أبرز أعماله ضد الحكومة وناجي العلي.. وفاة السيناريست والمخرج المصري بشير الديك
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
أعلنت نقابة المهن السينمائية المصرية وفاة الكاتب والسيناريست والمخرج بشير الديك عن عمر يناهز 80 عاما، بعد أزمة صحية تعرض لها في الأيام الأخيرة.
وقالت النقابة، في بيان لها عبر الفيسبوك، "ينعى نقيب السينمائيين والسادة أعضاء مجلس إدارة نقابة المهن السينمائية، الكاتب الكبير والسيناريست بشير الديك، نشاطركم الأحزان في وفاة المغفور له بإذن الله وبكل الحزن والأسى ندعو له بالرحمة والمغفرة وللأسرة بالصبر والسلوان".
وحرص على وداعه ونعيه العديد من السينمائيين، فكتب المخرج مجدي أحمد علي عبر حسابه على الفيسبوك: "بشير الديك ابن دمياط المتفجر بالموهبة والمشبع الحزن، المثقف المهموم بقضايا وطنه، القلم الحر الذي لم يخط حرفا يخالف ضميره".
وأضاف "ذهب وترك عالما لم يعطه حق قدره، ولم ينقطع عطاؤه حتى اللحظات الأخيرة ولكن أحدا لم يلتفت لجمال إبداعه وعفة أخلاقه، عزاؤنا أن الجمال والصدق لا يموتان أبدا، مع السلامة يا صاحبي".
المصور السينمائي سعيد شيمي وصفه بجوهرة الكتابة في هذا الجيل وقال: "مع السلامة، نلتقي إن شاء الله مع كل الأحبة ممن سبقوا، مع السلامة أيها العظيم، أنت جوهرة الكتابة في جيلنا، عبّرت عنا، وكثيرون يرددون حوارك الملهم على لسان أبطال الأفلام، مع السلامة ابن مصر البار".
إعلانوفي نعيه كتب الناقد السينمائي طارق الشناوي عن تجربة السيناريست الراحل المهمة على خريطة السينما العربية: "تعامل مع فن كتابة السيناريو برهافة وكأنه راقص باليه لا يمشي على الأرض بقدر ما يطير في السحاب، لا يمكن لأى باحث سينمائي سَوي أن يتوقف أمام هذا العملاق الذي قدم مع رفيقيه محمد خان وعاطف الطيب، السينما الساحرة".
وتابع "وداعا لسواق الأتوبيس والحريف وموعد على العشاء وضد الحكومة والنمر الأسود".
كما تحدث أيضا الناقد السينمائي محمود عبد الشكور عن تجربة الديك كمخرج، إلى جانب تجربته المهمة مع مخرجي الثمانينيات: "بشير الديك السيناريست القدير والإنسان الرائع في ذمة الله، شريك إبداع مخرجين كبار مثل محمد خان وعاطف الطيب، وكان أيضا مخرجا للأفلام في نفس الاتجاه مثل سكة سفر والطوفان".
وأضاف "كان كاتبا للقصة القصيرة، يمتلك وعيا سياسيا واجتماعيا، وحرفة عالية في الكتابة، وقدرة كبيرة على رسم الشخصيات النابضة بالحياة، والتقاط اللحظات الإنسانية، وفي كل لقاءاتي مع رفيقي مشواره محمد خان وسعيد شيمي كانا يؤكدان على دور بشير المحوري في تقديم أفلام عظيمة لا تنسى".
أزمة صحيةتعرض بشير الديك مؤخرًا إلى التهاب رئوي أدى إلى خضوعه للرعاية المركزة في أحد مستشفيات القاهرة. وفي منتصف ديسمبر/كانون الأول، ناشدت ابنته دينا المسؤولين، عبر حسابها على فيسبوك، لتحسين الرعاية الطبية التي تلقاها والدها، مشيرة إلى الإهمال الطبي الذي تسبب في تدهور حالته الصحية.
وفي الأيام الأخيرة، تعرض الديك لتدهور في وظائف الكلى، حتى وافته المنية صباح اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر/كانون الأول 2024.
مسيرة حافلة بالعطاءوُلد بشير الديك في منتصف الأربعينيات بدمياط، وبرز كأحد أهم كُتاب السينما المصرية في جيل الثمانينيات. بدأ مسيرته الفنية بكتابة القصص قبل أن يتجه إلى السينما بفيلمه الأول "مع سبق الإصرار" من إخراج أشرف فهمي.
إعلانكان "الديك" شريك نجاح مع أبرز مخرجي الثمانينيات، مثل محمد خان الذي تعاون معه في أفلام بارزة مثل "الرغبة"، و"موعد على العشاء"، و"طائر على الطريق"، و"الحريف". كما عمل مع عاطف الطيب في أفلام مميزة مثل "سواق الأتوبيس"، و"ضد الحكومة"، و"ناجي العلي".
إلى جانب كتابة السيناريو، خاض الديك تجربة الإخراج، حيث قدّم عدة أعمال بارزة مثل فيلم "الطوفان" في منتصف الثمانينيات، وفيلم الرسوم المتحركة "الفارس والأميرة" في عام 2020، الذي كان آخر أعماله على الشاشة.
وبوفاته، تخسر السينما المصرية واحدا من أبرز رموزها الذين أثروا الشاشة بإبداعاتهم وإسهاماتهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات سينما بشیر الدیک مع السلامة محمد خان
إقرأ أيضاً:
«الظّل» الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو «محمد الضيف»؟
أعلن أبو عبيدة الناطق باسم كتائب “القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس”، في وقت سابق أمس الخميس، مقتل قائد هيئة أركان الكتائب القائد محمد الضيف خلال معركة “طوفان الأقصى”، إلى جانب أربعة آخرين من كبار قادتها خلال الحرب بين إسرائيل والحركة في قطاع غزة، فمن هو محمد الضيف الذي طاردته إسرائيل لعقود؟
ويعد الضيف صاحب المسيرة الطويلة والمحاطة بالغموض في حماس، حيث كانت له قدرة كبيرة على التخفي والإفلات من مطاردة إسرائيل التي وضعته على رأس قائمة المطلوبين منذ عقود، فمن هو الضيف؟
ارتبط اسم محمد الضيف، منذ التسعينيات بفصائل “المقاومة الفلسطينية”، ويعتبر أحد أبناء الجيل الأول من “القساميين”.
منذ أكثر من ثلاثة عقود، قاد الضيف كتائب “الشهيد عز الدين القسام”، متجاوزا محاولات الاغتيال المتكررة التي جعلته أشبه بالشبح الذي يؤرق إسرائيل ويعيد صياغة معادلات الصراع في كل مواجهة، وصولا إلى معركة “طوفان الأقصى”.
نشأته وبداية حياته العسكرية:
وُلد محمد دياب إبراهيم المصري، المعروف بـ”محمد الضيف”، عام 1965 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، لعائلة هجّرت من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ليستقر بها المقام في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة.
تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس مخيم خان يونس كما بقية اللاجئين الفلسطينيين الذين هجِّروا من ديارهم وأرضهم وممتلكاتهم.
تأثر منذ صغره بواقع “الاحتلال وظروف اللجوء القاسية”، وهو ما دفعه للانخراط في صفوف “حماس” خلال دراسته في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث درس العلوم وكان من الناشطين في الكتلة الإسلامية.انضم إلى حركة “حماس” منذ صغره وكان عنصرًا نشيطا فيها.
شارك في فعاليات الانتفاضة الكبرى التي اندلعت نهاية عام 1987 واعتقل في إطار الضربة الأولى التي وجهتها القوات الإسرائيلية للحركة في صيف عام 1989 بتهمة الانضمام إلى الجناح العسكري للحركة الذي كان الشيخ صلاح شحادة (قتل في صيف 2002) قد أسسه آنذاك، وكان يحمل اسم “حماس المجاهدين” قبل أن يطلق عليه اسم “كتائب القسام”، وأمضى عاما ونصف العام في السجن.
أفرجت إسرائيل عام 1991 عن الضيف من سجونها ليلتحق بالمجموعات الأولى لكتائب “القسام” التي أعيد تشكيل الجهاز العسكري من خلالها، وذلك من خلال مجموعة خان يونس، والذين قتل معظمهم مثل ياسر النمروطي وجميل وادي، هشام عامر، وعبد الرحمن حمدان، ومحمد عاشور، والأسير حسن سلامة وغيرهم من المقاومين.
أصبح الضيف مطلوبا لإسرائيل، بعد مشاركته في تنفيذ العديد مما يسمى بـ”العمليات الفدائية” والاشتباك مع قواتها.
بدأت عملية مطاردته بعد أن رفض تسليم نفسه. وتمكن خلال هذه الفترة ومن خلال إتقانه للتخفي والبقاء في مكان واحد لفترة طويلة، من ألا يقع في قبضة القوات الإسرائيلية حيا أو ميتا.
برز دور الضيف بعد اغتيال عماد عقل الذي برز اسمه في سلسلة “عمليات فدائية” في نوفمبر من عام 1993، حيث أوكِلت إليه قيادة “كتائب القسام”.
خلال هذه الفترة، استطاع الضيف أن يخطط وينفذ عدة عمليات نوعية، وكذلك تمكن من الوصول إلى الضفة الغربية وتشكيل العديد من “الخلايا الفدائية” هناك، والمشاركة في تنفيذ عدة “عمليات فدائية” في مدينة الخليل والعودة إلى قطاع غزة.
لعب محمد الضيف دورا كبيرا في التخطيط لعملية خطف الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان عام 1994 في بلدة بير نبالا قرب القدس والذي قتِل وخاطفيه بعد كشف مكانهم.
وظهر الضيف وهو يحمل بندقية وبطاقة هوية فاكسمان التي هربت من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، حيث كان ملثما بالكوفية الحمراء.
ومع اشتداد الخناق على المطلوبين لإسرائيل في قطاع غزة، رفض الضيف طلبا بمغادرة قطاع غزة خشية اعتقاله أو اغتياله، لا سيما في ظل سياسة قصف المنازل التي يعتقد أن بها أيا من المطلوبين، وقال كلمة مشهورة آنذاك: “نحن خلقنا لمقاومة الاحتلال إما أن ننتصر أو نستشهد”، وذلك على الرغم من موافقة عدد من زملائه على الخروج من القطاع.
تمكن الضيف من أن يؤمن وصول المهندس يحيى عياش، أحد خبراء المتفجرات في الضفة الغربية إلى قطاع غزة بعد تضييق الخناق عليه في الضفة الغربية، وللاستفادة من خبرته في صناعة المتفجرات، حيث تم اغتياله بواسطة هاتف مفخخ مطلع عام 1996.
وقف الضيف وراء عمليات الثأر لعياش، من خلال إرسال حسن سلامة إلى الضفة الغربية للإشراف عليها، حيث قتل في هذه “العمليات الفدائية” حوالي ستين إسرائيليا.
لاحقا، بدأ بالاستعداد لتنفيذ المزيد من العمليات حتى اندلعت انتفاضة الأقصى في سبتمبر من عام 2000 .
ومع إفراج السلطات الإسرائيلية عن الشيخ صلاح شحادة عام 2001، سلّم الضيف الشيخ شحادة قيادة الجهاز العسكري، حيث كلف شحادة الضيف بالمسؤولية عن الصناعات العسكرية للكتائب.
تعرض الضيف لمحاولة الاغتيال الأولى بعد عام من اندلاع الانتفاضة، حيث كان برفقة عدنان الغول (قتل في 22 أكتوبر 2004) خبير المتفجرات في كتائب القسام ونجله بلال، إ أطلقت عليهم طائرة إسرائيلية صاروخا في بلدة “جحر الديك” وقد نجيا من الاغتيال بأعجوبة بعد مقتل بلال في القصف ليغطي على والده ورفيق دربه.
قيادة الجهاز العسكري:
وبعد اغتيال شحادة في صيف عام 2002، أعادت قيادة الحركة المسؤولية للضيف لقيادة الجهاز العسكري.
في 26 سبتمبر من عام 2002، نجا الضيف من محاولة اغتيال ثانية بعد قصف السيارة التي كانت تقله في حي الشيخ، حيث قتل مرافقاه وأصيب بجراح خطيرة للغاية.
وأشارت مصادر فلسطينية إلى تعرض الضيف لمحاولة اغتيال ثالثة في قصف أحد المنازل في صيف 2006 خلال العملية العسكرية “لإسرائيلية بعد أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، حيث قيل إنه أصيب بجراح خطيرة. دون أن تؤكد ذلك كتائب “القسام”.
وكانت أخطر محاولات اغتيالاته في عام 2014، خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث استهدفت الطائرات الحربية منزله وقتلت زوجته وابنه، لكن الضيف خرج من تحت الركام ليواصل قيادة المعركة.
منذ توليه القيادة، أدار الضيف العديد من العمليات الفدائية ضد إسرائيل، وكان من أبرز المهندسين الذين عملوا على تطوير القدرات العسكرية لـ”حماس”، بما في ذلك تصنيع الصواريخ المحلية وإنشاء شبكة الأنفاق العسكرية.
دوره في “طوفان الأقصى”:
أطل محمد الضيف في السابع من أكتوبر 2023، ليعلن انطلاق معركة “طوفان الأقصى” التي أشرف عليها وحضر في ميدانها حتى قتل فيها.
ومن أبرز أسباب الطوفان سلوك الاحتلال الصهيوني، ومخططاته القائمة على حسم الصراع، وفرض السيادة على القدس بمقدساتها، تمهيداً للتقسيم المكاني والزماني، ولبناء الهيكل المزعوم.
محمد الضيف لم يظهر في الإعلام، ولم يُعرف له سوى تسجيلات صوتية معدودة، لكن يُنظر إليه باعتباره العقل المدبر للتكتيكات العسكرية التي غيرت طبيعة المواجهة بين “فصائل المقاومة” وإسرائيل.
فخلال معركة “سيف القدس” عام 2021، كان الضيف وراء استراتيجية استهداف تل أبيب بالصواريخ ردا على الاعتداءات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى.
ووضعت إسرائيل، على مدار عقود، محمد الضيف على رأس قائمة المطلوبين، وعدّته أخطر شخصية فلسطينية تهدد أمنها. ورغم كل الجهود الاستخباراتية، لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من الوصول إليه، حتى رحل كما “يحب شهيدا في ميدان أعظم معركة شارك في التخطيط لها وفي قيادتها وهي المعركة التي أثبتت هشاشة كيان الاحتلال وقابليته للهزيمة”، وفق المركز الفلسطيني للإعلام.