اندلعت الثلاثاء احتجاجات كبيرة في مدينة بورتسودان - العاصمة المؤقتة للسلطة الحالية- رفع فيها محتجون رزما من الأوراق المالية وهم يرددون شعارا يقولون "وين نوديها؟"، في إشارة إلى الصعوبات الكبيرة التي واجهها السكان في تبديل ما لديهم من عملات قديمة بعملات جديدة تم طرحها قبل نحو ثلاث أسابيع، وذلك مع انتهاء المهلة الثانية التي حددتها السلطات السودانية بنهاية دوم الاثنين.



ويقول مراقبون إن العملية برمتها أظهرت فشلا كبيرا نظرا لفقدانها أهم عنصرين وهما الشمولية والتوقيت، وسط بروز تعقيدات وظواهر سالبة عديدة.

وبسبب تمدد الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023، في أكثر من 70 بالمئة من مناطق البلاد، حصر البنك تغيير العملة في 7 فقط من ولايات البلاد الثمانية عشر، واعتبرت السلطات العملة القديمة مبرئة للذمة في ولاية الخرطوم وعدد من مناطق ولاية النيل الأبيض، إضافة لإحدى عشر ولاية اخرى لم يشملها التغيير، والتي تشكل أكثر من 80 في المئة من اقتصاد البلاد.

ورغم التسهيلات التي قدمها بنك السودان المركزي للراغبين في فتح حسابات لايداع ما لديهم من عملات قديمة، إلا أن الكثير من السكان لم يتمكنوا من فتح حسابات في ظل توقف أكثر من 85 بالمئة من أفرع المصارف البالغ عددها نحو 400 فرعا يشغلها 31 مصرفا يعمل في مختلف أنحاء البلاد.

واجه الآلاف صعوبات كبيرة في تبديل ما لديهم من عملات قديمة بسبب الازدحام في المصارف العاملة في المناطق والمدن الآمنة التي تشهد ضغطا كبيرا في ظل استيعابها أكثر من 11 مليون من الفارين إلى مناطق القتال.

وقال عبدالكريم علي الذي ظل يسافر على مدى ثلاثة أيام للمصرف الوحيد الذي يبعد عن مكان سكنه بنحو 30 كيلومترا، إنه يأس من إمكانية تبديل ما لديه من أموال قبل انتهاء المهلة.

وأوضح لموقع سكاي نيوز عربية "للمرة الثالثة اذهب إلى هذا المصرف الوحيد المتوفر في المنطقة، لكني أفشل في الدخول بسبب الازدحام الكبير..لا أدري ماذا أفعل".

إفرازات خطيرة

أفرز الارتباك الكبير الذي صاحب العملية، ظواهر اقتصادية خطيرة، حيث برزت في بعض المناطق ظاهرة العمل بسعرين للسلعة الواحدة بفارق يصل إلى 25 في المئة بين العملة القديمة والجديدة، كما انتشرت عمليات التبديل خارج المصارف بعمولات ضخمة.

ولجأ بعض السماسرة للاستفادة من الصعوبات التي تواجه الكثير من السكان في تبديل ما لديهم من عملات قديمة وذلك ببيع العملات الجديدة مقابل أرباح طائلة يحصلون عليها من بعض الذين حاولوا تفادي ازدحام المصارف او تكبد عبء الانتظار والسفر لمسافات طويلة للوصول إلى أقرب فرع لهم.

ويقول محمود الشيخ لموقع سكاي نيوز عربية "اضطررت لتبديل ما لدي من عملات قديمة لدى سمسار يمتلك كميات كبيرة من العملة الجديدة بعد أن اقتتطع ما يقارب من قيمة مبلغي المستبدل". ويبدي الشيخ استغرابه الشديد من ظهور سماسرة تبديل العملة، متهما جهات داخل المصارف بتسهيل عملهم.

وفي الجانب الآخر، أججت الخطوة عمليات مضاربات كبيرة في أسواق الحبوب والسيارات والسلع المعمرة حيث لجا الكثير من أصحاب الأموال إلى شراء تلك السلع رغم الخسائر المحتملة وذلك في محاولة للاحتفاظ بأموالهم بدلا من فقدان قيمتها بعد انتهاء مهلة التغيير.

وفي هذا السياق يرى الخبير الاقتصادي بشارة خير أن العملية برمتها ستكون كارثية وستعمق من الأزمة وتغرق الأسواق بعملة غير مبرئة للذمة ودون غطاء. ويقول "باتت التعاملات اليومية محفوفة المخاطر وبات العديد من التجار والمواطنون غير قادرين على ممارسة الأنشطة الاقتصادية ولجأ البعض إلى وسائل غير رسمية لحماية مدخراتهم".

ارتباك الأسواق

ارتبكت الأسواق في عدد من المناطق، بعد ان احجم تجار عن استلام الفئات القديمة، ما أدى إلى صعوبات كبيرة في الحصول على الاحتياجات اليومية.

وفي حين قالت لجنة استبدال العملة التابعة لبنك السودان إن إيداع العملات القديمة في الحسابات المصرفية يتيح للمواطنين الاستفادة من الخدمات المصرفية ويحمي أموالهم من مخاطر التعامل النقدي، يواجه الكثير من السكان صعوبات كبيرة في الدفع الإلكتروني لمشتريات السلع اليومية وتسديد فواتير الخدمات في التقطع المستمر لشبكة الإنترنت في الكثير من مناطق البلاد.

وتشير فاطمة عيسى إلى أنها أودعت ما لديها من مدخرات لكن البنك رفض تسليمها إلا جزءا قليلا من المبلغ الذي أودعته. وتقول لموقع سكاي نيوز عربية "أنا لا أملك وسيلة دفع الكتروني ولا أدري ماذا أفعل ولا أعرف متى يعطونني بقية المبلغ الذي أحتاجه للصرف اليومي على أولادي".

يجدر أن اللجنة العليا لاستبدال العملة قد كشفت عن تمديد فترة الاستبدال اعتباراً من الأربعاء، الأول من يناير 2025، وحتى الإثنين، السادس من يناير 2025. وقال وزير الثقافة والإعلام خالد الاعيسر الناطق الرسمي باسم الحكومة أن التمديد يهدف إلى تمكين المواطنين في جميع الولايات المستهدفة من إتمام عملية الاستبدال بسهولة ويسر.

‏وناشدت اللجنة المواطنين في الولايات المستهدفة كافة التعاون خلال هذه الفترة والإسراع لاستكمال عملية الاستبدال في الوقت المحدد، وذلك حرصاً من اللجنة العليا على مصالح الشعب السوداني.
سكاي نيوز عربية – أبوظبي  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: سکای نیوز عربیة الکثیر من کبیرة فی أکثر من

إقرأ أيضاً:

بوابة “أفريقيا والذهب”.. عين روسيا على قاعدة مهجورة في ليبيا

بعد أن كانت القوات التابعة لروسيا تتمركز في مناطق شرق ووسط ليبيا، بدأت تتحرك نحو جنوب البلاد، لتضع موطئ قدم لها في قاعدة معطن السرة الجوية الاستراتيجية، والتي كانت مهجورة لسنوات طويلة.
ويؤكد الخبير العسكري الليبي، عادل عبدالكافي أن هذه القاعدة تضم مطارا هاما كان مطمعا للقوى الأجنبية، وذلك لوجوده في منطقة “مثلث استراتيجي” مهمة تعتبر بوابة على كل أفريقيا.
وقال لموقع “الحرة” أن الصور الملتقطة من الأقمار الصناعية التي يتم تداولها تظهر وتؤكد أن القوات الروسية أصبحت تسيطر على هذا المطار العسكري الهام.
ونشرت منصة “إيكاد” مجموعة من الصور التي التقطت خلال الفترة 6 وحتى 11 يناير الماضي تظهر أعمال تأهيل للمدرجات الرئيسية التي كانت يغطيها الكثبان الرملية، وتطوير منطقة تجميع الطائرات الرئيسية غرب المدرج.
وجغرافيا، يقع هذا المطار في قرية السارة في جنوب ليبيا التي تبعد عن مدينة الكفرة ما يزيد عن 300 كلم.
كما أنه قريب من منطقة كوري بوغدي، على الحدود بين تشاد وليبيا الغنية بالذهب، وتعتبر مطمعا للجميع.
والعميد عبدالكافي، المستشار العسكري السابق للجيش الليبي في غرب البلاد أشار إلى أن هذا المطار يقع في منطقة مثلث استراتيجي عند حدود ليبيا وتشاد والسودان، ويتسع لأكثر من 100 طائرة مقاتلة.
وزاد أن مطار معطن السرة كانت قاعدة للقوات الليبية، لعب دورا هاما خلال الصراع التشادي الليبي في الثمانينات من القرن الماضي، وفي الفترة التي تلت ذلك أصبحت مهجورة لسنوات طويلة.
ويضم المطار عدة مدارج للطائرات العسكرية، ويمكنه خدمة عشرات الطائرات الحربية في الوقت ذاته، ومع ذلك تقوم روسيا حاليا بإعادة تأهيله وتوسيع المدارج، فيما تم رصد هبوط طائرة روسية من نوع “إليوشن” مؤخرا، والتي ضمت عددا من الخبراء الروس الذين يشرفون على تطوير المطار، بحسب عبدالكافي.
وعند سؤاله عما يعني بأنها قاعدة استراتيجية، أجاب عبدالكافي أنها يمكن أن تصبح “بوابة روسيا لنقل الأسلحة والمقاتلين لكل أفريقيا وتدعم عملياتهم هناك”.
وحذر من أن روسيا ستستغل حالة الفراغ في أفريقيا، خاصة مع إلغاء عدد من الحكومات اتفاقياتهم بشأن تواجد القوات الفرنسية أو الأميركية في دولهم.
ولم يستبعد عبدالكافي أن تستغل روسيا هذا المطار لنقل كميات من الذهب أو الموارد التي يتم تهريبها من دول أفريقية مجاورة، مشيرا إلى أن موسكو تتبع نوعا من السياسات الهجينة بدعم القوى المتنازعة، بهدف الحصول على موارد البلاد.
ولليبيا حدود مع السودان من الجنوب الشرقي، وتشاد من الجنوب، والنيجر من الجنوب الغربي، والجزائر من الغرب، وتونس من الشمال الغربي.
ويشرح أن التوسع الروسي بدأ منذ 2019، عندما تدفقت عناصر فاغنر، حيث تمركزوا في قواعد: الجفرة قرب مدينة سرت، وقاعدة براك الشاطئ الجوية، وقاعدة الخادم، ولكن منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، بدأنا نشهد زخما أكبر في نقل المزيد من المقاتلين والأسلحة من سوريا إلى ليبيا.
وقال إن هذا الزخم يتطلب إعادة تموضع لروسيا في الداخل الليبي، خاصة مع نقلها لأسلحة مثل منظومات الدفاع الجوي، والقطعات العسكرية الجوية، والبحرية بما فيها طائرة أنتونوف الضخمة.
في 18 ديسمبر، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بأنه تم نقل رادارات وأنظمة دفاع جوي روسية من بينها “اس-300″ و”اس-400” من سوريا إلى ليبيا، مستندة في ذلك الى مسؤولين ليبيين وأميركيين.
وبعد أن كان الاعتماد على عناصر ميليشيا فاغنر، أصبح هناك ما يسمى الفيلق الروسي الأفريقي، التي تتبع لموسكو بشكل مباشر، وفقا لعبدالكافي.
في مايو 2024، كشف اتحاد التحقيقات السويسري “كل العيون على فاغنر” أنشطة روسية في حوالي 10 مواقع ليبية، من بينها ميناء طبرق حيث وصلت معدات عسكرية في فبراير وأبريل.
وكان عديد القوات الروسية في فبراير 2024 يناهز 800 عنصر، وارتفع الى 1800 في مايو من العام ذاته.
تعاني ليبيا البالغ عدد سكانها 6.8 ملايين نسمة، انقسامات منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011.
وتدير شؤون البلاد حكومتان: الأولى في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في شرق البلاد يترأسها أسامة حماد وتحظى بدعم البرلمان والمشير خليفة حفتر المتحالف مع روسيا.
التحركات الروسية في ليبيا تظهر أنها تريد استعادة نفوذها في القارة الأفريقية كلها والذي فقدته بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وهو ما قد يجعل قاعدة معطن السرة الجوية الاستراتيجية بوابة لها.

الحرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. سيدة الأعمال ونجمة السوشيال ميديا السودانية الحسناء “سندس” لمتابعيها: (مع اقتراب عيد الحب أريد أن أخبركم أني سنجل ومافي زول بدلعني لكن حأدلعكم وأدلع نفسي)
  • موقع بريطاني: سياسة “الإفراجات” تشوبها الكثير من شبه الفساد المالي في حكومة الدبيبة
  • المستشار العام لسفارة السودان “فعاليات الخرج” رسمت الفرح على الجالية السودانية
  • وزير الخارجية والهجرة يستقبل كبيرة مُنسقي الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة والمنسقة الأممية لعملية السلام
  • موسيفيني: “البلاد لا يحكمها القضاة” والمحاكم العسكرية أداة مفيدة للاستقرار
  • القصف ونقص السيولة ومعضلة التأشيرات.. مثلث “أوجاع السودان”
  • بوابة “أفريقيا والذهب”.. عين روسيا على قاعدة مهجورة في ليبيا
  • جروس بعد الخسارة أمام بيراميدز: تأثرنا بخروج عبد الله السعيد.. ولا يمكن تبديل زيزو
  • أسمته “إسرائيل” رجل الموت.. من هو محمد الضّيف مهندس معركة “طوفان الأقصى” الذي أرعب الكيان الصهيوني؟ (تفاصيل + فيديو)
  • بالفيديو.. تعرف على “محمد الضّيف” مهندس معركة “طوفان الأقصى” الذي أرعب الكيان الصهيوني