جنين - صفا

رغم أن العملية العسكرية التي نفذتها القوات الإسرائيلية الخاصة على مدينة جنين صباح الخميس 17 أغسطس كانت لاعتقال شقيقه الأكبر هاني والمطارد حسن هصّيص، إلا أن الشهيد مصطفى أبى على نفسه النجاة، دون أن يثخن في الاحتلال، فاشتبك مع تلك القوات من منزله، قبل أن تغتاله بعدة رصاصات في الرأسٍ والصدر والبطن وتفجِر المنزل الذي كان فيه بمدينة جنين.

ويروي أبو هاني والد الشهيد المشتبك مصطفى أكرم قمبع المعروف بـ"الكستوني" اللحظات الأخيرة لاستشهاد نجله بالقول: "فتحت المخبز صباحاً، وعند السابعة تقريباً دخلت القوات الخاصة بسيارتين من نوع مرسيدس، ترجل منها عددٌ من عناصر القوات الخاصة وانقضوا على نجلي هاني وزميله حسن هصيص، وطالبوهما برقع أيديهما إلى الأعلى، وبعدها كبلوا أيديهما وادخلاهما في سيارتهم".

ويضيف في حديثه لصفا: "وما هي إلا لحظات حتى اشتبك الشهيد مصطفى رحمه الله معهم من داخل المنزل، بعدما اكتشف أمرهم وسمع جلبة الاعتقال، لكن كثافة النيران أصابته في الرأس والصدر وارتقي شهيدًا"، ويضيف أبو هاني: "وبعدها فجروا البيت ونسفوه على رأس الشهيد".

في حين، يروي أحد أصحاب المطاعم المجاورة تفاصيل ما جرى موضحًا أن القوات الخاصة جاءت بباص مرسيدس وجيب كيا فضي وأشهروا أسلحتهم نحو الشابين هاني كستوني وحسن هصيص عندما كانا قرب دراجتهما النارية، اعتقلوهما وأجبروا مرتادي القهوة المجاورة على الدخول إلى الداخل، وبعدها جرى اشتباك بينهم وبين الشهيد مصطفى، وأصابوه بجراح، ثم أطلقوا نحو منزله قذيفة أنيرجا ليهدموا منزله عليه بعد استشهاده.

وعن حبه للشهادة، يقول والد الشهيد مصطفى كرم قمبع "كستوني": إن الشهيد منذ صغره كان يحب الشهادة، ولم يكن يعرف الخوف، فقد ارتقى عدة مرات على ظهر آليات ودبابات الاحتلال خلال عبورها من الشارع المحاذي للمنزل، إبان اجتياح الاحتلال لمدينة ومخيم جنين عام 2002، وكان مصطفى وقتها في العاشرة من عمره، لكنه كان في كل مرة ينجو من الشهادة بأعجوبة.

وقد وثقت وكالة الأنباء الفرنسية وقتها صورة مصطفى قمبع طفلاً تلاحقه دبابة إسرائيلية في شوارع جنين، ونما على حب المقاومة والشهادة حتى نالها اليوم.

ويشير والده: إلى أنه كان مطلوباً هو الآخر للاحتلال كما هو شقيقه الأكبر هاني، ورغم أنه جاوز الثلاثين إلا كان يرفض الزواج، وكان يردد دائماً أنه يريد المقاومة والشهادة، والحمد لله اليوم نال ما تمنى.

وصباح يوم الاستشهاد لم تكن المرة الأولى التي واجه بها "الكستوني" جنود الاحتلال، فقد هوجم منزله وتعرّض للاعتقال أواخر العام الماضي في 12/9/2022، لمدة تسعة أشهر، وأصيب خلال اعتقاله برصاص الاحتلال في قدمه بعد اشتباك مسلح مع القوات المقتحمة.

ونُقل مصطفى حينها إلى مستشفى سجن الرملة، دون علاج كافٍ وأفرج عنه في مارس/آذار الماضي، لتترك الرصاصة أثر عرجة في مشيته، وهو شقيق الأسير سامر قمبع المعتقل بسجون الاحتلال منذ قرابة العام دون محاكمة.

أما والدة الشهيد مصطفى فتحدثت لوسائل الإعلام بالقول إنّه "لم يمضِ على خروجه من الأسر سوى بضعة أشهر، لقد أفرجوا عنه ليقتلوه أمام عيني".

وتضيف "لقد فجروا المنزل عليه دون اعتبار بوجودي ووجود زوجة شقيقه وأطفالها الأربعة معنا، هذا جيش قاتل لا يعبأ بشيء لا يريد إلا أن يرى إراقة الدم".

ويقول محمد عجاوي، وهو عامل في مخبز مجاور لمنزل الشهيد، إن القوات الخاصة حاصرت المنطقة كلها، وأجبرته وزملاءه العاملين بالمخبز على التجمع أمام بابه والجلوس على الأرض ومنعتهم من الحركة والكلام، وباشرت بإطلاق النار بشكل مباشر على منزل الشهيد مصطفى دون أي تحذير ودون الطلب من عائلته الخروج.

ويضيف "بقينا أمام الباب وعددنا 10 عمال، منعونا من الحركة، وبعد أن تأكدوا من اغتيال مصطفى، اعتقلوا شقيقه هاني، وقال له الضابط الإسرائيلي المسؤول: قتلنا أخوك".

ونعت كتائب شهداء الأقصى الشهيد مصطفى قمبع بوصفه أحد قادتها وقالت: نزف شهيدنا القائد المشتبك مصطفى القمبع الذي ارتقى خلال اشتباكه مع قوة خاصة للاحتلال في جنين، وإننا نؤكد أن دماء الشهداء ستزيد من قوة المقاومة وزخمها واستمرار الاشتباك مع الاحتلال، ونقسم بأن الجريمة لن تمر دون عقاب وردٍ قاسٍ.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: الشهيد مصطفى الكستوني مصطفى الكستوني المقاومة جنين الضفة الغربية القوات الخاصة الشهید مصطفى

إقرأ أيضاً:

هذا حال مخيم جنين بعد 40 يوما من عملية السور الحديدي

وسعت إسرائيل فجر اليوم الثلاثاء من عمليتها العسكرية في جنين ومخيمها لتشمل الحي الشرقي من المدينة، حيث حاصرت قوة خاصة بناية سكنية واغتالت الشاب جهاد علاونة (23 عاما) بعد إطلاق النار عليه وتركه ينزف حتى أعلن استشهاده.

في الوقت نفسه أجبر الاحتلال الأهالي على ترك منازلهم في عمارات كبيرة في الحي، وبدأت جرافات الاحتلال بتدمير البنية التحتية في الشوارع وقطع شبكات المياه وأسلاك الكهرباء، في مشهد يشابه تماما ما حدث في مخيم جنين قبل أكثر من 40 يوما.

ومنذ بدء عملية "السور الحديدي"، هجّر الاحتلال قرابة 3200 عائلة من مخيم جنين ومحيطه، فيما يتحدث المسؤولون عن صعوبة عودة السكان إليه والعيش فيه، بعد عمليات التدمير الهائلة التي طالت كافة مناحي الحياة داخله.

دبابات الجيش الإسرائيلي لا تزال تتمركز في مدينة جنين (الجزيرة) تهجير كامل

يقول مسؤول العلاقات العامة في بلدية جنين بشير مطاحن إن الاحتلال تعمد تدمير شبكات المياه والكهرباء، وجرّف الشوارع على عمق مترين، مما يعني ضرورة العودة لبناء المخيم من الصفر.

وتحدث مطاحن للجزيرة نت عن خسائر بملايين الدولارات في المخيم، وقال إن "طواقم بلدية جنين استطاعت الدخول إلى مسافة 10 أمتار فقط من المخيم، وخلال هذه المسافة صُدمنا بالكم الهائل من الدمار؛ فعليا لم يعد يوجد أية معالم في المخيم، الاحتلال دمر كل شيء، وحتى الآن لا يمكن حصر الخسائر لأن العملية مستمرة".

الأخطر بحسب مطاحن أن مستقبل أهالي المخيم بات مجهولا تماما، موضحا أنه "من جانب هناك تهديدات إسرائيلية بإنهاء المخيم وتحويله لأحد أحياء المدينة، ومن جانب آخر هناك تصريحات من مستويات سياسية إسرائيلية بأن التواجد الاسرائيلي في جنين سيطول، وقد يصل كحد أدنى إلى عام".

إعلان

ويقول المسؤول في البلدية "لا رؤية في ظل وجود الاحتلال، الواقع الإنساني سيئ جدا وفي أدنى مستوياته في جنين، المخيم معزول بشكل كامل عن المدينة، ويوميا تقوم جرافات الاحتلال بزيادة السواتر الترابية على مداخله، لزيادة عزلته أكثر وأكثر".

ويرى مطاحن أن التحدي الأكبر هو توفير المسكن لكل هؤلاء المهجرين، حيث توزع قرابة 4 آلاف منهم فقط في مراكز الإيواء في جنين، فيما نزح الباقي إلى بلدات وقرى المحافظة، ورغم محاولة البلدية والمحافظة توفير مستلزمات النازحين فإن ما يتم توفيره هو أقل بكثير من احتياجاتهم الأساسية.

واقع صعب

تعيش مدينة جنين واقعا اقتصاديا صعبا سبق العملية الأمنية الحالية، حيث تعرضت خلال العام الماضي إلى 16 اقتحاما إسرائيليا، بعضها استمر لأيام، مما شكل تراجعا في الاقتصاد المحلي للمدينة وقراها.

وقدّر محافظ جنين كمال أبو الرب الخسائر الاقتصادية اليومية في المدينة بنحو 20 مليون شيكل، بسبب إغلاق المحال التجارية وحصار المدينة وإغلاق المعابر التي تربط بين المدينة وقرى الداخل الفلسطيني، التي يعد سكانها أحد أكبر القوى الشرائية المحركة للسوق المحلي في جنين.

وتشير تقديرات محافظة جنين أن قرابة 20 ألف شخص نزحوا من المخيم والمناطق المحيطة به، وأن الاحتلال دمر مئات الوحدات السكينة، فيما تؤكد بلدية جنين أن حجم التدمير يفوق قدرة البلدية على الإصلاح بعشرات المرات.

وإذا انسحب الاحتلال من المخيم، وسمح بعودة النازحين إليه، تؤكد البلدية أن عملية إعادة إعماره تحتاج تدخلات دولية ومساعدة مؤسسات خارجية.

وكانت وكالة "أونروا" قد حذرت عبر المفوض العام لها فيليب لازاريني من تداعيات العدوان على مخيمات الضفة الغربية، الذي أكد خطورة هذه التداعيات على المواطنين الفلسطينيين، وقال إن "إسرائيل قتلت خلال 5 أسابيع قرابة 50 مواطنا".

مئات المباني السكنية دمرها الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين بشكل كامل أو جزئي (الجزيرة) إعادة تشكيل

تبدلت معالم الساحة الرئيسية لمخيم جنين، وهي المعروفة بأنها من أكثر المناطق حيوية فيها، وكانت محطة لتجمع الناس ومكان التقائهم، خاصة مع وجود مبنى أثري تابع لمحطة القطار العثماني فيها، ولا يكاد الواصل إليها يستدل على معالمها.

إعلان

ويعد حال ساحة المخيم مثالا لما أحدثه الاحتلال في كامل أحياء وحارات المخيم، حيث عمد إلى شق طرق جديدة فيه، وإلغاء شوارع كانت قائمة من قبل، كما وسّع من الأحياء الضيقة، عبر هدم منازل المواطنين وإزالتها بشكل كامل، وخاصة في حارة الدمج التي كانت تعرف بأنها أكبر حارات المخيم احتضانا للمقاومة وأشرسها.

وخلال محاولات وسائل إعلام محلية رصد دخول بعض الأهالي لتفقد منازلهم فيها، قال أحدهم "منزلي مدمر، لم أستطع التعرف عليه، أتيت لتفقده لكني لم أعثر على شيء".

وكان الباحث السياسي إبراهيم ربايعة قال في تصريح صحفي قبل أيام، إن "الاحتلال يحاول إعادة هندسة مخيم جنين وتحويله من مكان متلاصق المباني والأزقة وحصين، إلى مكان مفتوح كباقي الأحياء التقليدية".

مشيرا إلى أن "هذه ليست المحاولة الأولى، بل حاول الاحتلال في عام 2002 بعد هدمه المخيم التدخل بمخططات إعادة الإعمار، ولكنه جوبه بوقفة ورفض رسمي وشعبي، وتم إعادة بناء المخيم كما كان".

ويحاول الاحتلال فرض أمر واقع على الأرض بالقوة، بحسب ربايعة، حيث يسعى إلى أن تكون حالة النزوح طويلة الأمد، ويجبر النازحين على التكيف مع المجتمعات الجديدة التي نزحوا إليها، عبر الارتباط بحياة اجتماعية ونشاطات اقتصادية في القرى أو أحياء المدينة الأخرى، لجعل تكلفة العودة للنازحين مرتفعة، وبالتالي البقاء حيثما نزحوا.

مقالات مشابهة

  • القوات الخاصة للأمن والحماية تضبط 7 مخالفين لنظام البيئة لاستغلالهم الرواسب في منطقة تبوك
  • القوات الخاصة للأمن البيئي تضبط مخالفين لنظام البيئة
  • الاحتلال الإسرائيلي يُخطر بالاستيلاء على 300 دونم غرب جنين
  • الاحتلال الإسرائيلي يُخطر بالاستيلاء على 300 دونم من أراضي قرية العرقة غرب جنين
  • شهيدان في جنين والاحتلال يشدد حصاره على نابلس
  • هذا حال مخيم جنين بعد 40 يوما من عملية السور الحديدي
  • إغلاق نظام الذكاء الاصطناعيّ التابع لوزارة التعليم الإسرائيليّ بسبب رفضه اعتبار الشهيد يحيى السنوار إرهابيًا .. تفاصيل
  • بطل ضحى لأجل وطنه.. القوات المسلحة تحيي ذكرى يوم الشهيد (فيديو)
  • «قد العهد».. القوات المسلحة تحيي ذكرى يوم الشهيد |فيديو
  • القوات المسلحة تنشر عدداً من البروموهات بمناسبة ذكرى يوم الشهيد