سوريا وفلسطين.. زلزال في إثر زلزال
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
لم تتصدر فلسطين يوما، أجندة "السلفية الجهادية"، على الرغم من لجوء "الآباء المؤسسين" لهذه المدرسة إلى استخدامها غطاء ومبررا بين الحين والآخر... تارة، للتسويق والتسويغ، للتعبئة والتحشيد، وأخرى، لتظهير البعد "العقائدي" الكامن وراء انبثاق هذه الحركات وتمددها وديمومتها.
بهذا المعنى، يمكن وصف "الآباء المؤسسين" وتلاميذهم وحوارييهم، بـ"المُرجئة".
لا في زمن "الثورة" و"الإمارة المسلحة" والثورة المسلحة للنظام في دمشق، ولا في زمن "الدولة" الذي يكاد يطل برأسه من عاصمة الأمويين، تتقدم فلسطين، وقتال العدو الإسرائيلي القريب، أجندة هؤلاء... بالضد من ذلك، فقد رأينا في بواكير زمن "الثورة" فصولا من التعاون بين فصائل جهادية على الجدار الفاصل بين القنيطرة والهضبة، رأينا "مجاهدين" يتلقون العلاج في مستشفيات "العدو البعيد"... رأينا مجرم كل الحروب، بنيامين نتنياهو، يعودهم على أسرّة الشفاء في المستشفيات العسكرية الإسرائيلية، رأينا التقاء انتهازيا منقطع النظير، في الأهداف والمصالح.
لم تكن المنطقة قد ارتاحت بعد من تداعيات الطوفان وزلزال السابع من أكتوبر، حتى داهمها زلزال لا يقل أثرا (على مقياس ريختر) في الثامن من ديسمبر... كلا الحدثين الجللين ضربا المنطقة عند "الفالق الزلزالي" الشامي الأوسع والأكبر... لكن مركز الاهتمام السياسي والإعلامي و"الاستخباري"، ستنتقل بؤرته من غزة وفلسطين، إلى دمشق ومحيطها، وتلكم واحدة من "الآثار الفورية" للحدث السوري على المشهد الفلسطيني، وهو بالطبع، أثرٌ موضوعي، لا يمكن إلقاء اللائمة عنه على من قام به... لكنه بكل تأكيد، لا يعمل لصالح الفلسطينيين وهم يواجهون حرب التطهير والتطويق والإبادة
اليوم، نراقب بقلق، محاولات "النأي بالنفس" عن القضية الفلسطينية، بل وتقزيما متعمّدا، لمرامي وأهداف العدوان الإسرائيلي الموصول على سوريا، وإقدام "الجيش" الإسرائيلي على قضم مساحات تعادل مساحة قطاع غزة، من الأرض السورية، رأينا ميلا جارفا، يخرج على ألسنة بعض رموز الحقبة الجديدة، تعجز "الكياسة والدبلوماسية" عن كبحه وإخفائه، لمد يد السلم والتطبيع مع عدو قريب جدا، جاثم على جزء من التراب الوطني السوري، ويُعمِلُ فيه "أسرلة" وتهويدا واستيطانا.
لم نكن من قبل، ولسنا من بعد، من أنصار إطلاق الاتهامات الجزافية والمجانية، كالقول مثلا بأن هذه القوى من نتاج غربي (مع أن للغرب دورا في تمكينها في بعض المراحل)، أو القول بأنهم صنيعة إسرائيلية، مع أن "إسرائيل" وظفت واستخدمت بعض أفعالهم، لصالح تفوّقها الاستراتيجي في الإقليم... كنّا، وما زلنا، من أنصار نظرية أن هذا "المنتوج" هو ابن بيئته السياسية (الاستبدادية)، وسياقاته الاقتصادية الاجتماعية (الفشل التنموي المقيم)، وحصيلة إخفاقات مزمنة في إنجاز أهداف مشاريع التحرر والاستقلال والسيادة و"الدولة الوطنية" الحديثة، دولة ما بعد الاستقلالات الوطنية.
زلزال الثامن من ديسمبر
لم تكن المنطقة قد ارتاحت بعد من تداعيات الطوفان وزلزال السابع من أكتوبر، حتى داهمها زلزال لا يقل أثرا (على مقياس ريختر) في الثامن من ديسمبر... كلا الحدثين الجللين ضربا المنطقة عند "الفالق الزلزالي" الشامي الأوسع والأكبر... لكن مركز الاهتمام السياسي والإعلامي و"الاستخباري"، ستنتقل بؤرته من غزة وفلسطين، إلى دمشق ومحيطها، وتلكم واحدة من "الآثار الفورية" للحدث السوري على المشهد الفلسطيني، وهو بالطبع، أثرٌ موضوعي، لا يمكن إلقاء اللائمة عنه على من قام به... لكنه بكل تأكيد، لا يعمل لصالح الفلسطينيين وهم يواجهون حرب التطهير والتطويق والإبادة.
الآثار والتداعيات الاستراتيجية لانقلاب المشهد في سوريا، لم تشق طريقها بعد، ولكنها تُطل برأسها منذ اليوم، أولها؛ خروج سوريا وحتى إشعار آخر، موضوعيا إن افترضنا توفر العامل الذاتي، من ساحة المواجهة مع "إسرائيل"، وهذا في أضعف تقدير، حتى لا نفترض غلبة السيناريو الأسوأ، وهو دخولها إلى حلبة القضية الفلسطينية، من بوابة فاروق الشرع: "كل واحد يقلّع شوكه بيده"، أو من البوابة الإبراهيمية العريضة، التي تتسع لسوريا الجديدة، بالرغم من اختلاف النظم والحكام داخل "العائلة الإبراهيمية الكبيرة".
ثانيهما؛ ويتصل بمعادلات القوة وتوازناتها داخل البيت الفلسطيني، وكيف ستتأثر موازين القوى الداخلية، بالتغيير الحاصل في سوريا، ومجيء قيادة "إسلامية سنيّة"، سلفية في منهجها العام، وتستبطن شراكة إخوانية، من قماشة حماس ذاتها... حتى الآن، لا يبدو أن الصورة قد تظهّرت، والكثير سيعتمد على وجهة النظام الجديد وتوجّهه، لكن المؤشرات الأولية، تشي بأن ارتياحا أخذ يعم أوساط حماس، معظمها على أقل تقدير، فيما حالة "لا أدرية" تخيم على السلطة والمنظمة في المقاطعة ورام الله.
ثالثهما؛ الأثر الذي استحدثه الثامن من ديسمبر على معادلات القوة وتوازناتها في الإقليم، وكيف ستعمل، إن لجهة صراع الفلسطينيين مع عدوهم التاريخي، أو لجهة توازنات القوى الفلسطينية الداخلية... تركيا وقطر حليفتا حماس، اللتان تحتفظان بعلاقة لا يستهان بأهميتها مع السلطة والرئاسة، تعاظم نفوذهما الإقليمي، على حساب نفوذ منكمش لإيران ومحورها في الإقليم... وإذا كانت حماس قد احتفظت بعلاقات "طيبة" مع المعسكرين طيلة العقدين الفائتين، فإن السلطة والمنظمة، لم تتوفرا على ترفٍ من هذا النوع... هل سيؤثر هذا "المتغير" في معادلات القوة في الداخل الفلسطيني، وكيف؟...الأرجح أن حماس، ستخرج من مولد التغيير في سوريا، بنصيبٍ من الحمصٍ أكثر من ذاك الذي ستخرج به السلطة.
ملاحظات في لحظة الانتقال
لن نسترسل في رصد تداعيات الحدث السوري وآثاره على القضية الفلسطينية بفصولها وملفاتها المختلفة، فالمقالة لا تحتمل ذلك بالأساس، وسننتقل لرصد وتوضيح ما نعتقده إضاءات لا بدّ منها، لقراءة المشهد السوري المتحرك، وأثره على هذه القضية:
الملاحظة الأولى؛ تقول إن سوريا في عهد الأسدين، وخلال أزيد من نصف قرن، أطفأت جبهة الجولان، وهذا صحيح باعتراف العدو الذي طالما وصف الجبهة بأنها الأكثر أمنا وهدوءا من بين جبهاته المختلفة... لكن سوريا في المقابل، احتضنت حماس لعشرية من السنين "الذهبية"، حظيت خلالها الحركة وقيادتها، بما لم تحظ به في أي بلد عربي آخر، باعتراف قادتها في تلك المرحلة... وسوريا، التي لم تشارك في الحروب اللاحقة لحرب تشرين 1973 التي خاضتها فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية مع العدو، كانت أهم محطة لتصنيع السلاح ونقله إلى هذه "المقاومات"... حتى إشعار آخر، سوريا لن تدخل حربا مع "إسرائيل"، ولن تقوم بدور "محطة الترانزيت" لفصائل المقاومة، بل وقد لا توفر لها معسكرات التدريب والمقار وحرية الحركة على أرضها، فأولوياتها اليوم مختلفة، بعضها مفهوم، وبعضها الآخر مثير للقلق والتساؤل.
الملاحظة الثانية؛ وتتصل بالمقاربات الحدّية التي يجري فيها تناول الملف السوري.... فمن جهته أشاح محور المقاومة بنظره عن جميع مظاهر الفساد والإجرام والاستبداد التي ميّزت حكم الأسدين لسوريا، مكتفية بإبراز دوره "المقاوم"، وتلكم واحدة من الأخطاء (اقرأ الخطايا) التي قارفها المحور... وفي المقابل، أدار خصوم النظام والمحور والمقاومة ومجادلوهم أنظارهم، عن دور النظام السابق في دعم "المقاومات" العربية في مواجهة "إسرائيل"، سفّهوا هذا الدور وأنكروه... والنتيجة أن ساحة أخرى من ساحات الطوق، ستضيق بالفعل العربي المقاوم، أقل في المدى المرئي.
الملاحظة الثالثة؛ عامّة، ومفادها أنه ليس قدرا مكتوبا على سوريا، وعلينا كذلك، أن نبقى نفاضل بين عهد ديكتاتوري مستبد وفاسد، وعهد يبيح لنفسه إخراج سوريا من معادلة الصراع مع العدو... هل كتب علينا ألا نتعلم الدرس الذي اشتقه آباؤنا بعد هزيمة الخامس من حزيران: لا يمكن لشعب مقموع ومضطهد أن يكون رائدا في المقاومة ومقارعة العدو القومي... سوريا تستحق الحرية، وشعبها أكثر من غيره توّاق لاستعادة كرامته وإنسانيته، ولكن سوريا لن تبقى سوريا، إن لم تستعد مكان القلب في المشرق والعالم العربي، ولنا وللسوريين، عبرة فيما فعله السادات من قبل: أرجع سينا وأضاع مصر.
الحديث عن أثر الزلزال السوري وتداعياته، ما زال، وسيبقى لفترة قادمة، محكوما بالطابع الانتقالي الضبابي للمرحلة العاصفة التي تمر بها سوريا... وأن الحكم على "الأثر" سيبقى معلقا على الوجهة التي ستسلكها الأحداث والتطورات في "الشام"، وما إن كان الأشقاء السوريون سيتمكّنون من تخطي هذه المرحلة بقدر أقل من الفوضى والدماء، وكيف... وأين سيتموضع النظام الجديد حيال مسألة الصراع مع "التهديد الإسرائيلي الوجودي"، وعلى الخريطة الإقليمية والدولية
الملاحظة الرابعة؛ وتخص حماس على نحو خاص، ومؤدّاها أن سعيها المتعثر للمصالحة مع الأسد من جهة، ومشاعر التضامن التي أبدتها "هيئة تحرير الشام" -زمن إدلب- مع مقاومة غزة والشهداء القادة من جهة ثانية، لا يعنيان أن طريقها إلى دمشق بات مُعبّدا... ربما نشهد زيارة قريبة لوفد قيادي من حماس لدمشق، وربما نرى عودة الاتصالات السياسية مع العاصمة السورية، لكن زمن الوجود الحر والطليق لحماس في سوريا قد انتهى على ما يبدو... زمن توريد السلاح ومعسكرات التدريب و"العلاقة المتميزة" حتى على المعابر والنقاط الحدودية، قد انتهى... لكن بالمعنى السياسي، ربما يضيف التغيير في سوريا، ومن ورائه توازنات الإقليم الجديدة، إلى مكانة حماس السياسية (لا الجهادية)، قيمة إضافية.
الملاحظة الخامسة؛ وتتصل بالسلطة هذه المرة، فهي بلا شك، تنظر بارتياح لتراجع نفوذ إيران وانكماش دور المحور... وهي وإن احتفظت بأفضل العلاقات و"التكريم" في أنقرة، وبعلاقات طبيعية مع الدوحة، فإنها من دون ريب، لا تنظر إلى ذلك بوصفه مكسبا خالصا لها، فحماس هناك، تشاطرها عوائد هذا التغيير... لكن من غير المفهوم، أن تقف السلطة ساكنة حيال هذا الجديد الناشئ في المشهد السوري، ولماذا لم تبادر إلى إرسال أرفع الوفود إلى دمشق، وهي التي تمثل -رسميا على الأقل- أكثر من نصف مليون لاجئ فلسطيني في سوريا؟... لماذا لم ترسل "دوريات استطلاع" للتعرف إلى النظام الجديد ونواياه حيال فلسطين والفلسطينيين، ليس من باب ضمان بقاء سوريا في خندق الصراع مع العدو الإسرائيلي، فهي أصلا خارجه، ولكن على الأقل، من أجل التأسيس لعلاقة مستقبلية مع دولة محورية بوزن سوريا وحجمها، بصرف النظر عن التقاء أو تباعد وجهة كلا الطرفين وتوجهاتهما.
الملاحظة الأخيرة؛ إن الحديث عن أثر الزلزال السوري وتداعياته، ما زال، وسيبقى لفترة قادمة، محكوما بالطابع الانتقالي الضبابي للمرحلة العاصفة التي تمر بها سوريا... وأن الحكم على "الأثر" سيبقى معلقا على الوجهة التي ستسلكها الأحداث والتطورات في "الشام"، وما إن كان الأشقاء السوريون سيتمكّنون من تخطي هذه المرحلة بقدر أقل من الفوضى والدماء، وكيف... وأين سيتموضع النظام الجديد حيال مسألة الصراع مع "التهديد الإسرائيلي الوجودي"، وعلى الخريطة الإقليمية والدولية.
(الميادين)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين إسرائيل سوريا سوريا إسرائيل فلسطين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة من هنا وهناك اقتصاد سياسة من هنا وهناك صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الثامن من دیسمبر النظام الجدید الصراع مع إلى دمشق فی سوریا
إقرأ أيضاً:
سوريا ما بعد الثورة وسؤال الخطاب
شكل سقوط نظام الأسد خلال أيام قليلة على يد الثوار السوريين تحولا استراتيجيا في الإقليم، نظرا للأهمية الجيوسياسية لسوريا، ما يفتح الباب لارتدادات وتداعيات واسعة النطاق لا تقتصر على المنطقة إنما تتعداها لتصيب جميع الأطراف الفاعلة في الساحة السورية منذ بداية اندلاع الثورة، ما يجعل مراقبة سلوك الإدارة السياسية الجديدة محط اهتمام وترقب دولي.
وتحاول الإدارة السورية الجديدة عقب سقوط نظام الأسد تبني خطاب تطميني يرسل رسائل إيجابية لكل الأطراف الدولية، سعيا منها لتجنب الوقوع في أي أزمات خارجية ولتحييد أي خصوم محتملين وللتركيز على الأولويات والتحديات الداخلية أمام التركة الثقيلة التي تركها النظام البائد، ما يتطلب العمل على إعادة بناء الدولة من جديد والحيلولة دون تقسيمها أو تعرضها للفشل وعودة الفوضى لها، ولمحاولة إعادة سوريا لفلك المدار الدولي وإلغاء العقوبات التي وجهت لها سابقا إلا أن هذا الخطاب أثار مجموعة من التساؤلات والإشكالات خاصة فيما يتعلق بالموقف من العدو الصهيوني والقضية الفلسطينية.
ما يستدعي التوقف عنده هو عدم إدراك هذا الخطاب طبيعة العدو الصهيوني؛ أنه كيان شهواني إذا رأى ضعفا تتزايد شهوته وأطماعه ليقتنص الفرصة، وهو الذي يشكل تهديدا لكل محيطه مهما كان هذا المحيط أليفا معه ليمنع مراكمة أي قوة قد تهدده مستقبلا؛ فكيف بسوريا ذات الإمكانات والعمق الاستراتيجي للأمة
إن هذه الرسائل الإيجابية المبالغ فيها أحيانا تفتح الباب للتشكك في هذا الخطاب من قبل المجتمع الدولي؛ نظرا للخلفية السلفية الجهادية لقيادة هيئة تحرير الشام التي تتصدر قيادة الحالة، حيث سينظر إليها في إطار المناورة السياسية والخداع أكثر من كونه نابعا عن قناعة راسخة، فهي ستحتاج تأكيدات بالممارسة العملية أكثر من مجرد التطمينات، إذ إن الكلمات لا تكفي وحدها لإرضاء المجتمع الدولي وتحييده عن التدخل أو العبث في سوريا، وحيث أن التحديات والتهديدات التي تقود لهذا النوع من الخطاب لا يمكن أن تصل لنهاية.
وفي ذات الوقت يثير هذا الخطاب مخاوف وقلق أصدقاء الثورة من الشعوب التي تعوّل على هذه الرقعة المحررة خاصة فيما يتعلق بقضايا الأمة، وارتفع التوجس من التصريحات تجاه العدو الصهيوني الذي توغل في سوريا، وبتجنب الإعلان عن مواقف واضحة تجاه القضية الفلسطينية التي تتعرض لمحاولات تصفية وأمام يجري في غزة التي تتعرض لحرب إبادة جماعية غير مسبوقة، والخشية أن يتحول مثل هذا النوع من الخطاب لأصيل بدلا من خطاب مرحلي، وتدل على احتمالية تحقق ذلك كثير من التجارب حتى الإسلامية منها التي تحول لديها التكتيك لاستراتيجيا مع مرور الوقت، وتتزايد الخشية بقراءة تاريخ تحولات الحالة الناشئة بالتساؤل عن المدى الذي يمكن أن تصل إليه وهل هنالك حدود للخطاب الذي يتم طرحه.
لا يمكن إهمال السياق والخلفيات الإسلامية لقادة الثورة، والتي شكل نجاحها في ظلال معركة طوفان الأقصى وكأحد تداعياتها؛ بارقة أمل لدى أبناء الأمة وأحرارها بما حققته هذه الرقعة المحررة بقوة السلاح لا بمنّة أحد، بل بإصرار وصبر أحرار الشعب السوري، فارتفعت سقوف التوقعات والأمنيات لتحمل سوريا الجديدة أعباء ثقيلة خاصة تجاه فلسطين وبيت المقدس
وما يستدعي التوقف عنده هو عدم إدراك هذا الخطاب طبيعة العدو الصهيوني؛ أنه كيان شهواني إذا رأى ضعفا تتزايد شهوته وأطماعه ليقتنص الفرصة، وهو الذي يشكل تهديدا لكل محيطه مهما كان هذا المحيط أليفا معه ليمنع مراكمة أي قوة قد تهدده مستقبلا؛ فكيف بسوريا ذات الإمكانات والعمق الاستراتيجي للأمة، وقد تجلت هذه الطبيعة حينما تصاعدت هجمات العدو وارتفعت شهوته ضد حزب الله حينما لم يَرد الحزب بشكل رادع على الضربات الكبيرة الأولى.
في النهاية فإنه لا يمكن إهمال السياق والخلفيات الإسلامية لقادة الثورة، والتي شكل نجاحها في ظلال معركة طوفان الأقصى وكأحد تداعياتها؛ بارقة أمل لدى أبناء الأمة وأحرارها بما حققته هذه الرقعة المحررة بقوة السلاح لا بمنّة أحد، بل بإصرار وصبر أحرار الشعب السوري، فارتفعت سقوف التوقعات والأمنيات لتحمل سوريا الجديدة أعباء ثقيلة خاصة تجاه فلسطين وبيت المقدس التي لا يعقل أن تنفك عنها بأي شكل من الأشكال؛ ليس لأن فلسطين قطعة من بلاد الشام فقط لكن لأنها الميزان الذي يُقاس به أي مشروع وتحدد على أساسها المواقف، وعلى طريقها تخلد المشاريع وأصحابها في سجلات الشرف والمجد، فما هي بالعبء الزائد مهما ثقلت تكاليفها ولا هي بالهدف الثانوي أمام أي هدف آخر مهما عظم.
[email protected]