ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، في اتصال هاتفي يوم 13 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، استعداده للتوسط بين السودان والإمارات. يأتي هذا بعد توتر العلاقات بين البلدين بسبب اتهامات سودانية متكررة للإمارات بدعم قوات الدعم السريع بالسلاح والمعدات العسكرية، ما أدى إلى تفاقم النزاع الداخلي في السودان.
الإمارات تضغط على مصر
ووفقاً للخبيرة المصرية في الشؤون الأفريقية، الدكتورة نجلاء مرعي، فإن "تركيا تسعى لاستثمار علاقاتها القوية مع السودان، على الصعيدين الاقتصادي والدبلوماسي، إلى جانب علاقاتها مع الإمارات، للعب دور الوسيط في هذا النزاع". وأضافت في حديث لـ"العربي الجديد" أن الخلاف السوداني الإماراتي ليس جديداً، إذ تصاعدت اتهامات السودان للإمارات خلال السنوات الأخيرة، ووصلت إلى تقديم شكاوى للاتحاد الأفريقي. على صعيد آخر، أكدت مرعي عدم وجود خلافات بين مصر وتركيا في إدارة الملفات الإقليمية في القرن الأفريقي، مشيرة إلى "تنسيق واضح" بين البلدين، خصوصاً في الملف الصومالي. هذا التنسيق ظهر جلياً في توقيع بروتوكولات عسكرية مع الصومال، جاءت في إطار مواجهة التحركات الإثيوبية الرامية إلى تأمين منفذ على البحر الأحمر. وأوضحت أن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة عقب إرسال قوات مصرية إلى مقديشو، تعكس عمق هذا التعاون.
وأضافت مرعي أن مصر، باعتبارها الداعم الأبرز للجيش السوداني في مواجهته مع قوات الدعم السريع، تضع الحفاظ على تماسك مؤسسات الدولة السودانية كأولوية لضمان أمنها القومي. وأشارت إلى محاولات من قبل الإمارات للضغط على مصر لتخفيف وتيرة العمليات العسكرية للجيش السوداني، أو قبول مفاوضات تضمن مصالح قوات الدعم السريع. رغم ذلك، أشارت الخبيرة إلى أن العلاقات المصرية الإماراتية تشهد حالياً تفاهماً مشتركاً يدعم رؤية القاهرة في الحفاظ على وحدة الدولة السودانية.
الخضر هارون: لا يمكن لدولة تحرص على بقائها وسلامة شعبها أن تفرط في عامل استراتيجي كالسودان
بدوره، قال السفير السوداني السابق لدى واشنطن، الخضر هارون، لـ"العربي الجديد"، إن مصر تمتلك مراكز أبحاث وخبرات واسعة تضم الأكاديميين والعسكريين وأجهزة الاستخبارات ورجال السياسة والاقتصاد، ما يجعلها قادرة على تحليل المعطيات الإقليمية بدقة. وأضاف أن هناك سياسيين في مصر والسودان يرون أن استقرار البلدين يكمن في إقامة روابط أوثق، سواء عبر اتحاد شامل أو كونفدرالية فاعلة. وأوضح أن مصر تدرك أهمية السودان كعمق استراتيجي وظهير قوي لها في أوقات الشدائد، كما صرّح عددٌ من المسؤولين المصريين أخيراً. وقال: "لا يمكن لدولة تحرص على بقائها وسلامة شعبها أن تفرط في عامل استراتيجي كالسودان، الذي يشكل الذروة في هذه المعادلة. المقارنة هنا بين الثابت، وهو السودان كعمق استراتيجي، والمتغير، وهو العلاقات الثنائية والتجارية التي تخضع للتغير عبر الزمن".
ترقب للوساطة التركية
وفي ما يتعلّق بالوساطة التركية، قال هارون: "إذا حقّقت الوساطة التركية هدفها بوقف العدوان على السودان، فستكون مصر قد جنبت نفسها شرّ القتال، وحافظت على علاقاتها مع الإمارات، وفي الوقت ذاته، ساهمت في تأمين استقرار الدولة السودانية وحماية ظهرها من تقلبات الزمن". وأضاف: "أما إذا لم تنجح المبادرة التركية في تحقيق أهدافها، فلن يكون أمام مصر سوى أن تسعى للقيام بالدور بنفسها، لوقف العدوان على السودان. قد تنجح مصر في هذا المسعى دون أن تخسر أحداً، مستفيدةً من عمق علاقاتها التاريخية ومصالحها الاستراتيجية مع السودان".
من جهته، قال الكاتب والخبير في الشؤون الأفريقية، هاشم علي، لـ"العربي الجديد"، إن الوساطة التركية لحل الأزمة السودانية مرحّب بها باعتبارها جهوداً أخوية من دولة تركيا، التي أثبتت على مدار السنوات أنها نبراس للسلام في العديد من القضايا الإقليمية. وأشار إلى أن جهود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أسهمت سابقاً في تحقيق تفاهمات بين إثيوبيا والصومال، وطي خلافاتهما، فضلاً عن دور تركيا المستمر في دعم السلام في الصومال ومنطقة القرن الأفريقي. واقترح علي أن تكون الخطوة الأولى للمبادرة التركية هي إقناع قيادة الإمارات بوقف دعمها لمليشيا الدعم السريع، وإنهاء تدخلاتها غير المبررة في الشأن السوداني، ما سيمهّد الطريق لتحقيق سلام حقيقي بين الأطراف السودانية.
وفي ما يتعلق بدور مصر، أشار علي إلى أنها تتمتع بمكانة خصوصاً في قلوب السودانيين، مشيداً بتحسن العلاقات المصرية التركية في الأشهر الماضية بفضل الزيارات المتبادلة بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان. وأكد علي أن ما تسعى إليه تركيا لتحقيق السلام في السودان يتوافق مع تطلعات القيادة المصرية، التي تضع استقرار السودان ضمن أولوياتها. واختتم تصريحاته قائلاً: "السلام في السودان وإعادة الاستقرار إلى ربوعه هو هدف مشترك لمصر وتركيا، انطلاقاً من المصير المشترك الذي يربط البلدين".
القاهرة: العربي الجديد
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: السودان والإمارات قوات الدعم السریع العربی الجدید وجهات النظر عبد الفتاح فی السودان إلى أن
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يعلن تحقيق انتصارات على الدعم السريع في عدة محاور
أعلن الجيش السوداني يوم الأربعاء، تحقيق انتصارات كبيرة ضد الدعم السريع في محاور النيل الازرق والابيض وسنار.
وذكرت وكالة الأنباء السودانية "سونا" أن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد الركن نبيل عبدالله أعلن "أن القوات المسلحة حققت انتصارات كبيرة على مليشيا الدعم السريع المتمردة في عدة محاور".
وقال في بيان له مساء الأربعاء: "قواتنا بالنيل الازرق والنيل الابيض وسنار وفي نشاط متزامن ومنسق تمكنت من تدمير شراذم الجنجويد بمناطق الدالي والمزموم والجفرات والمليسا وقلي وابوعريف، والقربين ورورو والتبون واستعادتها عنوة واقتدارًا".
أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان يوم الأربعاء عزم الحكومة السودانية على التحول المدني الديمقراطي وتحقيق الإجماع الوطني.
جاء ذلك خلال لقاء البرهان هارييت ماثيوز المديرة العامة لشؤون إفريقيا في وزارة الخارجية والتنمية البريطانية، بحضور المبعوث الخاص للمملكة المتحدة إلي السودان السيد ريتشارد كراودر، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء السودانية "سونا" عن السفير نور الدائم عبد القادر مدير الشؤون الأوروبية والأمريكية في وزارة الخارجية السودانية.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } البرهان يؤكد عزم الحكومة السودانية على التحول المدني الديمقراطي - وكالات
وقال السفير في تصريح صحفي إن اللقاء تطرق إلى مجمل تطورات الأوضاع في البلاد، ورؤية الحكومة السودانية لتحقيق السلام والاستقرار وإنهاء الحرب، ومسار التحول الديمقراطي المدني.
وأشار السفير إلى أن رئيس مجلس السيادة أكد عزم الحكومة السودانية على التحول المدني الديمقراطي وتحقيق الإجماع الوطني، بجانب استعدادها لتقديم كل التسهيلات اللازمة لإيصال المساعدات الإنسانية لمستحقيها.
وأشاد بموقف بريطانيا الداعم لسيادة السودان ووحدة أراضيه وترابه، ورفضها إعلان تشكيل حكومة موازية في السودان بما يهدد أمن ووحدة السودان، بحسب السفير.
وقال عبد القادر إنه جرى إطلاع الجانب البريطاني على جهود الحكومة السودانية لتحقيق السلام، ورؤيتها فيما يتعلق بالمؤتمر المزمع انعقاده في لندن بخصوص قضايا السودان وأهمية توسيع دائرة مشاركة السودانيين فيه.
وأكدت هارييت ماثيوز دعم بلادها للسلام في السودان، وقالت: إن المملكة المتحدة ستلعب دورًا مهمًا في ضمان أي مسار نحو السلام، وعبرت عن قلقها العميق لتشكيل حكومة موازية تساند الدعم السريع المتمردة، وأضافت أنه إذا كنا نريد سلامًا دائمًا في السودان يتطلب ذلك وحدة وسلامة الأراضي السودانية.
وأشارت إلى أن اللقاء كان إيجابيًا، وتطرق إلى جهود تهيئة الظروف السلمية لإنهاء الحرب، ودور بلادها لاستضافة المجتمع الدولي في لندن للنقاش في خلق مجال للسلام في السودان لإنهاء الحرب.
كما تطرق اللقاء إلى توفير وإدخال الاحتياجات الإنسانية والضرورية للسودانيين، عبر المعابر، مشيرة إلى أن المملكة المتحدة ستلعب دورًا في تقديم العون للمحتاجين، مشيدة باستمرار إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر أدري، بحسب ماثيوز.