نائب رئيس جامعة الأزهر: عمليات التجميل لغير ضرورة طبيَّة نوع من الهوس
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
عقد الجامع الأزهر اللقاء الأسبوعي للملتقى الفقهي (رؤية معاصرة) برعاية كريمة من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، تحت عنوان: «الزينة وعمليات التجميل بين الشرع والطب» بحضور الدكتور محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر للدراسات العليا والبحوث عضو مجمع البحوث الإسلامية.
في بداية الملتقى أوضح الدكتور محمود صديق أن المولى -عز وجل- أمرنا بالزينة؛ لما فيها من معان جميلة ودلائل راقية؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾.
وأشار فضيلته إلى أنه إذا نظرنا إلي عمليات التجميل نجد أنها مباحة في أمور؛ منها: إذا كان الأمر ناتجًا عن تشوه نتيجة حادث أو عيب خلقي أو مرض وتحتاج إلى عمليات تكميلية وتحسينية، موضحًا أن الشرع أمرنا بالإصلاح في هذه الحالة، مع ضمان أن تكون العواقب محمودة، لافتًا إلى أنه إذا كان الهدف من وراء إجراء عمليات التجميل هو تغير خلق المولى عز وجل، وكان الأمر لغير ضرورة فإنه لا يجوز مطلقًا؛ لأن فيه تدليسًا وتغييرًا لخلق الله عز وجل، وإظهارًا للإنسان على غير صورته الحقيقة، مبينًا أن مخاطر هذه العمليات كبيرة؛ أخطرها هو حالة عدم الرضا عن الصورة التي خلق الله الإنسان عليها، أو الحالة التي وصل إليها بسبب التقدم في العمر.
كما أن عمليات التجميل تسبب إدمان هذا النوع من العمليات بسبب رغبة الشخص في أن يظل دائمًا على حالة ظاهرية تشعره بوهم الرضا، إضافة إلى أن مواد التجميل لا يستمر قوامها في الجسم لفترة طويلة، بل يحدث لها تغير وبالتالي يتأثر شكل الإنسان، كما أنها تصيب الإنسان بتشوهات وأعراض جانبية غير محمودة، كما تعد عمليات التجميل لغير ضرورة طبية وضوابط شرعية نوع من الهوس والهوى النفسي، وما نلاحظه من عمليات الوشم التي يتبعها البعض، تسبب تشوها في شكل الإنسان؛ لأن الوشم يتسرب إلى الطبقة العميقة من الجلد، ولا يمكن إزالته دون تدخل جراحي، والحالة التي عليها بعض الشباب من اتباعهم لهذا النمط التجميلي هي حالة من التشوه تظهر آثارها في المستقبل، ويشعرون بالندم؛ نتيجة لما يصاحبهم من أعراض غير محمودة.
كما أشار إلى أن المصطفي ﷺ أمرنا بالزينة وحثنا عليها في كل شيء ولكن بضوابط وشروط تتفق مع طبيعتنا البشرية وفطرتنا النقية، وفي هذا يقول الرافعي في كتابه: «وحي القلم» متحدثًا عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهم: تقول أمهات المؤمنين يا رسول «بنات كسرى وقيصر في الحلي والحلل، ونحن على ما تراه من الفاقة والفقر»، فنزل قول الحق سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ فردت السيدة عائشة قائلة: «أفيك وفي الله أختار، بل أختار الله ورسوله» ثم تبعها كل نساء النبي ﷺ، وهذا لا يتنافى مع الزينة ولكن بالضوابط التي لا تتعارض مع الشرع، وهو ما يظهر من إباحة تزين الزوجة لزوجها، أو من أخذ الزينة أثناء الذهاب للصلاة.
وأوضح نائب رئيس جامعة الأزهر أن الإسراف في عمليات التجميل، وإعادة تكرارها أكثر من مرة يتسبب في عديد من الأضرار الطبية التي قد تؤدي إلى الوفاة في بعض الحالات، وهو ما يظهر مع بعض عمليات شفط الدهون، كما أن المواد المستخدمة في عمليات التجميل غير مستدامة وبالتالي تصيب الإنسان بتشوهات، يصعب التخلص منها بعد ذلك.
وحذر نائب رئيس الجامعة من الاستجابة لهوى النفس في مثل هذه العمليات؛ لأن الأعراض التي تظهر على جسم الإنسان وشكله بسبب التقدم في العمر هي أمور طبيعية، ولا يجب للإنسان أن يتدخل لإزالتها؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾.
وبيَّن أن مواد التجميل تدخل فيها مواد بكتيرية والإسراف فيها ينتج عنه أضرار، وعلينا جميعًا أن نحترم فطرة الله التي فطر الناس عليها وأن لا نتدخل لمحاولة تغييرها.
يُذكر أن الملتقى الفقهي يُعقد كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، ويناقش المسائل الفقهية المعاصرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية، والعمل على إيجاد حلول لها وفقًا للشريعة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نائب رئيس جامعة الأزهر رئيس جامعة الأزهر جامعة الأزهر الأزهر عمليات التجميل محمد الضويني رئیس جامعة الأزهر عملیات التجمیل نائب رئیس إلى أن
إقرأ أيضاً:
جبن وجريمة مستنكرة.. الأزهر يُدين منع الاحتلال دخول المساعدات إلى قطاع غزة
يُدين الأزهر الشريف قرار الاحتلال الصهيوني الجبان وقف دخول قوافل المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة، مؤكدًا أنَّ العدو الصهيوني، وهو يقترف جريمة تجويع الأبرياء من الأطفال والنساء والرجال، يتجرَّد من كل معاني الرحمة وقيم الإنسانية، ولا يراعي حرمة هذا الشهر الكريم، شهر رمضان المبارك، مستغلًّا منعهم من ممارستهم للشعائر الدينية لفرض المزيد من المعاناة عليهم.
ويذِّكر الأزهر بأنَّ منع إطعام الصَّائمين هو جريمة مستنكرة من جميع المؤمنينَ بالله وبعدالتِه وبعقابه الأليم للمجرمين في الدنيا والآخرة، وكذلك صمت القادرين على وقف هذه المنكرات، والداعمين لمرتكبيها جريمة أشد نكرًا وعقوبةً عند الله.
ويُطالب الأزهر حكومات الدول الإسلامية باستخدام ما في أيديهم من دبلوماسية وسياسة، لفكِّ الحصار المستبد عن الجائعين في شهر رمضان، الذي يهدف إلى إجبار الفلسطينيين على أن يختاروا بين الموت جوعًا أو الهجرة وإخلاء أرض غزة لهذا الكيان المحتل، مؤكدًا أنَّه على الدول الإسلامية وعلى المجتمع الدولي المتحرر من ضغوط الصهيونية، أن يتحملوا مسئولياتهم التاريخية والإنسانية في وقف هذا الحصار غير الأخلاقي، والمطالبة بفتح المعابر في أسرع وقت ممكن، وتسيير دخول قوافل الإغاثة والمساعدات، ومحاسبة هذا الكيان المحتل على جرائمه، وتقديم مجرمي الحرب -الذين ارتكبوا أبشع الجرائم في التاريخ الحديث- للحساب والمحاكمة.
اقرأ أيضاًنائب رئيس جامعة الأزهر: الصيام ينقي الجسم من السموم | فيديو
نائب رئيس جامعة الأزهر: العبادة ليست مجرد أعمال ظاهرية وإنما منهج حياة شامل
ما حكم صيام الحامل والمرضع؟.. عضو الأزهر الفتوى تجيب (فيديو)