تايمز: ملفات سرية لجهاز مخابرات الأسد تظهر محاكمته أطفالا
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
أظهرت وثائق استخباراتية سرية أساليب الرقابة والقمع التي مارسها الجهاز الأمني تحت رئاسة المخلوع بشار الأسد، وتبين أن النظام أنشأ شبكة من العملاء للتجسس على السوريين، من كبيرهم إلى صغيرهم، وكانت أبسط الشبهات تؤدي إلى الاعتقال والتعذيب والإعدام.
وقالت الكاتبة والمراسلة لويز كالاهان في التقرير الذي نشرته صحيفة تايمز، إن الوثائق تظهر "مدى رعب وتغلغل أجهزة مراقبة دولة الأسد" في سوريا، حيث يتجسس أفراد العائلة على بعضهم، وتؤدي أقل الشكوك بالمدنيين -بمن فيهم الأطفال- إلى شبكة من السجون المشهورة بممارسة التعذيب والإعدامات، مع دفن الضحايا في مقابر جماعية.
وكشفت آلاف الملفات عن اختراق النظام مجموعات الثوار منذ بدء الثورة في 2011، وعن شبكة واسعة من المخبرين، وعن إجبار أجهزة الأمن المعتقلين على الوشاية بأصدقائهم وأقاربهم وجيرانهم، والإفصاح عن أسماء "المتمردين المزعومين"، الذين تم اعتقالهم أيضا بعد ذلك.
وسمح أفراد من هيئة تحرير الشام للصحيفة بالدخول إلى 4 قواعد للمخابرات في مدينة حمص، المعروفة بعاصمة الثورة، وتحليل الوثائق على مدار يومين ونسخها ونشرها، شرط تغيير الأسماء والتواريخ والأماكن لتجنب المساس بعمليات محاسبة المخبرين في المحاكم.
إعلانووجدت الصحيفة آثار حرائق متعمدة في عدة مواقع من قواعد الاستخبارات، ما يوضح محاولة الضباط التخلص من الدلائل قبل هربهم، ولكنهم تركوا خلفهم مئات آلاف الوثائق.
كيف تعمل الأجهزة الأمنية؟أوضحت الكاتبة أن نظام الأسد سجّل بتفاصيل دقيقة حياة كل من اشتبه به، بما في ذلك من كانوا يعملون لصالحه، في وثائق مختومة ومفهرسة ومكدسة في صفوف على مدى البصر فوق رفوف مغبرة في القواعد.
وتضمنت عمليات التجسس التنصت على هواتف الناس، واختراق حواسيبهم، وإرسال عملاء لمراقبتهم والمحيطين بهم شخصيا، وجمعت أجهزة الأمن عبر ذلك تفاصيل شاملة "بشكل لا يصدق" حول حياة السوريين، حسب التقرير.
المدرسة تخون طفلاوذكرت الوثائق اعتقال صبي يبلغ من العمر 12 عاما في حمص بعد أن مزق ورقة تحمل صورة الرئيس، ووقعت الحادثة أثناء وجوده في الفصل الدراسي، حيث تم العثور على الورقة الممزقة تحت مكتبه وأُبلغ المعلم، الذي بدوره أخطر المشرف التربوي ومن ثم الشرطة.
وجاء في محضر التحقيق ما يلي: "بينما كان المتهم في فصله الدراسي، تم العثور على ورقة ممزقة تحت مكتبه، وكانت الورقة تحمل صورة الرئيس، ثم ألقاها في سلة المهملات وأُحضر المعلم للاستجواب، وأكد أن طلابا آخرين بالصف أخبروه بشأن الورقة الممزقة، وعندما سأل (الصبي) عن ذلك، ادعى أنه مزق الورقة دون أن يلاحظ صورة الرئيس".
وأضاف المحضر "أكد لنا المعلم أن الطالب هادئ وذو أخلاق حسنة ولم يسبق له أن أظهر سلوكا سلبيا، وأجرينا فحصا أمنيا على خلفية عائلته واتضح أنهم لم يشاركوا في أي أنشطة تتعلق بالأحداث الجارية في البلاد".
وعلى الرغم من تأكيد الصبي أثناء التحقيق أن فعله لم يحمل أي نوايا سيئة، أُحيل "الطفل المشتبه به" إلى المحكمة بعد 4 أيام من اعتقاله، وانتهى التقرير دون توضيح مصيره.
محتجز سلم 70 اسماوأشارت الكاتبة إلى أن صحة التهم والاعترافات المدونة في السجلات غير مؤكدة، فقد تكون نتيجة التعذيب، أو زيفها المخبرون أو اخترعها ضباط التحقيق.
إعلانووفقا لمعتقلين سابقين ولتقارير منظمات حقوقية من بينها منظمة العفو الدولية، فإن احتجاز السجناء السياسيين في سوريا يتبع عملية ثابتة: أولا يتم استقبالهم بـ"حفلة استقبال"، حيث يتعرضون للضرب في طريقهم إلى السجن، ثم يتم حبسهم في السجن الانفرادي واستجوابهم وتعذيبهم بانتظام.
وفي إحدى الوثائق، ذكر أحد المعتقلين 70 اسما، بالإضافة إلى هيئة وأعمار الثوار في حيه، ووصف حتى لون حذاء وسيط قام برشوته لوضع اسمه على قائمة مقاتلي المعارضة السابقين الذين "تصالحوا" مع النظام.
وقال رشيد الأبرش، وهو معتقل سابق يعمل مع صحيفة تايمز لتحليل الوثائق، إن التهم ضد المعتقل يمكن أن تزيد أو تقل حسب عدد أسماء "الإرهابيين" -وهو اللفظ المستخدم في وثائق النظام- الآخرين التي يقدمها للمحققين.
وفي نهاية الوثيقة، في قسم بعنوان "رأي المحقق"، وجدت الصحيفة تعليقا مفاده أن "المشتبه به اعترف بالانتماء إلى مجموعة إرهابية وإهانة شخص الرئيس، وتجب إحالته إلى القضاء العسكري في حمص".
منشورات أدت إلى تعذيبه حتى الموتلم ينجُ الكثيرون من السجن حسب التقرير، ففي عام 2016، ألقي القبض على "أب في منتصف العمر يعمل مع إحدى المنظمات الإنسانية".
وأشارت المذكرة الصادرة عن فرع الاستخبارات العسكرية، والتي تدعو إلى اعتقاله، إلى جريمته المزعومة، وكانت التنسيق مع جماعات المعارضة المحلية للدخول إلى المناطق المحاصرة وتقديم المساعدات الإنسانية.
وعلى الرغم من أن التهم كانت مرتبطة بنشاطاته في المجال الإنساني، فإن تقرير الاستخبارات ركز بشكل أكبر على قرابته بشقيقي زوجته، وهما معارضان هربا إلى خارج البلاد، وتمت مراقبته عبر اختراق حاسوبه وتتبع منشوراته على فيسبوك، والتي وُصفت بأنها طائفية وتحريض ضد الدولة.
وبينما تمكن أقارب الرجل من الهروب، بقي هو في سوريا لإكمال مهمته الإنسانية، حسب التقرير، وفي النهاية، اعتُقل وعُذب حتى الموت في السجن.
إعلان الجميع يخشى "العصافير"وأفادت الكاتبة بأن السوريين كانوا يستخدمون عبارات مختلفة للإشارة إلى المخبرين الذين امتهنوا التجسس مقابل المال أو السلطة أو لأسباب أيديولوجية، وكانوا يُسمون "العصافير"، وهم يختلفون عن السجناء السياسيين الذين تعرضوا للتعذيب واضطروا للكشف عن أسماء معارفهم.
وكان بعضهم جزءا من الاحتجاجات عام 2011، بينما اخترق آخرون الجماعات المسلحة بعد ذلك، وكان العديد منهم يبلغون عن أصدقائهم وأقاربهم وجيرانهم، وفي مذكرة تعود إلى عام 2016، ذكر ضابط كيف كانت إحدى المخبِرات تتجسس على أحد أفراد عائلتها.
وأضافت الكاتبة أن بعضهم تطوعوا بتقديم خدماتهم، فقد أرسلت امرأة من الطبقة الوسطى ملاحظة إلى الأجهزة الاستخباراتية تخبرهم فيها بأن لديها مصدرا في الحركة المعارضة زوّدها بـ"معلومات قيّمة عن الإرهابيين".
"عصافير" على "العصافير"وأشارت الكاتبة إلى أنه ليس من الواضح عدد المتجسسين لصالح الأجهزة الأمنية في سوريا، ولكن الوثائق تظهر أن كثرة المخبرين في المجتمع أدت إلى تجسسهم على بعضهم بعضا، أحيانا دون علمهم.
وتحتوي العديد من صفحات الأرشيف على إشارات إلى سجناء تم الإفراج عنهم بعد اكتشاف أنهم عملاء سريون للأجهزة الأمنية.
واختتمت الكاتبة تقريرها بالإشارة إلى أنه في حال مثول رموز النظام أمام القضاء، فقد توفر الملفات الموجودة في مقر الاستخبارات في حمص الأدلة التي ستقرر مصيرهم، وسيكون جواسيس الأسد بذلك قد وقّعوا على أحكام سجنهم بأيديهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات فی سوریا
إقرأ أيضاً:
مباحثات مصرية بريطانية في القاهرة تناولت 3 ملفات.. بينها سوريا
بحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشار الأمن القومي البريطاني، جوناثان باول، الخميس، مفستجدات الأوضاع في كل من: قطاع غزة وسوريا والسودان.
وخلال لقاء جمعهما في القاهرة، تناول الطّرفان، سبل تعزيز العلاقات بين مصر وبريطانيا، إضافة إلى تبادل وجهات النظر في قضايا إقليمية ودولية، وذلك بحسب بيان، صادر عن وزارة الخارجية المصرية.
وناقش الطرفان، في اللقاء نفسه: "مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات المتسارعة في الإقليم، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية"، فيما استعرض الوزير المصري، عبد العاطي "الجهود التي تبذلها مصر للتوصل لاتفاق لوقف فوري لإطلاق النار في غزة".
كذلك، شدد على "ضرورة نفاذ (إيصال) المساعدات الإنسانية للقطاع، ووقف الانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين، والتي تتنافى مع كافة المواثيق الدولية".
وأكد على: "ضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط 4 يونيو/ حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
تجدر الإشارة إلى أنه بدعم أمريكي، تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حرب "إبادة جماعية" على كامل قطاع غزة المحاصر، خلّفت أكثر من 154 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وفي السياق ذاته، استعرض عبد العاطي محددات الموقف المصري من التطورات الأخيرة فيما يخص الشأن السوري؛ مؤكدا: "وقوف مصر بشكل كامل مع الشعب السوري، ودعم استقرار الدولة، والحفاظ على مؤسساتها الوطنية، واحترام وحدة وسلامة أراضيها".
وأبرز "ضرورة أن تتسم عملية الانتقال السياسي في سوريا بالشمولية عبر ملكية (إدارة) وطنية سورية دون تدخلات خارجية بما يدعم وحدة واستقرار سوريا بكل مكوناته وأطيافه".
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد أيام من السيطرة على مدن أخرى، لينتهي بذلك 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
أما فيما يخص السودان، أكد عبد العاطي، موقف مصر الداعي إلى وقف إطلاق النار فورا، وتسريع وتيرة إيصال المساعدات الإنسانية، ودعم مؤسسات الدولة الوطنية.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.