جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-26@16:21:21 GMT

الفداء العظيم

تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT

الفداء العظيم

 

مدرين المكتومية

كثيرًا ما نقرأ عن معاني الفداء والتضحية؛ بل ينشأ الفرد منَّا في بيئته ومدرسته ومحيطه الاجتماعي على أهمية التحلي بالقيم والصفات النبيلة، لكن قلّما يُدرك المرء حقيقة هذه القيم، التي في أحيانٍ عدة لا تعدو كونها شعارات يتغنى بها البعض أو يُرددها آخرون، إلّا أن قلة قليلة هي التي تحظى بفرصة لتطبيق هذه القيم والمعاني الأصيلة في حياتها.

ومنذ أن أدركت هذه الحياة وتشكَّل وعيي المعرفي، وأنا أرى دائمًا أن شعوب العالم مُقسَّمة إلى صنفين، الأول: شعوب مناضلة تقدم الغالي والنفيس من أجل نيل حريتها وحماية كرامتها الوطنية، في مواجهة كل ظالم وغاصب للأرض. أما الصنف الثاني: فهي الشعوب التي حققت استقلالها وتعكف على خوض معركة البناء والنمو. ولا ينازعني شكٌ في أننا إذا ما أردنا أن نضرب أروع الأمثلة في الشعوب المُناضِلة، سيكون الشعب الفلسطيني الشقيق هو المضرب والمثل، هذا الشعب الذي يئن من مؤامرات دولية واحدة تلو الأخرى منذ أكثر من 76 عامًا، عاش خلالها أشد معاني الظلم وأقسى مشاعر الاضطهاد.

وعلى مدى أكثر من عام و3 أشهر، يتجرع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أصعب الآلام، في ظل حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي الإجرامية، وسط صمت مُخزٍ في كل أنحاء العالم، بينما هذا الشعب الذي يقف وحيدًا في وجهة آلة القتل والدمار، يرسم كل دقيقة وكل ساعة وكل يوم، أسمى صور التضحية والفداء. وقبل أيام قليلة، شاهد العالم بأسره مدى الإجرام الإسرائيلي في استهداف مستشفى كمال عدوان بقطاع غزة، وكيف استبسلت الطواقم الطبية العاملة هناك في وجه القصف المدفعي والصاروخي الذي طال كل مترٍ في هذا المستشفى، وعلى رأس هؤلاء البواسل الطبيب الإنسان الدكتور حسام أبو صفية، ذلك المناضل الذي وقف في وجه العدوان بقوة وإرادة وإصرار على مداوة آلام المصابين بنيران الاحتلال الغاصب، أو المرضى. ضرب الدكتور حسام أبو صفية أروع الأمثلة في بذل الغالي والنفيس من أجل أن يحيا الإنسان الفلسطيني رافعًا رأسه، وقدم كل ما يستطيع تقديمه لكي يظل هذا المستشفى صرحًا شامخًا أمام بشاعة وإجرام العدو الصهيوني الخسيس.

لم يكن الدكتور حسام أبو صفية مجرد مدير لهذا المستشفى؛ بل كان الأب الروحي له، والحارس الأمين، والقائد الميداني لكتيبة الأطباء والمُمرضين، الذين لم يتوانوا لحظة عن تقديم الدعم والمساندة والعلاج لكل من يلجأ إلى المستشفى، سواء كان مريضًا أو مُصابًا أو حتى نازحًا يُريد أن يأمن نفسه من نيران الاحتلال الأعمى الذي لا يُفرِّق بين المدنيين وغيرهم.

الاحتلال الإسرائيلي يواصل بكل تبجُّح وحقارة استهداف الطواقم الطبية في قطاع غزة، ولا يتردد عن قصف المستشفيات والمراكز الصحية، في إطار مخططه الجُهنمي لتحويل قطاع غزة إلى منطقة غير قابلة للعيش، وإجبار أكثر من 2.2 مليون فلسطيني على التهجير القسري خارج وطنه، ليستكمل المؤامرة الساعية إلى التهام كامل الأرض الفلسطينية، وابتلاعها في جيوب استيطانية.

الصمود الأسطوري الذي يُظهره الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تجسَّد في تلك الصورة الملحمية للدكتور حسام أبو صفية، بعدما سار على قدميه بكل جرأة مرتديًا المعطف الأبيض، نحو دبابة إسرائيلية، ليتم اعتقاله وأسره في موقع غير معلوم. صورة تناقلتها وسائل الإعلام حول العالم، لتؤكد للجميع أن هذا الاحتلال الإجرامي ليس سوى مجموعة من العصابات الوحشية، بينما الشعب الفلسطيني المُناضل، شعب مُحب للحياة، ومُتمسِّك بأرضه وتراب وطنه.

تحية صدق وإجلال للبطل الفلسطيني الدكتور حسام أبي صفية، أيقونة النضال الطبي في العالم، والذي يستحق أن ينال أسمى الجوائز تقديرًا لما قدّمه من خدمات إنسانية جليلة لبني وطنه في قطاع غزة.

*****

قبل الختام:

نبدأُ اليوم عامًا جديدًا، بعدما ودّعنا عامًا مضى، بكل ما فيه من انتصارات وعذابات وهزائم، ويحدونا الأمل في هذا العام الجديد 2025، ومع شروق شمس أول أيامه، أن ينعم العالم بالرخاء والاستقرار والأمان، وأن ينال الشعب الفلسطيني حريته المسلوبة منذ عقود.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

قائد الثورة يدعو الشعب اليمني للخروج المليوني يوم غد الجمعة دعما للشعب الفلسطيني

الثورة نت/..

دعا قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الشعب اليمني إلى الخروج المليوني يوم غد الجمعة، في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات تأكيدا على الموقف الثابت في دعم وإسناد الشعب الفلسطيني.

وأكد السيد القائد في كلمته اليوم، إلى أن الخروج المليوني الأسبوعي المستمر مشاركة مهمة وعظيمة في الجهاد وفي الموقف.. وقال” ينبغي أن يستمر الخروج المليوني بالزخم الكبير لأهميته في هذه المرحلة”.

وأشار إلى أن الخروج المليوني يعبر عن الثبات والصمود والاستمرار في الموقف الثابت والمبدئي مع الشعب الفلسطيني.. مضيفا” كان ينبغي على الأمة الاستفادة من الموقف اليمني كنموذج اتجه رسميا وشعبيا بسقف عال لإسناد الشعب الفلسطيني”.

وأشار قائد الثورة إلى أن موقف شعبنا العزيز عظيم وقوي وثابت لأنه مستمد من قوة إيمانه وقوة ثقته بالله سبحانه وتعالى وتوكله عليه.. وقال” نحن في الواقع في حالة انتصار بهذا الصمود العظيم والفاعلية والحضور الكبير لشعبنا والموقف المتكامل.

وجدد التأكيد على أن مسار اليمن تصاعدي في تطوير القدرات العسكرية وامتلاك أفضل التقنيات العسكرية، وفي الارتقاء بالروح المعنوية ومستوى الوعي.. لافتا أن الحرب هي حرب إرادة ومرتكزها بالدرجة الأولى هو الجانب المعنوي والإيماني.

وأكد أن صمود شعبنا يعبر عن إرادته وأنه مهما كان التصعيد الأمريكي فلن يكسر إرادة هذا الشعب ولن يثنيه عن موقفه.. مبينا أن موقف الشعب اليمني في تنام وإرادته صمدت في مواجهة عدوان أمريكي كبير جداً.

ولفت قائد الثورة إلى أن الشعب اليمني يقدم درساً مهماً تحتاج إليه الأمة في كسر حاجز الخوف من التهديدات الأمريكية.. مؤكدا أنه “كلما صعد الأمريكي كلما كان الموقف بالنسبة لبلدنا أكثر قوة وكلما أسهم ذلك أيضا في مزيد من التطوير للقدرات العسكرية”.

مقالات مشابهة

  • "فتح": قرار الحرب والسلم يجب أن يكون بيد منظمة التحرير لوقف المقتلة بحق الشعب الفلسطيني
  • حملة تدعو المصريين لـالتصويت بشأن أسباب عدم تدخل الجيش لإنهاء العدوان على غزة
  • حسام موافى: الإمساك من أكثر المشكلات شيوعا ويعاني منه نحو ثلث الشعب
  • أبناء حجة يحتشدون في 200 مسيرة تضامناً مع الشعب الفلسطيني وتنديداً بالعدوان على اليمن
  • أبناء حجة يحتشدون في 200 مسيرة تضامناً مع الشعب الفلسطيني
  • “الجهاد الإسلامي” تشدد على أهمية وحدة القرار الفلسطيني
  • سيئون.. وقفة تضامنية مع غزة وتنديدا بجرائم الاحتلال
  • قائد الثورة يدعو الشعب اليمني للخروج المليوني يوم غد الجمعة دعما للشعب الفلسطيني
  • حركة فتح: مصر تتعامل مع القضية الفلسطينية بحرص تام والقرار الفلسطيني يجب أن يظل مستقلًا
  • عباس: حرب الإبادة الجماعية نكبة جديدة تهدد الوجود الفلسطيني