الثورة نت:
2025-04-17@01:14:40 GMT

“لقاء الأربعاء”

تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT

 

 

يبقى النصر للغايات النبيلة، للحق واضحًا لا لبس فيه، ويبقى الباطل- بالتأكيد- زهوقا.
هذه سنة الله، ولك أن تستقرئ عاقبة الأمور.
لتعرف أن الزيف محض اشتعالاتٍ عابرةٍ، مآلها انطفاءٌ كامل، فيما لا تعدم الأمّة طاقةً تعيد بها تجديد ذاتها.
وهذا مدخلٌ ضروريٌّ لتفهم الساحات في اليمن، وتعرف أن هذه الملايين لم تكن- قط- في حركة التاريخ نبتًا بلا جذور، وبلا تأهيل، وبلا تمحيص، وبلا تجربة.


إنها واحدةٌ من أهم إثباتات القاعدة، وتأكيد أن الزيف في تاريخ الأجيال محض لحظة، تفيد من شاء بالتأكيد في استخلاص الدروس، واستقراء النفوس، وتجريب النظريّ عمليًّا.
لتبقى كلمة الله هي العُليا.
وهذا جيلٌ قلّب الأفكار قديمها وجديدها، ولهذا فهو يعرف، بالضبط، مقاسات أحذية العدو وناعقيه، ويعرف بالتحديد أوزانهم، ويفهم كيف أن بضاعاتهم كلها.. مزجاة.
إن كنت طالبًا للحكمة فاسأل، إذن، هذا الشعب المجرب الثائر المؤمن الصّبور، ولتتواضع: إن هذه أمّةٌ أغنى وأثرى وأوسع معرفةً ممّا يتخيّل السّطحيّون، وإن شئت الحق:
لقد وصلت من تجاربها إلى الخلاصة.
فيما تعثّر غيرها عند الأبواب التمهيدية!
ولكي تفهمنا أكثر، فحاول استجلاب كلّ ما أوتيت من أدوات السلطة، ولتحشد بها ما يوازي أصغر ساحة، من ساحات اليمن.
إنها دارٌ للإيمان وطن!
وهل يستويان مثلا؟!
شعبٌ صارع الدنيا بتقلباتها، وعرَف قدرها فهانت عليه عيشة المذلّة؛ وشعبٌ ما صاحب في حياته جبلاً، ولا مرّت عليه في دنياه ضواريها.. إلا وكان في مواجهة أنيابها أرنبا!
فلنقل أن الثابت كامنٌ في اختلاف المقاييس، ولهذا فمن الحماقة أن تقيس الشعوب بنفس المسطرة، إن للشعب اليمني مقاييسه الخاصّة، ومعاييره الخاصة، وتحدياته الخاصّة، وتاريخه الخاص.
وكما أن الفوارق بين الأفراد باختلاف مؤهلاتهم تتجلّى.
فكذلك الشعوب.
وإذا كان الحق في خاتمة المطاف ينتصر،
فإنّ الله يصطفي من يشاء ويختار، ثمّ إنه يصنعهم على عينه،
لأنه إنما ينصرهم وفقًا للسّنن الكونيّة الثابتة، وإذ مرّ هذا الجيل بدروسٍ بالغة القسوة، وتجاوزها بتوفيق الله.
فذلك لأن الله اصطفاه لمهمّة،
فهمتها أم لا، فتلك محض انطباعاتٍ شخصيّةٍ وهوامش!
لكنه الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها،
ولأنّ المهمة لا ينالها إلا رجالٌ صدقوا.
فقد محّصهم الله بالتدريج،
حتى أصبحوا- بفضله سبحانه- أكبر حتى من إطار الصورة، وأشدّ حتّى من أن يدانيهم تشبيه، وأعلى تقييمًا من صِيغ التمييز والمفاضلة!
وأعذبُ حتى من أن تحتويهم قصيدةٌ مغنّاة،
وفي أكفّهم المرفوعة، فثمّة رائحةٌ يألفها كلّ نصر، وكلّ نخوةٍ وإيمانٍ وكرامة.
وأجمل التاريخ تكتبه من جباه الأطهار حبّات العَرَق،
فاعدلوا ميزانكم، لأنّ الأوزان لا تتساوى!
وأدناه شعبٌ ما خفّ إلا في سبيل الله، فهاكَ منها نظرةً ونعيما،
ولا تخف.. ما دمت طيّبًا فأنت في مأمن!
للطيبين فإنّ خلاصتها سلامٌ،
وعلى من شطّ فلافحةٌ من مسّ سَقَر!
إنها مسيرة الحقّ دائمًا، وبإذن بارئها، منصورة.
ما دام «بسم الله مجراها»
وفي صبيحة الأربعاء القادم، في الزاوية ذاتها بإذن الله.
يبقى لنا حديث.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

عادل الباز يكتب: عروة.. “غاب بعد طلوع.. وخبا بعد التماع” (1)

1 أصدقكم القول إنني أكتب هذا المقال بعد أن توقفت ثلاث مرات وانصرفت عن كتابته نهائيًّا، إذ انتابتني تلك الحالة التي تحدث لي للمرة الثالثة، حين أبدأ في الكتابة عن صديق أو عزيز رحل، سرعان ما تفيض المآقي بالدموع، وأجد نفسي أبتسم حين تمر أطياف وصور ذكرياته وحكاياته الجميلة، ومرات أضحك ومرات ابكى وتغلبنى الكتابة ، لا أدري كيف تختلط هذه المشاعر وتتفاعل داخلي في ذات اللحظة الحزينة.

انتابتني تلك الحالة عند وفاة أمي نفيسة بت الشيخ الريح، والمرة الثانية عندما غادر وارتحل صديقي ماجد يوسف إلى الفردوس الأعلى بإذن الله، وكذلك الحال كان مع استاذى عبد الله حمدنا الله والآن ها هو الفاتح عروة يعيدني لتلك الحالة.

عندما تنتابني تلك الحالة أتوقف عن الكتابة مباشرة، وقد لا أستطيع أن أكتب حرفًا أو أكملها، فأهجرها ولا أعود وقد افعل بعد زمن طويل.
بعد خبر وفاة #الفاتح_عروة هرعت إلى الكمبيوتر وحاولت أن أكتب عنه، وما أقسى الكتابة عن حبيب غاب من بعد طلوع وخبا بعد التماع. غالبت نفسي، وها أنا في اليوم الثالث نجحت في تجاوز تلك الحالة لأول مرة بعد عناء .. كيف لا أعرف،وأكتب الآن و الدموع في المآقي والبسمات التي تثيرها ذكريات وحكايات طويلة مع عروة وعنه، تعلو وجهي!!.
حين تنظر إلى التاريخ الذي كتبه عروة عبر مسيرة حياته، تتيقن أنه ذاهب إلى ربه بتلك النفس التي قال عنها سبحانه:(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي). لقد خضّر الفاتح دنياه، وعمّر آخرته بالأعمال الصالحة وفتح له صراطا مستقيما في كلا الدارين، كما أظن وأحسب.

2
كانت رحلة حياته عذابًا وصبرًا ومتعة، أسفار وإنجاز. غدرت به الدنيا مرات ومرات ولم يهتم، ورفعته مكانًا عليًّا فلم تبطره المناصب. عاش فقيرًا حينًا من الدهر فلم تقعده همته عن طلب المجد. صادق الزعماء والرؤساء، بل صنعهم بذكائه وجهده، ولكنه لم ينسَ قط أصدقائه.
عاش حياة عريضة، وما أجملها من رحلة حياة زاخرة وملهمة تفيض بالمآثر. لم يفته في الحياة ما يمكن أن يُؤسَى عليه. عاش حياته كما يجب أن تُعاش، عابدًا، ذاكرًا، شهمًا، كريمًا، ودودًا. أدى واجبه تجاه دينه ووطنه كما ينبغي، أكمل مشوار حياته وأدى رسالته ورجع إلى ربه، وإن إلى ربك الرجعى.
قال لي في آخر زيارة له إلى الدوحة وهو يحكي: “تعرف يا ود الباز، الموت المشينا نفتش ليهو في أدغال الجنوب، يطاردني الآن في مشافي أمريكا.”

وحكى لي قصة صراعه مع المرض اللعين وهو يضحك، ثم أهداني عطرًا. قلت: سبحان الله! رجل يمضي في طريق الموت يوزع الضحكات ويهديك أفخم العطور… يا له من رجل نادر!
تذكرت عبارة باهية لنجيب محفوظ في رائعته الحرافيش، جاءت على لسان عاشور الناجي:
“الخوف من الموت لا يمنع الموت، بل يمنع الحياة.”

وقد صدق. عروة لم يمنعه الخوف من الموت من الحياة، فعاشها بحقها، وترك وراءه أثرًا سيبقى بين الناس طويلًا.
3
قال لي أستاذي عبد الله علي إبراهيم (أمد الله في أيامه ونفعنا بعلمه): إن هناك لحظة في حياة الإنسان في نهاية العمر، يلتفت فيها خلفه، فينظر ليرى أنه خضّر تاريخه وجعله أرضًا ممتدة بالعطاء والبذل، وترك من الآثار ما يفخر به هو وأبناؤه وجيله، فتنشرح نفسه ويمضي بقية عمره هادئًا مطمئنًا فرحًا.

ولكن إذا التفت تلك الالتفاتة ووجد أنه أهدر عمره في سفاسف الأمور والتفاهات، فلا تصدّق ولا صلى،وغرته الدنيا بزبدها وبهرجها، ففي تلك اللحظة يُصاب الإنسان بالاكتئاب ويقضي بقية حياته في خوف وحذر. وشتان بين هذا وذاك.
لقد كان تاريخ عروة أخضر، حياته عامرة بالمعاني والعبر والإنجاز، ولذا مضى إلى ربه ضاحكًا مستبشرًا، ومقبلًا على الموت واقفًا له، كأن أبا الطيب المتنبي عناه حين قال وهو يمدح سيف الدولة الحمداني:
“وقفتَ وما في الموتِ شكٌّ لواقفٍ… كأنك في جفنِ الردى وهو نائمُ.”
4
ستجد كثيرين يحدثونك عن الفريق الفاتح عروة، وعن حكايايتو المضن والبقن، وعن مشاويرو الطويلة، اليها وداهو الزمن”. وما أكثرها وما أجملها وما أمتعها. إنه رجل له في خدمة الشعب دم وعرق.

ستجد من يكتب عن تاريخه في جهاز الأمن أيام نميري، وعن مجاهداته في القوات المسلحة (أعجبني وفاء الرئيس البرهان لرفاقه في الجيش، إذ كان أول من نعاه من خلال مجلس السيادة)، وعن بطولاته وفدائيته في معارك الميل (40) في تسعينيات القرن الماضي.
وستجد من يحكي لك القصص عن مدى تأثيره في القرن الإفريقي، حين غير معادلاته وأنظمته، وستجد من يحدثك عن معاركه الدبلوماسية في مجلس الأمن حين كان ممثلًا للسودان (كما فعل السفير الوفي عبد المحمود)، وبلا شك سيحدثك كثيرون عن بصماته في قطاع الاتصالات وكيف تطور على يديه، بل وماذا فعلت زين تحت قيادته وهو يصارع المرض العضال أثناء هذه الحرب، وكيف عادت زين إلى الخدمة في وقت وجيز بعد أن
تدمرت بنيتها التحتية تمامًا.
5
سيحدثك رفيق دربه وصديقه وتلميذه لسنوات، صالح محمد علي، عن مسيرة طويلة في زين الخرطوم و #أديس_أبابا وذكرياتها، كما سيفعل رفيقه في زين إبراهيم محمد الحسن، حين يحدثك عن “زواياه المخفية البعيدة”.
وتحدثك #سناء_حمد عن “عمو” الفاتح، الإنسان، الجد، والصديق.
يا ليتني أستمع لشهادة #الرئيس_البشير في صديق عمره الوفي الفاتح عروة ومواقفه معه.
كل ذلك ستجد من يحدثك عنه.
أما أنا، فسأختار الزاوية التي قدّرت أن لا أحد سيذكرها، وأخشى أن تُهمَل ونحن نسجل تاريخ رجل أعطى وطنه، وأنجز في مجالات شتى، ولم يستبق شيئًا، وهي زاوية بصمته فيها أوضح من الشمس، ولكن لا أحد يراها، ولم يذكرها كاتب، لا في حياته ولا الآن بعد رحيله. فما هي؟ … نواصل.

عادل الباز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مدير الوكالة الذرية: إيران “ليست بعيدة” عن تطوير قنبلة نووية
  • رابطة علماء اليمن تنظم لقاءًا بعنوان “لا عذر للجميع أمام الله في القعود عن نصرة غزة وفلسطين”
  • بالفيديو.. أنصار “العميد” يغزون مدرجات ملعب بجاية فجرا
  • أنصار “العميد” يغزون مدرجات ملعب بجاية فجرا
  • بين النور والظلام: قراءةٌ في التأييد الإلهي لأنصار الله
  • تنتوش: محافظ “المركزي” سيمثل أمام لجنة المالية بمجلس النواب الأربعاء
  • زئير الحق من أرض العروبة: “غزة لن تُترك وحيدة”
  • صافرة ليبية لإدارة لقاء “السياسي” في ذهاب نصف نهائي “الكاف”
  • قندوسي: “ما حدث لي ليس النهاية هو بداية تحد جديد”
  • عادل الباز يكتب: عروة.. “غاب بعد طلوع.. وخبا بعد التماع” (1)