عربي21:
2025-03-06@09:47:32 GMT

متلازمة سوريا

تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT

متلازمة سوريا مرض جديد أصاب عددا غير معروف من البشر، من أشد أعراضه أنه يفقد المصاب توازنه العقلي فيبدأ بالهذيان وتوزيع التهم والشتائم والتحليلات المجنحة، سبب المرض هو الانتصار الصاعق والمفاجئ لثلة من أهالي الشام وبعض مناصريهم، أنجزوا في أيام ما عجزت عن إنجازه جيوش وأنظمة وقوى إقليمية ودولية في سنين.

سيمر وقت طويل قبل أن يكتشف المصابون بالمرض أنهم وقعوا صيدا سهلا لذهنية المؤامرة التي تعيش معنا في فراشنا في الشرق، حيث لا يمكن أن يحدث شيء دون مشيئة أمريكا و"إسرائيل"، فكل شيء يتم هو سيناريو معد مسبقا ممن وضعوهم مكان الإله عز وجل.

وهذا شرك بواح عشش في المخيال الجمعي العربي، وما لم ينتبه العاقل لمدى تغلغله، فسيتحول إلى كائن مهزوم لا يمكن أن يفعل شيئا ذا بال في الحياة، إلا أن يستعد لركلات الحذاء الصهيوأمريكي.

سوريا انتصرت بكل المقاييس وعلى أي وجه قرأت المشهد، ونحن في الحقيقة في انتظار انتصارات من نفس الجنس
سوريا انتصرت بكل المقاييس وعلى أي وجه قرأت المشهد، ونحن في الحقيقة في انتظار انتصارات من نفس الجنس، فكل الدلائل تقول إن ساعة الرمل التي كانت تأتمر بأمر الغرب: أمريكا والكيان ومن ورائها، تمت السيطرة عليها، وقُلبت لتبدأ حركتها المضادة. نحن هنا لسنا في صدد الاسترسال في تعداد هذه الدلائل وحصرها، لكن مجمل التحولات في بلادنا تؤكد أننا في خضم تغييرات مذهلة وصادمة في بيئتنا الاستراتيجية التي ظلت لسنوات طويلة خلت تسير وفق مشيئة أيد خفية وظاهرة، كلها عكس مصلحة الأمة. والذكي الفطن من يلتقط رسالة التاريخ الجديد فيتكيف معها، ويبدأ بإجراء عملية "إصلاح ذاتي" لاعوجاجه، قبل أن تدوسه عجلة التغيير جبرا وقهرا.

متلازمة سوريا، جعلت فئة غير قليلة ممن أدمنوا العبودية يفكرون في الهجرة خارج الكرة الأرضية كلها، فهم لم يستوعبوا بعد أن نظاما أسطوريا كنظام الأسرة العلوية الأسدية تحول إلى قمامة كَنَسها أبناء الشام الأشاوس، الذين كانوا قبل أشهر قليلة أو حتى أيام مجرد ضحايا في "أفران غاز" النظام المجرم، فقد ارتكب النظام كل ما يخطر وما لا يخطر ببال البشر من فظائع، وسيُمضي من يشرع بالتحقيق في تفاصيلها بقية عمره في حصرها و"ترتيبها!" ولعل فداحة ما تم، أفقد فئة العبيد تلك قدرتهم على تخيل أنه من الممكن أن يعيشوا حياة البشر، بعد أن حولهم النظام المجرم إلى ديدان لا يتقنون إلا الزحف على بطونهم.


هذه الفئة من العبيد تضم أيضا طيفا كبيرا من أنواع المتضررين من زوال النظام، عربا وعجما، دفعتهم الوقائع الجديدة للتصرف بجنون وهذيان، أحد هؤلاء باركت له "النصر" الذي هو نصر له، باعتباره أحد المنكوبين الذين اضطروا لترك الوطن والبحت عن حياة أخرى في بلاد الله هائما على وجهه، فبادرني قائلا: أي نصر، لقد ضاعت سوريا!

يعتبرون أن تحرير سوريا (على حد تعبيرنا نحن) هو الذي فتح المجال للعدو الصهيوني لـ"تحطيم" قدراتها العسكرية، وهذا يؤكد تبعية الثوار للعدو، وعملهم لمصلحته! حسنا، ماذا لو لم يفعل العدو ما فعل من عدوان؟ أكانت الثورة ثورة شعب فعلا، أم جزءا من مؤامرة على سوريا "العروبة" "قلعة الصمود والتصدي"؟ ماذا لو امتدح العدو ثورة سوريا، وأبدى "تعاطفه" مع الثوار، والتزامه باتفاق الهدنة؟ هل كان مثل هذا التصرف صك براءة للثوار من "عمالتهم" للعدو؟
لم أعرف كيف أجيبه، إلا بسؤال: هل كانت سوريا قبل زوال الطاغية "موجودة" ثم ضاعت حينما تحررت منه؟ لم يجب، ولن يجيب، فهو يعاني من المتلازمة إياها، التي سكنت لاوعيه، فجعلته يهذي، شأنه شأن من يسوق هجوم الكيان على سوريا وتدميره لأسلحتها، دليلا على فشل "الثورة" وارتباطها بمصالح العدو. طبعا هذه الفئة لا ينفع معها نقاش، فهم يعتبرون أن تحرير سوريا (على حد تعبيرنا نحن) هو الذي فتح المجال للعدو الصهيوني لـ"تحطيم" قدراتها العسكرية، وهذا يؤكد تبعية الثوار للعدو، وعملهم لمصلحته! حسنا، ماذا لو لم يفعل العدو ما فعل من عدوان؟ أكانت الثورة ثورة شعب فعلا، أم جزءا من مؤامرة على سوريا "العروبة" "قلعة الصمود والتصدي"؟ ماذا لو امتدح العدو ثورة سوريا، وأبدى "تعاطفه" مع الثوار، والتزامه باتفاق الهدنة؟ هل كان مثل هذا التصرف صك براءة للثوار من "عمالتهم" للعدو؟

المصابون بمتلازمة سوريا لا يُناقَشون، فهم في غيبوبة، ولا يمكن لأي "منطق" أن يفحمهم، لأنهم غير قابلين لسماع أي منطق، ويقابلهم في "صلابة" موقفهم من ثورة سوريا، جماعة الثورة المضادة، وتحت هذا العنوان يندرج طيف واسع (أيضا) ممن ضربتهم الصدمة على "أم رأسهم"، فبعضهم هرع لفتح أبواب الحوار مع الثوار وأبدى "نواياه الحسنة!" للتعاون معهم، فيما بدأ بعض آخر بالعبث "سرا" بكل ما أوتي من خبث وشر لتخريب المشهد، كما فعل من قبل في مصر وليبيا وتونس، فانتصار ثورة سوريا "نذير شؤم" عليهم، ولن يدخروا جهدا في تخريبها سرا وعلانية!

ما نحن موقنون به -بعون الله- أن ترياق الشفاء من متلازمة سوريا، هو قدرتها على الصمود وإعادة إنتاج وطن جديد على مقاس المواطن، لا على مقاس النظام (أي نظام) ومن يدعمه، وهو "نموذج" حين يتم دورة اكتماله سيكون ملهما لكل الأوطان التي تنتظر في طابور "التغيير".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا المؤامرة النصر الثورة تحرير سوريا ثورة تحرير مؤامرة نصر مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة من هنا وهناك اقتصاد سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ثورة سوریا ماذا لو

إقرأ أيضاً:

محمد الأشمر.. من هو الثائر السوري الذي تحدى الفرنسيين؟

في قلب النضال السوري ضد الاستعمار الفرنسي، برز اسم محمد الأشمر الذي يصادف اليوم ذكرى وفاته كأحد أهم قادة المقاومة الذين رفضوا الخضوع للاحتلال، وساهموا في إشعال جذوة الثورة السورية الكبرى (1925-1927). لم يكن الأشمر مجرد مقاتل حمل السلاح، بل كان رمزًا للعزيمة والنضال في وجه القوى الاستعمارية، وشخصية محورية في الكفاح من أجل استقلال سوريا. فمن هو محمد الأشمر؟ وكيف أصبح أحد أبرز رموز المقاومة في التاريخ السوري؟

النشأة والتكوين

وُلد محمد الأشمر في دمشق في أواخر القرن التاسع عشر، ونشأ في بيئة وطنية مشبعة بروح المقاومة. تأثر منذ صغره بحالة الغليان السياسي التي كانت تشهدها سوريا تحت الاحتلال الفرنسي، وشهد بنفسه القمع الذي تعرض له أبناء بلده، مما دفعه إلى الانخراط مبكرًا في صفوف المقاومة.

دوره في الثورة السورية الكبرى

مع اندلاع الثورة السورية الكبرى عام 1925 بقيادة سلطان باشا الأطرش، كان محمد الأشمر من أوائل الذين التحقوا بصفوف الثوار. تميز بشجاعته وقدرته على قيادة المعارك، حيث خاض مواجهات شرسة ضد القوات الفرنسية، خاصة في دمشق وغوطتها، وتمكن من تحقيق انتصارات مهمة ضد المحتل.

لم يكن الأشمر مجرد مقاتل، بل كان منظمًا بارعًا، إذ ساهم في تسليح الثوار وتدريبهم على أساليب القتال، كما عمل على توحيد الصفوف بين مختلف الفصائل المقاومة لضمان استمرار الثورة.

معاركه ضد الفرنسيين

اشتهر الأشمر بدوره في معركة الغوطة، حيث قاد مجموعة من الثوار في مواجهة القوات الفرنسية المدججة بالسلاح. ورغم قلة العتاد، تمكنوا من تكبيد العدو خسائر فادحة. كما لعب دورًا بارزًا في الدفاع عن دمشق أثناء قصفها من قبل القوات الفرنسية، وأصبح اسمه مرتبطًا بالصمود والمقاومة.

ما بعد الثورة: استمرار النضال

بعد تراجع الثورة السورية الكبرى، لم يتوقف الأشمر عن النضال، بل واصل مقاومته بطرق مختلفة، حيث شارك في دعم الثوار في مناطق أخرى، وساهم في الحركات الوطنية التي كانت تسعى لطرد الاستعمار. كما لم يقتصر نشاطه على سوريا، بل امتد إلى فلسطين، حيث دعم الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 ضد الاحتلال البريطاني والصهيوني.

رغم مرور عقود على رحيله، لا يزال محمد الأشمر يُذكر كواحد من أعظم أبطال المقاومة السورية. كان نموذجًا للثائر الذي لم يتخلَ عن قضيته، وبقي صامدًا حتى النهاية. اليوم، يُعد اسمه جزءًا من تاريخ النضال العربي ضد الاستعمار، ورمزًا للشجاعة والتضحية من أجل الوطن

مقالات مشابهة

  • اشتباكات عنيفة بين الأمن وفلول النظام المخلوع في درعا جنوبي سوريا
  • إصابة مواطن في قصف للعدو السعودي على منبه بصعدة
  • حماس: سياسة التجويع هي امتداد لحرب الإبادة التي شنها العدو ضد غزة
  • السيسي يرفض التعدي على أراضي سوريا.. والشرع: مصر والشام جناحان لطائر واحد
  • الدعتور بين فوهات البنادق وأصوات المدنيين.. انسحاب بعد ليلة دامية في سوريا
  • الفرقة الرابعة.. الإمبراطورية التي نهبت اقتصاد سوريا
  • توغلات جديدة وعمليات إنزال صهيونية جنوب سوريا
  • سوريا .. مقتل عسكريين بعد خطفهما ومصرع ثالث في هجوم على دورية أمنية باللاذقية
  • محمد الأشمر.. من هو الثائر السوري الذي تحدى الفرنسيين؟
  • العدو الصهيوني يشن غارات على مدينة طرطوس غربي سوريا