إذا كنت قد وصلت إلى قناعة بأهمية القراءة، ثم قررت القراءة لكنك سوف تؤجل البدء بها مدة من الزمن، فأنت على خطأ لعدة أسباب؛ منها أن قراءتك للكتب اليوم تختلف عنها بعد مدة، طالت أو قصرت.
فحينما تقرأ اليوم ولو صفحة واحدة، فإن معلومات هذه الصفحة سوف تلتقي وتتلاقح بمعلومات أخرى شفهية أو كتابية تكون لها محصلة معلوماتية جديدة، هي بدورها تلتقي وتتلاقح مع أخرى لتخرج بنتيجة تراكمية.
وقد أطلق الملياردير الأمريكي وارن بافت نصيحة قال فيها: اذهب إلى فراشك أكثر ذكاء كل يوم؛ بقدر ما يبدو الأمر بسيطًا فإنه يعمل على قوة الفائدة المركبة. وهنا يقصد بافت بالفوائد المركبة تلك التي تعتمدها البنوك في التعامل مع الإقراض والاقتراض وتتراكم وتتزايد بسرعة كبيرة حين تضاف الفوائد الناتجة منها إلى المبلغ الأصلي، خلاف ما يسمى بالفوائد البسيطة. ويضيف بافت: هذه هي الطريقة التي تتراكم بها المعرفة.
هذه الفكرة هي التي تدعو المقولة العربية الشهيرة “من استوى يوماه فهو مغبون” إلى تبنيها، وهي ذاتها التي تحدث عنها الكاتب الكبير ول ديورانت حين فسّر التقدم العلمي بأنه “لحظة وقوف الأقزام على أكتاف العمالقة” حين لا يبدأ العلماء من الصفر بل من حيث انتهى الآخرون، وهو أيضًا ما قاله الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل: إن النهضة الأوروبية قامت على نتاج الجهود الفكرية لأكثر من مئة مفكر.
وهنا يجدر بنا تأكيد أهمية الكتابة والتوثيق في عملية التراكم الثقافي من دون إغفال أهمية الثقافة الشفهية التي قد لا تصمد أمام عواصف الزمن في حال عدم توثيقها، كما حدث ويحدث في كثير من المجتمعات في الشرق والغرب.
وتعد التراكمية قدرًا للمعرفة، إن على الصعيد الفردي أو المجتمعي. فكما أن ثقافة ومعرفة أي مجتمع تتراكم وتتزايد مع الوقت مع توافر الشروط اللازمة، فإنها كذلك على الصعيد الفردي أيضًا حين يقرأ الواحد منا كتابًا بعد آخر وكأنه يضع طوبة فوق أخرى لكي يبني دماغه الذي يتحكم في تفكيره وقراراته وخياراته وتصرفاته. وهكذا فإن تأجيل القراءة يعني تأجيل عملية البناء التراكمي الضرورية للحاق بسباق الأمم في مختلف ميادين العلم والفكر والتقنية.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
«مؤسسة بحر الثقافة» تفتتح برنامجها الثقافي
فاطمة عطفة (أبوظبي)
أخبار ذات صلةافتتحت «مؤسسة بحر الثقافة» برنامجها الثقافي في اليوم الأول من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، بمناقشة الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» في جلسة أولى مع الفائز بالجائزة محمد سمير ندا، بحضور كتاب ضمتهم القائمة القصيرة: نادية النجار، حنين الصايغ، تيسير خلف. إضافة إلى جلسة أخرى بعنوان: «المستقبل والإرث الثقافي مع الفنان مطر بن لاحج»، قدم للجلسة إسحاق الحمادي، وقدم ابن لاحج لمحة من مسيرته الفنية، منوهاً إلى أهمية الهدوء والسكينة وانعكاسها على عمل الفنان، وأشار إلى أن رحلته الفنية فيها نوع من الفلسفة، من الألم، والطموح إلى التوهج، وذلك حتى يصل الفنان إلى المستقبل ويترك أعماله إرثاً للأجيال. واختُتم برنامج اليوم الأول بجلسة مع الفنان العالمي مينا مسعود، قدم لها عامر بن جساس.
وكان للشيخة روضة بنت محمد بن خالد آل نهيان، رئيسة «مؤسسة بحر الثقافة»، كلمة ترحيبية بالحضور، قدمتها بالإنابة الشيخة حمدة بنت سعيد بن حمدان آل نهيان، جاء فيها: «ينطلق معرض أبوظبي للكتاب هذا العام في عام المجتمع، ويستمد هويته من شعار «مجتمع المعرفة... معرفة المجتمع»، ويترجم هذا الشعار رؤية وتوجهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بأن المعرفة هي أساس التقدم للمجتمعات. والمعرفة هي عنوان التواصل الحضاري والانفتاح على العالم والتلاحم والتعايش بين شعوب العالم، الذي يحقق الأمن والسلام والتسامح الذي تتفرد به دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تمضي به قدماً مرتكزة على المعرفة المستدامة نحو المستقبل». وأوضحت أن (مؤسسة بحر الثقافة) اتخذت هذه الرؤية مرتكزاً استراتيجياً تنطلق منه نحو خدمة المجتمع في مجال نشر المعرفة وتنويع المحتوى الثقافي لأفراد المجتمع، لتصبح مؤسسة بحر الثقافة رائداً وطنياً في ترسيخ وبناء التراكم الثقافي للأجيال حاضراً ومستقبلاً، والعمل على توثيق المعرفة المتنوعة بين مجالات الحياة لكل أطياف المجتمع ومستوياتهم التعليمية والثقافية.
وتابعت قائلة: «في (مؤسسة بحر الثقافة) نعي هذا الدور تماماً، وهذا ما يجعلنا نتقدم عاماً بعد عام في تفعيل وتنظيم الخدمات والفعاليات والأنشطة (الثقافية والمعرفية والاجتماعية) التي نسعى بها إلى التكامل مع المؤسسات الوطنية في تنويع الحراك الثقافي في دولة الإمارات العربية المتحدة»، مشيرة إلى أن «مؤسسة «بحر الثقافة» تنتقل من المؤسسة إلى ساحة معرض أبوظبي للكتاب، مع ضيوفها ومتحدثيها، لتقدم إلى جمهوره خلال الأيام العشرة، ما يفيد مجتمعنا ويؤثر فيه. أما المتحدثون ضيوف المعرض الذين اعتدنا أن ينقلوا إلينا ثقافة متجددة ويبهروا الحضور بإبداعاتهم من خلال تواجدهم بيننا في هذه الفعالية، فإننا سنسعى إلى استثمار وجودهم في تنويع برامج (مؤسسة بحر الثقافة) لنجعل التكامل والمشاركة فاعلة لأقصى حد. في الختام، أتمنى أن يحقق معرض أبوظبي للكتاب في دورته الرابعة والثلاثين نجاحات متواصلة، كما عرفناه في السنوات السابقة، ويداً بيد معاً نحقق إنجازات تؤكد رسالة الوطن من خلال معرض أبوظبي الدولي للكتاب».