خياراتها بمواجهتهم تضيق.. كيف تخرج “إسرائيل” من ورطة إسناد اليمنيين لغزة؟
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
شارل أبي نادر
ممّا لا شك فيه أن المواجهة الصاروخية والجوية التي تحصل اليوم تحت عنوان إسناد غزة والشعب الفلسطيني، بين القوات المسلحة اليمنية وبين جيش العدو “الإسرائيلي”، قد أصبحت تمثل حالًا غريبة من الناحية العسكرية. فقد خرجت بالكامل عن المنطق الشائع والمعروف في مسار الحروب، وتجاوزت ما هو مفترض في العلم العسكري، حيث من يملك القدرات الأعلى بين طرفين يتواجهان، تكون له الغلبة والفوز، ويسيطر بالنهاية ويحسم لمصلحته.
الغرابة في هذا المجال تكمن في أنه، ومع الفارق الكبير في الإمكانات والقدرات، استطاعت القوات المسلحة اليمنية أن تخلق لـ”إسرائيل” مشكلة مستعصية. فقد أظهرتها غير قادرة على حماية عمقها وداخلها ومستوطنيها، وضد طرف يبعد نحو ألفي كلم عن فلسطين المحتلة، فما هي أسباب نجاح الاستهدافات اليمنية الصاروخية والمسيّرة ضد الكيان من دون توقف، ومن دون قدرة “إسرائيلية” على منعها ومواجهتها بشكل كامل؟.
تتوزع هذه الأسباب عمليًا، بين الجغرافية إلى الميدانية فالتكتيكية والعسكرية، والتي يمكن تحديدها بالآتي:
بداية، جغرافية اليمن واسعة ومترامية الأطراف، بشكل من الصعب جدًا؛ لا بل من المستحيل، أن تنجح “إسرائيل” أو حلفاؤها الغربيون، في ضبط وحصر ومحاصرة قواعد إطلاق الصواريخ والمسيّرات اليمنية، والتي يقوم أهم عنصر في مناورة استهداف هذه المقذوفات الجوية، على التدخل والإطلاق عبر قواعد متحركة ومنتشرة على مسافات متباعدة مئات الكيلومترات، ومحصنة تحت الجبال العصية، والتي تتميز فبها أراضي اليمن، وخاصة محافظاتها الشمالية والغربية من صعدة مرورا بصنعاء حتى الحديدة.
من جهة أخرى؛ أبناء اليمن هم من الشعوب النادرة تاريخيًا، والذين عاشوا حربا عنيفة وواجهوا عدوانا قاسيًا ولسنوات، وفي مواجهة قدرات جوية وصاروخية غربية من الأحدث عالميًا، وخبروا جيدًا مناورات المواجهات الصاروخية والجوية، دفاعًا وهجومًا، ويعد اليمنيون، اليوم، من الأوائل عالميًا، مقاتلين شرسين من الذين خاضوا أعنف المعارك وبأنواع الأسلحة كافة، وخاصة بالصواريخ وبالمسيّرات.
من بين الأسباب الأخرى، أيضًا، ثبات ونجاح اليمنيين في هذه المواجهة اليوم ضد “إسرائيل”، فهم يملكون، صناعة أو تطويرا أو استقداما من الخارج، أنواعًا ونماذج متقدمة جدًا من الصواريخ الباليستية الفرط صوتية وصواريخ “كروز” الجوالة ومن المسيّرات الأكثر تطورًا في العالم. وقد يكونون، أيضًا، الطرف الأقوى إقليميًا وعالميًا، الذين أفادوا من معارك حية على مدار سنوات، لتطوير وتحسين ميزات هذه الأسلحة وأدائها.
انطلاقًا من استعصاء الاستراتيجية “الإسرائيلية” في ضبط مناورة الاستهداف اليمنية للكيان …ومع هذه المروحة الواسعة من التأثيرات والتداعيات السلبية على نمط الحياة داخل “إسرائيل” بشكل عام … ومع انسداد كل خيارات “الإسرائيليين”، ديبلوماسيًا وعسكريًا، أمام الاستهدافات اليمنية، وخاصة إذا ما فكروا بالذهاب نحو الخيار المتهور والأخطر عليهم، والمتمثل بعملية واسعة ضد الأراضي اليمنية، والتي يحكى لو حصلت لأنها ستكون مركبة بين الجو والانزالات البرية، حيث من الواضح للكثير من المتابعين والمحللين، وأغلبهم “إسرائيليون”، أن هذا الخيار حتما لا يملك أي نسبة من النجاح، ودونه صعوبات مخيفة في الخسائر البشرية لوحدات العدو…
لذلك كله، لم يعد لدى “إسرائيل”، إلّا الرضوخ للخيار الوحيد المتبقي لها، وهو القبول بتسوية تبادل وإنهاء العدوان على غزة.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
لماذا تحرير الشام تضيق بـحزب التحرير وتشن حملات أمنية ضده؟
كان لافتا بعد سقوط نظام الأسد، وتحرير جميع المعتقلين الأحياء المتواجدين في سجون النظام، تظاهر واعتصام مجموعة من النساء أمام سجن قاح بمحافظة إدلب، يطالبن بالإفراج عن أزواجهن وأبنائهن وإخوانهن وأقربائهن المعتقلين في السجن التابع لهيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع، الملقب بـ"الجولاني".
ينتمي المعتقلون الذين يقبعون في سجن قاح لحزب التحرير الإسلامي، والذين مضى على اعتقال بعضهم أكثر من سنة ونصف، ومع أن جميع المعتقلين في سجون النظام السابق تم تحريرهم وإخراجهم من السجون إلا أن معتقلي حزب التحرير ما زالوا يقبعون في السجون التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام في إدلب والمناطق المحررة سابقا قبل عملية "ردع العدوان".
تكشف الحملات الأمنية السابقة التي قامت بها هيئة تحرير الشام لاعتقال رموز وأعضاء في حزب التحرير (بلغ عددهم 29 قياديا وعضوا إضافة لاعتقال عشرة نساء قبل أيام وفق مصادر الحزب)، عن العلاقة المتوترة بين الطرفين منذ سنوات، إذ كان حزب التحرير يطالب هيئة تحرير الشام بفتح الجبهات، وعدم رهن الثورة بأجندات وسياسات خارجية، وفك ارتباطها بجهات ودول خارجية، والمطالبة بتحكيم الشريعة في مناطق المحرر التي تسيطر عليها الهيئة.
ووفقا لمراقبين فإن حزب التحرير منذ منتصف العام الماضي صعد من انتقاداته لهيئة تحرير الشام، وزادت حدة لهجته في انتقاد سياساتها، لا سيما في علاقتها مع تركيا، ما أحرج قيادة هيئة تحرير الشام أمام تركيا، الأمر الذي دفع أجهزتها الأمنية لشن حملات أمنية لملاحقة واعتقال قيادات وأعضاء في الحزب.
ومع أن هيئة تحرير الشام وحزب التحرير يلتقيان في هدف العمل لإقامة الخلافة الإسلامية، وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، إلا أن حزب التحرير يعرف نفسه بأنه حزب سياسي، له طريقته الخاصة في إقامة الخلافة، ولا يتعاطى العمل العسكري، وطوال سنوات الثورة السورية لم يقم بإنشاء أي فصيل مسلح للمشاركة في الثورة السورية، مع قيام أعضاء من الحزب بذلك بصفتهم الفردية، ولم ينف الحزب في الوقت نفسه وجود فصائل سورية مسلحة تتبنى أفكار الحزب.
وانتقد حزب التحرير في سورية قيام جهاز الأمن بحلب يوم السبت 21 كانون الأول/ ديسمبر 2024 باعتقال "عشر نساء خرجن للتظاهر مطالبات بتحكيم الإسلام، وبالإفراج عن أزواجهن وأبنائهن وأولادهن الذي تم اختطافهم منذ ما يزيد عن سنة ونصف، حيث سجنهم الجولاني في إدلب منذ 7/5/2023" وفق ما جاء في البيان الصادر عن المكتب الإعلامي للحزب في سورية.
وأضاف "إننا نخاطب أهل الثورة جميعا والناشطين فيها من مجاهدين وطلبة علم وإعلاميين ومثقفين وفعاليات، هل لأجل هذا خرجت ثورتنا وقدمت التضحيات وملايين الشهداء والمهجرين؟! ولأجل من يتم اختطاف الحرائر بطريقة تحاكي ما كان نظام المجرم أسد الهارب يقوم به على مر عقود من الزمن؟!".
وتابع الحزب في بيانه مستنكرا إقدام جهاز الأمن على اعتقال عشر نساء بالقول "ومن المفارقات أنه في الوقت الذي تتظاهر فيه السافرات في دمشق، ويطالبن بالعلمانية والحريات دون أن يتعرض لهن أحد، يتم اختطاف الحرائر العفيفات اللواتي خرجن يطالبن بتحكيم شرع الله والإفراج عن أبنائهن المختطفين منذ سنة ونصف".
ووفقا لعضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير/ولاية سورية عبدو الدلي فإن "حملة الاعتقالات تمت على فترات متقطعة بدأت في الشهر السابع عام 2019، وكانت الحملة الثانية في 7/5/2023، أُعتقل فيها رموز وأعضاء من الحزب المقيمين في حلب وإدلب وآخرين من حمص ودمشق ودرعا، ويبلغ عدد المعتقلين المتواجدين حاليا في السجن 29 قياديا وعضوا".
وأضاف: "كان الحزب متواجدا منذ بداية الثورة، وتصاعد نشاطه في الآونة الأخيرة، خاصة بعد مؤتمر سوتشي 2018، فصعد الحزب حملاته داعيا الحاضنة الشعبية لاستعادة القرار السياسي والعسكري، وفتح الجبهات، وتحرير البندقية، وسعى الحزب لإفشال كل المخططات التي يراد تنفيذها على الأرض، كمخططات التطويع والمفاوضات والجلوس مع النظام، فالحزب قام بمجموعة من الفعاليات والأعمال هدفها استعادة القرار السياسي والعسكري السوري من قبل بعض الدول".
وتساءل الدلي في تصريحاته لـ “عربي21": "بعد أن منَّ الله علينا بإسقاط النظام، وتحرير سورية من سلطة الظلم والقمع والإجرام، وإخراج جميع المعتقلين السوريين الأحياء المتواجدين في سجون النظام، لماذا لا تقوم هيئة تحرير الشام بإطلاق سراح المعتقلين من حزب التحرير في سجونها، بعد أن تحقق ما كانوا يطالبون به من فتح الجبهات وإسقاط النظام وما إلى ذلك"؟
وعن جهود الوسطاء من العلماء والدعاة والوجهاء لتسوية ملف معتقلي الحزب لفت عضو المكتب الإعلامي للحزب، عبدو الدلي إلى "وجود دعوات ورسائل وتغريدات لعلماء ومشايخ ووجهاء طالبوا فيها وناشدوا هيئة تحرير الشام لإطلاق سراح معتقلي شباب الحزب، لأن مقامهم لا ينبغي أن يكون في السجون، فهم حملة فكر ودعوة، ما يوجب إكرامهم وإطلاق سراحهم".
يُذكر أن من بين النساء المعتقلات فاطمة العبود (أم النور) التي كانت تقود المظاهرات والوقفات للمطالبة بالإفراج عن معتقلي الحزب، وظهرت في أكثر من مقطع مصور تستنكر اعتقال الهيئة لقيادات وشباب حزب التحرير، وتطالب بالإفراج عنهم، وهي ما زالت رهن الاعتقال وهذا ما أكدّه شقيقها أحمد العبود لـ"عربي21".
وفي ذات السياق قال رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في سوريا سابقا، والخارج منه حاليا، هشام البابا "اعتراضات حزب التحرير على أحمد الشرع تنقسم ـ برأيي ـ إلى قسمين: الأول اتهامه بالتنسيق مع أمريكا عن طريق تركيا، ومع أن قيادة الحزب تجلس في تركيا ولا تهاجم أردوغان مباشرة، إلا أنها تصب جام غضبها عليه من خلال الشأن السوري".
وأضاف: "أما القسم الثاني فيظهر في كون أمير الحزب (المهندس عطا أبو الرشتة) يريد من أحمد الشرع أن يعطيه النصرة، أي أن يبايعه خليفة للمسلمين، وهذا مع ما فيه من الغرابة إلا أنه يمثل قناعة أمير الحزب، لذلك فهو يجيش شباب الحزب لسب وشتم ووصف أحمد الشرع بالعمالة" على حد قوله.
وردا على سؤال "عربي21" لماذا أقدمت هيئة تحرير الشام على اعتقال رموز وأعضاء من حزب التحرير، وما الذي أزعج قيادة الهيئة في مطالبة الحزب واعتراضاته ذكر البابا أن "المعتقلين ليسوا رموزا بل هم من الشباب العاديين، الذين بقوا بعد أن غادر الحزب شباب كثر، وهم يتحركون بحركات ويقومون بأعمال ليست من نهج الحزب أصلا، فالحزب لا يرى في التظاهر وسيلة للتغيير، لكنه انخرط في الربيع العربي".
وأردف: "وفي الحالة السورية وتحديدا مع أحمد الشرع فالأصل أن يقوم الحزب بمحاورته لأنه يحمل فكرا إسلاميا ولو مخالفا للحزب، لكن التصعيد معه كان بسبب تنسيقه مع تركيا، ومطالبته بفتح الجبهات مع النظام، والغريب أنه لما فتح الجبهات وحقق نصرا مؤزرا بقي الحزب مناكفا له، وطلب من النساء الذهاب إلى حلب ثم إلى حماة للتظاهر ضد أحمد الشرع، وهذا ليس من أدبيات الحزب، وهو الزج بالنساء في وجه الرجال المدججين بالأسلحة".
هشام البابا رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في سوريا سابقا
وتابع البابا المستقيل من الحزب لاختلافه مع قيادته الحالية "ويبدو أن هيئة تحرير الشام علمت بمخططهم، ولا غرابة في ذلك فكلهم أبناء نفس العائلات ونفس القرى والبلدات، فأوقفوا زعيمتهم ومعها ثمانية واعتقلوهن، وهذه بالطبع سقطة كبيرة للهيئة ما كان ينبغي فعلها مع النساء، أصلحهم الله، ويبدو أن الذي أزعج الهيئة هو كيل الاتهامات لهم ولقائدهم في وقت كانوا يتكتمون فيه على تحضيرهم لمعركة التحرير".
وعن تقييمه لانتقادات حزب التحرير واعتراضاته على هيئة تحرير الشام وقائدها الجولاني رأى البابا "أن اعتراضات الحزب على الهيئة والشرع بعد تحرير سورية غير محقة ومفتعلة، وهي مؤذية لسورية وللحزب، وهم قد عزلوا أنفسهم عن الحراك المنطلق بقوة بين جميع الفرقاء الإسلاميين في سورية، وعن الواقع السياسي الجديد الذي مادته الإسلام والمسلمين".
وأكمل فكرته بالقول: "كما أن مطالبتهم لأحمد الشرع بإعلان سورية دولة خلافة يخالف ما تبناه الحزب على يد المؤسس تقي الدين النبهاني، من أنه لا ينبغي إعلان الخلافة إلا في دولة تتحقق فيها مقومات الدولة، وسورية اليوم لا تتحقق فيها هذه الشروط، ولا تتوافر فيها تلك المقومات".
وتجدر الإشارة إلى أن حزب التحرير في سوريا سارع إلى الإعلان بعد حادثة مقتل 14 عنصرا من وزارة الداخلية، يوم الأربعاء الفائت على يد من أسمتهم وزارة الداخلية الجديدة بـ"فلول نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ريف طرطوس، وعلى لسان رئيس لجنة الاتصالات المركزية للحزب، عبد الحميد عبد الحميد "أننا في حزب التحرير نتعالى على كل خلاف، وندعو الثوار وحاضنة الثورة إلى الوقوف صفا واحدا خلف إخواننا المجاهدين حتى يتم ردع هؤلاء المجرمين، والقضاء على ثورتهم المضادة، فالوقت وقت نصرة..".