نشر موقع "موندويس" تقريرًا يتناول فيه القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، مشيرًا إلى أن القضية لم تغير الأوضاع على الأرض، لكنها تمثل انتصارًا رمزيًا لقضية فلسطين وللقانون الدولي.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه قد مر سنة على رفع جنوب أفريقيا تهمة الإبادة الجماعية ضد "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية، حيث جادلت بأن "إسرائيل" ارتكبت إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، مما يعد انتهاكًا لاتفاقية 1948 الخاصة بمنع الإبادة الجماعية.



ويذكر الموقع أن رد الفعل المبتهج الفوري من حركة التضامن مع فلسطين لم يكن مفاجئًا، ورغم محدودية قدرة العالم على فرض القانون الدولي، كان الأمل قائمًا في أن تؤثر القضية الرمزية التي رفعتها جنوب أفريقيا بشكل ملموس على الفلسطينيين في غزة.



وشدد الموقع أنه يجب أن نواجه حقيقة أن قضية جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" بعد عام لم توقف هجماتها على غزة. وكان آخر تطور في القضية هو تقديم جنوب أفريقيا لبيان الأدلة في 28 تشرين الأول/ أكتوبر، والذي كان أمام "إسرائيل" مهلة حتى 28 تموز/ يوليو 2025 للرد عليه. وفي حين تراجع الاهتمام بالقضية، فإن غزة لا تزال تتعرض للعدوان.



وأضاف الموقع أن الأفعال المزعومة في القضية استمرت دون انقطاع، بدعم رمزي ومادي من القوى الكبرى، خاصة الولايات المتحدة. وهذا يثير التساؤل عن جدوى القضية وتأثيرها المحدود على الفلسطينيين في غزة في ظل استمرار الفظائع لأكثر من 12 شهرًا على مسمع ومرأى من العالم.

للإجابة على هذا السؤال، يجب أن نأخذ في الاعتبار الخلفية التاريخية الأعمق للقضية، ولماذا تم الاحتفال بها باعتبارها انتصارًا من قبل العديد في حركة التضامن مع فلسطين، وما الذي تمثله في المستقبل.

انتصار محدود للحركة
وأوضح الموقع أنه بعد سنة من النظر في قضية جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل"، يظهر أن لها إرثًا متباينا. ورغم أنها لم تُحدث تغييرًا في الأوضاع بغزة، إلا أنها تمثل انتصارًا حقيقيًا وإن كان محدودًا للمشروع الذي استمر لعقود، حيث سعى الفلسطينيون وحلفاؤهم من خلاله إلى بناء شرعية دولية للقضية الفلسطينية وتأكيد النكبة المستمرة التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني.

ومنذ ظهور حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات في 2005، حقق الناشطون نجاحًا كبيرًا في النضال من أجل حرية فلسطين، ما أدى إلى تغيير التصورات حول الاحتلال الإسرائيلي وفتح الطريق لتحول في الدعم لنضال فلسطين. وفي هذا السياق، يمكن اعتبار قضية جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" انتصارًا حقيقيًا بفضل الشرعية الدولية التي تضفيها على الاتهام. ومع ذلك، يجب الاعتراف بحدود هذا النهج ودوره في خدمة دوافع أنانية لبعض الناشطين الغربيين للحفاظ على سلطتهم الأخلاقية.

وأفاد الموقع أن هناك تهمة أخرى مدرجة في قضية جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل"، التي تم التعتيم عليها بسبب التركيز على انتهاكات "إسرائيل" في غزة، وهي أن "إسرائيل" تمارس الفصل العنصري. وتعود حركة المقاطعة نفسها إلى حملات المقاطعة ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وقد استندت دائمًا إلى تشبيه سياسات "إسرائيل" بالفصل العنصري. وهذا التشبيه كان بمثابة إدانة أخلاقية لسياسات "إسرائيل"، وكذلك كدليل على انتهاكها للقانون الدولي. ومن خلال تضمين هذه الحجة، عززت جنوب أفريقيا الجانب الخطابي من التشبيه بين سياسات "إسرائيل" العنصرية تجاه الفلسطينيين وسياسات جنوب أفريقيا العنصرية تجاه الأغلبية السوداء فيها، مطالبة بإدانة "إسرائيل" بارتكاب جريمة الفصل العنصري. وإذا تمت إدانة "إسرائيل"، فإن حلفاءها والمجتمع الدولي ملزمون بالتدخل.

وأشار الموقع إلى أن هناك ديناميكية بلاغية حيث يعارض المدافعون عن "إسرائيل" استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية" لوصف تصرفاتها في غزة، رغم استعدادهم للاعتراف ببعض تجاوزاتها واحتلالاتها غير الأخلاقية. وهذه الظاهرة تكشف عن أهمية إصرارنا على استخدام المصطلحات الصحيحة والضغط على "المجتمع الدولي" للوفاء بالتزاماته تجاه الفلسطينيين، مع التأكيد في الغرب على أن حكوماتنا تنتهك قوانينها الداخلية دون محاسبة.

القانون الدولي على المحك
وبعد عام من المداولات في القضية، أصبح واضحًا رفض الولايات المتحدة الكامل لاختصاص القانون الدولي، بما في ذلك ردها على مذكرات التوقيف ضد بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت. ويعد ازدراء إدارة بايدن لمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية دليلاً على أن أمريكا لا يمكن أن تخضع للقانون الدولي أو أن يتم محاسبتها كما هو الحال مع حكومة نتنياهو.



وشدد الموقع على أن الفارق بين "المجتمع الدولي" وسياسات الولايات المتحدة أصبح واضحًا للعالم، فقد أظهرت قضية جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" أن القوى الكبرى لا تعتبر نفسها ملزمة بنفس المعايير التي تفرضها على الآخرين، مما يثير تساؤلات حول شرعية القانون الدولي والمجتمع المدني العالمي برمته. إن ما هو على المحك في القضية هو مفهوم الإجماع الدولي الذي تستند إليه حركة التضامن مع فلسطين. وكما اتضح، فإن القانون الدولي لا يملك قوة بحد ذاته ويعتمد على أفعال الموقعين على المعاهدات.

وبينما تمثل قضية جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" انتصارًا سرديًا لحركة التضامن مع فلسطين، فإنها في الأساس انتصار للمجتمع المدني العالمي وشرعية نظام روما الأساسي ومحكمة العدل الدولية. ومن المهم لحلفاء القضية الفلسطينية أن يسألوا أنفسهم ما إذا كانت لحظات الاحتفال تتماشى مع انتصارات حقيقية للفلسطينيين، أم أنهم فقط دافعوا عن مؤسساتهم من تجاوزات حكوماتهم.

واختتم الموقع تقريره موضحًا أنه يجب على المشاركين في حركات التضامن مع فلسطين في الغرب أن يراجعوا عادتهم في الاحتفال بالانتصارات الرمزية بينما تواصل "إسرائيل" حملة الإبادة في غزة. ومن خلال متابعة إجراءات المحكمة وتفحص التهم، ندرك أن فرص المحكمة الدولية في وقف تدمير غزة كانت ضئيلة. بينما تتواصل الجهود، يجب أن نبني على الانتصارات السردية، لكن دون أن تحل محل التقدم المادي الحقيقي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية العدل الدولية إبادة جماعية غزة القانون الدولي غزة إبادة جماعية القانون الدولي العدل الدولية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قضیة جنوب أفریقیا ضد الفلسطینیین فی غزة الإبادة الجماعیة القانون الدولی العدل الدولیة الموقع أن فی القضیة انتصار ا

إقرأ أيضاً:

أفريقيا تنقلب على فرنسا.. وإيطاليا تضيع فرصة ملء الفراغ

نشر موقع "إنتليجنس جيوبوليتيكا" الإيطالي تقريرا سلّط فيه الضوء على قرار السنغال وتشاد برحيل القوات الفرنسية عن أراضيها، معتبراً ذلك ضربة موجعة للمصالح الفرنسية وخسارة لنفوذها في منطقة الساحل الأفريقي لفائدة قوى أخرى.

وقال الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21" إن طرد القوات الفرنسية من السنغال وتشاد، بعد طردها سابقا من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، يؤكد عجز باريس عن الحفاظ على دورها التاريخي في القارة التي شكلت لأكثر من قرنين محور سياستها الخارجية وحضورها العسكري خارج حدودها. 

واعتبر الموقع أن إيطاليا أضاعت فرصة تاريخية لملء الفراغ الذي تركته فرنسا على وجه التحديد، والغرب بشكل عام، فيما استطاعت الصين وروسيا وتركيا أن توسع نفوذها في القارة الأفريقية اعتمادا على مشاريع متكاملة.


استعادة السيادة
في 27 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أعلن رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو إغلاق القواعد العسكرية الأجنبية الموجودة في البلاد. وعلّق الرئيس باسيرو ديوماي فاي على هذا القرار باعتباره خطوة نحو استعادة البلاد سيادتها الكاملة قائلاً: "يجب على السنغال إدارة شؤونها الدفاعية دون تأثيرات خارجية".

وأوضح الموقع أن هذا القرار يستهدف فرنسا بشكل أساسي، حيث إنها الدولة الوحيدة التي لديها وجود عسكري ثابت في السنغال، وهي إشارة جديدة إلى تزايد الاستياء من دور فرنسا في القارة. 

وأضاف الموقع أنه ليس من باب الصدفة أن تبحث السنغال، على غرار دول أفريقية أخرى، عن شركاء استراتيجيين جدد، وتتوجه بشكل متزايد نحو روسيا والصين وتركيا، وهي دول تقدم نماذج تعاون أقل تدخلًا في الشؤون الداخلية مقارنة بالنهج الفرنسي ما بعد الاستعمار.

ضربة قوية 
اعتبر الموقع أن القرار السنغالي مثّل ضربة رمزية، لكن قرار تشاد يعدّ هزيمة حقيقية لفرنسا، حيث اعتُبرت تشاد لسنوات الحليف الأكثر ولاءً لباريس في أفريقيا، لكنها أعلنت في تشرين الثاني/ نوفمبر إنهاء التعاون العسكري مع فرنسا، مطالبة باريس بسحب قواتها بحلول 31 كانون الثاني/ يناير 2025. 

وكان هذا البلد الذي يتمتع بموقع استراتيجي في منطقة الساحل، آخر معقل للوجود الفرنسي في المنطقة بعد الطرد من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وهي دول فتحت أبوابها لروسيا والصين.

ووفقا للموقع، فإن انسحاب فرنسا من تشاد، والذي يشمل تفكيك قواعدها في "فايا لارجو" و"أبشّي" ورحيل حوالي 1000 جندي، يُبرز فشل سياسة ماكرون في أفريقيا ويأتي كنتيجة لتراجع النفوذ السياسي والعسكري الفرنسي والعجز عن التكيف مع التوازنات الجيوسياسية الجديدة.


فرصة ضائعة 
كما ذكر الموقع أن طرد القوات الفرنسية من القارة الأفريقية ليس حالة معزولة، بل يندرج ضمن ظاهرة أوسع تشمل الغرب بأكمله، فقد تقلص حضور القوات الأمريكية والألمانية بشكل كبير خاصة في منطقة الساحل. 

ورأى الموقع أن إيطاليا، رغم احتفاظها بوجود عسكري في النيجر، تبدو غير قادرة على استغلال هذا الفراغ، موضحا أن خطة "ماتي" التي تم الترويج لها كركيزة للسياسة الإيطالية في إفريقيا، تبدو غير كافية لمعالجة الأولويات الحقيقية للقارة، وهي الأمن والدفاع. 

وتركز الخطة الإيطالية على المشاريع الإنسانية والبنية التحتية، وتفتقر -وفقا للموقع- إلى عنصر استراتيجي وهو التعاون العسكري، مما يحد من قدرة إيطاليا على تقديم نفسها كبديل موثوق به للقوى الغربية المتراجعة.

التغلغل الروسي والصيني
وسلط التقرير الضوء على تنامي نفوذ روسيا والصين في أفريقيا من خلال مشاريع متكاملة تجمع بين المساعدات الاقتصادية والبنية التحتية والتعاون العسكري.

وحسب الموقع، فقد تمكنت موسكو على وجه الخصوص من استغلال الاستياء الأفريقي من الغرب، وقدمت نموذجًا يشمل التدريب والتسليح والدعم عبر شركات المرتزقة مثل مجموعة فاغنر.

كما واصلت الصين من جانبها توسيع نفوذها الاقتصادي، مع وجود عسكري متزايد، كما يظهر من خلال القاعدة البحرية في جيبوتي. أما تركيا فتسعى إلى أن تشغل مساحة أكبر معتمدة على تعاون عملي يمتد من الدفاع إلى مشاريع البنية التحتية.

مقالات مشابهة

  • وقفة أمام البرلمان للتنديد باستهداف الأطقم الطبية بغزة ومطالب بإرسال المساعدات إلى القطاع
  • مندوب مصر أمام مجلس الأمن: يجب محاسبة إسرائيل على انتهاكها للقانون الدولي
  • مندوب مصر بمجلس الأمن: إسرائيل تحاول تصفية القضية الفلسطينية عبر سياسة التهجير القسري
  • وقفة احتجاجية في تعز تنديدا بجرائم الإبادة الجماعية في غزة
  • “حماس”: قدمنا كل المرونة للوصول لاتفاقات وطنية لإنقاذ غزة من الإبادة الجماعية
  • الوطني الفلسطيني: استهداف النازحين في مواصي خان يونس إمعان بجريمة الإبادة الجماعية
  • أفريقيا تنقلب على فرنسا.. وإيطاليا تضيع فرصة ملء الفراغ
  • خبير علاقات دولية: إسرائيل ترتكب جرائم الإبادة الجماعية في غزة وسط تخاذل دولي
  • صحيفة أميركية: محادثات وقف إطلاق النار بغزة وصلت طريقا مسدودا