حقن التخسيس للأطفال.. حل طبى أم خطر صحى؟
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
مع ارتفاع معدلات السمنة بين الأطفال حول العالم، بدأت تظهر خيارات طبية جديدة تهدف إلى الحد من هذه الظاهرة، ومن بينها حقن التخسيس التى تعد موضوعًا مثيرًا للجدل بين الأطباء والمختصين، وبينما يُنظر إلى هذه الحقن على أنها وسيلة فعّالة لمساعدة الأطفال فى إدارة وزنهم، يتساءل الكثيرون عن الأمان الطويل الأمد لهذه العلاجات ومدى تأثيرها على صحة الأطفال النفسية والجسدية.
كما أن تُستخدم حقن التخسيس عادة لعلاج السمنة، وهى تحتوى على مواد مثل السيماجلوتايد، التى تعمل على تقليل الشهية وزيادة الشعور بالشبع، مما يؤدى إلى تقليل كميات الطعام المستهلكة، بدأت هذه الحقن كعلاج للسمنة لدى البالغين، لكنها أثارت اهتمام الأطباء لمعالجة السمنة لدى الأطفال، خاصة مع ارتفاع معدلاتها بشكل ملحوظ.
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تُعتبر السمنة مشكلة صحية عالمية تؤثر على أكثر من 39 مليون طفل تحت سن الخامسة. وتُظهر الدراسات أن الأطفال المصابين بالسمنة أكثر عرضة للإصابة بمشكلات صحية طويلة الأمد مثل مرض السكرى من النوع الثانى وأمراض القلب.
وفيما يخص آمان للأطفال:
رغم فعالية حقن التخسيس فى مساعدة البالغين على فقدان الوزن، إلا أن استخدامها للأطفال يثير العديد من التساؤلات.
الدكتور أحمد ماجد، استشارى التغذية العلاجية، يوضح:
«لا توجد أبحاث كافية حتى الآن تثبت سلامة حقن التخسيس على المدى الطويل للأطفال، جسم الطفل فى مرحلة نمو مستمر، وأى تدخل خارجى قد يؤثر سلبًا على تطوره الطبيعى. كما أن الاعتماد على هذه الحقن قد يُضعف عزيمة الطفل فى تبنى عادات غذائية صحية».
من جهة أخرى، يرى بعض الأطباء أن هذه الحقن يمكن أن تكون خيارًا آمنًا إذا تم استخدامها تحت إشراف طبى صارم وللأطفال الذين يعانون من سمنة مفرطة تُهدد حياتهم، خاصة عندما تفشل العلاجات التقليدية مثل الحمية والرياضة.
تشمل التأثيرات الجانبية المحتملة لاستخدام حقن التخسيس:
الغثيان والتقيؤ: شائع لدى الأطفال الذين يبدأون استخدام الحقن.
نقص الفيتامينات والمعادن: نتيجة لتقليل الشهية.
اضطرابات الجهاز الهضمي: مثل الإسهال أو الإمساك.
مشكلات نفسية: قد يشعر الأطفال بالضغط أو وصمة العار بسبب استخدام علاج طبى للوزن.
رغم الفوائد المحتملة لحقن التخسيس فى علاج السمنة، إلا أن استخدامها للأطفال قد يكون محفوفًا بالمخاطر بسبب طبيعة أجسامهم التى لا تزال فى طور النمو.
فيما يلى أبرز الأضرار والتأثيرات السلبية المحتملة:
1. تأثيرات جانبية قصيرة المدى:
مشاكل فى الجهاز الهضمي: مثل الغثيان، التقيؤ، الإسهال أو الإمساك، وهى من أكثر الآثار الجانبية شيوعًا.
فقدان الشهية المفرط: مما يؤدى إلى نقص حاد فى السعرات الحرارية والعناصر الغذائية الضرورية للنمو.
آلام المعدة أو الانتفاخ: نتيجة للتغيرات فى عملية الهضم.
2. تأثيرات على النمو والتطور:
نقص التغذية: قد تؤدى الحقن إلى تقليل الشهية بشكل مفرط، مما يؤثر على تناول البروتينات والفيتامينات والمعادن الضرورية لنمو العظام، العضلات، وتطور الدماغ.
ضعف المناعة: بسبب نقص العناصر الغذائية الأساسية، مما يجعل الطفل عرضة للأمراض والالتهابات.
اضطرابات هرمونية: قد تتسبب المواد الفعالة فى الحقن بتغيير التوازن الهرمونى الذى يُعد حساسًا جدًا خلال مراحل الطفولة.
3. مشكلات نفسية وسلوكية:
وصمة العار: يمكن أن يشعر الطفل بالاختلاف عن أقرانه بسبب حاجته إلى العلاج الطبى للتخسيس، مما قد يؤثر سلبًا على ثقته بنفسه.
الاعتماد النفسي: قد يعتمد الطفل على الحقن كحل سريع دون تعلم كيفية التعامل مع الطعام بطريقة صحية.
القلق أو الاكتئاب: نتيجة لتأثير الأدوية على المزاج، خاصة إذا كان الطفل يعانى من ضغوط نفسية متعلقة بالسمنة.
4. أضرار على المدى البعيد:
تأثير غير معروف على النمو طويل الأمد: بسبب نقص الدراسات حول استخدام الحقن للأطفال، لا تزال هناك تساؤلات حول سلامتها وتأثيراتها على المدى البعيد.
احتمال الإدمان الدوائي: قد يحتاج الطفل إلى الحقن لفترات طويلة للحفاظ على وزنه، مما قد يؤدى إلى الإدمان على هذه العلاجات.
مشكلات صحية مزمنة: مثل مشكلات الكلى أو الكبد الناتجة عن تراكم المواد الكيميائية فى الجسم.
يقول الدكتور أحمد مصطفى، استشارى التغذية العلاجية:
«حقن التخسيس للأطفال يجب أن تُستخدم بحذر شديد وفى حالات السمنة المفرطة فقط التى تهدد حياة الطفل، مع متابعة دقيقة من فريق طبى متعدد التخصصات، ومع ذلك، التركيز على تعديل السلوك الغذائى وزيادة النشاط البدنى هو الحل الأمثل والمستدام فى معظم الحالات».
بدائل آمنة
تحسين نمط الغذاء بما يتضمن وجبات صحية متوازنة.
تشجيع الأطفال على ممارسة الرياضة بانتظام.
تقليل وقت الشاشات لتحفيز النشاط البدنى.
على الرغم من تطور التقنيات الطبية، تبقى الحمية المتوازنة والنشاط البدنى من أهم الحلول لإدارة الوزن لدى الأطفال، يرى الخبراء أن التركيز على تحسين عادات الأكل وزيادة النشاط البدنى للأطفال أكثر استدامة وأمانًا من الاعتماد على الحلول الطبية.
الأطفال الرياضيون مثال رائع على أهمية التوازن بين النشاط البدنى والتغذية السليمة، فهم يمارسون التمارين بشكل منتظم ويستفيدون من نظام غذائى صحى لدعم نشاطهم، هذه العادات لا تعزز فقط اللياقة البدنية، بل تساهم أيضًا فى تحسين الصحة النفسية.
كما أن الأطفال الذين يشاركون فى الرياضات منذ سن مبكرة نادرًا ما يعانون من السمنة، فهم يحصلون على النشاط البدنى اللازم لحرق السعرات الحرارية، كما أنهم يتعلمون أهمية التغذية الصحية، لكن حتى الأطفال الرياضيين ليسوا فى مأمن من السمنة إذا لم يتم التحكم فى كمية ونوعية الطعام الذى يتناولونه.
يقول الدكتور أحمد:
«الرياضة لا تعنى تناول الطعام بلا حدود، حتى الأطفال الرياضيون يحتاجون إلى نظام غذائى متوازن يضمن حصولهم على الطاقة التى يحتاجونها من دون زيادة غير ضرورية فى الوزن».
يلعب رأى الأهالى دورًا كبيرًا فى اختيار العلاج المناسب للأطفال المصابين بالسمنة، تقول أم لطفل يبلغ من العمر 10 سنوات يعانى من السمنة:
«أفكر فى حقن التخسيس، لكننى قلقة بشأن التأثيرات الجانبية. أريد فقط أن أرى ابنى سعيدًا وصحيًا».
بينما يرى آخرون أن الحلول التقليدية مثل اتباع نظام غذائى صحى وزيادة النشاط البدنى يجب أن تكون الخيار الأول.
قد تبدو حقن التخسيس للأطفال كحل سريع، لكنها ليست خالية من المخاطر، يُفضل أن تكون هذه الحقن الخيار الأخير، بعد استنفاد جميع الحلول الأخرى مثل تحسين العادات الغذائية وزيادة النشاط البدنى.
يعتمد النجاح فى معالجة السمنة لدى الأطفال على تعاون متكامل بين الأطباء، الأهالى، والمدرسة لتوفير بيئة داعمة تُحفز الأطفال على العيش بأسلوب حياة صحى ومستدام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صحة الأطفال حقن التخسیس لدى الأطفال هذه الحقن کما أن
إقرأ أيضاً:
«عين للطفل» .. حاضنة رقمية لهوية الناشئة في سلطنة عُمان
د. عهود البلوشية: خطوة استراتيجية لحماية الطفل وتنشئة جيل رقمي متجذّر في القيم العُمانية -
عبدالله الحارثي: المنصة تقود الجيل نحو العلم والقيم .. ومحتواها يعكس هوية عُمان وأخلاقها -
د. معمر التوبي: تحول وطني نحو إعلام رقمي تفاعلي يصوغ وعي الجيل الجديد -
د. وفاء الشامسية: الطفل لا يبني وعيه بالمعلومة فقط .. بل بالقصة التي تشعل خياله وتزرع فيه القيم -
العُمانية: فـي ظل ما بات يُعرف بالثورة الصناعية الرابعة، وتسارع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي تحديدًا، وما رافقها من تطور لتقنيات بث المحتوى الإعلامية كالهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، تواجه التنشئة الحديثة تحديات حقيقية لدى الكثير من المجتمعات تتمثل فـي الحفاظ على المبادئ والهوية والقيم الأخلاقية فـي ظل محتوى مُوجّه للطفل من قنوات فضائية وإلكترونية مختلفة بثقافات وعادات وقيم دخيلة.
وقد شهدت وزارة الإعلام يوم الخميس الماضي إطلاق واجهة الطفل فـي منصة «عين» لإثراء المحتوى المخصّص لهذه الفئة العمرية ولتزويدهم بمصادر معرفـية تُسهم فـي تشكيل الوعي لديهم وتطوير شخصياتهم وتعزيز انتمائهم الوطني مستندة على الرؤية السامية وتوجيهات عاهل البلاد المفدى - حفظه الله ورعاه - ومستهدفات «رؤية عُمان 2040».
وعبّرت نورة بنت محمد الزدجالية (وليّة أمر) عن سعادتها بإطلاق وزارة الإعلام واجهة الطفل فـي منصة عين قائلة: «إن المنصة ستكون نموذجًا مهمًا يربط الأجيال بالقيم الأصيلة للمجتمع العُماني عبر محتوى ينتمي لثقافتنا ويعزّز هُويتنا الوطنية ببرامج سهلة الوصول لأبنائنا».
وقالت لوكالة الأنباء العُمانية: «إن ما يميز الواجهة أنها تتواكب مع خضم تطورات الحياة وهيمنة التكنولوجيا التي باتت ترافق كل المجالات، كما أنه لا يمكن أن يبقى أبناؤنا بمعزل عنها، فهم يرافقون ما تبثه المنصات ولا يمكن أن ننكر ما تحويه من محتوى ثمين يُضفـي عليهم ثراء من المعلومات والمهارات»، لافتة إلى أن هذه المنصات أصبحت بديلًا عن القنوات الفضائية لأسباب عدة منها تنوّع واختيار المحتوى والمرونة فـي تحديد أوقات المشاهدة.
وأضافت: «إننا باعتبارنا أولياء أمور نولي أهمية كبيرة لكل ما من شأنه أن يُسهم فـي تنشئة الأطفال تنشئة سليمة تضمن لنا استجابتهم لمحتوى آمن، ووجود واجهة للطفل بمنصة عين سيسهّل علينا اختيار محتويات آمنة ترقى بفكرهم وتُثري أوقات فراغهم».
تحول للساحة الإعلامية
من جانبه أكد الدكتور معمر بن علي التوبي أكاديمي متخصص فـي الذكاء الاصطناعي لوكالة الأنباء العُمانية أن إطلاق وزارة الإعلام واجهة الطفل فـي منصة عين يمثل تحولًا نوعيًا للساحة الإعلامية فـي سلطنة عُمان، إذ لا يمكن النظر إلى هذه المبادرة باعتبارها إضافة لمحتوى الأطفال فحسب، ولكن ينبغي فهمها بوصفها علامة فارقة فـي مسار الانتقال الوطني نحو الإعلام الرقمي التفاعلي، وخطوة استراتيجية تستجيب للتغيرات التقنية التي أعادت تشكيل علاقة الإنسان بالمعرفة خصوصًا لدى الأجيال الناشئة.
وقال: إننا فـي عالم باتت فـيه الشاشة الذكية تتفوق على الورق، و«النقرة» أسرع من تقليب الصفحات؛ لذا أصبح من الضروري أن تُعيد الجهات الإعلامية صياغة أدواتها بما يتماشى مع أنماط التلقي الجديدة.
وأضاف: إن منصة «عين للطفل» تأتي بمثابة الاستجابة الواعية لهذا التحدي؛ فوفق ما يمكن تصوره أن هذه الواجهة لا تقدم محتوى تقليديًا للطفل، ولكنها تنطلق من رؤية شاملة تؤمن بأن المعرفة يجب أن تُغلّف بلغة العصر، وأن التربية الإعلامية تبدأ من الطفولة؛ حيث تتشكل المدارك المعرفـية الأولى وتُبنى الهوية».
وأكد أن أهمية الواجهة تكمن فـي أنها تنقل الطفل العُماني من كونه متلقيًا عابرًا لمحتوى عالمي متأثرًا بالعولمة الرقمية وثقافتها غير المنضبطة إلى منطقة المشاركة الفاعلة فـي بيئة رقمية مصممة له، وتنتمي إليه ثقافـيًا وقيميًا؛ فتمثل تحولًا من إعلام يُذاع ويُبث من طرف واحد إلى إعلام يُخاطب الطفل بلغة تفاعلية؛ فـيمنحه حق الاكتشاف والتجربة ضمن فضاء آمن، مؤكدًا أن واجهة «عين للطفل» لن تكون محاكاة لنماذج خارجية، ولكنها ستصوغ نموذجًا عُمانيًا صُمّم ليدمج بين الرسالة التربوية والجاذبية التقنية.
وأوضح أنه من زاوية تقنية أخرى، من الممكن أن تعكس المنصة فهمًا عميقًا لمتطلبات الأمن الرقمي، وحاجة الأطفال لمحتوى مدروس يحمي وعيهم من الزيف المعرفـي ومشتتاته؛ لتقدّم بديلًا جاذبًا عن عبثية المحتوى ذات الطابع العولمي الذي من السهل أن يفتقر إلى الضبط والانسجام مع ثقافاتنا العربية والإسلامية.
واعتبر أن منصة «عين للطفل» حاضنة رقمية لهوية الطفل العُماني إذ أن وزارة الإعلام لم تطلق هذه المنصة لتكون حلًا تقنيًا فحسب، ولكن لتكون جزءًا من مشروع وطني يواكب الانتقال من وسائل الإعلام التقليدية إلى بيئة إعلامية جديدة تُبنى على التفاعل، والشمولية، والابتكار، والتوجه الاستباقي لصناعة وعي الجيل الجديد.
بيئة آمنة
من جانبها قالت المكرمة الدكتورة عهود بنت سعيد البلوشية عضوة مجلس الدولة لوكالة الأنباء العُمانية: إن إطلاق منصة إلكترونية خاصة بالطفل فـي سلطنة عُمان يحمل أهمية كبيرة على عدّة مستويات تعليمية وثقافـية واجتماعية خصوصًا فـي ظل الانفتاح الرقمي الكبير الذي يتعرض له الأطفال فـي هذا الوقت، إذ ستسهم هذه المنصة فـي توفـير بيئة إلكترونية آمنة للأطفال مما يحد من تعرضهم للمخاطر المرتبطة باطّلاعهم على مواقع وتطبيقات لا تتناسب مع أعمارهم وثقافتهم.
وأضافت: إنه فـي الوقت ذاته ستكون المنصة إضافة قيّمة لسدّ الفجوة الرقمية فـي المحتوى العربي الموجّه للطفل من خلال تقديم محتوى تعليمي تفاعلي مُثرٍ يتماشى والقيم والمبادئ العُمانية الأصيلة وتعزيز الهوية الوطنية، وأخذت بعين الاعتبار الاهتمامات والاحتياجات المختلفة للفئات العمرية التي تستهدفها خاصة فـيما يتعلق بتحقيق الدمج الرقمي للأطفال من ذوي الإعاقة السمعية والبصرية، كما أنّ تخصيص مساحة لفئة صناع محتوى الأطفال يُسهم بشكل مباشر فـي تشكيل وصقل الإبداع لديهم فـي مجال صناعة المحتوى واستضافة نماذج إعلامية مستقبلية تعزز البيئة الإعلامية فـي سلطنة عُمان.
وأكّدت أن بناء شخصية النشء يجب أن تعزز بجهود تشاركية من مختلف المؤسسات فـي المجتمع، وهذه المنصة الخاصة بالطفل ستكون بلا شك إضافة مثرية وداعمًا رئيسًا فـي تعليم وتعزيز الثقافة والقيم العُمانية التي تشكّل عنصرًا أساسيًا فـي جميع البرامج التي تقدم ومع هذا يبقى الدور الأكبر فـي التوجيه الصحيح من البيئة المحيطة بالطفل.
وذكرت أن هذه المنصة كونها إلكترونية ومن ضمن اهتمامات هذا الجيل ستؤثر تأثيرًا مباشرًا على الطفل خاصة أنها تقدم تجربة معرفـية تجمع بين الفائدة والمتعة، ويبقى للمنصة الخاصة بالطفل دور كبير ولمعدّيها والعاملين عليها فـي إعداد المحتوى الذي يُسهم فـي تحقيق أهدافها السامية ومما لا شك فـيه أن المنصة أيضًا بحاجة إلى تسويق فـي ظل التنافس والكم الكبير من المنصات والتطبيقات على العالم الافتراضي.
وقالت: إن منصة عين للطفل تُعد داعمًا للتواصل بين الأجيال من خلال بعض البرامج المقدمة التي تعرّف الجيل الحاضر والمستقبلي بتاريخ سلطنة عُمان وما وصلت إليه من تقدّم وتطور، وما يجب عليهم التمسك به من تراث وثقافة ومعرفة بما يحتويه هذا الوطن، مؤكّدة أن تضافر الجهود من الجميع وتحديد المسار بكل وضوح هو ما يجب أن يكون من أجل العمل على بناء جيلٍ مبدعٍ قادرٍ على المنافسة ومنفتحٍ على العالم مع تمسّكه بأصالته وهُويته وثقافته العُمانية الأصيلة.
الحفاظ على الهوية
وأكّد سعادة عبدالله بن حمد الحارثي رئيس لجنة الإعلام والسياحة والثقافة بمجلس الشورى لوكالة الأنباء العُمانية أهمية إطلاق واجهة الطفل فـي منصة عين التي تسعى من خلالها وزارة الإعلام إلى إيجاد جيلٍ يتسلح بالعلم والقيم والأخلاق وأن يكون قادرًا على التعامل مع المتغيرات مع الحفاظ على الهوية، مشيرًا إلى أن المنصة جاءت لتقود الدفة بالشكل الصحيح لما تحمله من طابع قيمي وأخلاقي وهُوية عُمانية صرفة تُلامس المجتمع العُماني بشكل مباشر وعلى الأطفال بشكلٍ خاصٍ.
وأضاف سعادته: «إنه من الأهمية مشاركة مجموعة من الرواد والمفكرين والتربويين المتخصصين فـي أدب الطفل لوضع محتويات علمية شائقة تتناسب مع طبيعة سلطنة عُمان وقيمها وأخلاقها المستمدة من دينها الشريف وقيمها وحضارتها وسمتها التي عُرفت بها منذ الأزل»، مشيرًا إلى ضرورة أن يواكب المحتوى طموحات وأفكار الأطفال ويحقق أهدافهم، وأن يكون المحتوى العلمي مصحوبًا بالألعاب والترفـيه.
وأكّد سعادته أن إطلاق الواجهة يأتي فـي خضم التسارع الكبير الذي نشهده خلال السنوات الماضية والتطور التكنولوجي، لتكون بديلًا حتميًا للأطفال والأمان لمستقبلهم ولتقويم سلوكهم وتحويلها إلى عادات يستمر عليها الأطفال.
ولفت سعادته إلى أن الواجهة توفر بيئة آمنة للأطفال تجمع بين جنباتها الكثير من الأفكار والأنشطة والمجالات، إذ من الأهمية وجود شراكات بين المنصة ووزارة التربية والتعليم والمؤسسات التربوية الأخرى لحث الطلبة والأطفال على الدخول للمنصة والتفاعل معها؛ فإيصال المعلومة لدى الأطفال وجذبهم وتشويقهم إحدى المهام المنوطة بالمنصة لإظهار هذه الطاقات والإبداعات وصقلها وتشجيعها بكل الوسائل لتكون لدى المنصة قاعدة للموهوبين والمنتسبين.
وأشار سعادته إلى أن التفاعل مع المحتوى الرقمي أصبح واقعًا حتميًا لا خيار عنه لكون العالم يتجه بهذا الاتجاه ولأن المستقبل يفرض نفسه على الجميع للتعامل مع الواقع الرقمي والمحتوى الرقمي، مؤكدًا ضرورة توعية الأطفال بكيفـية التعاطي مع المحتوى الرقمي ومراقبتهم، وأن يكون حضور الرقابة الذاتية بشكل أكبر خلال القيم والمبادئ التي يتشربها الطفل فـي أسرته ومجتمعه ومدرسته وتبيان الخطورة التي تحملها المحتويات الرقمية المنتشرة على مستوى العالم من خلال المواقع والمحطات والتطبيقات.
وأوضح سعادته أهمية تشجيع الأطفال على مسايرة الطفرة العلمية والتكنولوجية وحثهم على الإبداع وصنع محتويات رقمية تتماشى مع قيمنا وأخلاقنا وهويتنا العُمانية ليبقى المجتمع فـي حماية من هذه التيارات التي تعصف به، وتكون سببًا فـي تغير الطباع والسلوكيات والتوجهات.
بيئة غنية للأطفال
من جانبها أكدت الدكتورة وفاء بنت سالم الشامسية مختصة فـي أدب الطفل لوكالة الأنباء العُمانية، أن واجهة الطفل فـي منصة عين تعد خطوة استراتيجية نحو بناء بيئة معرفـية رقمية آمنة وغنية للأطفال فـي سلطنة عُمان، وهي تمثل نقطة التقاء بين الأصالة الثقافـية والحداثة التكنولوجية.
وأضافت: إن الواجهة قادرة على تقديم محتوى أدبي يراعي السياق الثقافـي المحلي، ويشجع على القراءة باللغة العربية، مما يعزز الهوية اللغوية والوطنية لدى الناشئة، كما تتيح الفرصة أمام الكتاب والرسّامين العُمانيين للإسهام فـي إنتاج محتوى أدبي رقمي عالي الجودة، مما يوجد حراكًا ثقافـيًا داخليًا ويفتح نوافذ للتعاون الإقليمي.
وحول إسهام المحتوى المقدم فـي الواجهة فـي تطوير وعي الأطفال، قالت: «إن الوعي عند الطفل لا يُبنى فقط بالمعلومة، بل بالقصة، والمثال، والحوار الداخلي الذي تتيحه له، وعندما يُقدّم المحتوى بذكاء يمكنه أن يُنمّي مهارات التفكير النقدي، والقدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، ويُعزّز التعاطف والخيال والانفتاح على الآخر عبر نصوص أدبية ممتعة وتفاعلية، ويمكننا نقل مفاهيم معقدة مثل حماية البيئة، وتقبل الاختلاف، والأمن الرقمي، بأسلوب يناسب مرحلته النمائية، ويُعزّز قدرته على اتخاذ قرارات سليمة لاحقًا».
وأضافت: إن أدب الطفل هو قناة فعالة لزرع القيم دون وعظ مباشر، إذ يمكن إدراج القيم الوطنية فـي القصص من خلال شخصيات تُجسّدها مثل طفل يُحافظ على التراث، وطفلة تُساعد كبار السن، ومجموعة تُشارك فـي تنظيف الحي، أو قصة تدور فـي معلم من معالم عُمان، كما يمكن ربط القيم بالرموز الوطنية (العَلَم، والنشيد، والزي، والأماكن التاريخية)، ومن المهم أن تُقدّم القيم ضمن سياق درامي مشوّق، بحيث يتماهى الطفل مع الشخصية ويعيش التجربة، لا أن يشعر بأنه يتلقى درسًا».
وأكدت أنه يمكن للوالدين استخدام واجهة الطفل فـي منصة عين مثل أداة يومية للقراءة المشتركة، وهو ما يعزز الترابط الأسري ويُطوّر لغة الطفل ومهارات الإصغاء والتعبير، فالمنصة يمكن أن توفر كتبًا صوتية ومرئية، مما يجعلها مناسبة لأطفال ما قبل المدرسة أيضًا، كما يمكن للآباء تتبّع اهتمامات أطفالهم عبرها، والتفاعل معهم من خلال الأسئلة والمناقشة بعد القراءة، مما يحوّل القصة إلى بوابة حوار، مع أهمية أن تحتوي المنصة على دليل للوالدين يُرشدهم إلى كيفـية استخدام المحتوى لتعزيز التفكير والقيم واللغة.
وحول أهمية تفاعل الأطفال مع المحتوى الرقمي فـي الواجهة، أكدت الشامسية أن التفاعل هو مفتاح التعلم فـي العصر الرقمي، فلم يعد التلقي السلبي للمعلومة كافـيًا، وطفل اليوم يتوق إلى اللمس، والتحريك، والاختيار، والتأثير فـي مجريات القصة؛ فالواجهة يمكنها تعزيز هذا التفاعل عبر القصص التفاعلية، والألعاب التعليمية المبنية على النصوص الأدبية، ومسابقات الكتابة والرسم، والقدرة على تصميم نهاية للقصة مثلًا، موضحة أن هذا النوع من التفاعل لا يُنمّي المهارات اللغوية فقط، بل يُطوّر الإبداع، والحس الفني، والقدرة على اتخاذ القرار، وكلها مهارات حيوية فـي القرن الحادي والعشرين، وتقدم واجهة الطفل فـي منصة عين محتوى متنوع الجوانب التعليمية والترفـيهية والتثقيفـية، ويشمل الأعمال الكرتونية، والبرامج، والمحتوى السمعي، والكتب الصوتية، وغيرها من أشكال المحتوى المناسب للطفل ضمن الفئة العمرية 4-18 سنة.
كما تقدم الواجهة تجربة رقمية تعليمية ترفـيهية، دُرست وصُمّمت بعناية لتضمن الاستخدام السلس من قبل الناشئة، عبر واجهة جذابة بصريًا بطابع طفولي، بألوان زاهية مستوحاة من منصة عين، كما تضمن وصول واستخدام الأطفال من مختلف الفئات، بما يشمل الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية والبصرية، وتوفر عدة مميزات من ضمنها، محتوى آمن للناشئة ويعزز الهوية الوطنية والقيم الأخلاقية لديهم، ومحتوى يُعرض بشكل حصري على منصة عين.
وتتضمن الواجهة مزايا تقنية عديدة تجعل الاستخدام تجربة سهلة وسلسة وماتعة، منها إمكانية إنشاء حساب خاص باسم الطفل، مع اختيار أيقونة للحساب من إحدى الشخصيات الكرتونية المحببة، وإمكانية تحميل المحتوى لمشاهدته لاحقًا دون الحاجة إلى استخدام الإنترنت، مع توفر محرك للبحث عن أي مادة سمعية أو مرئية فـي منصة الطفل، بالإضافة إلى خاصية متابعة المشاهدة والاستماع التي تسمح بمواصلة متابعة المحتوى الذي لم تكتمل مشاهدته أو الاستماع إليه، وخصصت مساحة لفئة صُنّاع محتوى الأطفال حيث تستضيف أعمال المبدعين الأطفال فـي مجال صنع المحتوى، وتسهم فـي تقديم نماذج إعلامية مستقبلية.
وتحوي الواجهة مجموعة متنوعة من المحتوى الإعلامي، منها برامج إذاعية وتلفزيونية، وأعمال حصرية من إنتاج منصة عين، ومجموعة من الرسوم المتحركة والكتب الصوتية المخصصة للناشئة إضافة إلى محتوى يزيد على 65 ألف مادة مرئية ومسموعة، منها أكثر من 8 آلاف مادة سمعية ومرئية للطفل.