الخرطوم : 31 ديسمبر 2024 - مع كل يوم يمر من عمر الحرب في السودان تتضاءل فرص التوصل إلى اتفاق سلام ينهي معاناة السودانيين، إذ تزداد الطبيعة القبلية للقتال تعقيداً، وتنتقل من مواجهة بين قوتين عسكريتين إلى إتجاه شامل قد ينتشر في مختلف أنحاء البلاد.

منتدى الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة
اعداد وتحرير: سودان تربيون

الخرطوم : 31 ديسمبر 2024 - مع كل يوم يمر من عمر الحرب في السودان تتضاءل فرص التوصل إلى اتفاق سلام ينهي معاناة السودانيين، إذ تزداد الطبيعة القبلية للقتال تعقيداً، وتنتقل من مواجهة بين قوتين عسكريتين إلى إتجاه شامل قد ينتشر في مختلف أنحاء البلاد.



ومؤخرا طرحت قوى سياسية مقترحات لتشكيل حكومة موازية لحكومة بورتسودان، وهو ما فسره كثيرون على أنه بداية التقسيم الفعلي للسودان وإغلاق نافذة الأمل في تحقيق السلام بتواطؤ القوى المسلحة التي تدير المشهد حالياً.

وقبل ذلك، فشلت كل المحاولات المحلية والإقليمية والدولية لفتح آفاق السلام في السودان، مع تعنت أطراف الصراع في الجلوس إلى المفاوضات، رغم الجهود التي بذلتها الأطراف المختلفة لإقناعهم بوقف الحرب.



الإطار الصحيح للسلام

ويرى عضو القيادة المركزية للضباط وضباط الصف والجنود المتقاعدين (تضامن) العميد وليد عز الدين عبد المجيد في حديث لـ«سودان تربيون» أنه في خضم هذه الحرب الكارثية لا بد من وضع الأمور في سياقها الصحيح واستخدام التفكير المنطقي لإنهائها وإرساء السلام المستدام.

وأشار عز الدين إلى أن عمليات السلام تعد من المواد المهمة التي تدرس في المعاهد العسكرية بالسودان، وأن القوات المسلحة السودانية شاركت في العديد من عمليات بناء السلام في الكويت والكونغو وموزمبيق وأيضاً في لبنان.

وأضاف أن عمليات بناء السلام تتم على ثلاث مراحل: صنع السلام، وحفظ السلام، وبناء السلام، وتنفذ حسب التسلسل وما تتضمنه كل مرحلة وآلياتها حتى يتم تحقيق السلام المستدام.

ويرى في الوقت نفسه أنه مع اقتراب الحرب من عامها الثاني فإن منبر جدة هو الأكثر ملاءمة إذا تم التركيز عليه والاستجابة له من قبل الأطراف المتحاربة مع الأخذ في الاعتبار مراحل تحقيق السلام.

وحدد الخبير العسكري المرحلة الأولى من هذه المراحل بمرحلة صنع السلام والتي تهدف إلى وقف القتال عبر التفاوض وإقناع الطرفين بالموافقة على إلقاء السلاح.

بالإضافة إلى ذلك تأتي المرحلة الثانية عند الخبير العسكري المتمثلة في حفظ السلام والتي تركز على إزالة آثار الحرب وتبدأ مباشرة بعد وقف إطلاق النار ووجود قوات حفظ السلام للفصل بين الأطراف المتحاربة وحماية المدنيين ودخول المنظمات ونزع السلاح وإقامة القانون.

أما المرحلة الثالثة، حسب الخبير العسكري، فهي معالجة الأسباب والجذور المباشرة للعنف والظلم والتهميش وعدم المساواة، وتعتبر تعزيزا للسلام وبناء المؤسسات التي يتولاها المجتمع المدني.

التجريد من السند والدعم

وأمام الحرب المدمرة المستعرة التي تدور رحاها في السودان، تتقلب مواقف القوى السياسية، حيث تبدو منقسمة بشكل واضح بين الطرفين المتحاربين، فيما يفضل بعضها البقاء على الحياد دون إظهار خطوات حقيقية تساهم في إيقافها.

ويؤكد القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي وجدي صالح في تصريح لـ«سودان تربيون» أن السلام أصبح الآن مرتبطاً ارتباطاً مباشراً بوجود الدولة وتماسكها، بعد أن كان خطوة في طريق تحقيق الرضا والاستقرار الإقليمي.

واعتبر وجدي أن ذلك يحمل ويضع مسؤولية كبيرة على عاتق القوى الوطنية، لمواجهته باعتباره تحدياً وجودياً للدولة السودانية بعد ما يقرب من سبعة عقود من استقلالها.

وأكد أن السلام في السودان ظل على الدوام أحد أبرز عناوين الأزمة الوطنية، منذ الاستقلال السياسي في منتصف القرن الماضي، وظهور اختلالات تنموية اجتماعية واقتصادية إقليمية، عبرت عن نفسها في ظهور التكتلات الإقليمية والتمردات المسلحة ضد السلطة المركزية.

وأشار وجدي إلى أنه بعد عامين من حرب 15 أبريل، أصبح المشهد أكثر تعقيداً بعد أن انتشرت الحرب في أنحاء البلاد، وانهيار السلطة المركزية وما نتج عن ذلك من ضعف المؤسسات الأمنية والعسكرية، وتسييس قراراتها لصالح فلول النظام البائد، وظهور مجموعات مسلحة جديدة متعددة تقوم على استقطاب طرفي الحرب، وترويج خطاب الكراهية والحرب، والتي أصبحت تشكل تهديداً لوحدة السودان السياسية والاجتماعية وأمنه واستقراره.

وأوضح وجدي أن طرفي الحرب وداعميهما يتحملون أعباء هذه الحرب ونتائجها، وهذا يتطلب الضغط عليهما وتجريدهما من أي حاضنة شعبية وأي دور سياسي مستقبلاً.

أرق السودانيين والباحثين

وتبدو مأساة السودان تائهة مع غياب أي مشروع وطني منذ الاستقلال، حيث تبلورت الحروب والخلافات والتقاطعات والمصالح حول مستقبل البلاد خلال حكم الجيش للبلاد عبر الانقلابات لسنوات طويلة.

وتقول عضو المكتب التنفيذي للجنة المعلمين السودانيين الأستاذة درية محمد بابكر لـ«سودان تربيون» إن قضية البحث عن آفاق السلام في السودان أصبحت من القضايا المهمة والملحة التي تؤرق كل الباحثين عن حلول للأزمة السودانية.

وتؤكد في الوقت نفسه أنه من غير الممكن البحث عن آفاق الحلول دون العودة إلى جذور الأزمة التي طال أمدها وفشلت معها كل الحلول، والتي كانت أشبه بالمسكنات، وما إن يخف تأثيرها حتى تعود الأعراض والآثار أكثر حدة من ذي قبل.

وترى درية، أن الحلول تكمن في البحث عن جذور الصراعات، وهي الخطوة الأولى نحو الحل، مشيرة إلى أن غياب المشروع الوطني الذي يلبي رغبات وتطلعات كل السودانيين، وقضايا التهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وضعف التنمية في العديد من المجالات، أدى إلى اندلاع الحروب واستمرار الصراع على السلطة والثروة.

وأشارت في الوقت نفسه إلى أنه عند البحث عن آفاق السلام المستدام في السودان، يجب أخذ كل هذه الأسباب في الاعتبار ومعالجتها من خلال إقامة حكم سياسي سليم يراعي التنوع القبلي والعرقي والجغرافي ويؤسس من خلال مؤسساته لتوفير التنمية المستدامة التي توفر الخدمات الاجتماعية الأساسية بما في ذلك الصحة والتعليم والبنية الأساسية، وتضمن مشاركة الجميع في صنع القرار والتمثيل العادل على كافة مستويات الحكم وتحقيق العدالة من خلال تعزيز سيادة القانون ومعالجة المظالم التاريخية.

ومع نهاية عام آخر من الحرب بين الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه، وقوات الدعم السريع بدعم من العديد من الميليشيات، تستمر الحرب المدمرة في السودان، والتي قد تصل إلى عامها الثالث، وسط آمال بعيدة بوقف القتال في الوقت الحاضر.

الضغوط الدولية

ويعتقد القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" شهاب إبراهيم، في حديث لـ"سودان تربيون" إن من أهم الأسباب التي قد تجعل هناك فرص للسلام وتسوية الشاملة هو زيادة الضغوط الدولية على أطراف الصراع للجلوس إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى حل سلمي.
ورأى كذلك أن استمرار المعاناة الإنسانية، ستزبد من الضغط الشعبي على أطراف الصراع لإنهاء الحرب.
كما قد يؤدي تغير التوازن العسكري على الأرض بحسب شهاب، إلى دفع أطراف الصراع إلى التفاوض، وهو ما سيفتح فرص اقتصادية جديدة أمام السودان في حال تحقيق السلام، مما يشجع الأطراف على التوصل إلى حل سلمي.
وأكد أن هناك العديد من العوامل المتداخلة التي تؤثر على سير الأحداث، وقد تتغير المعطيات بسرعة الأمر الذي يتوقف على العديد من العوامل، بما في ذلك مدى جدية الأطراف المشاركة في الحرب، وطبيعة الدعم الذي تحصل عليه كل من الأطراف، والتطورات الإقليمية والدولية.

القفز في الظلام

ويؤكد عضو مجلس التحرير القومي للحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، أنس آدم، في حديث لـ"سودان تربيون" أن مسألة طي صفحة الحروب تستدعي الشجاعة لمخاطبة ومعالجة جذور المشكلة السودانية، كقضية علاقة الدين بالدولة، وأزمة الهوية، المركزية الإسلاموعروبية القابضة والوحدة القسرية وغيرها من القضايا المصيرية.
ويرى أنس، أن النخب السودانية سوى كانت حاكمه أو معارضه ظلت على الدوام تتهرب من تلك القضايا الجوهرية التي ولدت الحروب الطاحنة والعنصرية ضد الشعوب السودانية المهمشة.
ويضيف أن ذلك يتجسد في القصف الجوي على المواطنين فى دارفور وجبال النوبة وفي يابوس بالفونج الجديدة النيل الأزرق طما حدث مؤخرا في 19 ديسمبر 2024.
ويجزم بأن الحديث عن معالجة آزمات البلاد المستفحلة وإنهاء الحروب فى ظل غياب الإرادة والرغبة السياسية لدى القوى السياسية لا يعدو كونه قفزة في الظلام، مؤكدا أن ذلك ما لمسته الحركة إبان مفاوضات جوبا بين الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال وحكومة ما بعد ثورة ديسمبر وفي العديد من المنصات التشاورية مع القوى السياسية وآخرها مشاورات أديس في أغسطس الماضي التي دعى إليها الإتحاد الإفريقي.
ولفت أنس إلى تغاضي القوى المشاركة فى مشاورات أديس عن الجذور التاريخية للمشكلة السودانية وإختزلت الحروب فى حرب 15 أبريل 2023 التى يعتبرونها تجلى وإمتداد للحروب منذ العام 1955.
وذكر أن من سماهم "كارتيلات بورتسودان الإسلاموية" هى الأخرى تصر على الدولة الدينية المشوهه كحصان طروادة لتهريب الأجندة العرقية والدينية بالرغم من أن الدولة السودانية تزخر بالتعدد والتنوع العرقي والديني ويكاد يكون السودان الدولة الوحيدة التي تمارس فيها العنصرية المذدوجية "عنصرية على أساس العرق والدين"- وفق حديثه.
وشدد على انه لا يمكن تناول قضية التحول الديمقراطي دون تفكيك وهدم دولة التفويض الإلهى ووضع نهاية منطقية للحروب، معتبرا أن عدا ذلك يظل السودان مهدداً بالتفتت مره أخرى ولن يكون إستقلال جنوب السودان نهاية المطاف.



ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني
#SilenceKills #الصمت_يقتل #NoTimeToWasteForSudan #الوضع_في_السودان_لا_يحتمل_التأجيل #StandWithSudan #ساندوا_السودان #SudanMediaForum  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: السلام فی السودان سودان تربیون أطراف الصراع تحقیق السلام آفاق السلام العدید من فی الوقت البحث عن إلى أن

إقرأ أيضاً:

ميثاق النساء والأمل الموجع

أول سؤال تبادر إلى ذهني بعد قراءة رواية (ميثاق النساء) للشاعرة اللبنانية حنين الصايغ، كيف كان شعور حنين وهي تكتب هذا النص المشبع بالحزن والمرارة والألم؟ ميثاق النساء رواية نسوية تحكي عن حال المرأة فـي المجتمع الدرزي، هذا ما ستفهمه فـي صفحات الرواية الأولى، ولكنك كلما توغلت فـيها أدركت أنها رواية عن المرأة فـي العالم كله، حيث تصرخ المرأة ولا يسمعها أحد، وتبكي بحثا عن مواساة إلا أنها تُرمى بتهمة الحساسية المفرطة، مما يحرم الإنسان فـيها من عيش حياة كاملة يتمناها ويستحقها.

تحكي لنا الرواية قصة أمل بو نمر، الفتاة المتفوقة دراسيًّا، تلك التي لم تحلم بشيء سوى إكمال دراستها الثانوية ثم الجامعية فـي مجتمع تقليدي مُنغلق، تُربَّى فـيه المرأة لتصبح الزوجة والأم فقط مما يتطلب قمع ذاتها، وإطفاء شعلة أحلامها، وتقبُّل ما يمليه عليها مشايخ الطائفة الدرزية دون تحليل أو نقد. أمل التي تعرف جيدا رفض والدها لفكرة استكمال تعليمها، ترى فـي الزواج بـ«سالم» الشاب الدرزي فرصة لتحقيق حلمها، لذا تضع إكمال تعليمها شرطا لقبول الزواج به، وهو ما سيقبله سالم فـي بداية الأمر؛ رغبة فـي نيل الفتاة الذكية، دون إدراك كلاهما أن الحياة لن تسير كما خططا لها.

تنقلنا حنين الصايغ فـي هذه الرواية بين واقع أمل وعالمها الداخلي حيث تبدأ فـي فهم ذاتها، وإدراك أن الخروج من بيت والدها الشيخ الملتزم بتعاليم الطائفة وقواعدها لم يكن بداية حريتها كما كانت تتوقع؛ لأن الدنيا خبأت لها فـي المنعطف غير المرئي أحداثا جديدة ستكسرها وتُعيد تشكيلها. ففـي الوقت الذي كانت تنتظر فـيه أمل التزام زوجها بالشرط الذي وضعته، صدمها بعد الزواج بشرط إنجاب طفل قبل بدء الدراسة الجامعية، وهكذا أُجبرت أمل على التنقل بين عيادة لأخرى بحثًا عن حل لمشكلة الطفل الذي يرفض التشكل فـي رحمها، مما أشعرها بالانفصال عن جسدها الذي حاولت حمايته من التغيرات الهرمونية والإبر التي تُغرز فـيه غصبًا عنها والفحوصات المستمرة. الأمر الذي أضعف أمل وألقاها فـي بئر الكآبة المظلم، وهو ما سيحدِث شرخًا فـي علاقتها بزوجها، واتخاذها قرار الانفصال مستقبلا، وذلك بعد رحلة طويلة من التأرجح المزاجي، وصراع داخلي مع الذات والزوج والأسرة والمجتمع. حيث صَعُب على أمل التي انطلقت مستندة إلى تعليمها الجامعي ووظيفتها المهنية، العودة إلى القرية الريفـية والقالب الاجتماعي الضيق.

تدخلنا الكاتبة عالم النساء الدروز من خلال حكايات نساء عائلة «بو نمر»، وتكشف لنا مدى ضعف المرأة وغياب صوتها فـي قضايا تخصها. فنرى الجدة التي تُرمى بالطلاق فـي لحظة غضب الجد، مما يحرمها من حياة عرفتها منذ سنوات المراهقة بسبب لحظة غضب ذكورية، فـيجبر الجد على بناء جدار فاصل بينه وبين زوجته نظرا لحرمتها عليه، حيث لا مجال فـي العقيدة الدرزية لعودة بعد طلاق. ذاك الجدار الذي سيتحول بعد أعوام إلى كابوس عالق فـي رأس العمة، فـينتشر صراخها ليلا بين غرف المنزل وتكبُر أمل على سماعه، العمة التي تواجه وجهيّ الجدار كل يوم بحثًا عن إجابات لأسئلة تنهشها داخليا ولا يحق لها مواجهة المشايخ الدرزيين بها. ثم ننتقل إلى نرمين الأخت التي نجحت فـي الابتعاد عن ذاك المجتمع المغلق والسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد زواجها بشاب درزي، تكتشف بعد أعوام أن والده يزور الكنيسة مما يدخلها فـي متاهة الخوف من عقاب الآخرة؛ كونها ارتبطت برجل غير مؤمن.

تستعرض الرواية طائفة الدروز، وترينا شكل حياتهم اليومية، وتفاصيلها، ومعتقداتهم، وأعرافهم بأسلوب أدبي جميل، ولغة شعرية آسرة. إنها رواية عن الريف القروي، والحياة الاجتماعية فـي القرية المتوارية فـي الجبل الصعب، المقيدة بالأفكار الدينية المنغلقة، حيث تتداخل الشعائر الدينية بالعادات فتتحول إلى عقبات فـي حياة أبناء الطائفة الدرزية.

لقد عُرف المجتمع الدرزي المنتشر فـي عدد من دول بلاد الشام منذ تأسسه بالتماسك الاجتماعي والثقافـي والسياسي بين أبناء الطائفة. وقد أحاط الدروز أنفسهم منذ تأسس الطائفة بجدار من السرية والغموض. وقرر مؤسسوها التكتم على معتقداتهم، وعدم البوح بأسرارها إلا لقلة من المشايخ بعد بلوغهم الأربعين عاما. ويؤمن الدروز بتناسخ الأرواح، ويحرم لديهم تعدد الزوجات، كما تمنع عودة المرأة لزوجها بعد الطلاق، كما يُعرف عن الدروز تدارسهم للعقيدة الدرزية فـي الخلوات المغلقة حيث لا يدخلها إلا فئة قليلة جدا من مشايخ الطائفة، ولا يسمح بحضور أبناء الطائفة تلك الجلسات أو سماع محتوى الكتب المقدسة لديهم إلا فـي عيد التوحيد الذي يحتفلون به مرة فـي العام.

لقد أجبر التعدد الديني فـي لبنان بالإضافة إلى الظروف السياسية التي مرت به، الدروز على التمسك بعقيدتهم وتشديد السلطة الدينية على أتباعهم؛ نظرا لعدم سماح الطائفة بدخول أفراد جدد إليها، حيث تنتقل العقيدة الدرزية من جيل لآخر فـي العائلات ذاتها المكونة للمجتمع الدرزي منذ نشأته.

وقد أخذت الكاتبة عنوان الرواية من فصل فـي كتاب «رسائل الحكمة» الذي يؤمن به الدروز، بعنوان «ميثاق النساء» يختص بتعاليم لنساء الطائفة.

لقد كان لأسلوب الكاتبة القائم على الاستعارة والمجاز، بالإضافة إلى لغتها الشعرية الجميلة السلسة، وتقنياتها السردية دور فـي إدخال القارئ إلى نفوس شخصيات روايتها. حيث استطاعت حنين الصايغ بأسلوبها المتميز أن تجعلني أعيش حياة شخصياتها الحيّة والحقيقة، وأن أتخبط مثلهم بين الشك واليقين، والهشاشة والقوة، واليأس والأمل. إن تطور شخصيات الرواية وتغيرهم المتزامن مع أحداث الرواية كان أحد عناصر قوة هذا العمل الروائي. ولم يقتصر ذلك على نساء الرواية وإنما شهدته فـي رجالها كذلك. ورغم نهاية الرواية المشرقة، إلا أني وجدت ذاتي منهكة ومتألمة بعد قراءة هذا الكتاب، وكأن كل ما عاشته أمل مَرَّ على قلبي.

صدرت الرواية عن دار الآداب ووصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية لعام 2025م.

مقالات مشابهة

  • أبرز جسور العاصمة السودانية ودورها في تحديد مسار الحرب
  • رئيس مجلس السيادة يلتقي المدير العام لشؤون أفريقيا بوزارة الخارجية والتنمية البريطانية
  • البرهان يلتقي المدير العام لشؤون افريقيا بوزارة الخارجية والتنمية البريطانية
  • جنوب السودان..اعتقال وزير النفط وضباط موالين لنائب الرئيس
  • الحكومة البريطانية تحسم موقفها من الحكومة الموازية وتبعث برسائل إلى البرهان
  • ميثاق النساء والأمل الموجع
  • جنوب السودان.. الجيش يحاصر منزل نائب الرئيس ويعتقل حلفاءه
  • من قيم المجتمع في رمضان
  • أطراف معارضة للحكومة السودانية توقع على دستور جديد بحضور دقلو والحلو
  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟