الاقتصاد الأخضر في عُمان
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
رامي بن سالم البوسعيدي
أصبحت التغيرات المناخية أحد أبرز التحديات العالمية في القرن الحادي والعشرين، حيث لم يعد تأثيرها مقتصرًا على البيئة فقط، بل يمتد ليشمل مختلف القطاعات الاقتصادية، وتواجه سلطنة عُمان كغيرها من الدول، تأثيرات ملموسة من هذه التغيرات على القطاعات الحيوية مثل الزراعة والسياحة والصناعة، ومع ذلك تُمثِّل هذه التحديات فرصة للتحول نحو اقتصاد أخضر ومستدام يعزز النمو ويحافظ على البيئة.
التغيرات المناخية لها دور كبير، خاصةً على المدى البعيد في الاقتصاد العُماني؛ حيث يشكل ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات هطول الأمطار تهديدًا مباشرًا للقطاع الزراعي في سلطنة عُمان، خاصة مع اعتماد هذا القطاع على الموارد المائية المحدودة، كما يؤدي التصحر وتدهور الأراضي الزراعية إلى انخفاض الإنتاجية وزيادة التكاليف، من جانب آخر تُعرف عُمان بتنوعها البيئي والجغرافي الذي يجذب السياح من جميع أنحاء العالم، إلا أن الظواهر المناخية مثل الأعاصير وارتفاع درجات الحرارة قد تؤثر على السياحة البيئية، ما يتطلب استراتيجيات تكيف فعّالة لحماية هذا القطاع المهم.
وقد تبنت حكومتنا الرشيدة رؤية "عُمان 2040" التي تضع الاستدامة كأحد ركائزها الرئيسية، وتشمل هذه الرؤية تعزيز استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ويمثل القطاع الخاص شريكًا أساسيًا في مواجهة التغير المناخي من خلال الاستثمار في التقنيات الخضراء وتطوير مشاريع مستدامة، يمكن للشركات الكبرى تبني حلول مبتكرة لتحسين كفاءة استخدام الموارد وتقليل انبعاثات الكربون.
ومن خلال ما سبق، يمكن القول إن الاقتصاد الأخضر فرصةٌ للنمو عبر الاستثمار في الطاقة المتجددة، وخاصة وأن سلطنة عُمان تمتلك إمكانيات هائلة لتطوير الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، خاصةً مع وفرة الموارد الطبيعية الملائمة لهذه الصناعات، ويُمكن أن تُسهم هذه الاستثمارات في توفير فرص عمل جديدة وتحقيق تنوع اقتصادي مستدام، كما يُمكن تعزيز الاقتصاد الدائري الذي يتيح فرصة لإعادة استخدام الموارد وتصنيع المنتجات بطريقة تقلل من النفايات. ويمكن لسلطنة عُمان التعجيل في تطوير برامج لإعادة التدوير وتعزيز الابتكار في هذا المجال، وهي بالفعل بدأت. لكنْ ما نطمح له هو تسريع وتيرة العمل على إعادة التدوير، نكسب من خلالها المحافظة على البيئة، ودعم الاقتصاد المحلي، خاصةً وأنه من المعروف- في كثير من دول العالم- أن الحكومات تمنح تسهيلات للشركات الأهلية والشركات الصغيرة والمتوسطة لدخول هذا المجال.
ويمكن للجهات المعنية الاستفادة من تجارب دول مثل الدنمارك، التي أصبحت رائدة في استخدام الطاقة المتجددة، أو كينيا التي استثمرت بشكل كبير في قطاع الطاقة النظيفة؛ مما ساهم في تعزيز اقتصادها المحلي وتوفير آلاف الوظائف. ويُمكن تعزيز البحث العلمي والتكنولوجيا عبر الاستثمار في الأبحاث لتطوير تقنيات جديدة تقلل من آثار التغير المناخي وتعزز الإنتاجية الاقتصادية، بجانب التعاون الإقليمي والدولي بالمشاركة في المبادرات الإقليمية والدولية المتعلقة بمكافحة التغير المناخي، وهو ما يُتيح الحصول على الدعم الفني والتقني في هذا المجال.
ولتحقيق اقتصاد أخضر ناجح يجب أن يكون المجتمع على دراية بأهمية دوره في هذا التحول، عبر نشر الوعي حول الاقتصاد الأخضر يبدأ بتعريف الأفراد بمفهومه وأهدافه، والتي تشمل تقليل انبعاثات الكربون، وتحسين كفاءة استخدام الموارد، وتشجيع الصناعات الصديقة للبيئة، ويمكن للجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني أن تؤدي دورًا محوريًا في تنظيم حملات توعوية عبر وسائل الإعلام لشرح فوائد الاقتصاد الأخضر على المدى البعيد، ليس فقط للبيئة، بل أيضًا لتحسين جودة الحياة وخلق بيئة اقتصادية مزدهرة.
وكما ذكرنا أن الشركات تُعد لاعبًا رئيسيًا في تحقيق التحول نحو الاقتصاد الأخضر، يجب توفير بيئة تحفزها على تبني ممارسات مستدامة. ويُمكن تحقيق ذلك من خلال تقديم الحوافز المالية مثل الإعفاءات الضريبية أو الدعم المالي للشركات التي تستثمر في الطاقة المتجددة وتقنيات الإنتاج النظيف أو المشاريع التي تقلل من استهلاك الموارد الطبيعية، ويُمكن إطلاق المزيد من المبادرات لتكريم الشركات التي تساهم في حماية البيئة وتطبيق معايير الاستدامة، يُعزز من مكانتها ويشجع الآخرين على الاقتداء بها، بجانب أهمية دعم الابتكار في مجالات التكنولوجيا الخضراء، مثل تطوير تقنيات تحلية المياه المستدامة أو إنتاج طاقة نظيفة.
رغم التحديات التي تفرضها التغيرات المناخية، تمتلك سلطنة عُمان فرصًا فريدة لتحقيق نقلة نوعية في اقتصادها من خلال تبني حلول مستدامة وابتكارية، وأن الاستثمار في الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة ليس فقط ضرورة لمواجهة التحديات؛ بل هو استثمار في مستقبل أكثر ازدهارًا واستدامة للأجيال القادمة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الاقتصاد الأخضر الطاقة المتجددة الاستثمار فی من خلال
إقرأ أيضاً:
تشغيل أول مسجد يعمل بالطاقة الشمسية فى المنيا.. صور
أعلنت وزارة الأوقاف تشغيل مسجد النصر بقرية دلجا مركز ديرمواس بمحافظة المنيا، بالكامل باستخدام الطاقة الشمسية، ليصبح أول مسجد في المحافظة يعتمد كليًا على مصادر الطاقة المتجددة، بما يسهم في تقليل استهلاك الكهرباء وتخفيف الضغط على الشبكة العامة، وذلك في إطار جهود وزارة الأوقاف لدعم الاستدامة البيئية وترشيد استهلاك الطاقة.
مسجد النصر بقرية دلجا بمركز ديرمواس الذي انشيء عام 1956 وتم إحلاله وتجديدة خلال الأيام الماضية أول مسجد يعمل بالطاقة الشمسية المتجددة النظيفة على مدار 24 ساعة.
تم تنفيذ وحدة الطاقة الشمسية التى تقوم بتشغيل المسجد على مدار 24 ساعة كذلك وحدة البطاريات المستقبله للطاقة الشمسية والفلاتر، وكذلك عدد الألواح المستخدمة فى عملية توليد الطاقة وتبلغ 15 لوحا تنتج 1500 كيلو وات فى الشهر بمعدل 50 كيلو وات فى اليوم.
وقال الأهالى إن فكرة الطاقة الشمسية ظهرت مع بداية التفكير فى الإحلال والتجديد، والذي تم بالجهود الذاتية إلى أنه تم افتتاحه وهو مكون من 3 طوابق الطابق الثانى هو الرئيسى ثم الأول والثالث مكتب تحفيظ قرآن، وقد تكاتف الجميع من أجل بناء هذا الصرح العملاق بمشاركة جميع الأهالى.
يذكر أن وزارة الاوقاف أعلنت تشغيل مسجد النصر بقرية دلجا، مركز دير مواس ، بالكامل باستخدام الطاقة الشمسية، ليصبح أول مسجد في المحافظة يعتمد كليًا على مصادر الطاقة المتجددة، وتأتي هذه الخطوة في سياق التوجه نحو التنمية المستدامة وتعزيز الاستخدام الأمثل للطاقة داخل المساجد، بما يسهم في تقليل استهلاك الكهرباء وتخفيف الضغط على الشبكة العامة، وذلك في إطار جهود وزارة الأوقاف لدعم الاستدامة البيئية وترشيد استهلاك الطاقة.
واشاد وزير الأوقاف، بهذه التجربة الرائدة، مؤكدًا أهميتها في دعم جهود الدولة نحو التحول إلى الطاقة النظيفة.
كما وجّه بتكرار هذه التجربة في جميع المحافظات، مع إعطاء الأولوية للمساجد الكبرى ذات الاستهلاك المرتفع للكهرباء، لضمان تحقيق أكبر قدر من التوفير في الطاقة، وتوسيع نطاق الاستفادة من هذه المبادرة بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 في مجال الطاقة المتجددة.
يعتمد تشغيل المسجد على محطة شمسية تتكون من 15 لوحًا من الخلايا الشمسية، تضمن توفير طاقة نظيفة ومستدامة لجميع مرافق المسجد.
كما تم تزويد الأجهزة بنظام UPS لضمان استمرار الكهرباء دون انقطاع، بما يضمن استمرارية الخدمات المقدمة للمصلين، لا سيما في أوقات الذروة أو عند انقطاع التيار الكهربائي التقليدي.
ومن الناحية البيئية والاقتصادية، تسهم هذه المبادرة في تقليل الانبعاثات الكربونية، ما يحدث مردودا إيجابيًا في الحفاظ على البيئة، فضلًا عن خفض استهلاك الكهرباء التقليدية ما يدعم الاستخدام الأمثل لمصادر الطاقة المتجددة، ويعزز من الاعتماد على الحلول المستدامة داخل المساجد.
وانطلاقًا من نجاح هذه التجربة، تؤكد الوزارة أنها ستعمل على تعميمها تدريجيًا في جميع المحافظات، مع التركيز على المساجد الكبرى التي تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء. كما سيتم التنسيق مع الجهات المختصة في مجال الطاقة المتجددة وشركات الطاقة الشمسية لتوفير الدعم الفني واللوجستي لضمان تحقيق.