جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-05@18:22:36 GMT

الفداء العظيم

تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT

الفداء العظيم

 

مدرين المكتومية

كثيرًا ما نقرأ عن معاني الفداء والتضحية؛ بل ينشأ الفرد منَّا في بيئته ومدرسته ومحيطه الاجتماعي على أهمية التحلي بالقيم والصفات النبيلة، لكن قلّما يُدرك المرء حقيقة هذه القيم، التي في أحيانٍ عدة لا تعدو كونها شعارات يتغنى بها البعض أو يُرددها آخرون، إلّا أن قلة قليلة هي التي تحظى بفرصة لتطبيق هذه القيم والمعاني الأصيلة في حياتها.

ومنذ أن أدركت هذه الحياة وتشكَّل وعيي المعرفي، وأنا أرى دائمًا أن شعوب العالم مُقسَّمة إلى صنفين، الأول: شعوب مناضلة تقدم الغالي والنفيس من أجل نيل حريتها وحماية كرامتها الوطنية، في مواجهة كل ظالم وغاصب للأرض. أما الصنف الثاني: فهي الشعوب التي حققت استقلالها وتعكف على خوض معركة البناء والنمو. ولا ينازعني شكٌ في أننا إذا ما أردنا أن نضرب أروع الأمثلة في الشعوب المُناضِلة، سيكون الشعب الفلسطيني الشقيق هو المضرب والمثل، هذا الشعب الذي يئن من مؤامرات دولية واحدة تلو الأخرى منذ أكثر من 76 عامًا، عاش خلالها أشد معاني الظلم وأقسى مشاعر الاضطهاد.

وعلى مدى أكثر من عام و3 أشهر، يتجرع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أصعب الآلام، في ظل حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي الإجرامية، وسط صمت مُخزٍ في كل أنحاء العالم، بينما هذا الشعب الذي يقف وحيدًا في وجهة آلة القتل والدمار، يرسم كل دقيقة وكل ساعة وكل يوم، أسمى صور التضحية والفداء. وقبل أيام قليلة، شاهد العالم بأسره مدى الإجرام الإسرائيلي في استهداف مستشفى كمال عدوان بقطاع غزة، وكيف استبسلت الطواقم الطبية العاملة هناك في وجه القصف المدفعي والصاروخي الذي طال كل مترٍ في هذا المستشفى، وعلى رأس هؤلاء البواسل الطبيب الإنسان الدكتور حسام أبو صفية، ذلك المناضل الذي وقف في وجه العدوان بقوة وإرادة وإصرار على مداوة آلام المصابين بنيران الاحتلال الغاصب، أو المرضى. ضرب الدكتور حسام أبو صفية أروع الأمثلة في بذل الغالي والنفيس من أجل أن يحيا الإنسان الفلسطيني رافعًا رأسه، وقدم كل ما يستطيع تقديمه لكي يظل هذا المستشفى صرحًا شامخًا أمام بشاعة وإجرام العدو الصهيوني الخسيس.

لم يكن الدكتور حسام أبو صفية مجرد مدير لهذا المستشفى؛ بل كان الأب الروحي له، والحارس الأمين، والقائد الميداني لكتيبة الأطباء والمُمرضين، الذين لم يتوانوا لحظة عن تقديم الدعم والمساندة والعلاج لكل من يلجأ إلى المستشفى، سواء كان مريضًا أو مُصابًا أو حتى نازحًا يُريد أن يأمن نفسه من نيران الاحتلال الأعمى الذي لا يُفرِّق بين المدنيين وغيرهم.

الاحتلال الإسرائيلي يواصل بكل تبجُّح وحقارة استهداف الطواقم الطبية في قطاع غزة، ولا يتردد عن قصف المستشفيات والمراكز الصحية، في إطار مخططه الجُهنمي لتحويل قطاع غزة إلى منطقة غير قابلة للعيش، وإجبار أكثر من 2.2 مليون فلسطيني على التهجير القسري خارج وطنه، ليستكمل المؤامرة الساعية إلى التهام كامل الأرض الفلسطينية، وابتلاعها في جيوب استيطانية.

الصمود الأسطوري الذي يُظهره الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تجسَّد في تلك الصورة الملحمية للدكتور حسام أبو صفية، بعدما سار على قدميه بكل جرأة مرتديًا المعطف الأبيض، نحو دبابة إسرائيلية، ليتم اعتقاله وأسره في موقع غير معلوم. صورة تناقلتها وسائل الإعلام حول العالم، لتؤكد للجميع أن هذا الاحتلال الإجرامي ليس سوى مجموعة من العصابات الوحشية، بينما الشعب الفلسطيني المُناضل، شعب مُحب للحياة، ومُتمسِّك بأرضه وتراب وطنه.

تحية صدق وإجلال للبطل الفلسطيني الدكتور حسام أبي صفية، أيقونة النضال الطبي في العالم، والذي يستحق أن ينال أسمى الجوائز تقديرًا لما قدّمه من خدمات إنسانية جليلة لبني وطنه في قطاع غزة.

*****

قبل الختام:

نبدأُ اليوم عامًا جديدًا، بعدما ودّعنا عامًا مضى، بكل ما فيه من انتصارات وعذابات وهزائم، ويحدونا الأمل في هذا العام الجديد 2025، ومع شروق شمس أول أيامه، أن ينعم العالم بالرخاء والاستقرار والأمان، وأن ينال الشعب الفلسطيني حريته المسلوبة منذ عقود.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ترحيب عمالي كبير برؤية مصر لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة

أشاد مجلس إدارة النقابة العامة للعاملين بالمرافق العامة برئاسة المستشار هشام فؤاد، بمخرجات القمة العربية غير العادية المنعقدة بالقاهرة بشأن اعتماد الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، ورفض كافة أشكال التهجير للشعب الفلسطيني وإدانة العدوان والظلم التاريخي كما وصفه البيان لأبناء الشعب الفلسطيني، والتحذير من اتساع رقعة الصراع إقليمياً وتقويض السلام الدولي في إطار ما تضمنه البيان الختامي للقمة العربية.

وأكدت "النقابة العامة"، أن ما تضمنه البيان الختامي للقمة العربية الطارئة من بنود قوية ومباشرة تحمل الكثير من المعاني التي تعكس قيمة الوحدة الوطنية في مجابهة التحديات بكافة أنواعها وقدرة الترابط و وحدة الصف العربي على تخطي الصعاب وتحقيق الإستقرار والازدهار لشعوب المنطقة من خلال التعاون العربي المشترك.

وأشارت "النقابة" إلى أن البيان الختامي للقمة العربية الطارئة نص على أن خطة العمل تضمنت بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه وتسريع وتيرة العمل من أجل إعادة الإعمار ودعوة كافة الأطراف المعنية ومناشدة المجتمع الدولي للمشاركة في إعادة الإعمار.

وأضافت "النقابة:" شكلت مخرجات القمة محطة مفصلية في العمل العربي المشترك، وأكدت أن القضية الفلسطينية تظل في صدارة أولويات العالم العربي، في إطار التمسك بتحقيق السلام العادل والشامل وفق حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وأشارت إلى أن البيان الختامي يعبر عن الموقف العربي الموحد ضد كافة أشكال العدوان والانتهاكات التي تستهدف الشعب الفلسطيني، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية والإنسانية لوقف الجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين ، و رفض أي محاولات للتهجير أو المساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية.

وشددت على أن الدور المصري التاريخي البارز في توحيد الصف العربي، سيظل على الدوام هو الضمانة الوحيدة لدفع كافة الأخطار والمطامع وصيانة الأرض العربية وحماية مقدراتها وشعوبها من المتربصين والطامعين، وستظل مصر دائما نقطة الاتزان وحلقة الوصل للكيان العربي، بما قدمته تاريخياً ومازالت تقدمه من جهود مكثفة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، القائد العربي الشجاع.

مقالات مشابهة

  • حماس تدعو جموع الشعب الفلسطيني للاعتكاف في المسجد الأقصى
  • ترحيب عمالي كبير برؤية مصر لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة
  • «مجدي البدوي»: الرئيس السيسي وضع العالم أمام التزاماته لحماية الشعب الفلسطيني
  • غوتيريش: من حق الشعب الفلسطيني أن يحكم نفسه ويعيش حرًا في أرضه
  • غوتيريش: من حق الشعب الفلسطيني أن يعيش حرًا في أرضه ويحكم نفسه
  • أحمد موسى: العالم العربي يدافع عن قرارات تحترم سيادة الشعب الفلسطيني
  • وزير الخارجية: المملكة ترفض المساس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة
  • الرئيس الفلسطيني: نرفض التهجير ونقترح تهدئة طويلة الأمد
  • الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني: نتنياهو يحاول جعل غزة منطقة غير قابلة للحياة
  • سفير مصر السابق بدولة الاحتلال: إسرائيل تسعى لتهجير الشعب الفلسطيني إلى الصومال