لجريدة عمان:
2025-01-03@15:59:40 GMT

متابعة ما يحدث في سوريا

تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT

نشر كل من العالم السياسي الفرنسي أوليڤييه روا المعروف لدى قراء العربية بكتابه «الجهل المقدس» والباحث السويسري باتريك هايني ويعرفه القراء العرب بكتابه اسلام السوق بحثاً نُشر الأسبوع الماضي عن معهد الجامعة الأوربية فـي فلورنسا حول تجربة حكم هيئة تحرير الشام فـي إدلب منذ عام ٢٠١٧ وحتى عام ٢٠٢٤، مستشرفـين المرحلة المقبلة من تاريخ سوريا والمنطقة، بعد وصول جماعة إسلامية للحكم، خصوصا فـي ظل مخاوف من المجتمع الدولي على قدرة هذا اللاعب الجديد على التعامل مع تعددية المجتمع السوري وإيجاد صيغ توافقية مع المجتمع الدولي، الذي رفضته الجماعات الإسلامية التي حكمت فـي سياقات أخرى مثل طالبان فـي أفغانستان.

وتعد هذه الدراسة مهمة لمعرفة اتجاهات الجماعة، والتغييرات التي طرأت عليها قبل وبعد تجربة حكمها لإدلب، الأمر الذي نتعلم منه أن الجماعات الإسلامية إذا ما وصلت للحكم السياسي اليوم فإنها قد لا تقدم لنا نموذجاً وحيداً وأنها بدورها تحاول إيجاد صيغ مفاوضات ملائمة للسياق الذي تنشأ فـيه.

تبحث هذه الدراسة إذن فـي إدارة هيئة تحرير الشام للمجتمع فـي إدلب خلال ثماني سنوات لقراءة السياسات التي حكمتها خلال هذه الفترة.

يقرأ الباحثون هذه التجربة فـي سياق مواكبتها أحزاباً أخرى عملت بمبدأ تطبيق الشريعة الإسلامية فـي العالم الإسلامي، ومنها حزب النهضة فـي تونس خلال الربيع العربي، وحزب العدالة والتنمية فـي المغرب بعد نجاحه الانتخابي سنة 2011 وتشكل هذه الأحزاب قطيعة مع الجهادية والسلفـية، أي أنها لا تريد فرض الشريعة الإسلامية على المجتمع ولا تسليحه ولا تتبنى شعار «الإسلام هو الحل».

فـيقول الكاتبان إن حضور هيئة تحرير الشام منذ 2017-2024 اختلف عنه حضور طالبان فـي أفغانستان مثلاً، فمنع الجولاني الشرطة الدينية من فرض قوانين صارمة فـي حالة عدم تنفـيذ الشريعة فـي الفضاءات العامة، والمفارقة أن المعارضة على سياساته لم تكن هذه المرة من العلمانيين بل من المحافظين.

كانت هيئة تحرير الشام قد ألغت جهاز الحسبة الموازي لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سنة 2017 واستبدلتها بمؤسسة «سواعد الخير» التي ألغيت بعد وقت قصير بسبب الانتقادات التي تعرضت لها للاعتبارات نفسها التي ألغي من أجلها جهاز الحسبة وهي اعتبارها مؤسسة قمعية. وفـي سنة 2021 ألغى الجولاني نفسه نوعاً مكرساً لهذا الاتجاه الإصلاحي الديني كان يدعى بـ«مركز الفلاح» إدراكاً لأهمية إعادة قراءة موقع هيئة تحرير الشام والموقف الدولي منها ومحاولة لشطبها من قائمة الإرهاب الدولي. خلال هذه المرحلة راقب الباحثان كيف أن وجهاء إدلب أنفسهم اتخذوا مواقف متباينة من قرارات الهيئة، وأن الهيئة عملت طوال الوقت على شروط تحقيق نوع من التوازن بين مطالب شعبوية وبين رغبة الهيئة فـي أعاد موضعة نفسها دولياً.

شكلت هيئة تحرير الشام مجلسا «للشورى» صادق هذا المجلس على قانون الآداب العامة سنة 2023 لتنظيم كل من صالات الأفراح والأسواق والملاعب والأماكن العامة فـي إدلب. وحظرت بهذا القانون انتقاد الشعائر الإسلامية وانتقاد علماء الدين، والسحر والمثلية الجنسية والدعارة والكحول والقمار والاختلاط بين الجنسين إلا أنها لم تفرض عقوبات على هذه الجرائم غير أنها فرضت تدابير تأديبية تصل لثمانية وأربعين ساعة مع ضمان الحفاظ على كرامة المحبوسين.

تسربت مسودة وثيقة هذه القوانين فـي ديسمبر من نفس العام الأمر الذي اربك المؤسسات الدولية الملتزمة بتقديم المساعدات الإنسانية لإدلب خوفاً من شبح الطالبانية، واتجه البعض لسحب استثماراته من إدلب خصوصاً انه وبرأي الأكاديميين والمراقبين أن الأجواء فـي إدلب كانت ومنذ تولي هيئة تحرير الشام الحكم أكثر انفتاحاً مما هي عليه فـي دول فرضت جماعاتها الإسلامية صرامة مفرطة، كان الباحثان قد درسا ديناميكيات داخل الجماعة نفسها، وصراعات حول مناهضة التنوع داخل المجتمع فـي ادلب وكيف ادارت الهيئة هذا الصراع بين جماعات داخل إدلب نفسها لتحقق نوعاً من التوازن.

توصلت الدراسة إلى أن هيئة تحرير الشام تعتمد طريقة سياسية وليست عقائدية، وإلى أن الإسلام السياسي يواجه فـي هذا النموذج تحدياً مختلفاً بعد تركه لمصفوفة السلفـية الجهادية ويحاول إعادة صياغة مشروع جديد. خصوصا مع سعي هيئة تحرير الشام لتسجيل حضورها فـي العالم، وتأكيداً لما ذهب إليه الباحثون فـي دراستهما هذه، كنتُ قد راقبت هذا الأسبوع تدوينات ومقالات كتبتها مجموعة من النخب السورية، كان من بينهم السوريون الذي يحملون الجنسية الأمريكية، وقد عادوا لسوريا الأسبوع الماضي، فقابل خمسة وعشرون منهم الجولاني فـي لقاء خاص، سألوه عن كل ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية، وقد كتب يساريون وعلمانيون منهم أن الجولاني لا يستخدم معجما عقائديا ويبدو منفتحا فـيما يتعلق بطبيعة المرحلة المقبلة وتقبل وجهة نظر المعارضة.

يبقى السؤال حول الشروط التي ستفرضها الحكومة الأمريكية الجديدة على الجولاني، وأين سيكون موقع الجولان من المفاوضات بينهما، الجميع بلا شك يراقب ما يحدث فـي سوريا، وبدأ الحكومات الخليجية والعربية من اتخاذ مواقف واضحة تجاه الوضع القائم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هیئة تحریر الشام فـی إدلب

إقرأ أيضاً:

منتدى «مجمع البحوث الإسلامية» للحوار يوصي بإطلاق مبادرات لتعزيز دور المرأة

اختُتمت، ظهر اليوم، أعمال النسخة الخامسة من منتدى مجمع البحوث الإسلامية للحوار، الذي عُقِد تحت عنوان: (قضايا المرأة في السُّنة النبوية.. شُبُهات وردود)، برعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وإشراف الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، والدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، وبمشاركة نخبة من العلماء والباحثين ووعَّاظ وواعظات الأزهر الشريف.

وأوصى المنتدى بإطلاق مبادرات متعدِّدة لتعزيز مكانة المرأة في المجتمع، من خلال إعداد حملات إعلاميَّة رقْميَّة ومطبوعة توضِّح تكريم الإسلام للمرأة وحقوقها، مع تقديم قصص واقعيَّة مِنَ السُّنة النبوية التي تبرز مكانتها ودَورها في بناء المجتمع.

وأكَّد المشاركون على أهميَّة تصحيح المفاهيم المغلوطة حول قضايا المرأة، داعين إلى إنشاء منصَّة إلكترونية تحتوي على مقالات وفيديوهات ودروس عِلمية ترد على الشبهات المثارة، مدعومة بأبحاث وأدلَّة شرعية واضحة.

وشدَّد المنتدى على تعزيز الحوار العِلمي المنهجي بشأن القضايا الجدلية المتعلِّقة بالمرأة، من خلال تنظيم منتديات وورش عمل موجَّهة لشريحة واسعة من المجتمع تشمل الشباب والمعلِّمين والعاملين في الإعلام، لضمان وصول الرسائل بطرائق تناسب احتياجاتهم وأساليب تفكيرهم.

ودعا المنتدى إلى تفعيل دَور المرأة في المجتمع، من خلال إطلاق برامج تدريبية متخصِّصة لتأهيلها للقيام بأدوار ريادية في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مع التركيز على تمكين المرأة في المجتمعات الريفية والمهمشة، وذلك بما يتماشى والضوابط الشرعية التي أقرَّها الدين الإسلامي الحنيف.

كما أوصى المنتدى بضرورة الاستمرار في تأسيس شراكات بين الأزهر الشريف والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، لتعزيز التوعية بدَور المرأة وحقوقها، وتنفيذ مبادرات مجتمعية تدعم مشاركتها الفاعلة في التنمية.

واختُتم المنتدى بتأكيد أهميَّة التعاون بين المؤسسات الدِّينية والمجتمعية لدعم المرأة وحمايتها من محاولات التشويه أو الانتقاص من حقوقها، بما يعكس مكانتها التي كفلها الإسلام.

اقرأ أيضاًمجمع البحوث الإسلامية يناقش الخطة العلمية والبحثية للمرحلة المقبلة

حصاد البحوث الإسلامية 2024.. 739 مبعوثًا لتعزيز رسالة الأزهر ونَشْر قِيَم الإسلام عالميًّا

أمين البحوث الإسلامية يناقش مع واعظات الأزهر سبل تجديد الخطاب الديني

مقالات مشابهة

  • مجمع البحوث الإسلامية وجامعة المنصورة يعززان التعاون العلمي والدعوي
  • من أوسيم.. أهالي الجيزة يواصلون تحرير توكيلات حزب الجبهة الوطنية| صور
  • لماذا تحرير الشام تضيق بـحزب التحرير وتشن حملات أمنية ضده؟
  • منتدى البحوث الإسلامية يوصي بإطلاق مبادرات لتعزيز دور المرأة
  • منتدى «مجمع البحوث الإسلامية» للحوار يوصي بإطلاق مبادرات لتعزيز دور المرأة
  • مستقبل غامض  لـ"تحرير الشام" بعد تصريحات الشرع.. هل تنقلب الموازين في إدلب؟
  • تعيين القائد العسكري لهيئة تحرير الشام وزيرا للدفاع في حكومة البشير
  • ممثل هيئة تحرير الشام في حلب: نحاول ترك الماضي خلفنا ونريد أن نثبت للعالم والسوريين أننا مختلفون
  • تحرير 163 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم  بقرار الغلق خلال 24 ساعة