لجريدة عمان:
2025-01-03@17:48:32 GMT

سياسة الأمل هي أملنا الأفضل

تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT

في عام شهد التصويت على تنحية شاغلي المناصب السياسية أو إبعادهم عن السلطة بالقوة في مختلف أنحاء العالم، تبرز عبارة واحدة جاءت على لسان محمد عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتكررت بصياغات متنوعة: «يتلخص دور الحكومة في تصميم مستقبل يمنح المواطنين الأمل». بالتطلع إلى عام 2025 الذي بدأت اليوم عتباته الأولى، ينبغي للقادة السياسيين أن يأخذوا هذه الرسالة على محمل الجد وأن يحولوا تركيزهم من إدارة الأزمات المستمرة إلى صياغة أجندة جريئة تبعث على الأمل.

كانت الموجة العالمية المناهضة لشاغلي المناصب في العالم مذهلة. ففي مارس، مُـني الرئيس السنغالي ماكي سال بهزيمة حاسمة بعد أن حاول -وفشل في- تأجيل الانتخابات الرئاسية. وفي يونيو، خسر المؤتمر الوطني الأفريقي -الذي حكم جنوب أفريقيا منذ نهاية حُـكم الفصل العنصري- أغلبيته للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود من الزمن، الأمر الذي أجبر الحزب على تشكيل حكومة ائتلافية. في الشهر ذاته، خسر حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أغلبيته البرلمانية. استمر هذا الاتجاه خلال فصلي الصيف والخريف.

في شهر يوليو، فاز حزب العمال في الانتخابات العامة في المملكة المتحدة بأغلبية ساحقة، منهيا بذلك حكم حزب المحافظين الذي دام أربعة عشر عاما. وفي أكتوبر، خسر الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم بزعامة رئيس الوزراء الياباني إيشيبا شيجيرو أغلبيته للمرة الأولى منذ عام 2009. ثم في وقت سابق من هذا الشهر، أصبح ميشيل بارنييه أول رئيس وزراء فرنسي يُـعزَل عن طريق التصويت بحجب الثقة منذ عام 1962. بعد بضعة أيام، خسر المستشار الألماني أولاف شولتز تصويتا على الثقة، فمهد ذلك الطريق لإجراء انتخابات مبكرة، بينما أقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو وزير ماليته، فأغرق ذلك بلده في حالة من انعدام اليقين السياسي. كما أطاحت انتفاضات شعبية بزعماء آخرين راسخين. في أغسطس، هربت رئيسة وزراء بنجلاديش الشيخة حسينة من البلاد على متن مروحية عسكرية عندما اقتحم متظاهرون مقر إقامتها الرسمي. وبالطبع، اضطر الرئيس السوري بَـشَّار الأسد إلى الفرار إلى روسيا بعد انهيار نظامه في وقت سابق من ديسمبر. تُـرى لماذا يخسر شاغلو المناصب؟ يتمثل تفسير محتمل في وسائط التواصل الاجتماعي.

فقد أظهرت الدراسات أن زيادة القدرة على الوصول إلى الإنترنت تؤدي غالبا إلى تآكل الثقة في الحكومة وتعميق الاستقطاب السياسي. في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، أصبح الناخبون الديمقراطيون وأصحاب الميول الجمهورية في الولايات المتحدة مستقطبين على نحو متزايد، حيث أصبح كل طرف أشد تشبثا بتحزبه. تعزز وسائط التواصل الاجتماعي التواصل بين الأشخاص الذين يستهلكون محتوى متشابه، على نحو يعزز نظرتهم إلى العالم ويضخم التأثير النفسي المعروف بمسمى «الـمُـسايَـرة». تعمل خوارزميات وسائط التواصل الاجتماعي كمكبرات صوت قوية لرسائل بسيطة مشحونة عاطفيا، الأمر الذي يجعل هذه المنصات أرضا خصبة لنظريات المؤامرة وإشاعة الخوف.

ولكن في حين تشير دلائل أولية إلى أن وسائط التواصل الاجتماعي تعزز دعم اليمين المتطرف الشعبوي، فإن نتائج الانتخابات الأخيرة تظهر أن هذا لا يكفي دائما لاكتساب السلطة. ففي المكسيك، وإسبانيا، واليونان، وأيرلندا، والمملكة المتحدة، واليابان، وجنوب أفريقيا، خرجت الأحزاب القائمة على السلطة أو غيرها من الأحزاب الرئيسية منتصرة، وإن كانت أُضـعِـفَـت بدرجة كبيرة.

وعلى هذا فإن إحدى النتائج الواضحة المستخلصة من هذه السنة الانتخابية التاريخية هي أن الحكومات يتعين عليها أن تتعلم استخدام وسائط التواصل الاجتماعي بشكل أكثر فعالية. تتمثل نقطة انطلاق جيدة في التعامل المباشر مع مخاوف الناخبين. في وقت سابق من هذا العام، قام اثنان من مستشاري كير ستارمر بزيارة بلدة جريمسبي في شمال شرق إنجلترا وطلبا من السكان وصف الحكومة بكلمة واحدة. جاءت الردود التي تلقوها لتعكس ما سمعته في بلدان أخرى عديدة: «لا تُـقَــدِّم ولا تؤَخِّـر»، «استبدادية»، «بعيدة»، «نخبوية»، «لا مجال للوصول إليها»، «تخدم ذاتها»، «غير طموحة»، «غير جديرة بالثقة»، «أُضحوكة». يتمثل استنتاج رئيسي آخر في أن استعادة الثقة تستلزم تركيز القادة على النمو الاقتصادي وتمكين المواطنين. وتسلط دراسة شاملة أجريت عام 2022 تدور حول الاقتصاد السياسي في الأنظمة الشعبوية الضوء على أدلة قوية تؤكد أن الظروف الاقتصادية، مثل ارتفاع معدلات البطالة وتخفيضات الإنفاق الاجتماعي، لها تأثير عميق على آراء الناس في الحكومة. يساعد هذا في تفسير السبب وراء اختيار الناخبين في إسبانيا واليونان في عام 2023، وأيرلندا هذا العام، إعادة انتخاب القادة الحاليين، بينما رفض الناخبون الفرنسيون الحزب الحاكم. في عام 2022، سجل الاقتصاد الإسباني نموا بلغ 5.7% ونما الاقتصاد اليوناني بنسبة 6.2%. على النقيض من ذلك، في ألمانيا، التي سَتُجري انتخابات مبكرة بعد أن خسرت الحكومة تصويتا برلمانيا بحجب الثقة، انكمش الاقتصاد بنسبة 0.3% في عام 2023، ومن المتوقع أن ينكمش بنسبة 0.1% في عام 2024. كان أداء فرنسا أفضل قليلا، حيث من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.1% هذا العام، بعد نموه بنسبة 0.9% في عام 2023. إلى جانب تعزيز النمو الاقتصادي في الأمد القريب، يجب على القادة السياسيين النظر في المستقبل الذي يقدمونه لمواطنيهم. الواقع أن خطط كثيرين من الساسة وصنّاع السياسات تقتصر على دورات الميزانية السنوية وتركز إلى حد كبير على التخفيضات. من ناحية أخرى، يحتاج الناخبون -الذين يصارعون ارتفاع تكاليف المعيشة، والتقشف في مرحلة ما بعد الجائحة، والشعور الغالب بأنهم فقدوا السيطرة على حياتهم- إلى قادة يمنحونهم أسبابا للأمل. لا ينبغي لقيود الميزانية أن تكون ذريعة للفشل في تصور مستقبل أفضل. فقد وُضِـعَـت بعض من أكثر المبادرات الحكومية جرأة خلال أوقات الضائقة الاقتصادية. تضم الأمثلة البارزة على ذلك الصفقة الجديدة التي أطلقها الرئيس الأمريكي فرانكلين ديلانو روزفلت في ثلاثينيات القرن العشرين، ودولة الرفاه في بريطانيا بعد الحرب، وطفرة البنية الأساسية في دبي بعد عام 1958، والتنمية السريعة في سنغافورة بعد عام 1959.

يتعين على القادة السياسيين أن يستمدوا الإلهام من هذه البرامج الجريئة وأن يكونوا أكثر طموحا في معالجة الأسباب الجذرية وراء إحباطات مواطنيهم. النبأ السار هنا هو أن كل بلد ومجتمع لديه أفراد مبدعون -في القطاعين الخاص والعام على حد سواء- يتطلب عملهم التفكير في المستقبل والتخطيط له. يتعين على القادة تحديد -والتواصل مع- أصحاب الرؤى من أمثال هؤلاء والذين نادرا ما تضمهم المناقشات السياسية، وقَـلَّما يستفاد من خبراتهم. إن سياسة الأمل ضرورية لاستعادة الثقة في المؤسسات الديمقراطية. في جريمسبي، قال السكان المحليون إنهم يتوقون إلى سياسة «واقعية»، «جادّة»، «متحمسة»، «مفعمة بالأمل»، و«تمكينية». الحكومة التي تستطيع تلبية هذه التطلعات ستثبت كونها جديرة بثقة مواطنيها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وسائط التواصل الاجتماعی فی عام

إقرأ أيضاً:

تفاصيل جديدة حول حادثة اغتيال الرئيس السوري السابق بواسطة سم قاتل .. ووسم بشار الأسد يعتلي منصات التواصل الاجتماعي

سرايا - خاص - تصدر وسم" بشار الأسد" منصات التواصل الاجتماعي؛ عقب الإعلان عن محاولة اغتيال تعرض لها الرئيس السوري السابق أثناء إقامته في العاصمة الروسية موسكو.

وحسب ما ذكر الموقع الرسمي لصحيفة "ذا صن"، فإن حسابا إلكترونيًا يُدار من قبل جاسوس سابق في روسيا يحمل اسم "General SVR"، يُدار من قبل جاسوس روسي سابق، هو من كشف عن هذه الحادثة.

وتحدث هذا الحساب عن تفاصيل الحادثة بالتفصيل، فذكر أن الأسد شعر يوم الأحد الماضي، أن وضعه الصحي ليس على ما يرام؛ عقب تعرضه لنوبة عنيفة من السعال، وشعوره بالاختناق؛ الأمر الذي جعله يطلب تدخل الفرق الطبية لعلاجه أثناء وجوده في شقته الخاصة.

وأضاف، أنه تمَُ إعطاء الأسد الماء؛ الأمر الذي ساعد في تخفيف النوبة قليلاً، إلا أن تنفسه لم يعد إلى طبيعته، ليشعر بعدها بالصداع وآلام في البطن.

و كانت حالة الرئيس السابق الأسد لدى وصول المسعفين تتدهور، ليتم إبلاغ ممثلي القيادة الروسية عن حالته على الفور.

وبينما كان الأطباء يقدمون الإسعافات الأولية للأسد، وردت أوامر بمعالجته في المنزل إذا أمكن وعدم نقله إلى المستشفى.

وبعد تقديم الإسعافات الأولية له، تلقى الأطباء "تعزيزات" وتم إنشاء غرفة علاج في شقة الأسد، وأكد الأطباء المعالجون يوم الإثنين أن حالة بشار الأسد مستقرة.

ورغم عدم تصريح الجهات الرسمية في روسيا حول هذه الحادثة، إلا أن بعض التقارير الصحية كشفت، أن السبب وراء تدهور حالته الصحية هو تعرض جسده لـ"سم قاتل".

 

 

إقرأ أيضاً : منع الرئيس التنفيذي لشركة "جيجو" من مغادرة كوريا الجنوبية بعد حادث الطائرةإقرأ أيضاً : "إمبراطورية المخدرات" .. كيف كان يدير ماهر الأسد تجارة الكبتاغون؟إقرأ أيضاً : الاحتلال يمدد اعتقال الطبيب الأردني عبد الله البلوي حتى الأحد المقبل



تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 1709  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 02-01-2025 02:29 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
بغرامة تصل لـ250 دولار .. ميلانو عاصمة الموضة الإيطالية تفرض أشد قواعد التدخين صرامة في البلاد في ليلة رأس السنة في فرنسا .. حرق نحو ألف سيارة هندي يقتل عائلته بذريعة حمايتهم من الاستغلال بعد 52 عاماً من الحادثة .. بريطانيا تحل لغز اختفاء امرأة بظروف غامضة "صحيفة بريطانية" .. تكشف كيف نجا بشار... بعد أيام من دفن والده .. منصات التواصل الاجتماعي... "كانت تلعب خلف المركبة" .. أب يتسبب... تفاصيل جديدة عن منفذ هجوم نيو أورليانز التعديل الوزاري يقترب .. الصفدي سيغادر وهذه أبرز... منع الرئيس التنفيذي لشركة "جيجو" من..."إمبراطورية المخدرات" .. كيف كان يدير...الاحتلال يمدد اعتقال الطبيب الأردني عبد الله البلوي...إصابة 11 شخصا بحادث إطلاق نار جماعي بملهى ليلي في...جرحى باشتباكات عشائرية جنوبي سورياجيش الاحتلال: مقتل 891 جنديًا وإصابة 5569 آخرين منذ...بحثًا عن مجرمي حرب وأسلحة .. عملية تمشيط واسعة في..."صحيفة بريطانية" .. تكشف كيف نجا بشار...رئيس كوريا الجنوبية المعزول يتعهد لأنصاره... بكاء هدى حسين في إعادة عرض مسرحية "ليلى... تامر حسني يرد لأول مرة عن أنباء عودته لبسمة بوسيل تطورات قضية المذيعة داليا فؤاد: من الشاشة إلى السجن مكسيم خليل: لننحِي المخاوف جانبًا لبناء سوريا جديدة حكيم يُثير الجدل بعد كشفه عن موعد اعتزاله للغناء أرسنال يهزم برنتفورد ليواصل مطاردة ليفربول المتصدر باريس سان جرمان يغري محمد صلاح بـ"راتب أسبوعي ضخم" رودري يرشح نجم برشلونة للفوز بالكرة الذهبية نيابة مصر تكشف ملابسات وفاة اللاعب أحمد رفعت: مشكلة صحية ووراثية الجزيرة يفسخ عقد كالديرون وعلان سبعينية تملك أسطولاً من 50 سيارة كلاسيكية وتقودها بنفسها الهند: العام 2024 كان الأعلى حرارة منذ العام 1901 زخات نيزكية وأكبر قرص شمسي .. أحداث فلكية متوقعة مع بداية 2025 كنز مخفي وأدوات تبطل الطلاسم السحرية و"اللعنات"! مفرقعات رأس السنة تحصد 5 قتلى في ألمانيا محاكمة الداعية محمود شعبان و36 مصرياً بينهم قيادات بالجبهة السلفية 2024 .. عام الثروات "القياسية" لأغنى 500 شخص في العالم رومانيا وبلغاريا تنضمان بالكامل إلى منطقة شنغن علماء: قرص الشمس سيبدو أكبر في عام 2025 مجوهرات بأكثر من 13 مليون دولار سرقها لص من جار لسفيرة "إسرائيل"

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • الشيوخ يناقش سياسة الحكومة في تطوير الثروة المعدنية.. الأحد
  • الشيوخ يناقش سياسة الحكومة فى تطوير الثروة المعدنية.. الأحد
  • مجلس الشيوخ يناقش الأحد سياسة الحكومة فى تطوير الثروة المعدنية
  • وسم بشار الأسد يعتلي منصات التواصل الاجتماعي .. وتفاصيل جديدة حول حادثة اغتيال الرئيس السوري السابق بـسم قاتل
  • تفاصيل جديدة حول حادثة اغتيال الرئيس السوري السابق بواسطة سم قاتل .. ووسم بشار الأسد يعتلي منصات التواصل الاجتماعي
  • وزارة العمل والتأهيل بالحكومة الليبية تطلق منصاتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي
  • تركيا تحظر الوصول إلى إحدى تطبيقات التواصل الاجتماعي
  • حسام موافي: الثقة والتوافق الاجتماعي سر نجاح العلاقات الزوجية
  • خبير: سحب الثقة من الحكومة الفرنسية حدث تاريخي يضغط على ماكرون