فيضان النيل الأبيض يهدد جزيرة أبا ويكشف أزمات السودان المتفاقمة
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
تواجه ولاية النيل الأبيض في السودان كارثة بيئية وإنسانية متفاقمة، حيث اجتاحت مياه فيضان النيل الأبيض مناطق واسعة، متسببة في أضرار جسيمة وتشريد آلاف السكان.
تبرز أبا من بين المناطق الأكثر تضررًا، المدينة التاريخية التي شهدت انطلاق الثورة المهدية، والتي أصبحت الآن مهددة بالغرق الكامل.
الأضرار والتهديداتغمرت المياه أجزاء كبيرة من الجزيرة أبا، بما في ذلك أحياء مثل زغاوة والإنقاذ والمزاد، مما أدى إلى انهيار مئات المنازل وتشريد آلاف الأسر، كما تأثرت البنية التحتية بشكل كبير، حيث انهارت جسور واقية وتضررت الطرق، مما صعّب حركة التنقل وعمليات الإجلاء.
بالإضافة إلى ذلك، تهدد المياه محطة مياه الشرب الرئيسية التي تزود نحو 70 ألف مواطن بالمياه النظيفة، مما ينذر بأزمة صحية وبيئية خطيرة.
الأسباب والخلافاتأشار وزير البنى التحتية بولاية النيل الأبيض، الطيب محمد الحسن، إلى أن إغلاق قوات الدعم السريع لخزان جبل أولياء ساهم في ارتفاع منسوب مياه النيل الأبيض، مما أدى إلى تراكم المياه خلف السد وزيادة حدة الفيضانات في المنطقة.
الاستجابة والمخاوف الصحية
في مواجهة هذه الكارثة، بذل السكان المحليون جهودًا مضنية لتشكيل سدود وحواجز في محاولة لوقف تدفق المياه، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل أمام قوة الفيضان.
أعرب مهندسون في محطة مياه الشرب عن قلقهم من انقطاع المياه، مما قد يؤدي إلى تفشي الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا، كما أن اختلاط مياه الفيضان بمياه الصرف الصحي يزيد من المخاطر الصحية، في ظل غياب الدعم الفني واللوجستي اللازم.
الوضع الإنسانينزحت العديد من الأسر إلى مناطق أكثر أمانًا، حيث لجأ البعض إلى المساجد، بينما يفترش آخرون العراء دون مأوى، وتفاقمت الأوضاع الإنسانية مع نقص في المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب، بالإضافة إلى تهديدات من ظهور العقارب والثعابين نتيجة غمر المياه لمناطق واسعة.
دعوات للتدخلفي ظل هذه الظروف القاسية، تتعالى الأصوات المطالبة بتدخل عاجل من قبل السلطات السودانية والمنظمات الإنسانية لتقديم المساعدة اللازمة، سواء من خلال توفير مأوى للنازحين أو تقديم الدعم الطبي والغذائي.
كما يُطالب بفتح تحقيق حول الأسباب الحقيقية وراء هذه الفيضانات ومحاسبة المسؤولين عن أي تقصير أو إهمال.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: ارتفاع منسوب مياه النيل أزمات السودان الدعم السريع الصرف الصحي محطة مياه الشرب ولاية النيل الابيض مياه الصرف الصحي مياه الفيضان مياه النيل مياه الشرب منسوب مياه النيل النیل الأبیض
إقرأ أيضاً:
نزاع الشرعيّة بعد نزاع السلاح في السودان
زوايا
حمّور زيادة
تواجه القوى السياسية السودانية تحدّياً جديداً بعد وصول الخلافات داخل تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية (تقدّم)، إلى مرحلة الانقسام. ... شهدت التنسيقية التي كُوِّنت بعد شهور قليلة من اندلاع حرب 15 إبريل/ نيسان (2023) خلافات بشأن مسألة تكوين حكومة موازية للحكومة العسكرية في بورتسودان. وأبرز من أيّد اتجاه تكوين الحكومة كان سليمان صندل، الذي جاء مهاجراً إلى القوى التي خاصمها طويلاً، وتواطأ مع قائد الجيش وقائد "الدعم السريع" على انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول (2021) ضدّها. كان وقت خصومته مع قوى الحرّية والتغيير يشغل منصب الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة، لكنّه بعدما اختلف مع رئيس الحركة، وزير المالية جبريل إبراهيم، غيّر المسار، وأعلن نفسه رئيساً للحركة، وهاجر إلى القوى المدنية معتذراً، ليصبح من قيادات التنسيقية الوليدة.
دعمت هذا الاقتراح أيضاً شخصيات مثل عضو مجلس السيادة السابق محمد حسن التعايشي، في ما يبدو أنها محاولة لإحياء فكرة قديمة طرحها قائد "الدعم السريع" في 2020 على عدة سياسيين، لتكوين حزب تحت رعايته يعبّر عن مصالح أبناء إقليم دارفور، في مواجهة ما سمّاه سيطرة الشماليين على السياسة عبر الأحزاب، وعلى السلطة من طريق الجيش. الفكرة، التي يقال إنها لقيت قبولاً من عدد من الساسة، واجهت عقبات كثيرة، فماتت قبل أن تولد، لكنّها تعود اليوم في ثوب جديد ضاربةً التحالف السياسي المناهض للحرب في مقتل. فمن المؤكّد أن الانقسام الذي سيحدث سينتزع آخر ما تبقّى للقوى المدنية من فاعلية سياسية، وهي فاعلية خسرت أغلبها منذ إطلاق الرصاصة الأولى عندما انهارت العملية السياسية، وذهب حلفاء الأمس في المكوّن العسكري إلى القتال.
لاحقاً، خسرت القوى المدنية الكثير بسبب مناورات قائد الجيش، إذ تراجع عن توقيع إعلان المبادئ، الذي وقّعه قائد "الدعم السريع" في أديس أبابا. فأصبحت القوى السياسية في خانة المتّهم بـ"التحالف مع الدعم السريع". لكن رغم هذا الاتهام، ورغم لجوء الحكومة العسكرية إلى مطاردة القوى المدنية بالبلاغات الجنائية، ظلّت القوى السياسية تأمل في تحقيق توافق عريض يؤدّي إلى وقف الحرب. لكن هذا التوافق لم يصمد طويلاً. فالمجموعات التي طرحت مسألة الحكومة الموازية ظلّت متمسّكة برؤيتها حتى لم يعد من الممكن احتواء الاختلاف داخل جسم واحد.
موقف القوى المدنية الرافض لتشكيل حكومة موازية ليس جديداً، بل هو خطّ قديم ظهر في 2019، عندما رفضت قوى الحرّية والتغيير إعلان حكومة ثورة من داخل ميدان الاعتصام، وعرّضها هذا الرفض لغضب كبير من قطاع عريض من القوى الثورية الشبابية، التي كانت ترى أن إعلان حكومة ثورية هو ردّ مناسب على مناورات المجلس العسكري في عملية التفاوض لتسليم السلطة عقب الإطاحة بنظام عمر البشير.
ظلّت القوى السياسية تتعامل مع قضية الشرعية بحذر، وبحساسية، إدراكاً بأن تنازع الشرعيات لا يؤدّي إلا إلى مزيد من الاحتقان والصدام. لكن تبدو مجموعة سليمان صندل مندفعةً بشكل مثير للدهشة، خاصّة مع خسارة "الدعم السريع" أجزاءَ واسعةً من العاصمة الخرطوم، ومدينة مدني، عاصمة ولاية الجزيرة. فمع تقدّم الجيش السوداني، تنكمش مساحة سيطرة "الدعم السريع" بسرعة، ولم يعد أمام المليشيا، التي وقفت صباح 15 إبريل (2023) أمام القصر الرئاسي متأهّبةً لدخوله، لإعلان قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) رئيساً، إلا إعلان سلطتها في إقليم دارفور وفي أجزاء من إقليم كردفان. لذلك، سارعت القوات المشتركة المكوّنة من حركات دارفور المسلّحة، التي تقاتل مع الجيش، إلى سحب جنودها من مناطق الوسط والشمال للدفاع عن مدينة الفاشر. فالمدينة، التي قد تشهد المواجهة الأخيرة والأكبر، ربّما تحدّد مصير طموحات "الدعم السريع" وحكومته المدنية الموازية.
ظلّت الفاشر تتصدّى لهجمات قوات الدعم السريع شهوراً، وصمدت في ما يعتبر معركةً مصيرية. إذ لا يوجد شكّ في حجم المذابح التي ستحدث إن تمكّنت "الدعم السريع" من السيطرة على المدينة. لذلك، تبدو مسألة تكوين حكومة موالية لـ"الدعم السريع" أشبه بمحاولة إنقاذ سياسية للقوات المتراجعة عسكرياً. وهي محاولة غالباً محكوم عليها بالفشل، وسيدفع ثمنها السودانيون، إذ تزيد تعقيد مسار الحرب. لكن أوّل ضحاياها، حتى الآن، هي تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية.
العربي الجديد