عماد الدين حسين: تصريحات أحمد الشرع جيدة لكن الترجمة للواقع أهم
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
قال الكاتب الصحفي عماد الدين حسين، إن التصريحات والكلمات التي صدرت من سوريا على لسان أحمد الشرع كانت جيدة وطيبة للغاية، ولكنه أشار إلى أن السياسة لا تعترف بالكلمات أو التصريحات بقدر ما تعترف بالواقع والممارسات على الأرض، السياسة تتعامل مع الواقع والممارسات الفعلية، بغض النظر عن الكلمات الطيبة التي تُقال.
وأضاف حسين، خلال مدخلة على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن أحمد الشرع حاول توزيع إشارات تُرضي جميع الأطراف، فعندما أراد إرضاء الولايات المتحدة، تحدث في قناة "سي إن إن" وتواصل مع وسائل إعلام بريطانية، حيث قال كلامًا طيبًا جدًا عن إسرائيل وأرسل لهم رسالة إيجابية، وفي الوقت ذاته، حاول إرضاء الخليج من خلال حوار موسع على قناة "العربية، في ظل هذا التنوع، تساءل حسين: "من نصدق؟".
وتابع حسين حديثه عن تصريحات أحمد الشرع، الذي تحدث أيضًا عن دور المرأة وحماية الطوائف في سوريا، قائلا إن القضية ليست في التصريحات نفسها - التي تظل مهمة بطبيعة الحال - ولكن في كيفية ترجمة هذه التصريحات إلى واقع عملي، مشيرًا إلى أنه من الأهمية بمكان متابعة التنفيذ على أرض الواقع.
وفي ختام حديثه، أبدى حسين قلقه الشديد من التصريح الذي أدلى به الشرع، حيث قال إنه من المتوقع أن يستغرق الأمر من ثلاث إلى أربع سنوات للحديث عن الانتخابات في سوريا، ورأى حسين في هذا التصريح أمرًا خطيرًا، لأنه يعني أن هناك احتمالًا لهيمنة حقيقية من جانب فئة أو مجموعة فئات قليلة على الوضع في سوريا، مضيفًا أن هذا قد يؤدي إلى إعادة هيكلة وصياغة الأمور بحيث تظل الأوضاع على ما هي عليه، دون وجود تغييرات حقيقية.
وأشار عماد الدين حسين إلى أنه لا يريد أن يسبق الواقع في تحليله، لكنه يتحدث عن مخاوف حقيقية من أن يستمر الوضع على ما هو عليه لفترة طويلة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سوريا عماد الدين حسين وسائل إعلام بريطانية أحمد الشرع سي إن إن المزيد أحمد الشرع
إقرأ أيضاً:
ترامب وسوريا.. كيف سيتعامل الرئيس الأمريكى مع نظام دمشق الجديد؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
السؤال الحاسم الذي يواجه الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب يتمثل فيما إذا كانت الإدارة القادمة لترامب قادرة على فهم النوايا والدوافع الحقيقية لرئيس هئية تحرير الشام في سوريا، أحمد الشرع، خاصة إن تركيبة الحكم الجديد تتكون من جماعات وتنظيمات إرهابية مصنفة على قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويظهر في هذا السياق اتجاهان الأول يتمثل في أن النظام الجديد يريد بناء وحكم دولة مستقرة تعيش في سلام مع جيرانها وتحظى باعتراف المجتمع الدولي. ورغم أن هذا قد يبدو تناقضًا محكومًا عليه بالفشل والعنف، إلا أن هناك اتجاه آخر يرى أن هناك أسبابًا للاعتقاد بأن النتيجة الإيجابية قد تكون قابلة للتحقيق بعد تخلي رأس النظام الجديد عن أفكاره الجهادية السابقة.
اتجاهات متناقضة
منذ سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد والوضع في سوريا مستقر بشكل كبير. وهذا على الرغم من استيلاء المعارضة المسلحة وبعض التنظيمات المصنفة كإرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية على الحكم بقيادة أحمد الشرع الذي كان مرتبطًا في السابق بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن هناك مجموعة من التطورات الأخرى التي حدثت في سوريا ففي الجنوب تحتل القوات الإسرائيلية منطقة الجولان العازلة ونفذت مئات الغارات الجوية التي استهدفت الأصول والمنشآت العسكرية الحكومية السابقة.
وفي الشمال والشمال الشرقي، يظهر في الأفق احتمالات لحدوث تدخل عسكري تركي في مناطق سيطرة وتواجد الأكراد.
ولقد سعى المراقبون من الخارج إلى تفسير الهدوء في دمشق من خلال ملاحظة مدى إرهاق السوريين بعد ما يقرب من أربعة عشر عامًا من الحرب الأهلية، والإشارة إلى الدروس المستفادة من الصراعات الأهلية الأخرى في بلدان عربية أخرى. ولكن الأهم من ذلك أن الموقف يسيطر عليه نسبيًا بسبب رغبة أحمد الشرع في التوضيح للدول أنه وأتباعه قادرون على الحكم في سلام وبالتالي يستحقون الاعتراف الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
من ناحية أخرى، ظهرت مجموعة من الاتجاهات التي تهدف إلى التنبؤ بمستقبل النظام الجديد من خلال النظر والمقارنة بين الأدوات والكيفية المستخدمة في توضيح تعامل أحمد الشرع وهيئة تحرير الشام مع الحكم في محافظة إدلب خلال الحرب الأهلية. ويبحث المحللون عن علامات تشير إلى كيفية تعاملهم مع مهمتهم الجديدة على المستوى الوطني، وقد أظهرت بعض المؤشرات والنتائج أن هناك مجموعة من التناقضات والرسائل المختلطة، فخلال العام الماضي حاولت هيئة تحرير الشام تمرير قانون للآداب العامة كان من شأنه أن يحظر الكحول وينشر قوة من شرطة الآداب في دوريات يومية. إلا أنها تراجعت عن هذه المقترحات عندما تسببت في احتكاكات بين علماء الدين والفصائل المسلحة الأخرى والجمهور ومنظمات الإغاثة الدولية. وهذا دفع الشرع إلى القول إن الحكومة لا ينبغي لها أن تفرض الإسلام بل ينبغي لها أن تشجع الناس على البحث عن الدين من تلقاء أنفسهم.
وضمن السياق ذاته، حظيت هيئة تحرير الشام بالثناء لمساعدتها في جذب الاستثمارات الأجنبية والحفاظ على تشغيل الكهرباء والخدمات الطبية، في حين تعرضت في الوقت نفسه لانتقادات بسبب حكمها كحاكم مستبد في مواجهة الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في إدلب ومناطق سيطرتها. ونتيجة لذلك، يظل الخبراء في تردد بشأن أي نسخة من هيئة تحرير الشام هي التي تحكم حاليًا وتسيطر على خامس أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، حيث يعيش أكثر من ٢٠ مليون مواطن في وضع محفوف بالمخاطر بين إسرائيل ولبنان وتركيا وإيران وروسيا ودول أخرى.
إن هذه المحاولات لقراءة وتفسير هذه التحركات خلال السنوات القليلة الماضية قد تتناقض مع التطورات المحيطة بالأوضاع السورية الحالية والتي يحاول فيها أحمد الشرع تشكيل المرحلة الانتقالية؛ حيث يركز على كسب اعتراف الشعب السوري والمجتمع الدولي بحركته، وفي سبيل القيام بذلك، يضع الشرع نفسه في موقف سيجعل من الصعب عليه التراجع والعودة إلى الأفكار القديمة للهيئة بعدما تخلى عن طموحاته المتعلقة بالجهاد العابر للحدود الوطنية، وشجع على المشاركة مع الغرب والتوصل إلى حل دبلوماسي في نهاية المطاف مع إسرائيل، وأعلن الحاجة إلى حماية جميع الأقليات الدينية. كما وعد بتسريح جميع الميليشيات وإلغاء التجنيد لصالح جيش تطوعي بحيث تكون جميع الأسلحة في أيدي الدولة، بل واقترح أنه يتجه إلى حل هيئة تحرير الشام لصالح إعادة تشكيل مؤسسات الدولة التي تعكس تنوع المجتمع والثقافات، كما أعلن أنه سيواصل العمل على تصحيح الأوضاع داخل الجماعة ومع المكونات السورية على الرغم من التعليقات المتفرقة التي تخرج عن السياق والتي تأتي من بعض أعضاء مجموعته حول قضايا رئيسية، مثل أدوار المرأة وتطبيق الشريعة الإسلامية.
وتعتبر هذه الإشارات مختلفة بالنسبة لأحمد الشرع الذي أصبح فعليًا أحد الجهاديين الأكثر نجاحًا في حقبة ما بعد ١١ سبتمبر ٢٠٠٢، وأن هيئة تحرير الشام على وشك تحقيق شيء لم يكن من الممكن لأي جماعة جهادية أخرى أن تحققه والمتمثل في السيطرة على دولة ذات سيادة قادرة على الحصول على اعتراف دولي خاصة أن هذه الميزة لا يمكن لطالبان ولا حتى داعش أن تحقق مثل هذا الشيء، وما يدعم هذا التصور هو عدم اعتراض الشعب السوري وخاصة التيارات الليبرالية على دمج التيارات الإسلامية المعتدلة.
ويمكن القول إن وجود أحمد الشرع في الواجهة يضعه في مسار إيجاد توازن دقيق مع السوريين من جميع الأطراف باعتبار أن حكومته الانتقالية سوف تواجه حتمًا انتقادات واحتجاجات من مختلف المناطق السورية خاصة أن المواطنون السوريون العاديون يريدون تمثيل مصالحهم. وقد شهدت دمشق أول احتجاج كبير لها بسبب تعليقات المتحدث باسم هيئة تحرير الشام حول أدوار المرأة في المجتمع. وقد لا تكون هناك قدرة لدى أحمد الشرع للحفاظ على التوازن في الوقت الحالي. وقد يكون لدى النظام الجديد دوافع مختلفة. وأحد هذه الدوافع هو الرواية التي تقول إن جهودهم في إدلب لإنشاء حكومة فعّالة ومجتمع مستقر ضمن إطار إسلامي واسع النطاق كانت بمثابة نموذج للسوريين في باقي المناطق الذين يبحثون عن بديل لنظام لأسد، وأنهم على استعداد لتقاسم السلطة مع الفصائل المحلية وباقي المكونات الأخرى.
الرؤية الأمريكية
من المفهوم أن المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية أكثر حذرًا بشأن الادعاء بأن الشرع وهيئة تحرير الشام تخليا عن أفكارهم الإرهابية، وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن الشرع مسئول عن حدوث خسائر في الأهداف الأمريكية وقوات التحالف في العراق بالإضافة إلى تعاونه مع أبو مصعب الزرقاوي وأن هيئة تحرير الشام تشبه حركة حماس، وهو مثال لا يمكن إنكاره على مخاطر الثقة في الأعداء عندما يدلون بتصريحات جريئة ولا أساس لها في نهاية المطاف حول التغيير الجذري في التوجهات وأن هذا التحول في الأيديولوجية الإسلامية نادرة الحدوث في المنطقة.
وبرغم هذه العوامل المعرقلة، يحتاج الشرع إلى دعم اقتصادي وفني كبير من المجتمع الدولي لإعادة بناء البنية الأساسية والاقتصاد ومؤسسات الدولة السورية، وسيعتمد مستوى هذا الدعم على استعداد إدارة ترامب للتعامل مع الحكومة الجديدة في دمشق، وهذا يعني أن الشرع يجب أن يطمئن واشنطن بشأن نواياه، وخاصة طبيعة أفكاره تجاه إسرائيل خاصة بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه يسعى إلى الحد من التهديد طويل الأجل من الجيش السوري الموجه ضد إسرائيل، مع عدم وجود نية لتصعيد الأمر إلى صراع أوسع نطاقًا مع الحكومة الانتقالية. بل إنه قال إنه يدعم استكشاف العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة. وإذا كان الشرع يريد وضع العلاقات مع إسرائيل على أساس جديد، فسوف يضطر إلى إيجاد طريقة للتواصل مع الإسرائيليين دون تنفير الجمهور السوري خلال هذه النافذة المحدودة من حسن النية التي تتمتع بها الحكومة الانتقالية حاليًا.
في الختام: إن التحدي الذي يواجه إدارة ترامب القادمة هو فك رموز نوايا أحمد الشرع ودوافعه، وما إذا كان قادرًا على تقديم بديلًا مقبولًا لقادة الجهاديين الأكثر تشددًا في المنطقة، لكن هذا لا يعني أن أتباعه لن يسعوا إلى طرق أخرى لإضفاء طابع إسلامي خفي على المجتمع وتصدير أيديولوجيتهم الإسلامية إلى المنطقة، وأن الرئيس ترامب سيتجه إلى تبنى نهجًا أكثر واقعية من خلال تحميل الحكومة الجديدة المسئولية عن تعهداتها في مقابل أي دعم أو اعتراف محتمل مع الاعتراف بأن الشعب السوري هو في نهاية المطاف أفضل وسيلة أمان ضد التطرف.