محمد عصام يكتب: نداء لوزارة التضامن للتصدي الحاسم لظاهرة الهوملس
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
في إحدي الطرق الرئيسية المؤدية للأهرامات بالقرب من منزلي، وقفت سائحة صينية لالتقاط صور، ما اثار استغرابي وقتها إذ لا تزال الاهرامات بعيدة عنها ولم تتضح معالمها بعد لتصويرها وحينما اقتربت منها وجدت، أن التقاطها للصور لم يكن بقصد تصوير الأهرامات على حد اعتقادي وكان لتصوير أشخاصا يفترشون الشارع، ويأكلون على الأرصفة، ويظهرون عوراتهم وهي الظاهرة التي نطلق عنها بالعربية" المشردين"، أو الهوملس كما يسمونها بالغرب.
ولا اعلم ما دوافعها، لتصوير هذا المشهد الذي جاء على طبقا من ذهب بعد تقاعس الموظفين الحكوميين، والمحليات عن دورهم في مكافحة هذه الظاهرة الآخذة في الانتشار في مجتمعنا ولكن ما اثق فيه أنها ستستغله لعكس صورة سلبية عن مصر في الخارج بعد العودة إلى بلادها بلا شك، في وقت تبذل فيه القيادة السياسية، جهود مضنية لإنعاش القطاع السياحي، وتحقيق وفر في العملة الصعبة.
ليس فقط حول الأهرامات أو الشوارع الرئيسية يجلسون الهوملس ويفترشون الأرض في مظهر لا يليق بحضارة 7 آلاف عام، بلا أصبحوا في كل مكان حولنا وأمام مرأى ومسمع للجميع، حتى أن مشاهدتهم باتت أمر متكرر ومألوف لكثير منا في المواقف والحدائق العامة، وأمام محطات المترو، وفي الميادين الرئيسية، أو أسفل الكباري التي تم بنائها حديثا أو على جوانب الطرق التي تم تطويرها.
وما ساعد في تشجيع هذه الظاهرة على الانتشار، هي تعاطف بعض المواطنين معهم بدافع الإنسانية عبر مدهم بالطعام، والمشروبات، والملابس، ولا يعلمون بهذا الفعل أنهم يصنعون قنبلة موقوتة ستدمر المجتمع بالكامل، فكثير من هؤلاء المشردون لا يزالون في مقتبل العمر، ومنهم لا يزال يملك الصحة ويستطيع العمل والإنتاج لبناء الوطن، وإن هذا لا يمنع أن قليل منهم من يحتاج الرعاية الصحية والاجتماعية.
وهنا أدعوا وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة مايا مرسي، وقيادات المحليات والمحافظات وجمعيات المجتمع المدني بالتصدي الحازم لتلك الظاهرة، وإعادة انتشار دورياتهم في الشوارع لمكافحة ظاهرة التشرد؛ علي أن يتم دراسة حالات هؤلاء المشردون، ومعرفة احتياجاتهم الإنسانية، والاجتماعية، والاقتصادية للوقوف عليها إن وجدت مع التأكيد عليهم علي عدم عودتهم للشارع مرة اخري، وإن لم يكن هناك أسباب مبررة لهؤلاء لافتراش الشارع، فلا تهاون معهم وفقا لقواعد القانونية.
فلا يمكن بأي حال من الأحوال، أن نترك ظاهرة التشرد في التفشي والانتشار في مجتمعاتنا لخطورتها ليس فقط على الجانب الاجتماعي، والصورة العامة للبلاد.. ولكن على الجانب الأمني.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: التشرد ظاهرة التشرد وزارة التضامن الاجتماعي
إقرأ أيضاً:
د. محمد بشاري يكتب: نموذج للإصلاح بين الشريعة ومتطلبات العصر
في ظل التحديات المعاصرة التي تواجه العالم العربي والإسلامي، تبدو الحاجة ملحة لاستلهام نماذج عملية قادرة على الموازنة بين الهوية الثقافية والدينية من جهة، ومتطلبات التحديث والانفتاح على العصر من جهة أخرى.
التجربة المغربية في تعديل مدونة الأسرة تشكل مثالًا بارزًا في هذا السياق، حيث استطاعت أن تقدم رؤية متوازنة تجمع بين الأصالة والمعاصرة دون إقصاء لأي من الطرفين.
نجاح المغرب في هذه التجربة لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتاج اجتهاد فكري ومقاصدي عميق ارتكز على أصول الشريعة، مع الانفتاح على المستجدات الاجتماعية والثقافية.
التعديلات التي أُدخلت على مدونة الأسرة، سواء فيما يخص تقييد تعدد الزوجات أو تحديد سن الزواج، جاءت كاستجابة لقضايا العصر، مع الحفاظ على روح الشريعة التي تراعي العدل والإنصاف.
في العالم العربي والإسلامي، قد يكون السؤال المحوري هو كيف يمكن للدول الأخرى أن تتبنى نموذجًا مشابهًا يُراعي خصوصياتها الثقافية والدينية؟ التجربة المغربية أظهرت أن تحقيق التوازن ممكن، شريطة وجود إرادة سياسية واضحة، وحوار مجتمعي جاد، وإطار مرجعي يجمع بين الشرعية الدينية والرؤية المستقبلية.
الإصلاح في هذا السياق ليس خيارًا ترفيهيًا، بل ضرورة لاستيعاب التغيرات السريعة التي يشهدها العالم. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل يمكن أن تتحول التجربة المغربية إلى قاعدة ملهمة لبناء منظومات قانونية أكثر توازنًا في الدول العربية والإسلامية؟