أزمة الثقة في الديمقراطية العراقية.. القانون الانتخابي لتصفية الحسابات
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
1 يناير، 2025
بغداد/المسلة: تعيش الساحة السياسية العراقية صراعًا متجددًا حول قانون الانتخابات، يعكس التباين العميق بين القوى السياسية التقليدية والحركات المستقلة والقوى الناشئة.
وفي جوهر هذا الخلاف، يكمن السعي نحو رسم مستقبل النظام السياسي، حيث تتباين الأجندات بين تعزيز الهيمنة الحزبية القديمة وتحقيق عدالة انتخابية تمهد لتمثيل أوسع وتعددية سياسية.
القوى التقليدية ومحاولة تعزيز السيطرة
القوى السياسية التقليدية تسعى إلى إجراء تعديلات على قانون الانتخابات تتيح لها تعزيز حضورها في المشهد السياسي. هذه القوى ترى في نظم الدائرة الواحدة أو اعتماد تقسيمات انتخابية تخدم توجهاتها، وسيلة لضمان سيطرتها على البرلمان والمناصب التنفيذية.
هذه التوجهات، كما يصفها المستقلون، لا تهدف إلى تحقيق مصالح وطنية بقدر ما تعكس مخاوف القوى الكبرى من فقدان مواقعها التاريخية.
الحركات المستقلة.. معركة من أجل التمثيل
من جانب آخر، تضغط القوى الناشئة والحركات المستقلة لإجراء تغييرات جوهرية تضمن عدالة أكبر في تمثيل مختلف شرائح المجتمع. تصر هذه القوى على أهمية تبني نظام الدوائر المتعددة باعتباره خيارًا يعبر عن إرادة الناخب العراقي بشكل مباشر، بعيدًا عن التلاعب الذي يتيحه نظام “سانت ليغو” المعدل. هذا النظام طالما اعتبر أداة بيد الأحزاب الكبرى لاحتكار العملية الانتخابية، مما أدى إلى عزوف شريحة واسعة من الناخبين عن المشاركة في العملية الديمقراطية.
جدلية الاستقرار القانوني
في قلب الجدل، يظهر مطلب تحقيق استدامة قانون انتخابي موحد يتم تطبيقه في جميع الدورات الانتخابية. غير أن الانقسامات الحادة بين الفرقاء السياسيين تجعل من هذا الهدف أمرًا بعيد المنال.
حالة الجمود السياسي والتناقضات بين الأحزاب الكبيرة والحركات المستقلة تؤدي إلى تكرار سيناريوهات تعديل القوانين وفق أجندات محددة، ما يضعف الثقة في النظام الانتخابي برمته.
مناورات سياسية وصراع المصالح
في ظل هذا المشهد، تتباين مواقف الأطراف الفاعلة. ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي يدفع نحو تعديلات تعزز نفوذ القوى الكبرى، مثل اعتبار المحافظات ذات الكثافة السكانية المرتفعة دوائر انتخابية منفصلة، وهو ما يتيح لها استثمار قواعدها الجماهيرية الواسعة. في المقابل، يقف تيار الحكمة بموقف “بين بين”، إذ يؤيد الحفاظ على القانون الحالي لتجنب تقلبات تعمّق أزمة الثقة بين الناخبين والمؤسسات الانتخابية.
استحقاقات مفصلية
النقاشات حول قانون الانتخابات لا تنحصر فقط في طبيعة الدوائر أو نظم التصويت، بل تمتد إلى قضايا مثل إلزام المسؤولين الحكوميين بالاستقالة قبل الانتخابات، وضمان استقلالية المفوضية المسؤولة عن إدارة العملية الانتخابية. هذه القضايا تسلط الضوء على التحديات العميقة التي تواجه النظام الديمقراطي في العراق، وسط ضغوط داخلية وخارجية لتحقيق إصلاحات تمس جوهر العملية السياسية.
الصراع على رئاسة الحكومة
وراء الكواليس، تدور معركة سياسية كبرى حول تأثير نتائج الانتخابات على تشكيل الحكومة المقبلة. القوى الكبرى تدرك أن شكل القانون الانتخابي سيحدد طبيعة التحالفات البرلمانية، وبالتالي رئاسة الحكومة. هذا الصراع يفسر الإصرار على تعديلات قانونية تضمن نفوذ الأطراف القوية، مقابل مساعٍ خجولة من الحركات المستقلة لتغيير قواعد اللعبة.
مستقبل العملية الديمقراطية
تظل معركة قانون الانتخابات اختبارًا حقيقيًا لقدرة القوى السياسية على تجاوز حساباتها الضيقة لتحقيق إصلاحات تعيد الثقة في النظام الديمقراطي. في ظل استمرار الانقسامات الحالية، يبدو أن العراق أمام مفترق طرق حاسم، قد يحدد مستقبل العملية السياسية لسنوات قادمة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: قانون الانتخابات
إقرأ أيضاً:
الانتخابات البلدية: مبارزة مسيحية ومساع للتزكية في الشوف وبيروت أمامحماية المناصفة
يقف لبنان على أبواب إنجاز الانتخابات البلدية على 4 مراحل، تبدأ في 4 أيار المقبل، وتختتم بمحافظتَي الجنوب والنبطية يوم 25 منه، الذي يصادف «عيد التحرير»، أي ذكرى الانسحاب الإسرائيلي من لبنان عام 2000، استجابة لرغبة «الثنائي الشيعي»، الذي يصر على إتمام الانتخابات في موعدها سعياً لتجديد شرعيته الشعبية..
وجاء في " الشرق الاوسط": انتخابات المجالس البلدية ستُجرى في موعدها الذي حدده وزير الداخلية، أحمد الحجار، ولم يعد من مجال لتأجيلها، إلا إذا ارتأى معظم القوى السياسية ترحيلها إلى أيلول المقبل..
وعلم من مصادر نيابية أن «الثنائي الشيعي» يولي أهمية لشمول البلدات الحدودية المدمّرة بالعملية الانتخابية، وهو يقترح مجموعة من الخيارات لإتاحة الفرصة أمام سكانها للاقتراع في بلداتهم، مبدياً استعداده لتأمين بيوت جاهزة أو خيام توضع تحت تصرف «الداخلية» وتحويلها إلى مراكز للاقتراع في حال تعذُّر إيجاد مبانٍ صالحة للاستعمال. ولفتت المصادر إلى أنه لا شيء يحول دون نقل مراكز الاقتراع المخصصة لهذه البلدات إلى بلدات مجاورة. وقالت إن «الثنائي» يعوّل على حث الناخبين للإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع، بما يسمح له بتأكيد أن الجنوبيين يتمسكون بأرضهم في تصديهم للاحتلال الإسرائيلي، وقالت إنه بتحالفه يستبعد حدوث منافسة تُذكر، مما يتيح له السيطرة على مجالسها البلدية.
لكن إجراء الانتخابات البلدية يضع القوى السياسية أمام تحدٍّ يقضي بتأمين المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي لـ«بيروت الممتازة» في ظل الأكثرية الساحقة للصوت المسلم؛ لأن مجرد الإخلال بها سيفتح الباب لاحقاً، وكما يقول مصدر سياسي أمام تجديد الدعوات لتقسيم العاصمة إلى مجلسين بلديين؛ مسيحي وإسلامي، إن لم يذهب البعض إلى المطالبة بالفيدرالية متذرّعاً باستبعاد المسيحيين، مما يؤدي إلى الإخلال بالتوازن الطائفي. ودعا المصدر السياسي القوى الفاعلة في العاصمة إلى تحمّل مسؤولياتها في الحفاظ على المناصفة، التي لطالما بقيت محمية،
تنطلق العملية الانتخابية البلدية والاختيارية بدءاً من الرابع من أيار المقبل على مراحل أربع، في خطوة من شأنها أن تبث روحاً جديدة في المجالس البلدية التي فُقد دورها وحيويتها بسبب الانهيار الحاصل والتجديد المتلاحق منذ عام 2022.
وجاء في" النهار": أن ماكينات التيارات السياسية والأحزاب انطلقت بلدياً، وينقل أن ثمة برودة في طرابلس، فيما علم من مصادر موثوقة، أن ما يجري في بيروت قد يكون "أم المعارك"، والحراك انطلق بشكل لافت إن على صعيد تيار المستقبل أو النائب نبيل بدر، الذي يدرس مع جهات بيروتية تشكيل لائحة متوازنة عنوانها المناصفة بين كل الطوائف والمذاهب، والأمور قطعت أشواطاً إيجابية، وبمعنى آخر هناك توجه لبلدية مغايرة عما حصل في السنوات السابقة للنهوض بالعاصمة.
وعلمت "النهار"، أن ثمة توجهاً في قرى وبلدات عاليه والشوف، ما يشبه لوائح تزكية، كي لا يحصل أي صدام بين العائلات في ظل الظروف المفصلية، ولاسيما على خط المختارة خلدة، واللقاءات التي عقدت بين وليد جنبلاط والأمير طلال أرسلان، بإمكانها أن تضفي أجواء إيجابية على هذا الصعيد وتحديداً بلدية الشويفات إذ بات شبه محسوم التوافق عليها من خلال الرئيس الحالي نضال الجردي وصولاً إلى مناطق أخرى فيما المعارك ستكون في عاليه وعرمون وسواهما، والأمر عينه في الشوف حيث هناك حراك للوزير السابق وئام وهاب مع قوى حليفة وصديقة، لذلك الاستحقاق البلدي قد يكون مقدمة أو بروفة للانتخابات النيابية.
وتشير المعلومات أيضاً إلى أن تحالف الثنائي الشيعي محسوم على صعيد الاستحقاق البلدي و "حزب الله" وفق المعلومات حرك ماكينته الانتخابية وبدأ اللقاءات لهذا الغرض مع الجهات المعنية والأمر عينه قد ينطلق خلال الأيام المقبلة على خط حركة أمل، فيما حزب القوات اللبنانية أو الأحزاب المسيحية عموماً، بدأت تحضر ماكينتها الانتخابية ما يسري على معظم التيارات والقوى السياسية بما فيها التيار الوطني الحر، لذا حتى الساعة الصورة البلدية غير واضحة على صعيد التحالفات.
رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب كميل شمعون قال لـ "النهار":انطلقنا في التحضير للانتخابات البلدية وسندعم الذين يعتبرون مقربين منا، وعلى صعيد التحالفات يرد شمعون بالقول إنها انتخابات عائلات وليست سياسية، فالنيابية لها ظروفها ومعطياتها وأجواؤها، ومن المبكر الخوض في هذه المسألة، لكن معركة البلديات انطلقت ولن نتدخل مع العائلات، لكن دعمنا سيكون للمقربين، وباعتقادي هذا يسري على جميع القوى السياسية والحزبية والعائلات في لبنان.