عربي21:
2025-02-03@12:12:02 GMT

في بعض التباسات كلمة «أقليات»

تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT

احتلت كلمة «أقليات» مكانة لافتة في الأحاديث عن سوريا والسوريين في السنوات الأخيرة، وازداد استعمال الكلمة في الفترة بعد أن دخلت القضية السورية خط علاجها عقب سقوط نظام الأسد، وبدء العهد السوري الجديد الذي تديره غرفة العمليات العسكرية بقيادة أحمد الشرع زعيم «هيئة تحرير الشام»، والتعبير الأبرز لزيادة أهمية الكلمة تداولها في الأوراق والوثائق وفي أحاديث رجال السياسة من سوريين وعرب وأجانب من المتفاعلين مع القضية السورية.



والأساس في كلمة «أقليات» أنها تشير إلى حجم محدود من أكثرية ما. لكنها في الاستعمال السوري وما يتصل بسوريا تشير خصوصاً إلى مجموعات من السوريين، إذ تستعمل أحياناً للدلالة على أقليات من جماعات ذات أصول قومية مثل الأكراد والتركمان والشركس، تشكل أقليات مقارنة بـ«أكثرية» العرب السوريين، وتستعمل أيضاً في إشارة إلى «أقليات» دينية - طائفية مثل أقلية المسيحيين على مختلف طوائفهم مقارنة بأكثرية المسلمين من الناحية الدينية، وإلى العلويين والإسماعيليين والدروز من طوائف مقارنة بأكثرية المسلمين من طائفة السنة.
استعمال كلمة «الأقليات» مقرون في أغلب الأحيان بمخاوف وحذر الذين يرددونها والقائلين بها من سوريين وغيرهم، لا سيما الغربيين في إشارة إلى مخاوف من انتهاك حقوق الأقليات في ظل النظام السوري الجديد، وتأكيد ضرورة حماية تلك الحقوق، التي لا يُشار إلى محتواها وحدودها حيث ترد، مما يجعلها مروحة واسعة من حقوق أدناها، كما هو معروف، حقوق ثقافية واجتماعية منها اللغة والعبادات واللباس والعادات والتقاليد، وأقصاها حق الانفصال، وإقامة دولة أقلوية منفصلة عن الكيان الأم.

استخدام كلمة «الأقليات» بما تقدم من مواصفات، منهج حديث العهد في سوريا وفي المشرق العربي. إذ تواصل استخدامه محدوداً في منتصف القرن الماضي مع ظهور إسرائيل باعتبارها دولة يهودية، وازداد مع الانقلابات التي ضربت المشرق العربي، خصوصاً سوريا، والتي ركزت أوساط فيها على المسحة الطائفية لسلطة «البعث» وأساسها اللجنة العسكرية، التي استولت على السلطة تحت يافطة «البعث» في انقلاب مارس (آذار) 1963، وكانت غالبيتها من العلويين والدروز والإسماعيليين، وعزز نظام الأسد والجماعات الإسلامية، لا سيما الطليعة المقاتلة، النزعات الطائفية بين أكثرية السنة والأقلية العلوية في سوريا، وشاركت أنظمة الحكم السورية في العقود السبعة الأخيرة وأوساط من قيادات كردية في تصعيد النزاعات القومية في العلاقة بين العرب والأكراد.

وشكلت الخلفية المحيطة بتداول كلمة «أقليات» ملامح حذر السوريين ومخاوفهم منها، وتعزز هذا الاتجاه داخلهم في ضوء استخدام الكتاب والصحافيين الغربيين والسياسيين كلمة «أقليات» للدلالة على ما يواجهه بعض السوريين الموصوفين بأنهم من «الأقليات» من ظروف صعبة تحيط بحياتهم جراء سياسات الحكومات، أو بسبب موقف بعض الأطراف السياسية والاجتماعية المتشددة في سوريا، كما حال جماعات إسلامية متطرفة مثل «داعش» و«النصرة»، وكله عزز المخاوف والحذر حول استخدام كلمة «الأقليات» في المنطقة وفي سوريا خصوصاً.

غير أن المخاوف والحذر تكرسا في البلدان التي ظهرت فيها ترديات سياسية وأمنية مثل لبنان مع أوساط السبعينات، والعراق بعد سقوط نظام صدام حسين 2002، أو ظهرت فيها هزات عنيفة للنظام الحاكم، أبرزها سوريا، في أعقاب وصول بشار الأسد إلى السلطة عام 2000، وفي كل هذه البلدان تواصلت الأحاديث عن «الأقليات»، وسط الدعوة إلى تأمين وجودها، والمطالبة بصيانة حقوقها، وشاركت الدعوات دول عربية وغربية، بل إن نظام الأسد قدم نفسه، وأشاع أنه نظام يحمي الأقليات بالتوازي مع مواصلة حربه الشاملة على السوريين طوال نحو عقد ونصف العقد سبقت سقوطه 2024.

والمفارقة الغريبة أن الدول الغربية في أوروبا والولايات المتحدة، وأغلب دول العالم، لا تتناول كلمة «أقليات» ولا تتعامل معها في بلادها على نحو ما تفعل بها في التعامل مع المثال السوري، رغم أن «الأقليات» فيها تتنوع بصورة لا يمكن مقارنتها بواقع حال بلدان الأزمات العربية أو مثيلاتها خارج الخريطة العربية الشرق أوسطية، وهذا يطرح أسئلة حقيقية وجدية عن أسباب الازدواجية الغربية في التعامل مع كلمة «الأقليات» والوظيفة الأساسية لاستخدامها، وأسباب بعض الاستخدام الذي يؤشر لها، وكأنها سكين في خاصرة بلدان الأزمات والضعف، وربما للدلالة على أنها بلدان أدنى مستوى في بناها الاجتماعية من بنى بلدان الغرب المتقدم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الغربيين سوريا الغرب اقليات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة من هنا وهناك اقتصاد سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

فنلندا: تراجع عدد طالبي اللجوء بنسبة 45% والسلطات توقف دراسة ملفات السوريين

في عام 2024، انخفض عدد طلبات اللجوء في فنلندا بنسبة 45% مقارنة بالعام السابق، إذ لم يتجاوز 3,000 طلب بعد أن كان 5,372. في المقابل، ارتفعت طلبات تصاريح الإقامة الدراسية إلى مستويات غير مسبوقة، مما يعكس تزايد اهتمام الطلاب الدوليين بفنلندا كوجهة تعليمية.

اعلان

ورغم هذا الانخفاض، لا يزال طالبو اللجوء ينحدرون بشكل رئيسي من الصومال والعراق وأفغانستان وسوريا ونيجيريا، ما يعكس استمرار تدفق المهاجرين تعيش عدم استقرار ونزاعات مسلحة. كما يُعزى هذا الانخفاض جزئيًا إلى استغلال روسيا للهجرة على الحدود الشرقية لفنلندا في عام 2023، مما أدى إلى تقديم حوالي 1,300 شخص طلبات لجوء في ذلك العام.

في المقابل، ارتفع الاهتمام بفنلندا كوجهة تعليمية، حيث بلغت طلبات تصاريح الإقامة بغرض الدراسة مستوى قياسيا. إذ منذ يناير/كانون الثاني 2024، تقدم 4,233 طالبًا من خارج الاتحاد الأوروبي بطلبات للحصول على تصاريح إقامة دراسية، فيما قّدر العدد ب1,756 طلبًا في نفس الفترة من العام السابق، ما يمثل زيادة بثلاثة أضعاف.

جامعة هيلينسكي في فنلنداMartin Meissner

تُعزى هذه الزيادة في الطلبات الدراسية إلى جودة التعليم الفنلندي، حيث تُصنّف جامعة هلسنكي ضمن أفضل 100 جامعة عالميًا. بالإضافة إلى ذلك، يتمتع خريجو الجامعات الفنلندية بمعدل توظيف يصل إلى 90% في غضون عام من التخرج، مع متوسط راتب يبدأ من 3 آلاف يورو شهريًا لحاملي درجة الماجستير.

يصطف طالبو اللجوء عند وصولهم إلى مركز استقبال اللاجئين في بلدة تورنيو شمال فنلندا.Jussi Nukari/Lehtikuva

من الجدير بالذكر أن التعليم العالي في فنلندا كان مجانيًا للطلاب الدوليين حتى عام 2017. لكن من عام 2024، بدأت الرسوم الدراسية السنوية في جامعة هلسنكي تتراوح بين 12 ألف و16 ألف يورو لمعظم البرامج. ومع ذلك، فإن فرص التوظيف العالية تساعد الخريجين في تعويض تكاليف التعليم في فترة زمنية قصيرة.

بالإضافة إلى ذلك، توقفت العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك فنلندا، عن دراسة طلبات اللجوء المقدمة من السوريين بعد التغييرات السياسية الأخيرة في هذا البلد وسقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

Relatedرئيس جمهورية بنما يستنكر تصريحات ترامب ويلوّح باللجوء إلى القضاء "القناة لنا ولم تكن تنازلًا من أحد"عرض مالي من الدنمارك للاجئين السوريين: 25 ألف يورو للعودة إلى سوريا بعد سنوات من اللجوءمهاجرون عالقون على الحدود الأمريكية بعد إلغاء مواعيد اللجوء في ظل سياسة ترامب الجديدة

كما تواصل دائرة الهجرة الفنلندية مراقبة هذه الاتجاهات عن كثب، بالتعاون مع هيئات مختصة، لتقديم توقعات بشأن المرشحين للهجرة إلى هذا البلد من كمّا ونوعا.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية من الحياد إلى الاتحاد: النمسا وفنلندا والسويد تحتفل بمرور 30 عاماً على عضويتها في الاتحاد الأوروبي فنلندا تحتجز سفينة روسية للاشتباه بتخريبها كابلات بحرية وتطلب دعم الناتو رئيس فنلندا يظهر وكأنه يدعم الانفصاليين النيجيريين في فيديو خارج سياقه.. الحقيقة أنه يدعم دولة أخرى فنلندادراسةسفرلاجئوناعلاناخترنا لكيعرض الآنNext غضب الشارع في صربيا: احتجاجات وإغلاق للجسور في نوفي ساد تنديدا بفساد الحكومة يعرض الآنNext الضفة المحتلة تستقبل الأسرى المحررين.. فرحةٌ منقوصة وشهادات عن المعاناة داخل السجون يعرض الآنNext السودان: أكثر من 60 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على سوق شعبي في أم درمان يعرض الآنNext "سنجدكم ونقتلكم".. ترامب يأمر بشن غارات جوية ضد مقاتلي داعش في الصومال يعرض الآنNext مقتل خمسة أشخاص على الأقل في قصف روسي عنيف على عدة مدن أوكرانية اعلانالاكثر قراءة أسعار القهوة ترتفع بنسبة 90% بسبب تهديدات ترامب لكولومبيا وتأثير الظروف الجوية مباشر. حماس تسلم الأسرى الإسرائيليين الثلاثة و183 فلسطينيا إلى الحرية مجددا منهم 18 من ذوي الأحكام العالية فيديو: هكذا سلمت حماس الرهينة الأمريكي الإسرائيلي كيث سيغل في ميناء غزة أكبر تجمع للمسلمين بعد الحج .. مهرجان ديني على ضفاف نهر توراغ في بنغلاديش شاهد كيف كان رد فعل أسرة الأسير الإسرائيلي الفرنسي عوفر كالديرون بعد الإفراج عنه اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومإسرائيلالصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماسقطاع غزةدونالد ترامبإطلاق سراحروسياالحرب في أوكرانيا محادثات - مفاوضاترفح - معبر رفحإسبانيادونيتسكالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • WSJ: الأقليات الدينية تتأرجح بين الأمل والخوف في سوريا الجديدة
  • مصير اللاجئين السوريين في أوروبا
  • تبون: الجزائر أبلغت الأسد رفض المجازر في حق السوريين
  • سيطرت عليها بعد سقوط الأسد.. إسرائيل تنسحب من مواقع حيوية عسكرية في سوريا
  • إسرائيل تنسحب من مواقع في سوريا سيطرت عليها بعد سقوط الأسد
  • فنلندا: تراجع عدد طالبي اللجوء بنسبة 45% والسلطات توقف دراسة ملفات السوريين
  • السياسيون الألمان يواجهون اللاجئين السوريين: حان وقت العودة
  • عدد طلبات اللجوء يتراجع بنسبة 45% في فنلندا والسلطات توقف دراسة ملفات السوريين
  • حماية الأقليات في سهل نينوى.. الدستور يفصل في قضية البناء ويبرئ الحشد الشعبي
  • أدعية شهر شعبان.. فيها مفاتيح الجنان